المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أخبار أبى زيد الدلال - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٤

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الرابع

- ‌[تتمة الفن الثاني في الإنسان وما يتعلق به]

- ‌[تتمة القسم الثالث في المدح والهجو و

- ‌الباب الثالث من القسم الثالث من الفن الثانى (فى المجون والنوادر والفكاهات والملح)

- ‌ذكر مزاحات رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر من اشتهر بالمزاح من الصحابة رضوان الله عليهم

- ‌ذكر شىء من مجون الأعراب

- ‌ذكر شىء من نوادر القضاة

- ‌ذكر شىء من نوادر النّحاة

- ‌ذكر شىء من نوادر المتنبئين

- ‌ذكر شىء من نوادر المغفّلين والحمقى

- ‌ذكر شىء من نوادر النبيذيّين

- ‌ذكر شىء من نوادر النساء والجوارى

- ‌ذكر شىء من نوادر العميان

- ‌ذكر شىء من نوادر السؤّال

- ‌ذكر شىء من نوادر من اشتهر بالمجون

- ‌ذكر شىء من نوادر أشعب وأخباره

- ‌ذكر شىء من نوادر أبى دلامة

- ‌ذكر شىء من نوادر أبى صدقة

- ‌ذكر شىء من نوادر الأقيشر

- ‌ذكر شىء من نوادر ابن سيّابة

- ‌ذكر شىء من نوادر مطيع بن إياس الكنانىّ وأخباره

- ‌ذكر شىء من نوادر أبى الشّبل

- ‌ذكر شىء من نوادر حمزة بن بيض الحنفى

- ‌ذكر شىء من نوادر أبى العيناء عفا الله عنه

- ‌ذكر ما ورد في كراهة المزح

- ‌ذكر شىء من الشعر المناسب لهذا الباب والداخل فيه

- ‌الباب الرابع من القسم الثالث من الفنّ الثانى فى الخمر

- ‌ذكر ما قيل في الخمر وتحريمها

- ‌وأما ما ورد في تحريمها في كتاب الله وبيّنته السّنّة، فالأحاديث متضافرة

- ‌ذكر ما قيل في إباحة المطبوخ

- ‌ذكر آفات الخمر وجناياتها

- ‌ذكر أسماء الخمر من حين تعصر الى أن تشرب

- ‌ذكر أخبار من تنزّه عنها في الجاهليّة وتركها ترفّعا عنها

- ‌ذكر من حدّ فيها من الأشراف ومن شربها منهم ومن اشتهر بها ولبس فيها ثوب الخلاعة ومن افتخر بشربها

- ‌فأما من حدّ فيها من الأشراف

- ‌وأما من شربها منهم واشتهر بها، جماعة من الأكابر والأعيان والخلفاء

- ‌منهم: يزيد بن معاوية

- ‌ومنهم: عبد الملك بن مروان

- ‌ومنهم: يزيد بن عبد الملك بن مروان

- ‌ومنهم: ابنه الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌ومنهم: المأمون بن الرشيد

- ‌ومنهم: العباس بن علىّ بن عبد الله بن العباس

- ‌ومنهم: بلال بن أبى بردة

- ‌ومنهم: عبد الرحمن بن عبد الله الثقفىّ

- ‌ومنهم: آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز

- ‌ومنهم: حارثة بن زيد العدوانىّ

- ‌ومنهم: والبة بن الحباب الأسدىّ

- ‌ومنهم: أبو الهندىّ

- ‌ومنهم: سعيد بن وهب

- ‌ومنهم: الحسين بن الضحّاك النديم

- ‌ومنهم: يحيى بن زياد

- ‌ومنهم: أبو نواس الحسن بن هانىء

- ‌ومنهم: الثّروانىّ

- ‌ومنهم: مطيع بن إياس

- ‌ومنهم: أبو عبد الرحمن العطوىّ

- ‌ومنهم: أبو هفّان

- ‌ومنهم: الأقيشر

- ‌ومنهم: النعمان بن علىّ بن نضلة

- ‌ومنهم: عمارة بن الوليد بن المغيرة

- ‌وأما من افتخر بشربها وسبائها

- ‌ذكر شىء مما قيل فيها من جيّد الشعر

- ‌فأمّا ما قيل فيها على سبيل المدح لها، فمن ذلك قول ابن الرومى

- ‌ومما قيل في وصفها وتشبيهها

- ‌وأما ما قيل في أفعالها

- ‌وأما ما وصفت به غير ما قدّمناه

- ‌ومما قيل فيها اذا مزجت بالماء

- ‌ذكر ما قيل في مبادرة اللّذات ومجالس الشراب وطيّها

- ‌ومما وصفت به مجالس الشرب

- ‌ومما قيل في طىّ مجالس الشراب

- ‌ذكر ما قيل في وصف آلات الشراب وأوانيها

- ‌ومما قيل في الراووق

- ‌ومما وصفت به زقاق الخمر

- ‌ومما وصفت به الأباريق

- ‌ومما وصفت به الكاسات والأقداح

- ‌الباب الخامس من القسم الثالث من الفنّ الثانى فى النّدمان والسّقاة

- ‌[ومما قيل في الندمان]

- ‌ومما قيل في السّقاة

- ‌الباب السادس من القسم الثالث من الفنّ الثانى فى الغناء والسماع

- ‌ذكر ما ورد في الغناء من الحظر والإباحة

- ‌أما ما قيل في تحريم الغناء وما استدلّ به من رأى ذلك

- ‌أما دليلهم من الكتاب العزيز

- ‌وأمّا دليلهم من السنّة

- ‌وأمّا أقوال الصحابة والتابعين رضى الله عنهم

- ‌وأمّا أقوال الأئمة رحمهم الله تعالى

- ‌ذكر ما ورد في إباحة الغناء والسماع والضرب بالآلة

- ‌ذكر ما استدلّوا به على إباحة الغناء من الأحاديث النبوية

- ‌وأمّا ما ورد في الضرب بالآلة، فمن ذلك ما ورد في الدّفّ

- ‌وأمّا ما ورد في اليراع

- ‌وأمّا ما ورد في القصب والأوتار

- ‌وأما ما ورد في المزامير والملاهى

- ‌ذكر ما ورد في توهين ما استدلّوا به على تحريم الغناء والسماع

- ‌ذكر أقسام السماع وبواعثه

- ‌ذكر العوارض التى يحرم معها السماع

- ‌العارض الأوّل: أن يكون المسمع امرأة لا يحلّ النظر إليها وتخشى الفتنة من سماعها

- ‌العارض الثانى في الآلة

- ‌العارض الثالث في نظم الصوت

- ‌العارض الرابع في المستمع

- ‌العارض الخامس- أن يكون الشخص من عوامّ الخلق ولم يغلب عليه حبّ الله

- ‌ذكر آثار السماع وآدابه

- ‌المقام الأوّل- فى الفهم

- ‌إحداها- أن يكون سماعه بمجرّد الطبع

- ‌الحالة الثانية- أن يسمع بفهم ولكن ينزّله على صورة إما معيّنة أو غير معيّنة

- ‌الحالة الثالثة- أن ينزّل ما يسمعه على أحوال نفسه في معاملة الله تعالى

- ‌الحالة الرابعة- سماع من جاوز الأحوال والمقامات

- ‌المقام الثانى- بعد الفهم والتنزيل الوجد

- ‌المقام الثالث- فى آداب السماع ظاهرا وباطنا، وما يحمد من آثار الوجد ويذمّ

- ‌قال الإمام أبو حامد رحمه الله تعالى: فأما الآداب فهى خمس جمل:

- ‌الأوّل- مراعاة الزمان والمكان والإخوان

- ‌الثانى- وهو نظر للحاضرين

- ‌الأدب الثالث- أن يكون مصغيا إلى ما يقوله القائل

- ‌الأدب الرابع- ألّا يقوم ولا يرفع صوته بالبكاء وهو يقدر على ضبط نفسه

- ‌الأدب الخامس- موافقة القوم في القيام

- ‌وأما أبو محمد علىّ بن أحمد بن سعيد بن حزم

- ‌ذكر من سمع الغناء من الصحابة والتابعين رضى الله عنهم

- ‌ذكر من سمع الغناء من الأئمة والعبّاد والزّهاد

- ‌ذكر من غنّى من الخلفاء وأبنائهم ونسبت له أصوات من الغناء نقلت عنه

- ‌[أما من غنّى من الخلفاء]

- ‌منهم عمر بن عبد العزيز

- ‌وممّن غنّى من خلفاء الدولة العباسية، ممن دوّنت له صنعة، الواثق بالله

- ‌ومنهم المنتصر بالله أبو جعفر محمد بن المتوكل على الله أبو الفضل جعفر

- ‌ومنهم المعتزّ بالله أبو عبد الله محمد بن جعفر المتوكل

- ‌ومنهم المعتمد على الله أبو العباس أحمد بن المتوكل على الله

- ‌وأما أبناء الخلفاء الذين لهم صنعة بد في هذا الفنّ

- ‌فمنهم إبراهيم بن المهدىّ

- ‌وأمّا عليّة بنت المهدىّ

- ‌ومنهم أبو عيسى بن الرشيد

- ‌ومنهم عبد الله بن موسى الهادى

- ‌ومنهم عبد الله بن محمد الأمين

- ‌ومنهم أبو عيسى بن المتوكل

- ‌ومنهم عبد الله بن المعتز

- ‌ذكر من غنّى من الأشراف والعلماء رحمهم الله

- ‌عبد العزيز بن المطلب

- ‌ومنهم ابراهيم بن سعد

- ‌ومنهم محمد بن إسماعيل بن علىّ بن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما

- ‌ذكر من غنّى من الأعيان والأكابر والقوّاد ممن نسبت له صنعة في الغناء

- ‌منهم أبو دلف العجلىّ

- ‌ومنهم أخوه معقل بن عيسى

- ‌ومنهم عبد الله بن طاهر بن الحسين وابنه عبيد الله

- ‌فأمّا عبد الله

- ‌وأمّا عبيد الله

- ‌ذكر أخبار المغنّين الذين نقلوا الغناء من الفارسيّة إلى العربيّة ومن أخذ عنهم ومن اشتهر بالغناء

- ‌ذكر أخبار سعيد بن مسجح

- ‌ذكر أخبار سائب خاثر

- ‌ذكر أخبار طويس

- ‌ذكر أخبار معبد

- ‌ذكر أخبار الغريض وما يتّصل بها من أخبار عائشة بنت طلحة

- ‌ذكر أخبار محمد بن عائشة

- ‌ذكر أخبار ابن محرز

- ‌ذكر أخبار مالك بن أبى السّمح

- ‌ذكر أخبار يونس الكاتب

- ‌ذكر أخبار حنين

- ‌ذكر أخبار سياط

- ‌ذكر أخبار الأبجر

- ‌ذكر أخبار أبى زيد الدّلال

- ‌ذكر أخبار عطرّد

- ‌ذكر أخبار عمر الوادىّ

- ‌ذكر أخبار حكم الوادىّ

- ‌ذكر أخبار ابن جامع

- ‌ذكر أخبار عمرو بن أبى الكنّات

- ‌ذكر أخبار أبى المهنّأ مخارق

- ‌ذكر أخبار يحيى بن مرزوق المكّىّ

- ‌ذكر أخبار أحمد بن يحيى المكىّ الملقّب بطنين

- ‌ذكر أخبار هاشم بن سليمان مولى بنى أميّة

- ‌ذكر أخبار يزيد حوراء

- ‌ذكر أخبار فليح بن أبى العوراء

- ‌ذكر أخبار إبراهيم الموصلىّ عفا الله عنه

- ‌ذكر نبذة من أخبار إبراهيم الموصلى مع البرامكة رحمهم الله تعالى

- ‌صورة ما ورد بآخر الجزء الرابع في أحد الأصلين الفتوغرافيين:

- ‌صورة ما ورد بآخر الجزء الرابع في الأصل الآخر الفتوغرافى:

الفصل: ‌ذكر أخبار أبى زيد الدلال

جلس الأبجر في ليلة اليوم السابع من أيام الحجّ على قريب من التّنعيم فإذا عسكر جرّار [قد أقبل «1» ] فى آخر الليل وفيه دوابّ تجنب ومنها فرس أدهم عليه سرج حليته ذهب، فاندفع يغنّى:

عرفت ديار الحىّ خالية قفرا

كأن بها لمّا توهّمتها سطرا

فلما سمعه من في القباب والمحامل أمسكوا وصاح صائح: ويحك أعد الصوت! فقال: لا والله إلا بالفرس الأدهم بسرجه ولجامه وأربعمائة دينار؛ وإذا الوليد بن يزيد صاحب العسكر. فنودى: أين منزلك؟ ومن أنت؟ فقال: أنا لأبجر، ومنزلى على زقاق باب الخرّازين «2» . فغدا عليه رسول الوليد بذلك الفرس وأربعمائة دينار وتخت ثياب وشى وغير ذلك، ثم أتى به الوليد، فأقام وراح مع أصحابه عشيّة التّروية وهو أحسنهم هيئة، وخرج معه أو بعده إلى الشأم.

وحكى عن عمرو بن حفص بن أمّ كلاب «3» ، قال:

كان الأبجر مولانا وكان مكيّا، وكان إذا قدم من مكة نزل علينا. فقال لنا يوما:

أسمعونا غناء ابن عائشتكم هذا؛ فأرسلنا إليه فجمعنا بينهما في بيت ابن هبّار. فغنّى ابن عائشة؛ فقال الأبجر: كلّ مملوك له حرّ إن غنّيت معك إلّا بنصف صوتى، ثم أدخل إصبعه في شدقه وغنّى فسمع صوته من في السوق، فحشر الناس علينا، فلم يفترقا حتى تشاتما.

‌ذكر أخبار أبى زيد الدّلال

هو أبو زيد ناقد مدنىّ، مولى عائشة بنت سعيد بن العاص، وكان مخنّثا.

قال إسحاق:

ص: 298

لم يكن في المخنّثين أحسن وجها ولا أنظف ثوبا ولا أظرف من الدّلال. قالوا:

ولم يكن بعد طويس أظرف منه ولا أكثر ملحا. وكان كثير النوادر نزر الحديث، فإذا تكلم أضحك الثّكالى، وكان ضاحك السنّ، ولم يكن يغنّى إلّا غناء مضعّفا (يعنى كثير العمل) .

وقال أيّوب بن عباية:

شهدت أهل المدينة إذا ذكروا الدّلال وأحاديثه طوّلوا رقابهم وفخروا به، فعلمت أن ذلك لفضيلة كانت عنده. قالوا: وكان مبتلى بالنّساء والكون معهنّ، فكان يطلب فلا يقدر عليه. وكان صحيح الغناء حسن الجرم. قالوا: وإنما لقّب بالدلال لشكله وحسن ظرفه ودلّه وحلاوة منطقه وحسن وجهه. وكان مشغوفا بمخالطة النساء يكثر وصفهنّ للرجال. وكان يشاغل كلّ من يجالسه عن الغناء بأحاديث النساء كراهة منه للغناء. وكان إذا غنّى أجاد، كما حكاه ابن الماجشون عن أبيه قال: غنّانى الدّلال يوما بشعر مجنون بنى عامر، فلقد خفت الفتنة على نفسى. واستحضره سليمان بن عبد الملك من المدينة سرّا وغنّاه وأقام عنده شهرا ثم صرفه إلى الحجاز مكرما.

قال الأصمعىّ:

حجّ هشام بن عبد الملك؛ فلما قدم المدينة نزل رجل من أشرف أهل الشأم وقوّادهم بجنب دار الدّلال، فكان الشامىّ يسمع غناء الدلال ويصغى إليه ويصعد فوق السطح ليقرب من الصوت، ثم بعث إلى الدّلال: إمّا أن تزورنا وإمّا أن نزورك.

فبعث إليه الدّلال بل تزورنا. فبعث الشامىّ ما يصلح ومضى إليه بغلامين من غلمانه كأنهما درّتان مكنونتان. فغنّاه الدّلال، فاستحسن الشامىّ غناءه فقال: زدنى؛ قال: أو ما يكفيك ما سمعت! قال: لا والله ما يكفينى. قال: فإنّ لى حاجة.

ص: 299

قال: وما هى؟ قال: تبيعنى أحد هذين الغلامين أو كليهما، فقال: اختر أيّهما شئت، فاختار أحدهما، فقال له الشامىّ: هو لك؛ فقبله منه الدلال، ثم غنّاه وغنّى:

دعتنى دواع من أريّا فهيّجت

هوى كان قدما من فؤاد طروب

لعل زمانا قد «1» مضى أن يعود لى

فتغفر أروى عند ذاك ذنوبى

سبتنى أريّا يوم نعف محسّر

بوجه جميل للقلوب سلوب

فقال له الشامىّ: أحسنت. ثم قال له: أيّها الرجل الجميل، إن لى [إليك «2» ] حاجة، قال الدّلال: وما هى؟ قال: أريد وصيفة ولدت في حجر صالح ونشأت في خير، جميلة الوجه مجدولة وضيئة جعدة في بياض مشربة حمرة حسنة الهامة سبطة أسيلة الخدّ عذبة اللّسان لها شكل [ودلّ «3» ] تملأ العين والنفس. فقال له الدّلال: قد أصبتها لك، فما لى عندك إن دللتك عليها؟ قال: غلامى هذا. قال: إذا رأيتها وقبلتها فالغلام لى؟ قال نعم. قال: فأتى امرأة كنّى عن اسمها، فقال لها: جعلت فداءك! نزل بقربى رجل من قوّاد هشام، له ظرف وسخاء، وجاءنى زائرا فأكرمته، ورأيت معه غلامين كأنهما الشمس الطالعة المنيرة والكواكب الزاهرة ما وقعت عينى على مثلهما ولا يطول لسانى بوصفهما، فوهب لى أحدهما والآخر عنده، وإن لم يصر إلىّ فنفسى ذاهبة. قالت: وتريد ماذا؟ قال: طلب منى وصيفة على صفة لا أعلمها إلا في ابنتك، فهل لك أن تريه إيّاها؟ قالت: وكيف لك بأن يدفع الغلام إليك إذا رآها؟ قال: إنى قد شرطت عليه ذلك عند النظر لا عند البيع.

قالت: شأنك، لا يعلم هذا أحد. فمضى الدّلال وأتى بالشامىّ. فلما صار إلى المرأة وضع له كرسىّ وجلس. فقالت له المرأة: أمن العرب أنت؟ قال نعم. قالت:

ص: 300

من أيّهم؟ قال: من خزاعة. قالت: مرحبا بك وأهلا! أىّ شىء طلبت؟

فوصف لها الصّفة. قالت: قد أصبتها؛ وأسرّت إلى جارية لها فدخلت فمكثت هنيهة ثم خرجت فنظرت فقالت: اخرجى، فخرجت وصيفة ما رأى [الراءون «1» ] مثلها. فقالت لها: أقبلى فأقبلت، ثم قالت: أدبرى فأدبرت تملأ العين والنفس، فما بقى منها شىء إلا وضع يده عليه. فقالت له: أتحبّ أن نؤزّرها لك؟ قال نعم.

قالت: ائتزرى؛ فضمّها الإزار وظهرت محاسنها الخفيّة؛ فضرب بيده إلى عجيزتها وصدرها. ثم قالت: أتحب أن نجرّدها لك؟ قال نعم. قالت: [أى حبيبتى «2» ] وضحّى؛ فألقت الإزار فإذا أحسن خلق الله كأنها سبيكة. فقالت: يا أخا العرب، كيف رأيت؟ قال: منية المتمنّى. قال: بكم تقولين؟ قالت: ليس يوم النظر يوم البيع، ولكن تعود غدا حتى نبايعك فلا تنصرف إلا عن رضا، فانصرف من عندها. فقال له الدّلال: أرضيت؟ قال: نعم، ما كنت أحسب أن مثل هذه فى الدنيا، وإن الصفة لتقصر دونها، ثم دفع إليه الغلام الثانى. فلما كان من الغد قال له الشامىّ: امض بنا. فمضيا حتى قرعا الباب، فأذن لهما فدخلا فسلّما، فرحّبت المرأة بهما ثم قالت للشامىّ: أعطنا ما تبذل؛ فقال: ما لها عندى ثمن إلا وهى أكثر منه، فقولى أنت يا أمة الله. قالت: بل قل أنت، فإنا لم نوطئك أعقابنا ونحن نريد خلافك وأنت لها رضا. قال: ثلاثة آلاف [دينار «3» ] . قالت: والله لقبلة منها خير من ثلاثة آلاف [دينار «4» ] . قال: أربعة آلاف [دينار «5» ] . قالت: غفر الّه لك أعطنا أيّها الرجل. قال: والله ما معى غيرها- ولو كان لزدتك- إلا رقيق ودوابّ.

قالت: ما أراك إلا صادقا، أتدرى من هذه؟ قال: تخبرينى. قالت: هذه

ص: 301