الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له عجوز بالحبق «1» أبصر من
…
أبصرته ضاربا ومرتجلا
نادمته مرّة وكنت فتى
…
ما زلت أهوى وأشتهى الغزلا
حتى إذا ما أمالها سكر
…
يبعث «2» فى قلبها لها مثلا
اتّكأت يسرة وقد خرفت «3»
…
أشراجها كى تقوّم الرّملا
فلم تزل إستها تطارحنى
…
اسمع إلى من يسومنى العللا
وقال محمد بن المرزبان: كنت أرى أبا الشبل كثيرا عند أبى، وكان إذا حضر أضحك الثكلى بنوادره. فقال له أبى يوما: حدّثنا ببعض نوادرك وطرائفك.
قال نعم. من طرائف أمورى أن ابنى زنى بجارية سنديّة لبعض جيرانى، فحبلت وولدت؛ وكانت قيمة الجارية عشرين دينارا. فقال: يا أبت، الصبىّ والله ابنى، فساومت فيه فقيل لى: خمسون دينارا. فقلت له: ويلك! كنت تخبرنى وهى حبلى فأشتريها بعشرين دينارا ونربح الفضل بين الثمنين! وأمسكت عن المساومة بالصبى حتى اشتريته من القوم بما أرادوا. ثم أحبلها ثانيا فولدت ابنا آخر، فجاء يسألنى أن أبتاعه؛ فقلت: عليك لعنة الله، أى شىء حملك على أن تحبل هذه، هلا عزلت عنها! فقال: إنى لا أستحلّ العزل. ثم أقبل على جماعة عندى فجعل يقول: شيخ كبير يأمرنى بالعزل ويستحلّه. فقلت له: يابن الزانية! تستحلّ الزنا وتتحرّج من العزل! فضحكنا منه.
ذكر شىء من نوادر حمزة بن بيض الحنفى
كان شاعرا من شعراء الدولة الأمويّة، وهو كوفىّ خليع ماجن. وكان منقطعا إلى المهلّب بن أبى صفرة وولده، ثم إلى أبان بن الوليد وبلال بن أبى بردة،
واكتسب بالشعر من هؤلاء مالا عظيما. يقال: إنه أخذ بالشعر من مال وشاء ورقيق وحملان وغير ذلك ألف ألف درهم. وله نوادر، منها ما حكاه أبو الفرج الأصفهانىّ عنه:
أنه كان يسامر عبد الملك بن بشر بن مروان، وكان عبد الملك يعبث به عبثا شديدا. فوجّه اليه ليلة برسول وقال: خذه على أىّ حالة وجدته، وأحلفه وغلّظ عليه الأيمان على ذلك. فمضى الرسول فهجم عليه فوجده يريد أن يدخل الخلاء؛ فقال له:
أجب الأمير، فقال: ويحك! إنى أكلت طعاما كثيرا وشربت نبيدا حلوا وأخذنى بطنى. فقال: والله ما تفارقنى أو أمضى بك اليه ولو سلحت في ثيابك. فجهد فى الخلاص فلم يقدر عليه. ومضى به، فوجده قاعدا في طارمة «1» له وجارية جميلة جالسة بين يديه، وكان يتحظّاها، تسجر «2» الندّ. فجلس حمزة يحادثه وهو يعالج ما هو فيه. قال حمزة: فعرضت لى ريح فقلت: أسرّحها وأستريح لعل ريحها لا يظهر مع هذا الندّ، فأطلقتها، فغلبت والله ريح البخور وغمرته. فقال: ما هذا يا حمزة؟ فقلت:
علىّ عهد الله وميثاقه وعلىّ المشى والهدى إن كنت فعلتها! وما هذا إلا عمل هذه الجارية الفاجرة. فغضب، وخجلت الجارية فما قدرت على الكلام. ثم جاءتنى أخرى فسرّحتها، فسطع والله ريحها. فقال: ما هذا؟ ويلك! أنت والله الآفة. فقلت: امرأتى طالق ثلاثا إن كنت فعلتها. فقال: وهذه اليمين لازمة إن كنت فعلتها، وما هو إلا عمل هذه الجارية؛ وقال لها: ما قصّتك؟ ويلك! قومى إلى الخلاء إن كنت تجدين شيئا. فزاد خجلها، وطمعت فيها فسرّحت الثالثة فسطع من ريحها مالم يكن في الحساب. فغضب عبد الملك حتى كاد يخرج من جلده؛ ثم قال: يا حمزة، خذ بيد الزانية فقد وهبتها لك وامض، فقد نغّصت علىّ ليلتى. فأخذت بيدها
وخرجت. فلقينى خادم له فقال: ما تريد أن تصنع؟ فقلت له: أمضى بهذه الجارية.
فقال: لا تفعل، فو الله لئن فعلت ليبغضنّك بغضا لا تنتفع به بعده أبدا، وهذه مائتا دينار خذها ودع هذه الجارية فإنه يتحظّاها، وسيندم على هبته إيّاها لك. فأبيت إلا بخمسمائة دينار. فقال: ليس غير ما ذكرت لك. فأخذتها وتركت الجارية. فلما كان بعد ثلاث دعانى عبد الملك. فلما قربت من داره لقينى الخادم وقال لى:
هل لك في مائة أخرى وتقول مالا يضرّك ولعله ينفعك؟ قلت: وما ذاك «1» ؟ قال:
إذا دخلت فادّع الفسوات الثلاث وانسبها إلى نفسك وانضح «2» عن الجارية ما قرفتها به. فأخذتها ودخلت على عبد الملك. فلما وقفت بين يديه قلت له: الأمان حتى أخبرك بخبر يسرّك ويضحكك. قال: لك الأمان. فقلت: أرأيت ليلة كذا وكذا وما جرى؟ قال نعم. قلت: فعلىّ وعلىّ إن كان فسا تلك الفسوات غيرى.
فضحك حتى سقط على قفاه وقال: ويلك! فلم لم تخبرنى؟ قال فقلت: أردت بذلك خصالا، منها أنى قمت فقضيت حاجتى وقد كان رسولك منعنى من ذلك.
ومنها أنى أخذت جاريتك. ومنها أنى كافأتك على أذاك لى بمثله. قال:
وأين الجارية؟ قلت: ما برحت من دارك ولا خرجت حتى سلّمتها الى فلان الخادم وأخذت مائتى دينار. فسرّ بذلك وأمر لى بمائتى دينار أخرى، وقال:
هذه لجميل فعلك فيّ وتركك أخذ الجارية. قال حمزة: ودخلت اليه يوما وكان له غلام لم ير الناس أنتن إبطا منه. فقال لى: يا حمزة، سابق غلامى هذا حتى يفوح صنانكما، فأيّكما كان صنانه أنتن فله مائة دينار. فطمعت في المائة ويئست منها لما أعلمه من نتن إبط الغلام؛ فقلت: أفعل. وتعادينا ساعة فسبقنى، فسلحت في يدى ثم طليت إبطى بالسّلاح؛ وقد كان عبد الملك جعل بيننا حكما؛ فلمّا