الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر عزل الأمير بدر الدين محمد بن التركمانى عن وظيفة الشاد بالديار المصرية
وفى يوم الإثنين الثانى والعشرين من صفر عزل الأمير بدر الدين محمد ابن التركمانى عن وظيفة شاد الدواوين بالديار المصرية، وذلك بسؤاله وسعيه واستقر فى جملة الأمراء على عادته ولم يتعرض إليه بطلب مال ولا غيره واستقر القاضى كريم الدين فى النظر وغير ذلك.
ذكر إرسال الأمير سيف الدين طغاى نيابة السلطنة بالملكة الصفدية، والقبض عليه ووفاته
كان الأمير سيف الدين طغاى [1] الحسامى الناصرى قد تمكن فى هذه الدولة الناصرية تمكنا عظيما وعظم شأنه، وترشح للأمير الكبير، وكثرت أتباعه وعظّمه الأمراء وغيرهم وبلغ من تمكنه أن السلطان أنعم عليه بدار أبيه السلطان الملك المنصور بالقاهرة، وأنعم عليه بغيرها، وميز أقطاعه، فكان من جملته منية [2] بنى خصيب وغيرها ورتب له على الحوائج خاناه والمطبخ فى كل يوم ما يصرف عليه نحو ثلاثمائة درهم، إلى غير ذلك، وارتفع بعد ذلك عن هذه الرتبة إلى أن حكى أن السلطان فى مرضه فى شهور سنة سبع عشرة أوصى أن يكون الأمر له من بعده وأن [3] لا يختلف الناس عليه، وكان حسن الوساطة عند السلطان، لا يتكلم إلا بخير، ويحسن إلى من يعرفه ومن لا يعرفه، فاجتمعت عليه قلوب الناس ومالوا إليه، وكان قد تكلم عليه جاولجين [4] الخازن فى جملة من كلمه [5] كما تقدم فقبض السلطان على من سواه من الأمراء وأرجأ أمر الأمير سيف الدين هذا، فلما كان يوم الثلاثاء الثالث
[1] انظر ترجمته فى الدرر الكامنة 2: 322، والدليل الشافى 1:364.
[2]
منية بنى خصيب: هى منية ابن خصيب، وهى مدينة المنيا عاصمة محافظة المنيا بصعيد مصر (النجوم الزاهرة 6: 383 هامش) .
[3]
فى ك «فإن» والمثبت» من ص، وف.
[4]
فى ك «جاوطين، والمثبت من ص، وف.
[5]
كذا فى ص، وف، وفى ك «ثلاثمائة» .
والعشرين من صفر سنة ثمان عشرة وسبعمائة دخل إلى الخدمة السلطانية على عادته، فرسم السلطان له أن يتوجه إلى نيابة السلطنة بالمملكة الصفدية فلم يمتنع ولا استعفى ولا توقف، بل بادر بتقبيل الأرض بين يدى السلطان ولبس التشريف، وأخرجه السلطان من ساعته، فتوجه وقد ذرفت عيون الأمراء والمماليك السلطانية بالبكاء لخروجه، وتألم السلطان لذلك تألّما شديدا؛ لما فقده من حسن وساطته وجميل اعتنائه، ووصل إلى صفد فى يوم الخميس تاسع عشر شهر ربيع الأول، وأحضر الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب النائب بصفد إلى الأبواب السلطانية، واستمر فى جملة الأمراء مقدمى الألوف، ورسم له بالجلوس فى مجلس السلطان، وأقام الأمير سيف الدين طغاى بصفد إلى جمادى الأولى فأرسل السلطان إليه الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالى المعروف بخرز [1] على خيل البريد وأصحبه تقليدا [118] له بنيابة السلطنة بالكرك وتشريفا وأراد بذلك إخراجه من المملكة الصفدية والقبض عليه، فوصل إلى صفد فى ثامن الشهر فعلم المراد منه فلم يمتنع ولا أحوج إلى إمضاء هذا التدبير، وجاء تحت الطاعة إلى الأبواب السلطانية على خيل البريد، ولما وصل إلى مدينة بلبيس خرج إليه الأمير سيف الدين قجليس وقيده بأمر السلطان، ونقله إلى قلعة الجبل فكان وصوله إليها فى رابع عشر الشهر، فاعتقل بها أياما ثم رسم بنقله إلى ثغر الإسكندرية فنقل إليه وكان آخر العهد به، فلما كان فى مستهل شعبان أمر (السلطان)[2] عائلته بعمل عزائه رحمه الله تعالى.
ولما أخرج من صفد نقل الأمير سيف الدين أرقطاى الناصرى من نيابة السلطنة بحمص إلى نيابة المملكة الصفدية فتوجّه إليها، وولى نيابة السلطنة بحمص الأمير بدر الدين بكتوت القرمانى، ونقل الأمير عز الدين أيبك الجمالى من نيابة قلعة دمشق إلى نيابة الكرك، واستقر بقلعة دمشق الأمير سيف الدين بهادر الشمسى، وذلك كله فى جمادى الأولى من هذه السنة.
[1] هو الأمير علاء الدين مغلطاى بن عبد الله الجمالى، المعروف بخرز، ومعناه: ديك. ورسمه فى المنهل الصافى «كرز، وتوفى سنة 732، وانظر النجوم الزاهرة 9: 291 وهامش» .
[2]
ما بين القوسين من ص، وف.