المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1] - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعمائة للهجرة النبوية بيوم الأربعاء فى هذه السنة

- ‌ذكر توجه العساكر إلى الصعيد للإيقاع بالعربان

- ‌وفى هذه السنة رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد [1]

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة [1] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة

- ‌ففوض قضاء القضاة بالشام لقاضى القضاة

- ‌وفى هذه السنة ظهر بنيل مصر دابة عجيبة

- ‌ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة [6]

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية

- ‌ذكر خبر المصاف وهزيمة التتار

- ‌وحسبنا الله ونعم الوكيل

- ‌ذكر حدوث الزلزلة

- ‌ذكر وفاة الأمير زين الدين كتبغا المنصورى وهو الملك العادل [4]

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌ذكر الجلوس بالمدرسة الناصرية [1] والقبة وأوقاف ذلك وشروطه

- ‌أمّا القبّة فإنه وقفها للقرّاء بها، وشيخ الحديث

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [1]

- ‌ذكر وفاة الشيخ زين الدين الفارقى وما اتفق بسبب مناصبه بدمشق

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعمائة

- ‌ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف

- ‌ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات

- ‌وفى هذه السنة توفى السيد الشريف

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعمائة

- ‌ذكر الإغارة على بلاد سيس [4] وأسر الأمراء

- ‌ذكر توجه العساكر الشامية إلى بلاد الكسروان [1] وإبادة من بها وتمهيدها

- ‌ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية

- ‌وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة

- ‌واستهلت سنة ست وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة عادت رسل السلطان

- ‌ذكر حادثه غريبة

- ‌واستهلت سنة سبع وسبع مائة

- ‌ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء

- ‌ذكر الاهتمام بقصد اليمن والاحتفال لذلك وتعيين العساكر المجردة إليه وتأخير ذلك وإرسال الرسل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين بيبغا المعروف

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها

- ‌وتوفى فى دمشق [46] الأمير علاء الدين مغلطاى

- ‌وتوفى الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجمدار

- ‌وتوفى بدمشق أيضا الأمير فارس [2] الدين

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعمائة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة السبت ثانى المحرم

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعمائة

- ‌ذكر ما كان من أمر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر اضطراب أمر الملك المظفر ركن الدين

- ‌ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الناصر

- ‌وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه

- ‌وكان كتاب الملك المظفر قد وصل إلى سائر

- ‌ولما استقل ركاب السلطان بغزة

- ‌ذكر استعادة ما أخذه الملك المظفر بيبرس

- ‌ذكر ما رتبه السلطان [57] وقرره من النواب

- ‌ذكر القبض على المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة أمر السلطان بالقبض

- ‌واستهلت سنة عشر وسبعمائة

- ‌ذكر الاستبدال بقاضى القضاة الشافعى والحنفى بالديار المصرية

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين سلار ووفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحموية للأمير عماد الدين إسماعيل وانتقال الأمير سيف الدين أسدمر إلى حلب

- ‌وفى شهر ربيع الأول قبض على الأمير فخر الدين إياز

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب

- ‌ذكر تفويض الوزارة بدمشق للرئيس عز الدين حمزة بن القلانسى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين أسندمر

- ‌ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما

- ‌وفى سنة عشر وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر انتقال الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين بكتمر

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل

- ‌ذكر عدة حوادث بالشام فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر عزل الصاحب عز الدين بن القلانسى عن وزارة الشام وانتداب أعدائه لمرافعته وخلاصه

- ‌ذكر طلب أعيان دمشق وما قرر عليهم من استخدام الخيالة وما وقع بسبب ذلك من الفتن [5]

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين كراى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ولما اتصل بالأبواب السلطانية أظهر قراسنقر العصيان

- ‌ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس

- ‌وأما الأمراء الذين توجهوا إلى خربندا

- ‌نعود إلى سياقة الأخبار فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌وتوفى تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالطويل [3]

- ‌واستهلت سنة ثنتى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس العلائى نائب السلطنة بحمص ومن يذكر من الأمراء بدمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار

- ‌ذكر تفويض [77] نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر تفويض السلطنة بالباب الشريف للأمير سيف الدين أرغن

- ‌وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة أيضا

- ‌وفى هذه السنة حصل انفصالى [2]

- ‌ذكر عرض العساكر [78] والنفقة فيها وتجريدها وتوجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ تاج الدين عبد الرحيم

- ‌وتوفى القاضى نور الدين أحمد بن الشيخ

- ‌واستهلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة كملت عمارة الميدان

- ‌ذكر تفويض نيابة دار العدل وشد الأوقاف للأمير بدر الدين محمد بن الوزيرى

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة وترتيب الأمير بدر الدين بن التركمانى فى الشد

- ‌ذكر روك [1] الإقطاعات بالشام

- ‌ذكر تجريد جماعة من الأمراء إلى مكة

- ‌وفى هذه السنة رسم السلطان أن يساق الماء

- ‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين سودى [6] نائب السلطنة بحلب وتفويض نيابة السلطنة بها للأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب

- ‌ذكر عزل الأمير [85] سيف الدين بلبان طرناه

- ‌واستهلت سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذكر إرسال العسكر إلى ملطيّة صحبة الأمير سيف الدين تنكر وفتحها

- ‌وأما ملطية فإنه بعد أن عادت العساكر منها

- ‌ذكر القبض على من يذكر [88] من الأمراء بالديار بالمصرية

- ‌وفى يوم السبت العاشر من الشهر المذكور

- ‌ذكر القبض على الأميرين سيف الدين تمر الساقى [5]

- ‌وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج

- ‌ذكر وصول السيد الشريف أسد الدين رميثة إلى الأبواب السلطانية وتجريد العسكر معه إلى الحجاز الشريف

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير جمال الدين آقش الأفرمى

- ‌وفى أول شعبان من هذه السنة توجّهت

- ‌وفى هذه السنة فى ثالث شوال ضربت عنق

- ‌ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف

- ‌وفى سنة خمس عشرة وسبعمائة توفى الشيخ العالم

- ‌وتوفى الصدر الرئيس شرف الدين أبو عبد الله

- ‌وتوفى الشيخ العالم صفى الدين محمد

- ‌وتوفى قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل

- ‌واستهلت سنة [93] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

- ‌ذكر حادثة السيول والأمطار [3] ببلاد الشام وما أثر [4] ما وقع من العجائب التى لم تعهد

- ‌ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين كستاى [3]

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى النوبة وملك عبد الله برشنبوا [4] النوبة، ومقتله

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى العرب ببرية عيذاب [4] ودخوله إلى بلاد هلنكة [5] وغيرها وعوده

- ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب وإرساله إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الصفدية

- ‌وفى هذه السنة توجه الأمير سيف الدين أرغن

- ‌واستهلت سنة سبع عشرة وسبعمائة بالأربعاء

- ‌ذكر حادثه السيل ببعلبك

- ‌ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده

- ‌ذكر خبر النيل المبارك فى هذه السنة

- ‌ذكر إفراد مصر عن قاضى الحنفية [3]

- ‌ذكر [5] عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك [5] ووصول رسله

- ‌ذكر روك المملكة الطرابلسية وما يتصل بذلك [1] من إبطال الجهات المنكرة بها وأخبار النصيرية [2]

- ‌فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى

- ‌ذكر ظهور رجل ادعى أنه محمد بن الحسن المهدى وقتله

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الخميس التاسع

- ‌وتوفى القاضى الرئيس الفاضل شرف الدين

- ‌وتوفى فى آخر الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس

- ‌واستهلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لتاسع برمهات

- ‌ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية

- ‌ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته

- ‌ذكر إنشاء الجامع بقلعة الجبل

- ‌ذكر وثوب الأمير عز الدين حميضة بن أبى [2] نمى بمكة شرفها الله تعالى وإخراج أخيه الأمير أسد الدين رميثة منها

- ‌ذكر حادثة الريح بالجون من طرابلس

- ‌ذكر هدم الكنيسة [2] بحارة الروم

- ‌ذكر الجوامع التى خطب وأقيمت صلاة الجمعة بها بظاهر مدينة دمشق فى هذه السنة

- ‌ووقف على كل من هذه الجوامع الثلاثة من الأوقاف ما يعرف ريعها فى مصالحه- أثاب الله تعالى واقفيها

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين

- ‌ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان

- ‌وتوفى قاضى القضاة فخر الدين أبو العباس أحمد

- ‌ذكر الغلاء الكائن بديار بكر [1] والجزيرة وغيرها من بلاد الشرق

- ‌ذكر مقتل الرشيد المتطبب

- ‌واستهلت سنة تسع عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق

- ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

- ‌وتوفى الشيخ الصالح العابد العارف العلامة

- ‌وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى

- ‌ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]

- ‌ولما كان فى عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو

- ‌وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم

- ‌وأما ما وزن من الذهب من المغنم منهم

- ‌واستهلت سنة عشرين وسبعمائة بيوم [1] الثلاثاء

- ‌ذكر تفويض السلطنة بحماة للملك المؤيد عماد الدين إسماعيل

- ‌وفى هذه السنة أعفى الصاحب أمين الدين عبد الله

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمرآء المعتقلين

- ‌ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله

- ‌ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى [1] وخبر مقتل حميضة بن أبى نمى

- ‌ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية إلى بلاد سيس ورجوعهم

- ‌ذكر وصول الخاتون دلنبية وقيل فيها طولونية ابنة [3] وبناء السلطان الناصر بها

- ‌ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت فى خركاة مذهبة على عجلة

- ‌ذكر تسحب الأمير حسام الدين مهنا وأولاده

- ‌ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية

- ‌ذكر منع الشيخ تقى الدين بن تيمية من الفتيا واعتقاله بقلعة دمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولى نائب السلطنة بغزة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية وبيعها بالرطل

- ‌ذكر خبر الحاج فى هذه السنة

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ الفقيه العالم

- ‌وتوفى شيخنا المحدث الفاضل العدل

- ‌ذكر إراقة الخمور بالمدينة السلطانية وتبريز وغيرها من ممالك التتار [4]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثانى والثلاثين

الفصل: ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

نائب سلطنة أبى سعيد بن خدبندا ملك التتار وبين الأمراء مقدمى التوأمين [2] وقتالهم وانتصار جوبان عليهم وقتلهم.

وفى هذه السنة تواترت الأخبار بوقوع الخلف بين مقدمى التتار والحرب بينهم وقد نقل الشيخ علم الدين البرزالى فى تاريخه أن الشيخ محمد بن أبى بكر القطان الإربلى ورد إلى دمشق وأخبره تفصيل ذلك على جليته قال: كان سبب هذه الحرب أن الملك أبا سعيد بن خربندا حصل له الحصار من نائبه جوبان وأنه استقل بتنفيذ الأمور دونه ولم يبق له فى المملكة إلا مجرد التسمية، وأبعد أقواما كانوا مقربين من الملك أبى سعيد وقتل الأمير ربنوا [3] وهو الذى تولى ترتيب الملك لأبى سعيد فذكر الملك ما حصل له من القلق للأمير إيرنجى [4] خال أبيه خربندا، والأمير قرمشى ابن التياج [5] ، والأمير دقماق وهم من مقدمى التمانات فقالوا للملك إن أردت أن نخرج عليه ونكبسه ونقتله فعلنا وإن أحببت أن ننابذه الحرب فعلنا ما أردت، فوقع الاتفاق على أنهم يفعلون به كيف ما تهيألهم فاتفق الحال من الأمراء الثلاثة ومن وافقهم الأمير أرس أخو دقماق، ومحمد هرزه ويوسف بكا وبهاء الدين يعقوبا وهم من أعيان الأمراء على أن يعملوا لجوبان دعوة ويقبضوا عليه فيها، فسأله [6] قرمشى أن يعمل له دعوة فى نواحى عمله بالقرب من بلاد كرجستان وأرسل إليه تقادم وهدايا كثيرة، فقبلها جوبان وأجاب إلى حضور الدعوة فعمل قرمشى الدعوة فى مكان يسمى سرمارى [7] من نواحى كرجستان، وهى منزلة قرمشى ومن انضاف إليه، وتهيأ جوبان لحضور الدعوة، فبينما هو على ذلك إذ جاءه رجل اقطى من جماعة قرمشى فى خفية وأخبره بما انطوى عليه الجماعة

[1] أشار المقريزى فى السلوك 2/1- 195 إلى هذه الأحداث بإيجاز شديد، وكذلك البداية والنهاية 14:

93، وزاد عنهما قليلا ذيول العبر 101- 103.

[2]

مقدمو التوأمين: أمراء أو قادة الفرق.

[3]

كذا فى الأصول.

[4]

كذا فى الأصول، وذيول العبر 102، 103، والنجوم الزاهرة 9.

[5]

كذا فى الأصول، وذيول العبر 103 «البياخ» .

[6]

أى فسأل قرمشى جوبان.

[7]

سرمارى: قلعة عظيمة، وولاية واسعة بين تفليس وخلاط، مشهورة مذكورة (معجم البلدان 3: 243 بتحقيق فريد الجندى) .

ص: 298

خفية وأخبره بما انطوى عليه الجماعة وأشار عليه بمفارقة مخيمه وقال له: الآن يكبسوك. فرجع جوبان إليه واحتاط لنفسه، وركب لوقته وترك مخيمه وخزائنه وخيوله بحالها، ولم يخبر أحدا من أصحابه، ولم يستصحب غير ولده حسن، وأقبل قرمشى فى عشرة آلاف فارس من التتار والكرج والفرس، فسأل عن جوبان فقيل له، هو جالس فى مخيمه ينتظر حضور الدعوة فقصده وهجم على مخيّمه وشهر السيف وثار أصحاب جوبان وهم لا يدرون ما الخبر، وقاتلوا قتالا شديدا، قتل من الفريقين نحو ثلاثمائة فارس، وخلص قرمشى إلى خيمة جوبان فلم يجد غير إنسان اسمه أخى [1] ابو بكر فسأله عن جوبان فقال: هرب ولم يعرفّنا فضرب قرمشى عنق أخى أبو بكر، ونهب مخيم جوبان، وأمواله وخيوله وغير ذلك، وذلك فى جمادى الأولى وساق خلف جوبان فلم يدركه.

وأما جوبان فإنه استمر به السير إلى مدينة مرند [2] فوصل إليها وليس معه غير نفرين من أصحابه، فتلقاه الأمير ناصر الدين ملكها وأمده بالخيل والمال والسلاح، ووصل معه إلى قرية بالقرب من تبريز [3] تسمى دية صوفيان، ووصل خبره إلى تبريز فخرج إليه الوزير تاج الدين على شاة التبريزى- وزير الملك أبى سعيد- ومعه ألف فارس فأنزله وأكرمه، وأخرج إلى لقائه أهل تبريز بالفرح بمقدمه، ونصبت له القباب، وأمدوه بالخيول والسلاح، فبات بتبريز ليلة واحدة، وتوجّه إلى المدينة السلطانية، وصحبته الوزير على شاه وتقدم الوزير واجتمع بالملك أبى سعيد وتلطّف فى أمر جوبان وأحسن الثناء عليه، وذكر شفقته على الدولة واهتمامه بأمرها وحرمته وغض ممن نازعه، وخرج عليه، وقال: إن هؤلاء يحسدونه ويقصدون أن يتغير خاطر الملك عليه، فإذا قتله تمكنوا من الدولة وفعلوا ما أرادوا، وبلغوا أغراضهم الفاسدة قال: وقد بلغنى عن الأمير إيرنجى أنه يقول إن ابنه عليا أحق بالملك، لأنه من العظم الثانى، وأغراه به غاية، الإغراء فمال إلى قوله ورضى عن جوبان، وأذن له فى الدخول عليه فدخل [126] ومعه كفنه ويكى بين يدى الملك بكاء شديدا

[1] كذا فى ك، وف. وفى ص «أحى بو بكر» .

[2]

مرند: من مشاهير مدن أذربيجان، بينها وبين تبريز يومان، وقد تشعثت الآن وبدأ فيها الخراب منذ نهبها الكرج وأخذوا جميع أهلها (معجم البلدان 5: 129) .

[3]

تبريز: أشهر مدن أذربيجان، وهى مدينة عامرة حسناء ذات أسوار محكمة. فى وسطها عدة أنهار، والبساتين محيطة بها (معجم البلدان 2: 15) .

ص: 299

أو قال قتلت رجالى وأعوانى الذين انتخبتهم لخدمة القان [1] ونهبت أموالى التى جمعتها من نعمه، وانكسرت حرمتى التى أقامها فإن كان القان يقصد قتلى فها أنا بين يديه، وأنا من جملة مماليكه. فتبرأ أبو سعيد من ذلك وقال:

لم أقصد بك سوءا قط وهؤلاء أعداؤك وقد حسدوك على قربك منى وخرجوا على وعليك وقد مكنتك منهم، فإنهم ارتكبوا هذا الأمر بغير أمرى. فأستأذنه فى حربهم فأذن له فسأله، أن يمده بالجيش، فأمده بعشرة آلاف فارس يقدمهم الأمير طاز ابن كتبغانوينّ، الذى قتل بعين جالوت، وركب قراسنقر المنصورى [2] فى ثلاثمائة فارس بالسلاح التام على عادة العساكر المصرية، وجاء ابنه تمرتاش من جهة ثغر الروم بطائفة كثيرة من الجيوش وركبوا وركب الملك أبو سعيد أيضا [3] فى خاصته وساق معهم ليتحقق جوبان أنه معه لامعهم.

وأما قرمشى وإيرنجى ودقماق فإنهم ساقوا خلف جوبان إلى أن وصلوا إلى بتبريز، فغلقت أبوابها دونهم، وخيف منهم القتل والنهب وخرج إليهم نائبها وهو الحاجى قطق بمأكول ومشروب وعلوفات فعلقوه برجليه وأخذوا منه سبعين ألف دينار- الصرف عن كل دينار ستة دراهم- كون أهل البلد تلقوا جوبان وخدموه وأغلقوا الأبواب دونهم، ثم ساقوا من يومهم حتى وصلوا إلى مدينة من أعمال أذربيجان اسمها ميانه، ثم ساقوا منها إلى مدينة زنكان [4] ومنها إلى ضيعة اسمها دية منارة فتوافواهم وجوبان فى هذا المكان فلما شاهد الأمير إيرنجى الملك أبا سعيد وأعلامه تحير فى أمره واستشار من معه فيما يفعل فقال له قرمشى لا بدّ من الحرب فإن الملك فى الباطن معنا، فتصاف الجيشان، وخاف إيرنجى أن يبدأ الملك بالحرب، وكذلك من معه إلا قرمشى فإنه سيّر إلى جوبان يقول له اجعل لى إشارة أقصدها وأحضر إلى خدمتك وطاعتك، فرفع له جوبان علما ولم يقف تحته بل تحيز إلى جهة أخرى، فحمل قرمشى على

[1] كذا فى ك، وف. وفى ص «الخان» .

[2]

فى ك «الموصلى» والمثبت من ص، وف.

[3]

هذا اللفظ زيادة من ص، وف.

[4]

زنكان: هى زنجان من نواحى الجبال بين أذربيجان وبينها، وهى قريبة من أبهر. والعجم يقولون زنكان.

ص: 300

ذلك المكان بمن معه حملة منكرة، ظنا أن جوان ثم فلم يجده فالتحم القتال، وقاتل الأمير طاز وقرا سنقر المنصورى قتالا شديدا، فانهزم إيرنجى ومن معه وانضم أكثرهم إلى عسكر الملك جوبان وقبض على إيرنجى وقرمشى ودقماق وأخيه وغيرهم. وحملوا إلى المدينة السلطانية وعمل لهم يزغو ومعناه عقد مجلس، وسئلوا عن سبب تعديهم وخروجهم وارتكابهم لهذا الأمر العظيم، فقالوا بأجمعهم إنما فعلناه عن أمر الملك وإذنه وقال قرمشى لجوبان أنا جاءنى يوسف بكا، ومحمد هرزه برسالة الملك أبى سعيد فى حربك وقتلك، فأحضرهما جوبان وسألهما عن ذلك فاعترفا به فأنكر الملك ذلك وقال كذبا على فافعل معهما ما يجب عليهما من حد الكذب والافتراء على. فحكم على جميعهم بالقتل بمقتضى ياسا جنكيز خان [1] ، فعند ذلك أخرج إيرنجى من خريطته ورقة وقال للملك أبى سعيد هذا خطّك معى بقتل جوبان. وشتم الملك واجترأ عليه، لأنه خال والده، فأنكر الملك ذلك وقال لجوبان أعمل معهم بمقتضى الياسا؛ فإن هؤلاء خرجوا علىّ وعليك وقصدوا إفساد الحال. فتسلمهم جوبان وقتلهم، وبدأ بإيرنجى وقال هذا ينبغى أن يعذب قبل قتله. فقيدوه [2] من أضلاعه بقناطير الحديد فبسط لسانه بالسب الفاحش للملك، فأرادوا قطع لسانه فعجزوا عن ذلك، فضربوه بسيخ حديد تحت حنكة خرج من دماغه فمات وبقى مقيدا [3] يومين ثم قطعوا رأسه وطافوا به بلاد خراسان وأذربيجان، والعراقين والروم، وديار بكر وقتلوا قرمشى ودقماق نقلت ذلك ملخصا، وبعضه بالمعنى من تاريخ الشيخ علم الدين البرزالى.

وقال فى تاريخه ثم [4] ورد علاء الدين على بن التخت التاجر السّفار من المدينة السلطانية، وأخبرنى بنحو الذى تقدم، وقال كنت بالمدينة المذكورة وجوبان قد تتبع الأمراء الذين خرجوا عليه فقبض منهم من أول جمادى الآخرة

[1] ياسا جنكيزخان: هو القانون الذى وضعه جنكيزخان القائم بدولة التتار فى بلاد المشرق، وتضمن الأحكام الخاصة بالجزاء والعقاب، ويشتمل على عقوبات صارمة توقع على المذنبين. وكان هدف جنكيز خان من إصدارها توحيد شعوب الإمبراطورية وإخضاعها جميعا لنظام صارم ووضع حد للحروب بين القبائل. وانظر الخطط للمقريزى 2: 220، 221، فؤاد عبد المعطى الصياد: المغول فى التاريخ ص) Grousset:L-Empire des Steppes ،P.316 (..237

[2]

كذا فى ك. وفى ص، وف «فقتروه» أن ضموا بعضه إلى بعض، وهنا ضموا أضلاعه بعضها إلى بعض.

[3]

كذا فى ك. وفى ص، وف «مقترا» .

[4]

هذا اللفظ من ص، وف.

ص: 301

إلى آخر شوال نحو ستة وثلاثين أميرا فقتلهم، وأخذ أموالهم، وصادر عمالهم وتجارهم، وحصّل من الأموال أضعاف ما عدم له قال وبقى إيرنجى ثلاثة أيام مقيدا ميتا وقتل معه فى يومه دقماق وأخوه أرس والأمير بكتوت.

قال وفى اليوم الثانى قتلوا يوسف بكا وأخاه الأمير نوماى، وفى اليوم الثالث قتل لدقماق ابنان عمر كل واحد منهما سبع سنين وفي اليوم الرابع قتلوا ابنا لإيرنجى اسمه وفادار من أبناء خمس عشرة سنة وقتل له ابن فى الوقعة اسمه الأمير على وقطعوا رأسه [127] وألقوه إلى أمه كيخشك [1] ابنة السلطان أحمد ابن أبغا وكانت حاضرة المصاف، فحملت على أبى سعيد فصرعت وماتت تحت أرجل الخيل قال: وفى اليوم السابع أحضروا قرمشى بن النياج فحلقوا ذقنه وألبسوه طرطورا وسمروه، وطافوا به المدينة السلطانية، ثم أحضروه بين يدى جوبان وقتل بالنشاب إلى أن مات، ثم أحضروا أخاه من ثغر خراسان، وقتل حال وصوله قال وأحضروا بنت إيرنجى واسمها قطلو شاه خاتون وكانت إحدى زوجات الملك [2] خربندا فقال أبو سعيد هذه سقت أبى السّمّ فقصد قتلها فشفع فيها الوزير، على شاه وزوجها فى الحال بخواجا دمشق أحد أولاد جوبان.

قال: وأما امرأة دقماق فتزوجت بالأمير طاز بن كتبغانوين، وولى وظيفة قرمشى على ثغر خراسان، وسكنت الفتنة وأحرق جميع من قتل بالنار ولم يدفنوا.

وفى هذه السنة فى الساعة الثانية من يوم السبت الخامس من شهر رمضان الموافق للعشرين من تشرين الأول والثالث عشر من بابه جاء سيل ظاهر مدينة دمشق وارتفع على وجه الأرض مقدار قامة وكان جريانه من جبل عربا وآيل السوق ووادى هريره والحسينية أمطرت هذه الأماكن مطرا عظيما وسال منه هذا السيل وحمل ما كان أمامه من الحجارة حتى سد عين الفيحة وانقطع جريان الماء منها يومين وليلتين، ثم خرجت على عادتها ومر إلى البحيرة.

[1] كذا فى الأصول.

[2]

هذا اللفظ من ص، وف.

ص: 302