الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحداها- أن يكون سماعه بمجرّد الطبع
أى لا حظّ له في السماع إلا استلذاذ الألحان والنغمات فهذا مباح وهو أخسّ رتب السماع؛ إذ الإبل شريكة له فيه وكذا سائر البهائم. ولكل حيوان نوع تلذّذ بالأصوات الطيّبة.
الحالة الثانية- أن يسمع بفهم ولكن ينزّله على صورة إما معيّنة أو غير معيّنة
وهو سماع الشباب وأرباب الشهوة ويكون تنزيلهم المسموع على حسب شهواتهم ومقتضى أحوالهم. وهذه الحالة أخسّ من أن يتكلّم فيها إلا ببيان خسّتها والنهى عنها.
الحالة الثالثة- أن ينزّل ما يسمعه على أحوال نفسه في معاملة الله تعالى
وتقلّب أحواله في التمكّن منه «1» مرّة وبعده منه أخرى، وهذا سماع المريدين لا سيّما المبتدئين. فإن للمريد لا محالة مرادا هو مقصده، ومقصده معرفة الله تعالى ولقاؤه والوصول إليه بطريق المشاهدة بالسرّ وكشف الغطاء؛ وله في مقصده طريق هو سالكه، ومعاملات هو مثابر عليها، وحالات تستقبله في معاملاته. فإذا سمع ذكر عتاب أو خطاب أو قبول أو ردّ أو وصل أو هجر أو قرب أو بعد أو تلهّف على فائت أو تعطّش إلى منتظر أو شوق إلى وارد أو طمع أو يأس أو وحشة أو استئناس أو وفاء بالوعد أو نقض للعهد أو خوف فراق أو فرح بوصال أو ذكر ملاحظة الحبيب ومدافعة الرقيب أو همول العبرات أو ترادف الحسرات أو طول الفراق أو عدة الوصال «2» أو غير ذلك مما يشتمل على وصفه الأشعار؛ فلا بدّ أن يوافق بعضها حال المريد في طلبه، فيجرى ذلك مجرى القدّاح الذى يورى زناد قلبه، فتشتعل به نيرانه، ويقوى به انبعاث الشوق وهيجانه، وتهجم عليه بسببه أحوال مخالفة لعادته،