الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرنج فى الهرب وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، وغاب الجيش عن أغرناطة [1] ثلاثة أيام وخرج أهل أغرناطة [1] بجمع الأموال وأخذ الأسرى، فاستولوا على الأموال وأسروا وسبوا ما يزيد على خمسة آلاف من الرجال والنساء والأولاد، وأحصى من قتل من العدو فزادوا على خمسين ألفا، ومنهم من قال ستين ألفا، ويقال إنه هلك منهم بالوادى مثل هذا العدد لقلة معرفتهم به وثقلهم بالعدد ولم تبلغ القتلى من المسلمين بالمحلة عشرة وأما الذين قتلوا بالجبال والشعارى وسائر بلاد المسلمين من العدو فلا يحصى عدده كثرة ووجد الملوك الخمسة والعشرون بالمحلة قتلى، منهم دون بطره وعمه دون جوان وعلق دون بطره على باب الحمراء بأغرناطة وأما عمه وكان ممن يخدم المسلمين ففديت جثته بشئ كثير وأسارى وأسر من العدو فى بقية الشهر خلق كثير فكان المسلمون يحتاجون فى كل يوم لقوت الأسرى وقوت من يحرسهم [2] ويحفظ الدواب خمسة آلاف درهم قال: وزعم الناس أن الذى وجد من الذهب والفضة بالمحلة [كان][3] سبعين قنطارا ولم يظهر سوى ربع هذا المقدار وأما الدواب والعدد والأخبية فشئ كثير.
قال ولقد عزم على بيع ما يحصل من ذلك وقسمته فتعذر ذلك، واستمر البيع فى الأسرى [4] وبعض الأسلاب والدواب ستة أشهر متوالية ولم يكمل قال وبعضها باق إلى الآن وضجر الناس وملوا من كثرة البيع قال ونهاية عدد ما كان من فرسان المسلمين فى ذلك اليوم بعد رجوع الرماة مما كانوا فيه ألفان وخمسمائة ولم يستشهد منهم غير أحد عشر رجلا، منهم خالد بن عبد الله المذكور وعمر بن باحرزت، وكان من خيار المسلمين- رحمه الله تعالى- هذا آخر كلامه فى هذا الفصل وبعضه بمعناه.
وأخبرنى من شهد هذه الوقعة كما زعم
وظاهره غير متّهم فإن عليه آثار الخير أنه شاهد رجلا يقاتل العدو ويقتل منهم فى هذه الوقعة قال فشبهته ببعض من أعرفه فجعلت أحرضه على القتال
[1- 1] ما بين الرقمين من ص، وف.
[2]
مكان هذا اللفظ فى الأصول كلمة لا تقرأ والمثبت من ذيول العبر 105.
[3]
سقط فى ك، والمثبت من ص، وف.
[4]
كذا فى ك وف. وفى ص «الأسارى» .
ثم دنوت منه فلم أجده ذاك وشبهته بآخر فحرضته كذلك فلما قربت منه نظر إلى وقال لست فلانا ولا فلانا النصر من عند الله، ثم غاب عني وفى هذا دلالة على أن الله تعالى أمد هذه الطائفة بالملائكة فى هذه الغزاة، فإن القدرة البشرية تضعف عن مقاومة هذه الجموع الكثيرة بهذه الطائفة اليسيرة [1] .
وقد ورد كتاب إلى الديار المصرية من أغرناطة من جهة الشيخ حسين بن عبد السلام تضمن من خبر هذه الغزاة أنه قال جاء دون بطرا وجوان وهما ملكا قشتالة جيشا جيشا هائلا ما رأى المسلمون قط مثله، وعزموا على دخول أغرناطة فأول نزولهم على حصن يقال له طشكر [2] وفيه صاحبه ابن حمدون فلما نازلوه بعث إليهم صاحب الحصن فى تسليمه على إبقاء المسلمين فأجاب ملك الروم إلى ذلك واستقر أن يسكن المسلمون والروم فى الحصن فواعدهم صاحب الحصن أن يبعثوا إليه فى نصف الليل خمسمائة فارس من الشجعان فبعثهم الملك إليه مع قائد يقال له أرمند فلما دخلوا الحصن فرقهم صاحب المجالس وقتلهم عن آخرهم ولم يشعر بعضهم ببعض فلما علم ملك الروم أنه عذر بهم حلف أن لا يرجع إلى بلاده حتى يدخل مدينة أغرناطة غلبة وقهرا [3] فنازلها بمن معه على أربعة أميال منها [4] فلم يخرج إليه أحد ثم تقرب حتى صار منها على ميلين فلما رأى المسلمون قربه من المدينة وقع فى نفوسهم رعب عظيم وتضرعوا إلى الله تعالى، فلما رأى سلطان البلد ما نزل بالمسلمين بعث إلى ملك الفرنج يقول له: ارحل عنى بأجنادك وأنا أعطيك عشرين حملا من المال ولا تفسد زرع البلاد، فامتنع من قبول ذلك وأبى إلا أخذها غلبة وقهرا فبعث إليه ثانيا وبذل له خمسة وعشرين حملا من الذهب، [133] وفى كل يوم مائة دينار وفى كل جمعة ألف دينار. فامتنع ملك الروم من القبول وحبس رسول المسلمين، فعلم المسلمون حينئذ أنه لا ينجيهم إلا النصر من الله تعالى فبعثوا
[1] فى ك «البشرية» والمثبت من ص، وف.
[2]
حصن طشكر: حصن حصين فى كورة جيان من أعمال الأندلس، لا يرتقى إلا بالسلاليم (معجم البلدان:
4: 40، وأنظر الإحاطة 397) .
[3]
فى ك «عليه قهرا» وكذلك ملحق السلوك 2: 957، والمثبت من ص، وف.
[4]
فى ك «فيها» والمثبت من ص، وف.