الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقام الثالث- فى آداب السماع ظاهرا وباطنا، وما يحمد من آثار الوجد ويذمّ
.
قال الإمام أبو حامد رحمه الله تعالى: فأما الآداب فهى خمس جمل:
الأوّل- مراعاة الزمان والمكان والإخوان
.
قال الجنيد: السماع يحتاج الى ثلاثة أشياء وإلا فلا تسمع: الزمان والمكان والإخوان. قال الغزالىّ: ومعناه أن الاشتغال به في وقت حضور طعام أو خصام أو صلاة أو صارف من الصوارف مع اضطراب القلب لا فائدة فيه، فهذا معنى مراعاة الزمان، فيراعى فراغ القلب. والمكان قد يكون شارعا مطروقا أو موضعا كريه الصورة أو فيه سبب يشغل القلب فيتجنّب ذلك.
وأما الإخوان فسببه أنه إذا حضر غير الجنس من منكر السماع متزهّد الظاهر مفلس من لطائف القلوب كان مستثقلا في المجلس واشتغل القلب به، وكذا إذا حضر متكبّر من أهل الدنيا فيحتاج إلى مراقبته ومراعاته، أو متكلّف متواجد من أهل التصوّف يرائى بالوجد والرقص وتمزيق الثوب، فكل ذلك مشوّشات، فترك السماع عند فقد هذه الشروط أولى.
الثانى- وهو نظر للحاضرين
،
أن الشيخ إذا كان حوله مريدون يضرّهم السماع فلا ينبغى أن يسمع في حضورهم؛ فإن سمع فليشغلهم بشغل آخر. والمريد الذى لا يستفيد بالسماع أحد ثلاثة: أقلّهم درجة هو الذى لم يدرك من الطريق إلا الأعمال الظاهرة ولم يكن له ذوق السماع؛ فاشتغاله بالسماع اشتغال بما لا يعنيه؛ فإنه ليس من أهل اللهو فيلهو، ولا من أهل الذوق فيتنعّم بذوق السماع؛ فليشتغل بذكر أو خدمة وإلا فهو مضيّع لزمانه. الثانى: هو الذى له ذوق ولكن فيه بقية من الحظوظ والالتفات إلى الشهوات والصفات البشريّة ولم ينكسر بعد انكسارا تؤمن غوائله، فربما يهيّج السماع منه داعية اللهو والشهوة فينقطع طريقه ويصدّه عن الاستكمال.