المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعمائة للهجرة النبوية بيوم الأربعاء فى هذه السنة

- ‌ذكر توجه العساكر إلى الصعيد للإيقاع بالعربان

- ‌وفى هذه السنة رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد [1]

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة [1] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة

- ‌ففوض قضاء القضاة بالشام لقاضى القضاة

- ‌وفى هذه السنة ظهر بنيل مصر دابة عجيبة

- ‌ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة [6]

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية

- ‌ذكر خبر المصاف وهزيمة التتار

- ‌وحسبنا الله ونعم الوكيل

- ‌ذكر حدوث الزلزلة

- ‌ذكر وفاة الأمير زين الدين كتبغا المنصورى وهو الملك العادل [4]

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌ذكر الجلوس بالمدرسة الناصرية [1] والقبة وأوقاف ذلك وشروطه

- ‌أمّا القبّة فإنه وقفها للقرّاء بها، وشيخ الحديث

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [1]

- ‌ذكر وفاة الشيخ زين الدين الفارقى وما اتفق بسبب مناصبه بدمشق

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعمائة

- ‌ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف

- ‌ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات

- ‌وفى هذه السنة توفى السيد الشريف

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعمائة

- ‌ذكر الإغارة على بلاد سيس [4] وأسر الأمراء

- ‌ذكر توجه العساكر الشامية إلى بلاد الكسروان [1] وإبادة من بها وتمهيدها

- ‌ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية

- ‌وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة

- ‌واستهلت سنة ست وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة عادت رسل السلطان

- ‌ذكر حادثه غريبة

- ‌واستهلت سنة سبع وسبع مائة

- ‌ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء

- ‌ذكر الاهتمام بقصد اليمن والاحتفال لذلك وتعيين العساكر المجردة إليه وتأخير ذلك وإرسال الرسل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين بيبغا المعروف

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها

- ‌وتوفى فى دمشق [46] الأمير علاء الدين مغلطاى

- ‌وتوفى الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجمدار

- ‌وتوفى بدمشق أيضا الأمير فارس [2] الدين

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعمائة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة السبت ثانى المحرم

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعمائة

- ‌ذكر ما كان من أمر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر اضطراب أمر الملك المظفر ركن الدين

- ‌ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الناصر

- ‌وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه

- ‌وكان كتاب الملك المظفر قد وصل إلى سائر

- ‌ولما استقل ركاب السلطان بغزة

- ‌ذكر استعادة ما أخذه الملك المظفر بيبرس

- ‌ذكر ما رتبه السلطان [57] وقرره من النواب

- ‌ذكر القبض على المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة أمر السلطان بالقبض

- ‌واستهلت سنة عشر وسبعمائة

- ‌ذكر الاستبدال بقاضى القضاة الشافعى والحنفى بالديار المصرية

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين سلار ووفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحموية للأمير عماد الدين إسماعيل وانتقال الأمير سيف الدين أسدمر إلى حلب

- ‌وفى شهر ربيع الأول قبض على الأمير فخر الدين إياز

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب

- ‌ذكر تفويض الوزارة بدمشق للرئيس عز الدين حمزة بن القلانسى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين أسندمر

- ‌ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما

- ‌وفى سنة عشر وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر انتقال الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين بكتمر

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل

- ‌ذكر عدة حوادث بالشام فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر عزل الصاحب عز الدين بن القلانسى عن وزارة الشام وانتداب أعدائه لمرافعته وخلاصه

- ‌ذكر طلب أعيان دمشق وما قرر عليهم من استخدام الخيالة وما وقع بسبب ذلك من الفتن [5]

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين كراى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ولما اتصل بالأبواب السلطانية أظهر قراسنقر العصيان

- ‌ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس

- ‌وأما الأمراء الذين توجهوا إلى خربندا

- ‌نعود إلى سياقة الأخبار فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌وتوفى تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالطويل [3]

- ‌واستهلت سنة ثنتى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس العلائى نائب السلطنة بحمص ومن يذكر من الأمراء بدمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار

- ‌ذكر تفويض [77] نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر تفويض السلطنة بالباب الشريف للأمير سيف الدين أرغن

- ‌وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة أيضا

- ‌وفى هذه السنة حصل انفصالى [2]

- ‌ذكر عرض العساكر [78] والنفقة فيها وتجريدها وتوجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ تاج الدين عبد الرحيم

- ‌وتوفى القاضى نور الدين أحمد بن الشيخ

- ‌واستهلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة كملت عمارة الميدان

- ‌ذكر تفويض نيابة دار العدل وشد الأوقاف للأمير بدر الدين محمد بن الوزيرى

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة وترتيب الأمير بدر الدين بن التركمانى فى الشد

- ‌ذكر روك [1] الإقطاعات بالشام

- ‌ذكر تجريد جماعة من الأمراء إلى مكة

- ‌وفى هذه السنة رسم السلطان أن يساق الماء

- ‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين سودى [6] نائب السلطنة بحلب وتفويض نيابة السلطنة بها للأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب

- ‌ذكر عزل الأمير [85] سيف الدين بلبان طرناه

- ‌واستهلت سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذكر إرسال العسكر إلى ملطيّة صحبة الأمير سيف الدين تنكر وفتحها

- ‌وأما ملطية فإنه بعد أن عادت العساكر منها

- ‌ذكر القبض على من يذكر [88] من الأمراء بالديار بالمصرية

- ‌وفى يوم السبت العاشر من الشهر المذكور

- ‌ذكر القبض على الأميرين سيف الدين تمر الساقى [5]

- ‌وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج

- ‌ذكر وصول السيد الشريف أسد الدين رميثة إلى الأبواب السلطانية وتجريد العسكر معه إلى الحجاز الشريف

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير جمال الدين آقش الأفرمى

- ‌وفى أول شعبان من هذه السنة توجّهت

- ‌وفى هذه السنة فى ثالث شوال ضربت عنق

- ‌ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف

- ‌وفى سنة خمس عشرة وسبعمائة توفى الشيخ العالم

- ‌وتوفى الصدر الرئيس شرف الدين أبو عبد الله

- ‌وتوفى الشيخ العالم صفى الدين محمد

- ‌وتوفى قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل

- ‌واستهلت سنة [93] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

- ‌ذكر حادثة السيول والأمطار [3] ببلاد الشام وما أثر [4] ما وقع من العجائب التى لم تعهد

- ‌ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين كستاى [3]

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى النوبة وملك عبد الله برشنبوا [4] النوبة، ومقتله

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى العرب ببرية عيذاب [4] ودخوله إلى بلاد هلنكة [5] وغيرها وعوده

- ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب وإرساله إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الصفدية

- ‌وفى هذه السنة توجه الأمير سيف الدين أرغن

- ‌واستهلت سنة سبع عشرة وسبعمائة بالأربعاء

- ‌ذكر حادثه السيل ببعلبك

- ‌ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده

- ‌ذكر خبر النيل المبارك فى هذه السنة

- ‌ذكر إفراد مصر عن قاضى الحنفية [3]

- ‌ذكر [5] عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك [5] ووصول رسله

- ‌ذكر روك المملكة الطرابلسية وما يتصل بذلك [1] من إبطال الجهات المنكرة بها وأخبار النصيرية [2]

- ‌فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى

- ‌ذكر ظهور رجل ادعى أنه محمد بن الحسن المهدى وقتله

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الخميس التاسع

- ‌وتوفى القاضى الرئيس الفاضل شرف الدين

- ‌وتوفى فى آخر الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس

- ‌واستهلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لتاسع برمهات

- ‌ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية

- ‌ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته

- ‌ذكر إنشاء الجامع بقلعة الجبل

- ‌ذكر وثوب الأمير عز الدين حميضة بن أبى [2] نمى بمكة شرفها الله تعالى وإخراج أخيه الأمير أسد الدين رميثة منها

- ‌ذكر حادثة الريح بالجون من طرابلس

- ‌ذكر هدم الكنيسة [2] بحارة الروم

- ‌ذكر الجوامع التى خطب وأقيمت صلاة الجمعة بها بظاهر مدينة دمشق فى هذه السنة

- ‌ووقف على كل من هذه الجوامع الثلاثة من الأوقاف ما يعرف ريعها فى مصالحه- أثاب الله تعالى واقفيها

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين

- ‌ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان

- ‌وتوفى قاضى القضاة فخر الدين أبو العباس أحمد

- ‌ذكر الغلاء الكائن بديار بكر [1] والجزيرة وغيرها من بلاد الشرق

- ‌ذكر مقتل الرشيد المتطبب

- ‌واستهلت سنة تسع عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق

- ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

- ‌وتوفى الشيخ الصالح العابد العارف العلامة

- ‌وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى

- ‌ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]

- ‌ولما كان فى عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو

- ‌وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم

- ‌وأما ما وزن من الذهب من المغنم منهم

- ‌واستهلت سنة عشرين وسبعمائة بيوم [1] الثلاثاء

- ‌ذكر تفويض السلطنة بحماة للملك المؤيد عماد الدين إسماعيل

- ‌وفى هذه السنة أعفى الصاحب أمين الدين عبد الله

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمرآء المعتقلين

- ‌ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله

- ‌ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى [1] وخبر مقتل حميضة بن أبى نمى

- ‌ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية إلى بلاد سيس ورجوعهم

- ‌ذكر وصول الخاتون دلنبية وقيل فيها طولونية ابنة [3] وبناء السلطان الناصر بها

- ‌ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت فى خركاة مذهبة على عجلة

- ‌ذكر تسحب الأمير حسام الدين مهنا وأولاده

- ‌ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية

- ‌ذكر منع الشيخ تقى الدين بن تيمية من الفتيا واعتقاله بقلعة دمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولى نائب السلطنة بغزة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية وبيعها بالرطل

- ‌ذكر خبر الحاج فى هذه السنة

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ الفقيه العالم

- ‌وتوفى شيخنا المحدث الفاضل العدل

- ‌ذكر إراقة الخمور بالمدينة السلطانية وتبريز وغيرها من ممالك التتار [4]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثانى والثلاثين

الفصل: ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

مقدّمى الألوف، والأمير عز الدين أيدمر الدّوادار، والأمير علم الدين سنجر الدّميثرى، والأمير علاء الدين على ابن الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى، والأمير سيف الدين بهادر التّقوى، والأمير سيف الدين الدمياطى، والأمير صارم الدين الجرمكى، والأمير سيف الدين طقصبا متولى الأعمال القوصيّة والإخميمية، وسبعة من مقدمى الحلقة المنصورة، وتوجهوا فى نحو خمسمائة فارس، وكان رحيلهم من القاهرة فى يوم الأربعاء العشرين من شوال من السنة، وكان سبب ذلك أن العربان ببرّيّة عيذاب قطعوا الطّريق على رسول اليمن الواصل إلى الأبواب السلطانية، وأخذوا ما كان معه من التقادم ومن رافقه من غلمان التّجّار، والذى حملهم على ذلك أن الأمير سيف الدين طقصبا [1] متولى الأعمال القوصيّة اعتقل فيّاضا أمير هذه الطائفة من العرب، فحملت أصحابه الحميّة على فعل ذلك، فلما اتصل فعلهم بالأبواب السلطانية جرّد هذا العسكر فى طلبهم، ورسم أن يتوجهوا إلى مدينة قوص [97] ويتوجهوا منها إلى البريّة ويتبعوا العرب حيث كانوا، فأخبرنى الأمير عز الدين الدّوادار أحد الأمراء الذين توجّهوا- وهو الثقة فى أخباره- أنهم توجّهوا فى التاريخ المذكور حتى انتهوا إلى مدينة قوص، فأقاموا بظاهرها خمسة وخمسين يوما، وفى مدة مقامهم توجّه متولى الأعمال، والأمير صارم الدين الجرمكى إلى البرّيّة ليجتمعا بالعربان فى ردّ ما أخذوه من الأموال، ومراجعة الطاعة، فاجتمعا بهم ولم تتهيأ الموافقة على ما أرادوا ولما توجّها طولع السلطان بتوجههما [2] وأنّ العسكر تأخّر لقلة الظّهر [3] وسعة البرية، وقلّة الماء، وجهز بذلك الأمير بدر الدين بكتمش [4] الحسامى أحد مقدمى الحلقة المنصورة.

‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

حصل من السلطان الإنكار الشديد بسبب تأخّر العسكر عن دخول البرّيّة، فعندها توجّه العسكر من مدينة قوص فى العشر الأول من المحرم سنة سبع عشرة ودخلوا إلى البرية فانتهوا إلى ثغر عيذاب فى خمسة عشر يوما، واجتمع

[1] فى ك «طقصنا» والتصويب مما سبق.

[2]

فى ك «بتوجيههما» والمثبت من ص، وف.

[3]

أى ما يركب من الداوب والإبل.

[4]

كذا فى ك، وف. وفى ص «بكمش» ولم أعثر بين أمراء حسام الدين لاجين، ولا أمراء الناصر محمد بن قلاوون على هذا الاسم.

ص: 240

العسكر بالأميرين سيف الدين طقصبا، وصارم الدين الجرمكى بعيذاب، وأقاموا بها اثنى عشر يوما، وكان متولى الأعمال قد استصحب معه فيّاضا أمير العرب الذى كانت الفتنة بسبب اعتقاله، ثم رحل الجيش من ثغر عيذاب، وساروا حتى انتهوا إلى سواكن [1] فى اثنى عشر يوما يسلكون رءوس الجبال والأوعار، وحصل لهم ضرر كثير بسبب المياه وقلّتها حتى كادوا يهلكون فى ماء منها [2] يقال له دنكنام، فإن العربان كانوا قد غوّروا المياه أمام العسكر، فأقام الجيش أربعة أيام، ووصل إلى ذلك الماء فى اليوم الخامس، فوجدوا جفارا [3] واحدا وهو متغيّر اللون والطعم والريح، فبينما هم كذلك إذ قدمت كشّافة العسكر وكانوا قد قدّموا من يستقرئ لهم خبر تلك الجبال علّهم [4] يجدون ماء، فأخبروهم أنهم وجدوا مياه [4] الأمطار بتلك الجبال فرحلوا من هناك وقت المغرب، وانتهوا إلى مياه قد اجتمعت من الأمطار، فأقاموا بها بقية تلك الليلة إلى نصف النهار من اليوم الثانى، وحملوا منها وارتحلوا حتى انتهوا إلى سواكن، فخرج إليهم متملكها بالطاعة والانقياد إلى أوامر السلطان، وقرّر على نفسه قطيعة يحملها إلى الأبواب السلطانية فى كل سنة، وهى من الرقيق ثمانون رأسا، ومن الجمال: ثلاثمائة رأس، ومن العاج: ثلاثون قنطارا، واستقر بسواكن نيابة عن السلطنة، وأقام العسكر بسواكن ستة أيام، واستصحب معه أولاد مهنّا، وكان فضل أحد مقدّمى العرّبان قد التحق بالعسكر فيما بين سواكن وعيذاب وصحبهم، وتوجّه الجيش خلف العربان ودخلوا البرية يتبعون آثارهم، فساروا سبعة عشر يوما، وفى أثناء مسيرهم ظفروا بطوائف من السودان بقرب المياه فى أودية هناك، فقتل العسكر منهم، وأسر وسبى وغنم من مواشيهم من الأبقار والأغنام ما ارتفق به الجند، وأنتهوا إلى وادى إيتريب [5] فى اليوم السابع عشر، فأقاموا بها يومين، ولم يجدوا من سواكن إلى هذا الوادى غير ماء واحد، وكان شربهم من مياه الأمطار، وأمطرت البرّيّة فى غير الوقت المعتاد، لطفا من الله تعالى بعباده وإبقاء عليهم.

[1] سواكن: ميناء على البحر الأحمر تربطها بعطبرة حاليا سكة حديديه، كما تربطها ببربر وكسلا طرق تجارية، ولكن وجود بور سودان بالقرب منها قلل من شأنها (النجوم الزاهرة 7: 139 هامش) .

[2]

فى ك «مأمنها» والمثبت من ص، وف.

[3]

الجفار: البئر.

[4- 4] ما بين الرقمين من ص، وف.

[5]

كذا فى ك، وف. وفى ص «أبيزيب» .

ص: 241

ثم ساروا إلى أن وصلوا إلى أرنيباب [1] وهو جبل صغير على شاطئ نهر أتبرا [2] وهو فرع من فروع نيل مصر يخرج من بلاد الحبشة، فأقاموا عليه يوما واحدا، ثم توجهوا يتبعون آثار الغرماء [3] وهم يسيرون على شاطئ ذلك النهر ثلاثة أيام والنهر على يمين العسكر، ثم فوّزوا ودخلوا البريّة إلى أرض التاله [4] فانتهوا فى اليوم الثالث من يوم دخولهم المفازة إلى جبل كشلاب [5] وهو جبل أقرع ليس فى تلك البرية غيره، وجبل ألوس وبين الجبلين واد، وهذا الجبل هو حد بلاد التاله من الحبشة، [98] فلما وصلوا إليه وقد قربوا من الماء، وهم فى أرض صفراء التربة تشبه أرض بيسان من غور الشام، وهى كثيرة الأشجار من السنط وأم غيلان وشجر الإهليلج [6] والأبنوس والبقس [7] والحمر [8] وهو الذى يطرح التمرهندى، إذ طلع عليهم غبار أمامهم، فندبوا من يكشف الخبر، فعاد الكشافة وأخبروهم أن طائفة من السّودان تسمى هلنكة قد اجتمعوا لقتال العسكر، وهم خلق كثير، فتقدم العسكر إليهم وقد عبؤوا أطلابهم، ولبسوا لأمة حربهم، واجتمع العسكر فى أرض خالية من الأشجار، وهى من طرق السيول [9] وقد صارت مثل البركة ولها فجّة يدخل العسكر منها، فتبعهم الأثقال فسدّت جمال أثقالهم تلك الفجة، وهلنكة من أعلا البركة [10] وبأيدى هلنكة الحراب والمزاريق والسيوف، ومع بعضهم النبل، فوقف العسكر وأرسل إليهم: إنّا لم نأت لقتالكم وإنما جئنا فى طلب طائفة من العرب أفسدوا وعصوا وقطعوا السبيل، وأمّنوهم، فردّوا الأمان وأبوا إلا القتال، فقاتلهم

[1] فى ك، وف «أزبيناب» والمثبت من ص.

[2]

نهر أبترا: لعله نهر عطبرا والوصف ينطبق عليه.

[3]

كذا فى ص، وف. وفى ك «القرمان» ولعلها العربان.

[4]

كذا فى ص. وفى ك، وف بدون نقط.

[5]

فى ك «جبل كسلان» والمثبت من ص، وف.

[6]

الإهليلج: جاء فى قاموس النباتات لحسن البابلى ص 19 «إهليلج كابلى: شجرة مسحوق ثمارها تدخن فى حالة مرض الربو» ويقال هو شجر شانك (محيط المحيط) والمنجد فى اللغة.

[7]

البقس: يقال هو شجر حرجى، أوراقه بيضاوية الشكل ينبت فى المناطق الكلسية، ومنه ما يزرع للزينة فى الحدائق على جنب الممرات، وخشبه ثمين. والكلمة يونانية (المنجد) .

[8]

الحمر: كذا فى ص. وفى ك «الحمس» والمثبت صوبه ابن ميمون فى شرح أسماء العقار رقم 381، وهو شجر من فصيله القرنيات (معجم الألفاظ الزراعية) .

[9]

فى ك «طريق السيل» والمثبت من ص، وف.

[10]

ما بين الرقمين 9، 10 من ص.

ص: 242

العسكر ورموهم رشقا واحدا واحدا بالسهام، فقتل من هلنكة أربعمائة وستون نفرا، وجرح منهم خلق كثير، ولم يتمكن العسكر من أسرهم فإنهم كانوا يرون القتل أحب إليهم من الأسر، وقتل منهم اثنان من ملوكهم على ما حكاه من اجتمع بهم من غلمان العسكر، وكان سبب اجتماعهم بهم وسلامتهم منهم أنهم كانوا انقطعوا وراء العسكر وناموا، فلحقهم كشافة هلنكة فمسكوهم وأتوا بهم إلى أكابرهم، فسألوهم من أين أنتم؟ وكان فيهم من يعرف لغة القوم، فقالوا:

نحن تجار أغار علينا هذا العسكر ونهبونا، وأخذوا أموالنا وأسرونا. فلما قاتلتموهم [1] هربنا منهم، فرقّوا لهم وأطلقوهم، وذكروا لهم عدة من قتل منهم.

ولما انهزمت هذه الطائفة من هلنكة تحصنوا بالأشجار وتركوا أحمالهم فأخذ العسكر منها [2] ما قدروا على حمله من الذرة- وليس لهم طعام غيرها- وحملوا حاجتهم من الماء ورجعوا من هناك من يومهم على آثارهم، وذلك فى سادس شهر ربيع الأول سنة سبع عشرة، وعادوا حتى انتهوا إلى أرنيباب، ولم يمكنهم الرجوع على الطريق الذى دخلوا منه لقلة المياه والأقوات والعلوفات، فعدلوا إلى جهة الأبواب من بلاد النوبة، وأخذوا على نهر أتبرا فساروا على شاطئه عشرين يوما، وكانت دوابهم ترعى من الحلفاء [3] ، ثم انتهوا إلى قبالة الأبواب فأقاموا هناك يوما وتوجه [4] سيف الدين أبو بكر بن والى الليل فى الرسلية [5] من جهة متولى الأعمال القوصية الأمير سيف الدين طقصبا إلى متملك الأبواب، فخاف ولم يأت إلى العسكر، وأرسل إليهم بمائتى رأس بقر وأغنام وذرة، ونهب العسكر ما وجدوه بتلك الجهة من الذرة، وتوجهوا إلى مدينة دنقلة فى سبعة عشر يوما فى أرض كثيرة الأشجار والأفيلة والقرود والنسانيس والوحش الذى يسمى المرعفيف [6] ، فأقاموا ثلاثة أيام- وملكها عبد الله برشنبوا كما تقدم- وأضاف العسكر وزودّهم، وتوجهوا إلى ثغر أسوان ثم إلى مدينة قوصى، وأقاموا بها خمسة عشر يوما، وحصل للعسكر فى هذه

[1] فى ك «قاتلوهم» والمثبت من ص، ويستقيم به السياق.

[2]

فى ك، وف «فيها» والمثبت من ص.

[3]

الحلفائى والحلفة، فى الأصول «الحلف» والحلفاء، نبات أطرافه محددة كأنها سعف النخيل والخوص ينبت فى مغايض المياه (المنجد) .

[4]

فى الأصول «وتؤخر» ولعل الصواب ما أثبته.

[5]

الرسلية: قافلة البريد.

[6]

كذا فى الأصول، ولم اهتد إلى التعريف به.

ص: 243