الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدركهم، فلما رجع نزل ليستريح ويريح، فوثب عليه من مماليكه فقتلوه، وتوجهوا برأسه إلى الملك الناصر وحملت جثته إلى القاهرة، وفى أثناء هذه المدة تجمع خلق كثير من الغوغاء والعامة والسوقة [1] وجاءوا تحت القلعة، وأعلنوا بسبّ الملك المظفر فأمسك بعضهم وضرب وطيف به فلم يرتدعوا، ثم جلس المظفر فى يوم الخميس الحادى عشر من شهر رمضان جلوسا عاما وأحضر الخليفة المستكفى بالله أبا الربيع سليمان، وجدّد البيعة لنفسه والتولية بحضور الحكام والأمراء وكتب كتابا بتجديد البيعة، ورسم بقراءته على المنابر، فلما شرع القارئ له فى قراءته استغاثت العامة من كل جانب ليس لنا سلطان إلّا الملك الناصر، وهموا برجم الخطباء وأخرت قراءة كتاب البيعة وكتب إلى الأمير سيف الدين برلغى ومن معه من الأمراء والمقدمين وغيرهم أن يجددوا الحلف للسلطان، فاجتمعوا بجملتهم وقرئ عليهم كتاب الخليفة، ونسخة البيعة الثانية، وطلب منهم أن يجدّدوا الحلف فامتنع بعضهم وقال بعضهم قد حلفنا وإن كنا لا نفى باليمين الأولى فلا نفى بالثانية، وانفصلوا من المجلس على غير حلف فلما تفرقوا ركب بعض الأمراء وتوجه نحو الشام للقاء السلطان الملك الناصر خدمة، ودخولا فى طاعته وأنقل [2] الجيش المجرد، فعلم برلغى أن النظام قد انحل وأتاه خبر مقتل آقش الرومى، فعند ذلك ركب وتوجه إلى خدمة السلطان الملك الناصر هو وسائر الأمراء المجردين ورجع بعض الحلقة إلى القاهرة وكان السلطان قد أنفق جملة كثيرة من الأموال، وفرق خيولا كثيرة، وعزم على الخروج بنفسه [52] لحرب السلطان الملك الناصر ودفعه فلما بلغه أن برلغى ومن معه توجهوا إلى السلطان الملك الناصر فت ذلك فى عضده وسقط فى يده وعلم أنه لا بقاء لملكه.
ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس
الجاشنكير نفسه من السلطنة، ومراسلته الملك الناصر وخروجه من القلعة وتوجهه نحو الصعيد.
[1] فى ك «العومة» والمثبت من ص، وف.
[2]
فى ص «ونقل» .
ولما كان فى يوم الثلاثاء سادس عشر شهر رمضان اجتمع الأمير سيف الدين سلّار والأمير بدر الدين بكتوب الفتّاح أمير جندار، والأمير سيف الدين قجماز [1] بتخاص بالملك المظفر وقالوا له: إنا قد رأينا من المصلحة أن نراسل الملك الناصر وتسأله قلعة تكون بها أنت ومن معك من مماليك وألزامك فوافقهم على ذلك وتقرر أن يتوجه بالرسالة الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار المنصورى فتوجه ضحى يوم الثلاثاء وكان مضمون سؤاله أن ينعم عليه بأحد ثلاث جهات إما الكرك وأعمالها، أو حماة وبلادها أو صهيون ومضافاتها ونزل عن الملك وخلع نفسه من السلطة، ثم اضطرب أمره فى عشية النهار اضطرابا شديدا، فدخل إلى الخزائن واستصحب معه جملة من الأموال والذخائر، وخرج من القلعة وصحبته مماليكه وهم نحو سبعمائة مملوك، وصحبته من الأمراء الأمير بدر الدين بكتوت الفتاح أمير جندار، والأمير عز الدين أيدمر الخطيرى أستاذ دار والأمير سيف الدين قجماز بتخاص ومماليكهم، وأخذ الخيول الجياد من الاستطبلات السلطانية، وشعر العوام بخروجه فتجمعوا وسبّوه وتبعوه فقيل إنه شغلهم بدراهم نثرها عليهم فاشتغلوا بجمعها، وتوجه بمن معه إلى إطفيح [2] ثم منها إلى الصعيد: ولما فارق القلعة خرج من بقى من الأمراء والعساكر لتلقى السلطان الملك الناصر، واستقر الأمير سيف الدين سلّار بالقلعة يحفظها للسلطان وأفرج عن المعتقلين من المماليك السلطانية، وطالع السلطان الملك الناصر بما اتفق، وأعلن باسم السلطان والدعاء له على أسوار قلعة الجبل فى صبحة نهار الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان، وخطب له يوم الجمعة التاسع عشر من الشهر، وانتهت أيام سلطنة الملك المظفر، وكان مدة جريان اسم السلطنة عليه عشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما.
[1] كذا فى الأصول. وفى النجوم الزاهرة 5: 261، وهامش 8: 251 «قحماش بجاس» ، وفى السلوك 2/1:
64 «بشاش» وفى 2/1: 371 «بشاش» .
[2]
إطفيح: كانت عاصمة الأعمال الإطفيحية التى تمتد شرقى النيل مما يلى أعمال الجيزة، وتنحصر بينه وبين جبل المقطم، وهى الآن تتبع مركز الصف بمحافظة الجيزة (صبح الأعشى 3: 380، 384، 396، 402) .