الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بزاويته وأخلو به فى خلوته فيتحدث معى ويدعو لى وتظهر لى منه دلائل المحبة والميل إلى، وكنت أقصد رؤيته فى زمن انقطاعه عن الاجتماع بالناس فأحضر إلى الجامع الحاكمى فى يوم الجمعة قبل حضوره فإذا جاء قمت إليه وتلقيته وسلمت عليه وصافحته فيرد على السلام الشرعى لا يزيدنى ولا غيرى عن ذلك، وأما فى غير زمن انقطاعه فيسألنى عن حالى وما تجددلى، وأخبرنى الشيخ قطب الدين ابن أخيه نفع الله به أن الشيخ سأله فى الساعة الثالثة من يوم وفاته هل قارب أذان العصر؟ قال فقلت له: يا سيدى بقى للعصر كثير، ثم ذكر ذلك فى الخامسة، ثم أعاده وقت أذان الظهر قال: ورأيته يفرح بأذآن العصر فلما أذن المؤذن بالعصر خرجت روحه الطاهرة المطمئنة ورجعت إلى ربها راضية مرضية- قدس الله تعالى روحه ونفعنا ببركاته.
وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى
ابن الملك الزاهر مجير الدين داود ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه ابن الملك القاهر ناصر الدين محمد ابن الملك المنصور أسد الدين شيركوه الكبير [1] ابن شادى بالقاهرة بدار الشريف ابن ثعلب فى ثامن [2] عشر ذى القعدة وكان قد حضر إلى الأبواب السلطانية يسعى فى الإمرة، فأنعم عليه بإمرة طبلخاناه بدمشق فمات قبل عوده إلى وطنه ومولده بدمشق فى يوم الثلاثاء ثانى عشرين شهر رمضان سنة خمس وخمسين وستمائة.
ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]
بين المسلمين والفرنج وانتصار المسلمين عليهم كانت هذه الوقعة المباركة التي أجلت عن الظفر والغنيمة فى شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وسبعمائة [4] ، ووصل الخبر بها إلى الديار المصرية فى سنة عشرين وسبعمائة، واجتمع بى من حضر هذه الوقعة وقص على نبأها وعلقت ذلك منه ثم
[1] هذا اللفظ إضافة من النجوم الزاهرة 9: 247.
[2]
كذا فى الأصول، وفى السلوك 2/1: 200 «ثانى ذى القعدة» وكذا فى المرجع السابق.
[3]
أورد الدكتور محمد مصطفى زيادة نص خبر تلك الحرب نقلا عن النويرى فى نهاية الأرب تحت الملحق رقم 2 لكتاب السلوك 2/1: 952 وما بعدها. وقد أشار إلى هذه الوقعة بإيجاز كل من لسان الدين بن الخطيب فى كتاب الإحاطة فى أخبار غرناطة 1: 221- الطبقة الأولى، وابن خلدون فى تاريخه 4:
173.
والمقرى فى كتابه نفح الطيب 1: 423 تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد، الذهبى فى ذيول العبر 104، ودول الإسلام 2:173.
[4]
وتوافق هذه السنة سنة 1319 م.
فقدته ورأيت هذه الواقعة قد ذكرها الشيخ شمس الدين الجزرى فى تاريخه عن الشيخ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى بن ربيع المالقى وملخص ما نقله عنه: أنه لما بلغ النصارى حال، أمير المسلمين بجزيرة الأندلس وهو السلطان الغالب بالله أبو الوليد إسماعيل ابن كبير الرؤساء أبى سعيد فرج بن إسماعيل بن نصر سبط أمير المؤمنين المجاهد الغالب بالله أبى عبد الله محمد ابن أمير المسلمين يوسف بن نصر المعروف بابن الأحمر وأنه أخذ بالعزم فى تحصين البلاد والثغور وإصلاح حال الرعية وحياطتهم كبر ذلك عليهم [1] وعزموا على منازلة الجزيرة الخضراء وانتدب لذلك سلطان قشتالة واسمه دون [2] بطره وجهز المراكب والرجالة وجاء إلى طليطلة [3] ، وهى مقام بابهم [4] الذى يرجع الملوك إليه ويقفون عند أمره، وعرفه ما عزم عليه من غزو الجزيرة الخضراء واستئصال من بها من المسلمين وسأله أن يتقدم أمره لملوك جزيرة الأندلس بمساعدته وإعانته على ذلك فسره ذلك [5] وتقدم إلى الملوك بالاهتمام فى هذا الأمر وإعانته عليه، واتصل خبر إهتمامهم بأمور المسلمين أبى الوليد إسماعيل فكتب إلى سلطان بلاد المغرب أبى سعيد عثمان بن أبى يوسف يعقوب بن عبد الحق المرينى، وعرفه مادهم المسلمين من هذا العدو الثقيل واجتماعه وكلبه على البلاد الإسلامية، وسأل إنجاده بطائفة من جيشه وسير إليه بكتابه أبا عبد الله الطنجالى محدثا الأندلس وعالمها، وأبا عبد الله الساحلى عابد الأندلس وأبا جعفر بن الزيات الصوفى، وأبا تمام غالب الأغرناطى [6] التتارى الصالح الزاهد [131] وصحبتهم جماعة من الناس، فتوجهوا إليه فى البحر والبرحتى انتهوا إلى مدينة فاس واجتمعوا به وسألوه
[1] فى ك «عليه» والمثبت من ص، وف.
[2]
المقصود DomPedro وكان أحد أوصياء الفونس الحادى عشر ملك قشتالة. وقد قتل معه وصى ثان اسمه دون جوان DonJuan.
[3]
طليطلة: مدينة من أشهر مدن الأندلس، فتحها المسلمون سنة 93 هـ- 711 م واستردها المسيحيون سنة 477 هـ- 1085 م وغدت عندئذ عاصمة قشتالة. أشتهرت بعدد من المجامع الكنسية عقدت فيها وتمتع كبير أساقفتها بنوع من الزعامة على الكنيسة الإسبانية أنظر: ياقوت: معجم البلدان and Porugal.Ahisr.Of SPai Ar Kinson) W (:،
[4]
يعنى كبير أساقفة طليطلة وكان بمثابة الزعيم الدينى للمسيحيين فى أسبانيا.
[5]
فى ك «فسيرى» والمثبت من ص، وف.
[6]
كذا فى الأصول وقد ورد فى نفح الطيب 6: 208 أسماء هذا الوفد ولم يكن فيهم هذا الاسم.
إغاثة المسلمين وإعانتهم فتقاعد عن نصرتهم واستصعب هذا الأمر فعادوا عنه وقد أيسوا من نصره فلجأ المسلمون إلى الله تعالى وأخذوا فى إصلاح الجزيرة الخضراء وتحصينها واتصل خبر تقاعد المرينى بالفرنج فاستبشروا بذلك [1] وتحققوا أنهم يملكون البلاد ويستأصلون المسلمين، وقدموا فى جيوش عظيمة اشتملت على خمسة وعشرين ملكا منهم صاحب أشبونة [2] وقشتالة [3] والفرنتيرة [4] ، وأرغونة [5] وطلبيرة [6] ووصلت إليهم الأثقال والمجانيق والآت الحصار والأقوات فى المراكب التى جهزوها وانتهت المراكب بذلك الى جبل الفتح وطريف لمجاورتهما للجزيرة [7] الخضراء ووصل إلى الزقاق [8] ثلاث عشرة جفنا [9] كبار غزوانية وترددوا بين الجزيرة والمرية [10] ووصلت جموع الفرنج إلى أغرناطة [11] ونزلوا منها على عشرة أميال بموضع يقال له
[1] كذا فى ك، وفى ص «لذلك» .
[2]
فى الأصول «أشقونة» وأشبونه: مدينة بالأندلس، يقال لها لشبونة، وهى متصلة بشنترين قريبة من البحر المحيط على مصب نهر شنترين، وقال أبو الفدا فى تقويم البلدان 173 «وأشبونة، وعن بعض المسافرين أن أولها لام، وكانت فى آخر وقت مضافة إلى بطليموس، وملكها ابن الأفطس. وأنظر معجم البلدان 1: 131 وهوامش محققه فريد الجندى.
[3]
قشتالة: إقليم عظيم بالأندلس نصبته اليوم طليطلة، وجميعه بيد الفرنج (معجم البلدان 4: 400) .
[4]
الفرنتيرة: لفظ معناه الحدود، ويراد به المنطقة التى تفصل بين المملكة الإسلامية، وبين المملكة المسيحية بالأندلس (صفة جزيرة الأندلس) .
[5]
أرغونة: هى أرجونة: بلد من ناحية جيان بالأندلس (معجم البلدان 1: 173) .
[6]
طلبيرة: مدينة أندلسية، وهى أقصى ثغور المسلمين، وباب من الأبواب التى يدخل منها إلى أرض المسيحيين وهى قديمة وتقع على نهر تاجه، وبينها وبين طليطلة سبعون ميلا (صفة جزيرة الأندلس 127) .
[7]
الجزيرة الخضراء: مدينة مشهورة بالأندلس، وقبالتها من البر بلاد البربر سبتة، وأعمالها متصلة بأعمال شذونة، وهى شرقى شذونة وقبلى قرطبة، ومدينتها من أشرف المدن، وسورها يضرب به ماء البحر، ولا يحيط بها البحر كما تكون الجزيرة، ولكنها متصلة ببر الأندلس لا حائل من الماء دونها، ومرساها من أجود المراسى للجواز، وأقربها من البحر الأعظم. وبين الجزيرة الخضراء وقرطبة خمسة وخمسون فرسخا، وأنظر معجم البلدان 2: 158 بتحقيق فريد الجندى) .
[8]
الزقاق يراد به مضيق جبل طارق.
[9]
الجفن والجفنة: نوع من السفن الحربية وجمعها جفون وأجفان وجفان (درويش النخيلى: السفن الإسلامية؛ ص 23) .
[10]
المرية مرفأ فى إسبانيا على البحر المتوسط، وهى قاعدة إقليم المرية بمملكة غرناطة (الروض المعطار 183) .
[11]
أغرناطة، والعامة يسقطون ألفها ويقولون غرناطة. ومعنى غرناطة: رمانة بلسان عجم الأندلس، وهى أقدم مدن إلبيرة من أعمال الأندلس، وأعظمها وأحسنها وأحصنها، يشقها نهر قلزم المعروف بنهر حداره، يلقط منه سحالة الذهب الخالص، وبينها وبين مدينة إلبيرة أربعة فراسخ، وبينها وبين قرطبة ثلاثة وثلاثون فرسخا (معجم البلدان 4: 221) .