المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٣٢

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني والثلاثون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الثاني عشر من القسم الخامس من الفن الخامس أخبار الديار المصرية]

- ‌[ذكر ما اتفق بعد مقتل الملك المنصور ونائبه منكوتمر، من الحوادث والوقائع المتعلقة بأحوال السلطنة بمصر والشام، إلى أن عاد السلطان الملك الناصر]

- ‌واستهلت سنة إحدى وسبعمائة للهجرة النبوية بيوم الأربعاء فى هذه السنة

- ‌ذكر توجه العساكر إلى الصعيد للإيقاع بالعربان

- ‌وفى هذه السنة رسم بتوجهى إلى دمشق المحروسة

- ‌واستهلت سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌ذكر فتح جزيرة أرواد [1]

- ‌ذكر وفاة قاضى القضاة [1] تقى الدين ابن دقيق العيد وتفويض القضاء بالديار المصرية لقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة

- ‌ففوض قضاء القضاة بالشام لقاضى القضاة

- ‌وفى هذه السنة ظهر بنيل مصر دابة عجيبة

- ‌ذكر وصول غازان ملك التتار إلى الرحبة [6]

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر من الديار المصرية

- ‌ذكر خبر المصاف وهزيمة التتار

- ‌وحسبنا الله ونعم الوكيل

- ‌ذكر حدوث الزلزلة

- ‌ذكر وفاة الأمير زين الدين كتبغا المنصورى وهو الملك العادل [4]

- ‌واستهلت سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌ذكر الجلوس بالمدرسة الناصرية [1] والقبة وأوقاف ذلك وشروطه

- ‌أمّا القبّة فإنه وقفها للقرّاء بها، وشيخ الحديث

- ‌ذكر تجريد العساكر إلى بلاد سيس [1]

- ‌ذكر وفاة الشيخ زين الدين الفارقى وما اتفق بسبب مناصبه بدمشق

- ‌واستهلت سنة أربع وسبعمائة

- ‌ذكر عمارة الجامع الحاكمى بالقاهرة وما رتّب فيه من الدروس والطوائف

- ‌ذكر ما وقع فى هذه السنة بدمشق من الحوادث والولايات

- ‌وفى هذه السنة توفى السيد الشريف

- ‌واستهلت سنة خمس وسبعمائة

- ‌ذكر الإغارة على بلاد سيس [4] وأسر الأمراء

- ‌ذكر توجه العساكر الشامية إلى بلاد الكسروان [1] وإبادة من بها وتمهيدها

- ‌ذكر حادثة الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية

- ‌وفيها فى العشر الأوسط من ذى الحجة

- ‌واستهلت سنة ست وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة عادت رسل السلطان

- ‌ذكر حادثه غريبة

- ‌واستهلت سنة سبع وسبع مائة

- ‌ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء

- ‌ذكر الاهتمام بقصد اليمن والاحتفال لذلك وتعيين العساكر المجردة إليه وتأخير ذلك وإرسال الرسل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين بيبغا المعروف

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها

- ‌وتوفى فى دمشق [46] الأمير علاء الدين مغلطاى

- ‌وتوفى الأمير ركن الدين بيبرس العجمى الجمدار

- ‌وتوفى بدمشق أيضا الأمير فارس [2] الدين

- ‌واستهلت سنة ثمان وسبعمائة

- ‌ذكر توجه السلطان الملك الناصر إلى الكرك

- ‌ذكر سلطنة الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة فى ليلة السبت ثانى المحرم

- ‌واستهلت سنة تسع وسبعمائة

- ‌ذكر ما كان من أمر النيل فى هذه السنة

- ‌ذكر اضطراب أمر الملك المظفر ركن الدين

- ‌ذكر خلع الملك المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌ذكر سلطنة السلطان الملك الناصر

- ‌وكان أيضا قد وصل إلى السلطان كتابه

- ‌وكان كتاب الملك المظفر قد وصل إلى سائر

- ‌ولما استقل ركاب السلطان بغزة

- ‌ذكر استعادة ما أخذه الملك المظفر بيبرس

- ‌ذكر ما رتبه السلطان [57] وقرره من النواب

- ‌ذكر القبض على المظفر ركن الدين بيبرس

- ‌وفى هذه السنة أمر السلطان بالقبض

- ‌واستهلت سنة عشر وسبعمائة

- ‌ذكر الاستبدال بقاضى القضاة الشافعى والحنفى بالديار المصرية

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين سلار ووفاته رحمه الله تعالى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الطرابلسية

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحموية للأمير عماد الدين إسماعيل وانتقال الأمير سيف الدين أسدمر إلى حلب

- ‌وفى شهر ربيع الأول قبض على الأمير فخر الدين إياز

- ‌ذكر تفويض الوزارة بالديار المصرية للأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب

- ‌ذكر تفويض الوزارة بدمشق للرئيس عز الدين حمزة بن القلانسى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين أسندمر

- ‌ذكر حادثة الأميرين مظفر الدين موسى ابن الملك الصالح. وسيف الدين بتخاص والقبض عليهما

- ‌وفى سنة عشر وسبعمائة

- ‌واستهلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر انتقال الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين بكتمر

- ‌ذكر جلوس السلطان بدار العدل

- ‌ذكر عدة حوادث بالشام فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر عزل الصاحب عز الدين بن القلانسى عن وزارة الشام وانتداب أعدائه لمرافعته وخلاصه

- ‌ذكر طلب أعيان دمشق وما قرر عليهم من استخدام الخيالة وما وقع بسبب ذلك من الفتن [5]

- ‌ذكر القبض على الأمير سيف الدين كراى

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر مفارقة الأمير شمس الدين قراسنقر المنصورى

- ‌ولما اتصل بالأبواب السلطانية أظهر قراسنقر العصيان

- ‌ولما وصلت كتبه إلى الأمراء كنت يومئذ بطرابلس

- ‌وأما الأمراء الذين توجهوا إلى خربندا

- ‌نعود إلى سياقة الأخبار فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌وتوفى تاج الدين عبد الرحمن المعروف بالطويل [3]

- ‌واستهلت سنة ثنتى عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر تفويض نيابة السلطنة بالمملكة الحلبية

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس العلائى نائب السلطنة بحمص ومن يذكر من الأمراء بدمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار

- ‌ذكر تفويض [77] نيابة السلطنة بالشام

- ‌ذكر تفويض السلطنة بالباب الشريف للأمير سيف الدين أرغن

- ‌وفى جمادى الأولى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة أيضا

- ‌وفى هذه السنة حصل انفصالى [2]

- ‌ذكر عرض العساكر [78] والنفقة فيها وتجريدها وتوجه السلطان إلى الشام

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ تاج الدين عبد الرحيم

- ‌وتوفى القاضى نور الدين أحمد بن الشيخ

- ‌واستهلت سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌وفى هذه السنة كملت عمارة الميدان

- ‌ذكر تفويض نيابة دار العدل وشد الأوقاف للأمير بدر الدين محمد بن الوزيرى

- ‌ذكر عزل الصاحب أمين الدين عن الوزارة وترتيب الأمير بدر الدين بن التركمانى فى الشد

- ‌ذكر روك [1] الإقطاعات بالشام

- ‌ذكر تجريد جماعة من الأمراء إلى مكة

- ‌وفى هذه السنة رسم السلطان أن يساق الماء

- ‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

- ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين سودى [6] نائب السلطنة بحلب وتفويض نيابة السلطنة بها للأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب

- ‌ذكر عزل الأمير [85] سيف الدين بلبان طرناه

- ‌واستهلت سنة خمس عشرة وسبعمائة. ذكر إرسال العسكر إلى ملطيّة صحبة الأمير سيف الدين تنكر وفتحها

- ‌وأما ملطية فإنه بعد أن عادت العساكر منها

- ‌ذكر القبض على من يذكر [88] من الأمراء بالديار بالمصرية

- ‌وفى يوم السبت العاشر من الشهر المذكور

- ‌ذكر القبض على الأميرين سيف الدين تمر الساقى [5]

- ‌وفى مستهل شهر ربيع الآخر رسم السلطان بالإفراج

- ‌ذكر وصول السيد الشريف أسد الدين رميثة إلى الأبواب السلطانية وتجريد العسكر معه إلى الحجاز الشريف

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير جمال الدين آقش الأفرمى

- ‌وفى أول شعبان من هذه السنة توجّهت

- ‌وفى هذه السنة فى ثالث شوال ضربت عنق

- ‌ذكر ما أمر السلطان بإبطاله من المكوس والمظالم وما أسقطه من أرباب الوظائف

- ‌وفى سنة خمس عشرة وسبعمائة توفى الشيخ العالم

- ‌وتوفى الصدر الرئيس شرف الدين أبو عبد الله

- ‌وتوفى الشيخ العالم صفى الدين محمد

- ‌وتوفى قاضى القضاة تقى الدين أبو الفضل

- ‌واستهلت سنة [93] ست عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوّض قضاة القضاء الحنابلة

- ‌ذكر حادثة السيول والأمطار [3] ببلاد الشام وما أثر [4] ما وقع من العجائب التى لم تعهد

- ‌ذكر تفويض إمرة العرب بالشام للأمير شجاع الدين فضل

- ‌ذكر وفاة الأمير سيف الدين كستاى [3]

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى النوبة وملك عبد الله برشنبوا [4] النوبة، ومقتله

- ‌ذكر تجريد العسكر إلى العرب ببرية عيذاب [4] ودخوله إلى بلاد هلنكة [5] وغيرها وعوده

- ‌فلما وصل إلى الأبواب السلطانية

- ‌ذكر الإفراج عن الأمير سيف الدين بكتمر الحسامى الحاجب وإرساله إلى نيابة السلطنة الشريفة بالمملكة الصفدية

- ‌وفى هذه السنة توجه الأمير سيف الدين أرغن

- ‌واستهلت سنة سبع عشرة وسبعمائة بالأربعاء

- ‌ذكر حادثه السيل ببعلبك

- ‌ذكر حادثة الهواء بالبلاد الحلبية وما حصل بسببه

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الشام، ووصوله إلى الكرك، وإفراجه عمن يذكر من الأمراء، وعوده

- ‌ذكر خبر النيل المبارك فى هذه السنة

- ‌ذكر إفراد مصر عن قاضى الحنفية [3]

- ‌ذكر [5] عود رسل السلطان من جهة الملك أزبك [5] ووصول رسله

- ‌ذكر روك المملكة الطرابلسية وما يتصل بذلك [1] من إبطال الجهات المنكرة بها وأخبار النصيرية [2]

- ‌فلذلك رسم بالأمر الشريف العالى المولوى

- ‌ذكر ظهور رجل ادعى أنه محمد بن الحسن المهدى وقتله

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الخميس التاسع

- ‌وتوفى القاضى الرئيس الفاضل شرف الدين

- ‌وتوفى فى آخر الليلة المسفر صباحها عن يوم الخميس

- ‌واستهلت سنة ثمان عشرة وسبعمائة بيوم الأحد الموافق لتاسع برمهات

- ‌ذكر إرسال الصاحب أمين الدين إلى نظر المملكة الطرابلسية

- ‌ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية

- ‌ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته

- ‌ذكر إنشاء الجامع بقلعة الجبل

- ‌ذكر وثوب الأمير عز الدين حميضة بن أبى [2] نمى بمكة شرفها الله تعالى وإخراج أخيه الأمير أسد الدين رميثة منها

- ‌ذكر حادثة الريح بالجون من طرابلس

- ‌ذكر هدم الكنيسة [2] بحارة الروم

- ‌ذكر الجوامع التى خطب وأقيمت صلاة الجمعة بها بظاهر مدينة دمشق فى هذه السنة

- ‌ووقف على كل من هذه الجوامع الثلاثة من الأوقاف ما يعرف ريعها فى مصالحه- أثاب الله تعالى واقفيها

- ‌وفى هذه السنة فى يوم الجمعة الثالث والعشرين

- ‌ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان

- ‌وتوفى قاضى القضاة فخر الدين أبو العباس أحمد

- ‌ذكر الغلاء الكائن بديار بكر [1] والجزيرة وغيرها من بلاد الشرق

- ‌ذكر مقتل الرشيد المتطبب

- ‌واستهلت سنة تسع عشرة وسبعمائة بيوم الجمعة

- ‌وفى هذه السنة فوض السلطان قضاء القضاة بدمشق

- ‌ذكر الخلف الواقع بين جوبان [1]

- ‌ذكر توجه السلطان إلى الحجاز الشريف وهى الحجة الثانية

- ‌وتوفى الشيخ الصالح العابد العارف العلامة

- ‌وفى هذه السنة كانت وفاة الملك المعظم شرف الدين عيسى

- ‌ذكر الحرب الكائنة بجزيرة الأندلس [3]

- ‌ولما كان فى عشية يوم الأحد أغارت سرية من العدو

- ‌وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم

- ‌وأما ما وزن من الذهب من المغنم منهم

- ‌واستهلت سنة عشرين وسبعمائة بيوم [1] الثلاثاء

- ‌ذكر تفويض السلطنة بحماة للملك المؤيد عماد الدين إسماعيل

- ‌وفى هذه السنة أعفى الصاحب أمين الدين عبد الله

- ‌ذكر الإفراج عمن يذكر من الأمرآء المعتقلين

- ‌ذكر إسماعيل [2] الزنديق ومقتله

- ‌ذكر قتل رجل ادعى النبوة بدمشق

- ‌ذكر تجريد طائفة من العسكر إلى مكة شرفها الله تعالى [1] وخبر مقتل حميضة بن أبى نمى

- ‌ذكر تجريد جماعة من العساكر الشامية إلى بلاد سيس ورجوعهم

- ‌ذكر وصول الخاتون دلنبية وقيل فيها طولونية ابنة [3] وبناء السلطان الناصر بها

- ‌ولما طلعت الخاتون من المركب جعلت فى خركاة مذهبة على عجلة

- ‌ذكر تسحب الأمير حسام الدين مهنا وأولاده

- ‌ذكر إبطال مكس الملح بالديار المصرية

- ‌ذكر منع الشيخ تقى الدين بن تيمية من الفتيا واعتقاله بقلعة دمشق

- ‌ذكر القبض على الأمير علم الدين الجاولى نائب السلطنة بغزة

- ‌ذكر إبطال المعاملة بالفلوس عددا بالديار المصرية وبيعها بالرطل

- ‌ذكر خبر الحاج فى هذه السنة

- ‌وفى هذه السنة توفى الشيخ الفقيه العالم

- ‌وتوفى شيخنا المحدث الفاضل العدل

- ‌ذكر إراقة الخمور بالمدينة السلطانية وتبريز وغيرها من ممالك التتار [4]

- ‌فهرس موضوعات الجزء الثانى والثلاثين

الفصل: ‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

وتوفى الأمير جمال الدين آقش الكنجى النائب بحصن مصياف [1] به يوم الأحد ثامن عشر ذى [2] القعدة، وكان قد بلغ تسعين سنة، وولى نيابة الحصن سنين كثيرة، وكان أهل الحصن الفداوية [3] يحبونه ويجيبون إلى ما أمرهم به من بذل نفوسهم وهو يكرمهم ويبرهم ويحسن إليهم رحمه الله تعالى.

‌واستهلت سنة أربع [83] عشرة وسبعمائة

فى أول هذه السنة- فى يوم الأربعاء مستهل محرم الموافق الحادى والعشرين من برمودة القبطى- تغيّر نهر النيل بمصر تغيّرا ظاهرا مائلا إلى الخضرة، وتغير طعمه وريحه حتى شرب كثير من الناس من الآبار العذبة والصهاريج التى يخزن بها الماء والعادة أن يكون ماء النيل فى هذا الفصل فى غاية الصفاء، وما علم سبب تغيّره، ثم عاد إلى صفوه بعد ذلك.

‌ذكر واقعة الشيخ نور الدين على البكرى [4] . وغضب السلطان عليه وخلاصه

كان سبب ذلك أن الشيخ نور الدين المذكور انتصب بمصر للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، حسبة من غير ولاية سلطانية ولا إذن حكمى، ورأى أن ذلك قد تعيّن عليه، وهو من أعيان الفضلاء وأكابر المفيدين، واجتمع معه جماعة من البكريّين وغيرهم يأتمرون [5] بأمره، فاتصل به فى شهر المحرم من السنة أن النصارى بمصر اجتمعوا فى كنيسة من كنائسهم لعيد لهم، وأنهم استعاروا من الجامع العمرى بمصر قناديل وبصّاقات وأطباق وأشعلوها فى

[1] مصياف- فى الأصول «ميصاف» والمثبت من ص، والسلوك 2/1: 207، ومعجم البلدان 5: 168، وفيها أنها مصياب وهى حصن حصين مشهور للإسماعيلية بالساحل الشامى قرب طرابلس، وبعضهم يقول: مصياف.

[2]

لفظ «ذى» سقط من ك والإثبات من ص، وف.

[3]

الفداوية: جماعة تكلف بالقتل والاغتيال، ولا يمكن أن يعترف أحدهم- فى حال القبض عليه- باسم شركائه. وانظر قصة إرسال الملك الناصر محمد بن قلاوون ثلاثين فداويا من أهل قلعة مصياف لقتل الأمير قراسنقر بتبريز من بلاد المغول- فى السلوك 2/1: 207، 209.

[4]

هو على بن يعقوب بن جبريل البكرى، توفى سنة 724. وانظر البداية والنهاية 14: 144، والدرر الكامنة 3: 214، وطبقات الشافعية 6: 242، وشذرات الذهب 6:64.

[5]

فى ك «يأمرون» والمثبت من ص.

ص: 212

الكنيسة، فما صبر على ذلك، وجاء إلى الكنيسة ودخلها بمن معه وأخذ ما استعاروه من قناديل الجامع وما عونه، وأعاد ذلك إلى الجامع، وأحضر مباشر الجامع وأنكر عليه إقدامه على عارية ذلك للنصارى، فاعتذر أن الخطيب [1] هو الذى أمر بذلك، فطلبه الشيخ وأنكر عليه، وكلمّه بكلام غليظ فانضم [2] للخطيب القاضى فخر الدين ناظر الجيش، وأنهى إلى السلطان ما فعل الشيخ بالخطيب، وعرّفه أن الخطيب رجل صالح من بيت كبير، وأن مثله لا يعامل بمثل هذه المعاملة، وأنهى إلى السلطان أن الشيخ نور الدين فيه جرأة عظيمة واطّراح للدولة وغضّ منها، إلى غير ذلك من الإغراء، وطلع الشيخ نور الدين إلى قلعة الجبل فى يوم الجمعة الرابع والعشرين من شهر محرم، واجتمع بنائب السلطنة وبات عنده ليلة السبت، واجتمع أيضا بالأمير ركن الدين بيبرس الأحمدى أمير جاندار وقصد الاجتماع بالسلطان [وكان][3] طلب فى بكرة نهار الخميس الثالث والعشرين من محرم إلى مجلس السلطان، وأحضر قضاة القضاة والعلماء، فحصل للشيخ قوّة نفس، وكلمّ السلطان بما لا يليق أن يكلّم به الملوك عرفا، فكان مما قال له: أنت ولّيت القبط والمسالمة وحكّمتهم فى دولتك وأموال المسلمين، وأضعت أموال بيت المال فى العمائر والإطلاقات التى لا تجوز، إلى غير ذلك من الكلام الخشن الذى لا تصبر الملوك على مثله، فغضب السلطان لذلك غضبا شديدا، وانزعج له انزعاجا عظيما، وظهر منه اضطراب وألفاظ دلت على أنه نقل إليه عن الشيخ ما أوجب انحماله، فكان فيما قال السلطان- فيما بلغنى- إما أنا وإما هذا؟ وقال أما أنا ما أخذت الملك بخلافة وإنما أخذته بسيفى إلى غير ذلك من الكلام الدال على شدة الحرج، وقال السلطان للقضاة، ما الذى يلزم هذا على تجرئه على ما قال؟

فقال قاضى القضاة زين الدين المالكى: هذا لا يلزمه عندى شىء. وقال قاضى القضاة بدر الدين الشافعى يلزمه التعزير بحسب رأى الإمام. فقال الشيخ [4] لقاضى القضاة بدر الدين كيف تقول هذا القول؟ وقد صحّ

عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أفضل الجهاد كلمة صدق عند سلطان جائر»

ورفع بها صوته، وأشار بيده إلى جهة السلطان،

[1] ذكر المقريزى فى السلوك 2/1: 135- أن القسطلانى كان خطيب المسجد.

[2]

كذا فى ك، وف. وفى ص «فانتصر» .

[3]

إضافة يقتضيها السياق.

[4]

أى الشيخ نور الدين على البكرى.

ص: 213

بها صوته، وأشار بيده إلى جهة السلطان، فعند ذلك اشتد غضب السلطان، ورسم بقطع لسانه، وما تجاسر أحد أن يشفع فيه إلا [1] الأمير سيف الدين طوغاى، فإنه بالغ فى أمره حتى نزل وانفصل المجلس، ورسم عليه، ثم طلب مرّة ثانية قبل العصر من اليوم إلى مجلس السلطان، فكان المجلس فيما بلغنى أشد من الأول، حتى همّ السلطان بقتله فتقدم إليه الأمير سيف الدين طغاى أيضا [84] وقال: والله لأقتل السلطان هذا أبدا ويكون الصديّق جدّه خصم السلطان عند الله يوم القيامة. فاستكان السلطان لمّا سمع هذا الكلام وأطلقه.

وهذا يدل على حلم السلطان وخيره، ولولا ذلك لما أبقاه لما خاطبه به. وكان القاضى كريم الدين وكيل الخاص الشريف أيضا قد اعتنى به عند السلطان موافقة للأمير سيف الدين طغاى، وخرج هو والشيخ من مجلس السلطان بعد العصر من اليوم المذكور، فشرع بعض الجماعة يقول للشيخ وهو إلى جانب القاضى كريم الدين: ما فعله القاضى كريم الدين فى أمره من الاعتناء به وتسكين حرج السلطان فقال: نعم هو كان من خيار الظلمة، وكريم الدين يسمع ذلك فما أجابه عنه بشىء، واجتمع تحت القلعة خلق كثير من العوام حتى امتلأت بهم تلك الجهة، وهم يظهرون الفرح بسلامة الشيخ نور الدين، فأشار كريم الدين ألا يتوجّه الشيخ إلى مصر بهذا الجمع خشية أن يشاهد السلطان ذلك فيخرج بسببه. فصرفهم وتوجّه من جهة أخرى، وانقطع بمنزله، ولم ينقطع الناس وبعض الأمراء عن التردد إليه وسلامته من هذه الواقعة دلّت على أن قيامه كان لله تعالى.

وفيها فى صفر أمر السلطان بالقبض على الأمير سيف الدين بلبان الشمسى أمير الحاج واعتقاله، لسوء اعتماده على الحجّاج وكان ساق سوقا مزعجا، ووصل إلى القاهرة بالمحمل قبل الوقت المعتاد بأيام فهلك كثير من المشاة بسبب ذلك فرسم السلطان أن يتوجه جماعة على الهجن بالماء والزاد بسبب من انقطع- والله أعلم.

[1] لفظ «إلا» سقط من ك، والمثبت من ص، وف.

ص: 214