المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعمائة للهجرة النبوية بيوم الأربعاء فى هذه السنة

- ‌ذكر توجه العساكر إلى الصعيد للإيقاع بالعربان

- ‌وفى هذه السنة رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد [1]

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة [1] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة

- ‌ففوض قضاء القضاة بالشام لقاضى القضاة

- ‌وفى هذه السنة ظهر بنيل مصر دابة عجيبة

- ‌ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة [6]

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية

- ‌ذكر خبر المصاف وهزيمة التتار

- ‌وحسبنا الله ونعم الوكيل

- ‌ذكر حدوث الزلزلة

- ‌ذكر وفاة الأمير زين الدين كتبغا المنصورى وهو الملك العادل [4]

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌ذكر الجلوس بالمدرسة الناصرية [1] والقبة وأوقاف ذلك وشروطه

- ‌أمّا القبّة فإنه وقفها للقرّاء بها، وشيخ الحديث

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [1]

- ‌ذكر وفاة الشيخ زين الدين الفارقى وما اتفق بسبب مناصبه بدمشق

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعمائة

- ‌ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف

- ‌ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات

- ‌وفى هذه السنة توفى السيد الشريف

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعمائة

- ‌ذكر الإغارة على بلاد سيس [4] وأسر الأمراء

- ‌ذكر توجه العساكر الشامية إلى بلاد الكسروان [1] وإبادة من بها وتمهيدها

- ‌ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية

- ‌وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة

- ‌واستهلت سنة ست وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة عادت رسل السلطان

- ‌ذكر حادثه غريبة

- ‌واستهلت سنة سبع وسبع مائة

- ‌ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء

- ‌ذكر الاهتمام بقصد اليمن والاحتفال لذلك وتعيين العساكر المجردة إليه وتأخير ذلك وإرسال الرسل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين بيبغا المعروف

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها

- ‌وتوفى فى دمشق [46] الأمير علاء الدين مغلطاى

- ‌وتوفى الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجمدار

- ‌وتوفى بدمشق أيضا الأمير فارس [2] الدين

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعمائة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة السبت ثانى المحرم

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعمائة

- ‌ذكر ما كان من أمر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر اضطراب أمر الملك المظفر ركن الدين

- ‌ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الناصر

- ‌وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه

- ‌وكان كتاب الملك المظفر قد وصل إلى سائر

- ‌ولما استقل ركاب السلطان بغزة

- ‌ذكر استعادة ما أخذه الملك المظفر بيبرس

- ‌ذكر ما رتبه السلطان [57] وقرره من النواب

- ‌ذكر القبض على المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة أمر السلطان بالقبض

- ‌واستهلت سنة عشر وسبعمائة

- ‌ذكر الاستبدال بقاضى القضاة الشافعى والحنفى بالديار المصرية

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين سلار ووفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحموية للأمير عماد الدين إسماعيل وانتقال الأمير سيف الدين أسدمر إلى حلب

- ‌وفى شهر ربيع الأول قبض على الأمير فخر الدين إياز

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب

- ‌ذكر تفويض الوزارة بدمشق للرئيس عز الدين حمزة بن القلانسى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين أسندمر

- ‌ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما

- ‌وفى سنة عشر وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر انتقال الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين بكتمر

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل

- ‌ذكر عدة حوادث بالشام فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر عزل الصاحب عز الدين بن القلانسى عن وزارة الشام وانتداب أعدائه لمرافعته وخلاصه

- ‌ذكر طلب أعيان دمشق وما قرر عليهم من استخدام الخيالة وما وقع بسبب ذلك من الفتن [5]

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين كراى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ولما اتصل بالأبواب السلطانية أظهر قراسنقر العصيان

- ‌ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس

- ‌وأما الأمراء الذين توجهوا إلى خربندا

- ‌نعود إلى سياقة الأخبار فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌وتوفى تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالطويل [3]

- ‌واستهلت سنة ثنتى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس العلائى نائب السلطنة بحمص ومن يذكر من الأمراء بدمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار

- ‌ذكر تفويض [77] نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر تفويض السلطنة بالباب الشريف للأمير سيف الدين أرغن

- ‌وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة أيضا

- ‌وفى هذه السنة حصل انفصالى [2]

- ‌ذكر عرض العساكر [78] والنفقة فيها وتجريدها وتوجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ تاج الدين عبد الرحيم

- ‌وتوفى القاضى نور الدين أحمد بن الشيخ

- ‌واستهلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة كملت عمارة الميدان

- ‌ذكر تفويض نيابة دار العدل وشد الأوقاف للأمير بدر الدين محمد بن الوزيرى

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة وترتيب الأمير بدر الدين بن التركمانى فى الشد

- ‌ذكر روك [1] الإقطاعات بالشام

- ‌ذكر تجريد جماعة من الأمراء إلى مكة

- ‌وفى هذه السنة رسم السلطان أن يساق الماء

- ‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين سودى [6] نائب السلطنة بحلب وتفويض نيابة السلطنة بها للأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب

- ‌ذكر عزل الأمير [85] سيف الدين بلبان طرناه

- ‌واستهلت سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذكر إرسال العسكر إلى ملطيّة صحبة الأمير سيف الدين تنكر وفتحها

- ‌وأما ملطية فإنه بعد أن عادت العساكر منها

- ‌ذكر القبض على من يذكر [88] من الأمراء بالديار بالمصرية

- ‌وفى يوم السبت العاشر من الشهر المذكور

- ‌ذكر القبض على الأميرين سيف الدين تمر الساقى [5]

- ‌وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج

- ‌ذكر وصول السيد الشريف أسد الدين رميثة إلى الأبواب السلطانية وتجريد العسكر معه إلى الحجاز الشريف

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير جمال الدين آقش الأفرمى

- ‌وفى أول شعبان من هذه السنة توجّهت

- ‌وفى هذه السنة فى ثالث شوال ضربت عنق

- ‌ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف

- ‌وفى سنة خمس عشرة وسبعمائة توفى الشيخ العالم

- ‌وتوفى الصدر الرئيس شرف الدين أبو عبد الله

- ‌وتوفى الشيخ العالم صفى الدين محمد

- ‌وتوفى قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل

- ‌واستهلت سنة [93] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

- ‌ذكر حادثة السيول والأمطار [3] ببلاد الشام وما أثر [4] ما وقع من العجائب التى لم تعهد

- ‌ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين كستاى [3]

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى النوبة وملك عبد الله برشنبوا [4] النوبة، ومقتله

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى العرب ببرية عيذاب [4] ودخوله إلى بلاد هلنكة [5] وغيرها وعوده

- ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب وإرساله إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الصفدية

- ‌وفى هذه السنة توجه الأمير سيف الدين أرغن

- ‌واستهلت سنة سبع عشرة وسبعمائة بالأربعاء

- ‌ذكر حادثه السيل ببعلبك

- ‌ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده

- ‌ذكر خبر النيل المبارك فى هذه السنة

- ‌ذكر إفراد مصر عن قاضى الحنفية [3]

- ‌ذكر [5] عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك [5] ووصول رسله

- ‌ذكر روك المملكة الطرابلسية وما يتصل بذلك [1] من إبطال الجهات المنكرة بها وأخبار النصيرية [2]

- ‌فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى

- ‌ذكر ظهور رجل ادعى أنه محمد بن الحسن المهدى وقتله

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الخميس التاسع

- ‌وتوفى القاضى الرئيس الفاضل شرف الدين

- ‌وتوفى فى آخر الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس

- ‌واستهلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لتاسع برمهات

- ‌ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية

- ‌ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته

- ‌ذكر إنشاء الجامع بقلعة الجبل

- ‌ذكر وثوب الأمير عز الدين حميضة بن أبى [2] نمى بمكة شرفها الله تعالى وإخراج أخيه الأمير أسد الدين رميثة منها

- ‌ذكر حادثة الريح بالجون من طرابلس

- ‌ذكر هدم الكنيسة [2] بحارة الروم

- ‌ذكر الجوامع التى خطب وأقيمت صلاة الجمعة بها بظاهر مدينة دمشق فى هذه السنة

- ‌ووقف على كل من هذه الجوامع الثلاثة من الأوقاف ما يعرف ريعها فى مصالحه- أثاب الله تعالى واقفيها

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين

- ‌ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان

- ‌وتوفى قاضى القضاة فخر الدين أبو العباس أحمد

- ‌ذكر الغلاء الكائن بديار بكر [1] والجزيرة وغيرها من بلاد الشرق

- ‌ذكر مقتل الرشيد المتطبب

- ‌واستهلت سنة تسع عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق

- ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

- ‌وتوفى الشيخ الصالح العابد العارف العلامة

- ‌وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى

- ‌ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]

- ‌ولما كان فى عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو

- ‌وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم

- ‌وأما ما وزن من الذهب من المغنم منهم

- ‌واستهلت سنة عشرين وسبعمائة بيوم [1] الثلاثاء

- ‌ذكر تفويض السلطنة بحماة للملك المؤيد عماد الدين إسماعيل

- ‌وفى هذه السنة أعفى الصاحب أمين الدين عبد الله

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمرآء المعتقلين

- ‌ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله

- ‌ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى [1] وخبر مقتل حميضة بن أبى نمى

- ‌ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية إلى بلاد سيس ورجوعهم

- ‌ذكر وصول الخاتون دلنبية وقيل فيها طولونية ابنة [3] وبناء السلطان الناصر بها

- ‌ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت فى خركاة مذهبة على عجلة

- ‌ذكر تسحب الأمير حسام الدين مهنا وأولاده

- ‌ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية

- ‌ذكر منع الشيخ تقى الدين بن تيمية من الفتيا واعتقاله بقلعة دمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولى نائب السلطنة بغزة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية وبيعها بالرطل

- ‌ذكر خبر الحاج فى هذه السنة

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ الفقيه العالم

- ‌وتوفى شيخنا المحدث الفاضل العدل

- ‌ذكر إراقة الخمور بالمدينة السلطانية وتبريز وغيرها من ممالك التتار [4]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثانى والثلاثين

الفصل: ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

ولما استقر السلطان بقلعة الكرك طلب ورقة بالحاصل بخزانتها من الأموال، فكتبت له ورقة بمبلغ مائتى ألف درهم، وكان الحاصل أضعاف ذلك مرارا وإنما كتبت بأمر النائب بها خشية أن السلطان يأخذ ما بها من المال بجملته. فلما أخذ الورقة أظهر ما كان قد أضمره وأخرج النائب بالكرك وهو جمال الدين آقش الأشرفى، وجماعة من البحرية، وجماعة من الرّجّالة، واستقر بها بمماليكه الذين رضيهم، وأعد ما كان قد استصحبه من شعار السلطنة والبيوتات إلى الديار المصرية، والممالك الشامية يعلمهم أنه قد استقرّ بالكرك، ونزل عن السلطنة أو أن يدبّر والأمر على ما يختارونه، وإنما فعل ذلك لما حصل له من الأمير بن سيف الدين سلّار وركن الدين بيبرس من المضايقة والحجر والاستبداد بالأمر دونه ففعل ذلك وتحقق أنهما لا يتفقان بعده، وأن الأمر يؤول إليه كما يختار، فوردت مكاتباته إلى الأمراء بقلعة الجبل فى يوم الجمعة الثانى والعشرين من شوال من هذه السنة.

‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

العثمانى المنصورى لما وصلت كتب السلطان الملك الناصر إلى الأمير سيف الدين سلّار والأمراء بما قدمناه اجتمعوا فى يوم السبت الثالث والعشرين من شوال بدار النيابة، وتشاوروا فيمن ينصب فى السلطنة فمال جماعة إلى الأمير سيف الدين سلّار النائب فقال لمن اختاره أنتم رضيتم بى أن أكون عليكم سلطانا، وأنا قد رضيت لى ولكم هذا وأشار إلى الأمير ركن الدين بيبرس العثمانى أستاذ الدار، وكان ذلك رأى جماعة الأمراء [1] البرجية خواشداشيته، فوافق قوله رأيهم، فاجتمعت الكلمة بالديار المصرية عليه وإنما صرفها الأمير سيف الدين سلّار عن نفسه إليه لعلمه بعاقبة الأمر وأن ذلك لا يتم له، فعند ذلك حلف له الأمراء، وركب من دار النيابة بعد العصر من اليوم المذكور ودخل إلى دور السلطنة داخل باب القلعة والأمراء مشاة فى خدمته إلى

[1] الأمراء البرجية: ذكر المقريزى فى السلوك 1/2: 756 «أن السلطان المنصور قلاوون كان قد أفرد من مماليكه ثلاثة آلاف وسبعمائة من الآص: وهى الجزء الجنوبى من شبه جزيرة القرم، وبها سوق للرقيق، والجركس جعلهم فى أبراج القلعة، وسماهم بالبرجية، وانظر هامش الدكتور زيادة.

ص: 141

أن استقر على تخت السلطنة ولقّب بالملك المظفر، وزفّت البشائر، وكتب بذلك إلى سائر الممالك [49] الإسلامية وتوجه إلى الشام الأمير عزّ الدّين أبيك البغدادى والأمير سيف الدين ساطى فوصلا إلى دمشق على خيل البريد فى مستهل ذى القعدة، وخطب له بالقاهرة فى يوم الجمعة التاسع والعشرين من شوال سنة ثمانى وسبعمائة وحضر الخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان وقلده السلطنة بالديار المصرية والبلاد الشامية، وكتب عهده بذلك وقد تقدم ذكر هذا العهد وما اشتمل عليه فيما سلف من كتابنا هذا فى الجزء الثامن منه فى ترجمة القاضى علاء الدين بن عبد الظاهر وركب الملك المظفر فى يوم السبت السابع من ذى القعدة بشعار السلطنة وعليه خلعة الخليفة، وهى خلعة سوداء بطرحة وتقلّد سيفين على العادة، وسيّر فى الميدان الأسود [1] وخلع على الأمير سيف الدين سلّار وأقرّه على نيابة السلطنة وأقر سائر النواب بالممالك الشامية، ولم يغيّر منهم إلا الأمير ركن الدّين بيبرس العلائى النائب بغزة فإنه أعاده إلى الإمرة بدمشق وولّى نيابة غزة الأمير سيف الدين بلبان البدرى وذلك فى المحرم سنة تسع وسبعمائة.

ولما وصل كتاب الملك المظفر إلى دمشق صحبة من ذكرنا توقّف الأمير جمال آقش الأفرم نائب السلطنة بالشام عن الحلف إلا بعد أن يثبت على حاكم من حكام المسلمين أن السلطان الملك الناصر نزل عن السلطنة، وخلع نفسه، فأحضر كتاب السلطان الملك الناصر الذى قد كان وصل إليه وشهد جماعة من الموقعين أن الكتاب بخط القاضى علاء الدين بن الأثير كاتب السلطان وأن الخط الذى أعلاه خط السلطان الملك الناصر، فثبت ذلك لذلك وعمل بمقتضاه، وحلف الأمير جمال الدين نائب السلطنة بالشام ومن عنده من الأمراء وغيرهم، وكذلك سائر النواب بسائر الممالك وأقر الملك المظفر الصاحب [2] ضياء الدين النّشائى على وزارته على عادته- وليس له من الأمر شئ وإنما الأمر لتاج الدين بن سعيد الدولة وزاده بسطة وتمكينا، وكان الملك المظفر لا يكتب على تقليد أو توقيع أو كتاب إلا بعد أن يكتب تاج الدين عليه

[1] الميدان الأسود: ويقال له ميدان العيد، والميدان الأخضر، وميدان السباق، وميدان الملك الظاهر بيبرس البند قدارى، ومكانه حاليا الأرض المشغولة بترب جبانة باب الوزير (هامش النجوم الزاهرة 7: 165) .

[2]

مكان هذا اللفظ بياض فى ك. والمثبت من ص، وف.

ص: 142

ما مثاله يحتاج إلى الخط الشريف ورسم للدوادارية أن لا يقدموا له ما يعلم عليه إلا بعد خط تاج الدين صح المذكور، وتطاول إلى أن قصد أن يقف على أجوبة البريد إلى النواب وغيرهم ويكتب عليها فقام القاضى شرف الدين بن فضل الله صاحب الديوان فى ذلك وعرّف السلطان ما يترتب على ذلك من المفسدة، من إذاعة أسرار السلطنة وإفشائها، فاستقر الأمر أنه يكتب على ما يتعلق بالأموال والإقطاعات دون ما هو متعلق بسرّ الدولة وكتب الملك المظفر للسّلطان الملك الناصر تقليدا بالكرك، ومنشورا بإقطاع مائة فارس، ثم أبطل المنشور الأول، وكتب منشورا ثانيا بريع [1] المغل ولخاصه ولمائة طواشى وقال فيه بعد إبطال ما كتب به أولا وسيّر المنشور إلى دمشق وكتب عليه النائب ونزل فى الدواوين وكتب عليها الكتّاب ثم لم يلبث [2] الملك المظفر أن كتب إلى الملك الناصر يطلب منه ما عنده من الأموال الحاصلة بالقلعة، ويطلب إعادة المماليك السلطانية الذين استقروا عنده، وكان عدة من استقر فى خدمة السلطان نحو مائتى مملوك، وطلب أيضا الخيول التى للسلطان معه، وقال إن القلاع لا تحتاج إلى كثرة الخيول ولا الأموال، فأرسل إليه السلطان الملك الناصر مائتى ألف درهم فأعاد الجواب بتجديد طلب [3] الأموال، فكتب اليه: إن خط نائبكم عندى أنه لم يكن بخزانة الكرك غير مائتى ألف درهم وقد أرسلتها، ولم يرسل غيرها، وأهان رسول الملك المظفر وهو الأمير علاء الدين مغلطاى أبتغلى [4] وأمر بإخراجه ماشيا من قلعة الكرك إلى الغور وتحقق الملك الناصر سوء رأى الملك المظفر، وأنه لا يبقى عليه، فشرع عند ذلك فى التدبير، فكان من أمره ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[1] فى ص «بريع» .

[2]

فى ك «يكتب» والمثبت من ص، وف.

[3]

فى ك «بطلب تجديد» والمثبت من ص.

[4]

وهذا اللفظ مجرد من النقط فى ك.

ص: 143