الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يخصنى بذلك دون بقية الرفقة- هذا إذا كنت بدمشق- وأما إن توجّهت لكشف جهة أو قسمتها فإنه يكتب الجواب إلى من يراه ولمامات ولى بعد وفاته نيابة السلطنة بحمص الأمير سيف الدين بكتمر الساقى المنصورى وتوجه إليه فى المحرم سنة سبع وسبعمائة
واستهلت سنة سبع وسبع مائة
.
ذكر الوحشة الواقعة بين السلطان الملك الناصر والأمراء
فى هذه السنة فى أول المحرم ظهرت الوحشة بين السلطان والأمير سيف الدين سلّار، والأمير ركن الدين بيبرس، وكان السلطان قد امتنع [1] من العلامة أياما، وظنّ الناس أن ذلك لمرض اعتراه ثم عبرا له فى ثالث الشهر فتنكر لهما وسبهما، فاستعطفاه وألانا له وقالا: نحن مماليك السلطان ومماليك والده السلطان الشهيد وبناة دولته إلى غير ذلك مما استعطفاه، فخلع عليهما وعلى الأمير سيف الدين بكتمر الجوكندار أمير جندار. وخرجا من عنده فلما صار بظاهر باب القلعة [2] قويت نفوسهما، وشرعا فى إظهار ما عندهما، وتركا باب القلعة فى تلك الليلة مفتوح الأقفال، ورسما بأن تركب جماعة من العسكر تحت القلعة، فركب الأمير شمس الدين سنقر الأعسر فى جماعة من مماليكه بعد العشاء الآخرة مظهرين السلاح وشقّ المدينة وخرج من باب زويلة إلى تحت القلعة، وكان قبل ذلك قد انقطع فى داره، وادّعى المرض، فلما كانت [43] هذه الفتنة كان أوّل من ركب وكان ممن ركب أيضا أخوه الأمير سيف الدين سلار فخرج لهم بعض المماليك السلطانية الأوشاقية [3] من الإسطبل، فراشقهم [4] بالسهام ورمى الأمير سيف الدين سموك [5] أخو سلار بسهم فوصل إلى الشباك الذى يجلس فيه السلطان، فشق ذلك على السلطان وكبر لديه،
[1] فى ك، وف «أمنع» والمثبت عن ص.
[2]
فى ص «القلة» وهو أيضا أحد أبواب القلعة، والمثبت من ك.
[3]
الأوشاقية ومفردها أوشاقى، وهم فرقة من خدم السلطان يتولون ركوب الخيل للتسيير والرياضة (صبح الأعشى 5: 454) .
[4]
فى ص «فراسلهم» .
[5]
ف ك، وص «سمول» ثم تعود ص فترسمه «سموك» والتصويب من ص فى بعض المواضع، والنجوم الزاهرة 8:172.
وبات الأمراء الأكابر فى تلك الليلة على مساطب الدّركاه بباب القلعة متلازمين، ولما فتح باب القلعة وقف أمامه مماليك الأمراء الأكابر وهم مكيّزون [1] سهامهم فى قسيّهم، وظنوا أن المماليك السلطانية يخرجون عليهم إذا فتح الباب، فلم يقع ذلك فصرف الأمراء أكثر مماليكهم، وجلس الأمراء بالدّركاه بباب القلعة [2] وترددت الرسائل بينهم وبين السلطان على لسان الأمير جمال الدين أقش الموصلى والأمير سيف الدين كراي، والأمير بهاء الدين يعقوب الشهرزورى [3] ، وسألوا رضا السلطان والتمسوا [4] منه تسليم بعض الخاصكية [5] الذين نسبوهم إلى تغيير خاطر السلطان، فما وسع السلطان إلا إخماد هذه الفتنة الثائرة فسيّرهم إليهم بعد مراجعات وأيمان أنهم لا ينالهم من الأمر أذى وهم سيف الدين بيبغا التركمانى، وكان من أخص الناس بالسلطان وأقربهم عنده وسيف الدين خاص ترك وسيف الدين بيتمر الحاج فأنزلهم الأمراء لوقتهم من القلعة وتوجهوا إلى جهة القدس ثم دخل الأمراء إلى الخدمة على عادتهم، ولما اتصل خبر هذه الحادثة بالأمير جمال الدين أقش الأفرم كتب إلى الأمراء يلومهم ويعنّفهم على ما وقع من إخراج هؤلاء المماليك ويلتمس إعادتهم، ويقسم أنهم متى لم يعادوا إلى خدمة السلطان حضر هو بهم، وكتب إلى السلطان مطالعة يقول: إن المملوك بلغه أن الخواطر الشريفة تغيّرت على فلان وفلان والمملوك يسأل عود العواطف الشريفة عليهم، وشمولهم بالمراحم السلطانية وإعادتهم إلى الخدمة أو نحو هذا ولما وصل كتاب نائب الشام إلى الأمراء بذلك سألوا السلطان فى إعادة المماليك المذكورين فرسم بإعادتهم
[1] كذا فى الأصول. والسياق يقتضى أن يكون معناها: معدون ومهيئون.
[2]
فى ص «القلة» .
[3]
هو يعقوب الشهرزورى نسبة إلى إقليم شهرزور ماربل وهمذان اشتهر منه جمع من الأئمة والعلماء، شهد مع المظفر قطز وقعة عين جالوت ضد التتار، ومعه جمع كثير من الشهرزورية، ومات فى أواخر سنة 707 هـ (الدرر الكامنة 4: 436) .
[4]
فى ك «وسألوا» والمثبت من ص، وف.
[5]
الخاصكية: جماعة من حاشية السلطان يأتون فى الترتيب بعد الأمراء المقدمين تمتعوا بمكانة كبيرة وخصصت لهم الأرزاق الواسعة، ومنهم كان الحرس الخاص بالسلطان (السلوك 1/2: 644 هامش الدكتور زيادة، خليل بن هاشم: زبدة كشف الممالك ص 115- 116) .
فعادوا، ولم يسكن الأمير سيف الدين بيبغا بالقلعة وإنما سكن بداره بسويقة [1] العزى وما لبث أن مرض ومات فى هذه السنة على ما نذكره إن شاء الله تعالى وفيها فى يوم الإثنين خامس عشر محرم بعد إخراج المماليك السلطانية رسم بإخراج الأمير سيف الدين بكتمر الجوكندار أمير جنذار فأخرج من ساعته، وقطع خبره، وبات فى تلك الليلة بظاهر القلعة، ورحل فى يوم الثلاثاء، وولى وظيفة الأمير جاندارية بعده الأمير بدر الدين بكتوت الجوكندار، المعروف بالفتاح، وتوجه الأمير سيف بكتمر إلى الشام بغير إقطاع، فلما وصل إلى غزة عيّنت له الصّبيبة [2] فتوجه إليها واسترخمها وكره المقام بها، فكتب إلى الأبواب السلطانية وإلى الأمراء شكا من وخمها، وسأل نقلته إلى غيرها فعين له صرخد، [3] ثم اتفقت وفاة الأمير شمس الدين سنقرجاه المنصورى نائب السلطنة بصفد فى شعبان فكتب منشورة بإقطاعه وتقليده بنيابة السلطنة بها، فتوجّه إليها، ثم كان من خبره ما نذكره وفيها وصل الأمير فتح الدين بن صبرة من أسر التتار، وقد تقدم ذكر أسره فى بلاد سيس.
وفى هذه السنة طلع النيل بالديار المصرية طلوعا عاما وروى البلاد وزرع وطلع الزرع طلوعا حسنا، فلما كان فى شوال الموافق لبرمهات- وهو وقت كمال الغلال- هبّت ريح جفّفت الزّرع قبل أن يشتد فهاف جميع ما مرت عليه تلك الريح، وهو أكثر الزّرع حتى ترك أكثره بغير حصاد وارتفعت أسعار الغلال بسبب ذلك فبلغ سعر القمح كل أردب تسعين درهما وفيها جرّد جماعة من العسكر الشامى إلى الرحبة فتوجه الأمير علاء الدين أيدغدى شقير فى طائفة من العسكر فى ثانى جمادى الأولى، ثم تلاه الأمير سيف الدين قطلوبك
[1] سويقة العزى: عرفت بالأمير عز الدين أيبك العزى نقيب الجيوش، كانت تقع خارج باب زويلة قرب قلعة الجبل، ومكانها حاليا الجزء الجنوبى من شارع سوق السلاح. بين شارع الغندور والقلعة. وقد اختفى اسمها من جداول الطرق بالقاهرة (المقريزى: المواعظ، ج 2 ص 106- بولاق (النجوم الزاهرة 8: 204 هامش) .
[2]
الصبيبة: اسم لمكان به قلعة بانياس، وهو من الحصون المنيعة (النجوم الزاهرة 6: 356 هامش) .
[3]
صرخد: بلد ملاصق لبلاد حوران من أعمال دمشق، وهى قلعة حصينة وولاية واسعة (معجم البلدان، وصبح الأعشى 4: 107) .