الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين حسين بن صارو، وصحبتهم رسل الملك أزبك فتوجّه رسل السلطان إليه إلى الصعيد، ومثلوا بين يديه، وأعاد [1] السلطان إلى قلعة الجبل بعد أن قضى من الصيد وطرا، وكان وصوله فى ثامن عشرين شوّال، واستحضر رسل الملك أزبك، ورسل الاشكرىّ، ورسل صاحب ماردين، وصاحب ماردين، وسمع رسائلهم وأعادهم وسيّر إلى الملك أزبك من جهته الأمير علاء الدين أيدغدى الخوارزمى، وحسين ابن صارو، وأرسل صحبتهما الهدايا والتحف.
وفى ذى القعدة وردت الأخبار إلى الأبواب السلطانية أن طائفة من العسكر الحلبى توجّهوا وفتحوا قلعة بقرب ملطية تسمى درنده [2] ، وكان فيها نحو ألف رجل من الأرمن، فقتلوا بجملتهم، وأخربت القلعة وغنم المسلمون ما فيها من الأموال، وسبوا النساء والصبيان.
وفى أواخر ذى القعدة أغار سليمان بن مهنا بن عيسى وجماعته من العرب والتتار تزيد عدتهم على ألف فارس على جماعة من التركمان والقريتين [3] وذلك بغير رضا من أبيه.
وفى ثامن ذى الحجة ولد لمولانا السلطان الملك الناصر- أعز الله أنصاره- ولد مبارك لم يعلم اسمه، وزفت البشائر لمولده والله أعلم.
ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف
وفى شعبان سنة خمس عشرة وسبعمائة ندب السلطان أعيان الأمراء لقياس الديار [4] المصرية وجهز إلى كل عمل أميرا من المقدمين ولبعض الأعمال أمراء
[1] فى ك «وأعاده» والمثبت من ص، وف.
[2]
درنده: مدينة فى جهة الغرب من ملطية، وبينها وبين حلب عشرة أيام، وهى قريبة من قيسارية (النجوم الزاهرة 7: 172 هامش) .
[3]
القريتين: بلدة كبيرة من أعمال حمص، وتدعى «حوارين» وبينها وبين تدمر مرحلتان (معجم البلدان 3: 78) .
[4]
جاء فى كتاب «مالية مصر من عهد الفراعنة إلى الآن» للأمير عمر طوسون ص 214- 268: والمعروف حتى الآن من حوادث الروك بمصر فى العصور الوسطى سبعة، أولها: حوالى سنة 97 هـ (715 م) على يد ابن رفاعة والى مصر فى عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك الأموى. وثانيها: سنة 125 هـ (743 م) على يد الحبحاب عامل الخراج فى مصر فى زمن الخليفة هشام بن عبد الملك وثالثهما: حوالى سنة 253 هـ (867 م) وقد تم فى أيام ابن المدبر عامل الخراج بمصر فى خلافة المعتز بالله العباسى ورابعها: الروك الأفضلى سنة 501 هـ- نسبة إلى الأفضل ابن أمير الجيوش فى عهد الخليفة الآمر الفاطمى، وخامسها: الروك الصلاحى نسبة إلى السلطان صلاح الدين يوسف الأيوبى، وقد تم سنة 572 هـ (1176) وسادسها: الروك الحسامى سنة 689 هـ (1290 م) وقد قام على عمله السلطان الملك المنصور لاجين المملوكى، تنسب إليه. وسابعها: الروك الناصرى. المذكور هنا.
ورسم أن لا يستخرج على هذا القياس أجرة من الفلاحين ولا غيرهم [1] ورسم لسائر الأمراء أن يكون عودهم إلى قلعة الجبل بعد ما توجهوا بسببه فى نصف شوال [91] وتوجه مع كل أمير [2] مستوف من مستوفيّى [2] الدولة وتوجه السلطان إلى الصعيد الأعلى ورتب الأمراء والكتاب فى أعمال الوجه القبلى فى مسيرة وأظهر الاحتفال بذلك والاهتمام به فانتهت مساحة الديار المصرية أجمع وتحرير نواحيها فى نحو أربعين يوما فإن الشروع فى ذلك حصل فى مستهل شهر رمضان والعود إلى أبواب السلطان والوصول إلى قلعة الجبل فى نصف شوال وأعان على سرعة ذلك تقسيم البلاد شققا، ولما تكامل هذا الكشف أمر السلطان القاضى فخر الدين ناظر الجيوش ومن عنده من المباشرين ونظار النظار والمستوفين بالانتصاب لتحرير ذلك ورتبه على ما اقتضاه رأيه الشريف وهم بين يديه فانتهى العمل وكتابة الأمثلة فى ذى الحجة من السنة فعند ذلك جلس السلطان لتفرقة الأمثلة بين يديه وجعل لكل أمير بلادا معينة وأضاف إليه جميع ما فى بلاده من الجيوش السلطانية والجوالى [3] وغير ذلك فصارت البلاد لمقطعيها دربستا [4] وكذلك جهات الحلقة وأفرد لخاصّيه بلادا ولحاشيته بلادا مقررة مرصدة لجامكياتهم، ولجامكيات نظار الدولة ومباشرى [5] الباب جهات مقررة لهم وكذلك أرباب الرواتب وجعلت سائر المعاملات بمصر والقاهرة فى جملة الخاصة وكان هذا برأى تقى [6] الدين ناظر النظار المعروف بكاتب برلغى وترتيبه فأخرج عن الخاص الجوالى التى ما زال الملوك يجعلونها مرصدة لمأكلهم لتحقق حلها، وجعلها فى الأقطاع وأرصد لراتب السماط السلطانى ونفقات البيوتات ودار
[1] عبارة «ولا غيرهم» لم ترد فى ك.
[2]
- 2 فى الأصول «مستوفى من مستوفيين» .
[3]
الجوالى: ومفردها جالية، وهى ما يؤخذ من أهل الذمة من الجزية المقررة عليهم كل سنة (القلقشندى:
صبح الأعشى، ج 3، ص 462) .
[4]
دربستا، أو دربسته: لفظ فارسى معناه: كاملا. أى أن جميع البلاد المقطعة بجملتها لا يستثنى منها شئ (صبح الأعشى 13: 156) .
[5]
فى الأصول «ومباشرين الباب جهاتا» .
[6]
أى تقى الدين الأسعد بن أمين الملك (السلوك 2/1: 149) .
الطراز ومشترى الخزانة جهات المكس التى ما زال الملوك يحذرونها وأكثر المقطعين يتنزهون عنها ويستعفون من أخذها والذى تحققته من أمره وغرضه فى هذا الترتيب أنه من مسالمة القبط ممن أكره على الإسلام فأظهره وجرت عليه أحكامه وكان ميله ورغبته واحتفاله بالنصارى، فأراد تخفيف الجالية عنهم فجعلها فى جملة الأقطاع فانتقل كثير من النصارى من بلد إلى آخر فتعذر على مقطع بلده الذى انتقل منه طلبه من البلد الذى انتقل إليه وإذا طالبه مباشرو البلد الذى انتقل إليها اعتذر أنه ليس من أهل بلدهم وأنه ناقله إليه فضاعت الجوالى بسبب ذلك واحتاج مقطعو كل جهة إلى مصالحة من بها من النصارى النوافل على بعض الجوالى فأخبرنى بعض العدول الثقات شهود دواوين الأمراء أنهم يستأدون [1] من النصرانى [2] أربعة دراهم ونحوها، وكانت قبل ذلك ستة وخمسين درهما ولما كانت الجوالى جارية فى الخاص السلطانى كانت [3] الحشار تسافر إلى سائر البلاد ويستأدونها منسوبة إلى جهاتها، وإذا وجد نصرانى فى ثغر دمياط وهو من أهل أسوان أو من أهل حلب أو عكس ذلك أخذت منه الجزية فى البلد الذى يوجد به، ويكتب المباشرون بها له وصلا فيعتد له ببلده ويأخذ [4] من كل بلدة منسوبة إلى جهتها، فانفرط ذلك النظام، وهى الآن على تقريره، ولعمرى لو ملك هذا التقى المسلمانى البلاد وعليه جريان اسم الإسلام ما تمكن أن يحسن إلى النصارى، ويخفف عنهم بأكثر من هذا.
وأبطل السلطان فى هذه السنة عند عدم الروك جملة عظيمة من الأموال المنسوبة إلى المكوس [5] والمظالم، منها سواحل الغلال وكان يتحصل منها بساحلى مصر والقاهرة نحو أربعة آلاف درهم نقرة وأبطل نصف السمسرة [6] ورسوم
[1] فى ك «يتأدون» والمثبت من ص، وف.
[2]
فى ك «النصارى» والمثبت من ص، وف.
[3]
الحشار: جمع حاشر وهو جامع الضرائب.
[4]
كذا فى ك، وف. وفى ص «وتحمل» .
[5]
وانظر خطط المقريزى 1: 88- 90 فقد عقد فصلا عن هذه الضرائب.
[6]
السمسرة: هى ما أحدثه ابن الشيخى فى وزارته. وهو أن من باع شيئا فإن دلالته على كل مائة درهم درهمان. يؤخذ منها واحد للسلطان والثانى للدلال. فصار الدلال، يحسب ويخلص درهمه قبل درهم السلطان (السلوك 2/1: 151، والنجوم الزاهرة 9: 45) .
الولاية [1] ونوابهم والمقدمين وتقرير الحوايص [2] والنعال وحق السجون [3] وطرح الفراريج [4] ، ومقرر الفرسان [5] ورسوم الأفراح [6] ، وثمن العبى [7] التى كانت تستأدى من البلاد، ومقرر الأتبان [8] التى كانت تؤخذ لمعاصر الأقصاب بغير ثمن وحماية المراكب [9] وزكاة الرجالة بالديار المصرية، وغير ذلك من المظالم سطر الله هذه الحسنات فى صحيفته ورسم بالمسامحة بالبواقى الديوانية والإقطاعية إلى آخر مغل سنة أربع عشرة وسبعمائة، ورسم بإسقاط وظيفتى النظر والاستيفاء من سائر أعمال الديار المصرية، ورسم أن يستخدم فى كل بلد من بلاد الخاص شاهد وعامل، ورتب بالقاهرة ناظر الجهات الهلالية ولمصر ناظرا، ثم استخدم فى بعض الأعمال النظار، وجعل هذا الروك الهلالى لاستقبال صفر
[1] هى رسوم يجبيها الولاة والمقدمون من عرفاء الأسواق وبيوت الفواحش، وعليها جند مستقطعة وأمراء، وكان فيها من الظلم والعسف والفساد، وهتك الحرم، وهجم البيوت وما لا يوصف (السلوك 2/1:
151، والنجوم الزاهرة 9: 46) .
[2]
وهى تجبى من سائر أنحاء مصر، فكان على كل من المقدمين والولاة مقررا يحمل فى كل قسط من أقساط السنة إلى بيت المال عن ثمن الحياصة ثلاثمائة درهم، وعن ثمن النعل خمسمائة درهم. وكان عليها عدة مقطعين سوى ما يحمل، وكان فيها من الظلم بلاء عظيم (السلوك 2/1: 151، والنجوم الزاهرة 9: 46) .
[3]
حق السجون: ضريبة فرضت على كل من سجن ولو للحظة واحدة مقدارها مائة درهم سوى ما يغرمه، وكان على هذه الجهة عدة مقطعين، ولها ضامن يجبى ذلك من سائر السجون، فأبطل ذلك كله (النجوم الزاهرة 9: 46) .
[4]
وكان لها ضمان فى سائر نواحى الإقليم، فتطرح الفراريج على الناس فى النواحى، وكان فيها من الظلم والفساد والعسف وأخذ الأموال من الأرامل والفقراء والأيتام ما لا يمكن شرحه، وعليها عدة مقطعين ومرتبات، ولكل إقليم ضامن مفرد، ولا يقدر أحد أن يشترى فروجا مما فوقه إلا من الضامن (السلوك 2/1: 151، والنجوم الزاهرة 9: 46) .
[5]
وهو شئ يستهديه الولاة والمقدمين من سائر الأقاليم، فيجئ من ذلك مال عظيم، ويؤخذ فيه الدرهم ثلاثة دراهم لكثرة الظلم (السلوك 2/1: 151، والنجوم الزاهرة 9: 47) .
[6]
وهى تجبى من سائر البلاد، وهى جهة بذاتها لا يعرف لها أصل (السلوك 2/1521، والنجوم الزاهرة 9: 47) .
[7]
العبى: جمع عامى لعباءة التى تجمع على عباءات (محيط المحيط) وثمن العبى كان مقررا على الجبى برسم ثمن العيى وثمن ركوة السواس- والركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء و (النجوم الزاهرة 9:
48، والسلوك 2/1: 152) .
[8]
لعله ما أشار إليه المقريزى فى الخطط 2: 94- 108 عند حديثه عن موظف الأتبان حيث قال. وكان جميع تبن أرض مصر على ثلاثة أقسام: قسم للديوان، وقسم للمقطع، وقسم للفلاح. فيجبى التبن على هذا الحكم من سائر الأقاليم، ويؤخذ فى التبن كل مائة حمل أربعة دنانير وثلث دينار، فيحصل من ذلك مال كثير، وقد بطل هذا أيضا.
[9]
وهى تجبى من سائر المراكب التى فى النيل بتقرير معين على كل مركب يقال له مقرر الحماية، وتجبى من المسافرين فى المراكب، سواء أكانوا أغنياء أم فقراء (السلوك 2: 152) .