المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فشرحت له ما جرى لي مع الحجام والجندي وزوجته والمولاة - نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس

[الإتليدي]

فهرس الكتاب

- ‌بسم الله الرحمن الرحيممقدمة المؤلف

- ‌عمر والعجوز المدينية

- ‌عمر والشاب القاتل وأبو ذَرّ

- ‌عمر والهرمزان

- ‌خبر جبلة بن الأيهملما هرب من عمر إلى هرقل وتنصر

- ‌القوي الفاجر

- ‌أجبن وأحيل وأشجع من لقي

- ‌يقتلع ذنب البعير

- ‌عبد الله بن رواحة وجاريته

- ‌أول دولة بني أمية

- ‌معاوية بن أبي سفيانرضي الله عنه

- ‌الأجوبة الهاشمية

- ‌معاوية والحسن

- ‌معاوية والطرماح بن الحكم

- ‌معاوية والأحنف بن قيس

- ‌معاوية وسودة الأسدية

- ‌معاوية وميسون الكلبية

- ‌ملك فارس والبوم الواعظ له

- ‌العاشق ذو المروءة

- ‌جعفر بن سليمان والعاشقان

- ‌في أيام دولة عبد الملك بن مروان

- ‌شجرة العروسين

- ‌العاشق الكتوم

- ‌تولية الحجاج للعراق

- ‌كيف ولد الحجاج

- ‌الحجاج والأعرابي

- ‌الحجاج والفتى المحدث

- ‌الأعرابي وحلوى الحجاج

- ‌علموا أولادكم الأدب

- ‌الحجاج والأسرى

- ‌الحجاج والمرأة الحرورية

- ‌الحجاج وهند بنت النعمان

- ‌الحجاج وقتله لسعيد بن جبير

- ‌خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان

- ‌خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان

- ‌صفات سليمان بن عبد الملك

- ‌سليمان والدلفاء

- ‌جابر عثرات الكرام

- ‌خلافة عمر بن عبد العزيزرضي الله عنه

- ‌عمر والشعراء

- ‌خلافة هشام بن عبد الملك بن مروانالوليد بن هشام ويونس الكاتب والجارية

- ‌هشام وزين العابدين والفرزدق

- ‌هشام والغلام الفصيح

- ‌عروة بن أذنية وهشام بن عبد الملك

- ‌ابتداء الدولة العباسية

- ‌أبو دلامة والسفاح

- ‌راعي الذمم

- ‌مفاخرة اليمن ومضر

- ‌خلافة أبي جعفر المنصور

- ‌حاج يعظ المنصور

- ‌القاضي ابن أبي ليلى والمنصور

- ‌الأمير الأموي وملك النوبة

- ‌بليتان. المنصور والطاعون

- ‌أبي هرمة والخمر

- ‌الرجل الثبت الجنان

- ‌خلاقة المهديالرؤيا الصالحة

- ‌المهدي والأعرابي

- ‌أبو نواس وجارية بنت المهدي

- ‌الشاعر المجنون

- ‌خلافة موسى الهادي بن محمد

- ‌الهادي والخارجي

- ‌الهادي وحبه لغادرة

- ‌خلافة هارون الرشيد بن محمد المهدي

- ‌هارون والأعرابي

- ‌ليلة عظيمة

- ‌الرشيد والمستقية

- ‌الضيف الطارق

- ‌هارون والجارية السكرى

- ‌الرشيد وجارية الخيزران

- ‌الأصمعي والجارية

- ‌إبراهيم الموصلي وإبليس

- ‌الرشيد وإسماعيل بن صالح

- ‌أعرابي يزاحم الرشيد

- ‌الحسين الخليع والجارية العاشقة

- ‌جميل والفتى العذري وحبيبته

- ‌إسحاق الموصلي وإبليس

- ‌إبليس يزور أبا نواس

- ‌إبليس والشعراء

- ‌الرشيد وأبو نواس وأبو طوق

- ‌الرشيد والرجل الأموي

- ‌الرشيد والخليفة الثاني الكاذب

- ‌الرشيد وجارية جعفر

- ‌هجرتك وزرتك

- ‌المجنون العاقل

- ‌الست بدور والأمير عمرو

- ‌من هم البرامكة

- ‌منزلة جعفر عند الرشيد

- ‌الفتى العاشق وجعفر

- ‌الوزير أبو عامر والملك الناصر والغلامحكاية أجنبية

- ‌سبب قتل البرامكة وما وقع لهم مع الرشيد

- ‌أحسن ما رأى جعفر

- ‌أعظم ما مر به

- ‌موت يحيى البرمكي

- ‌رأي الموصلي بالبرامكة

- ‌منتهى الكرم للبرامكة

- ‌فقر البرامكة وذلهم

- ‌من أقوال البرامكة

- ‌الرشيد يبكي على البرامكة

- ‌الرشيد وذقن أبي نواس

- ‌يضرب الشاة الحد

- ‌الرشيد يأمر بقتل أبي نواس

- ‌تغفر ذنوبه بأبياتٍ

- ‌هذه حكاية العجمي والكرديوما جرى بينهما على يد القاضي بسبب الجراب

- ‌معن بن زائدة الشيباني

- ‌خلافة المأمون بن هارونالرشيد واسمه عبد الله

- ‌المأمون والورد

- ‌من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

- ‌المأمون وزنبيل بوران

- ‌المأمون وجارية أبيه

- ‌المأمون والفتاة العربية

- ‌أخلاق المأمون

- ‌حلم المأمون

- ‌الطفيلي الأديب والمأمون

- ‌رقة قلب المأمون

- ‌المأمون ونذير الشؤم

- ‌المأمون ومدعي النبوة

- ‌أبو نواس والغلام الجميل والقاضي

- ‌المأمون ويحيى بن أكثم

- ‌سليب العقل لا الدين سكرة القاضي ابن أكثم

- ‌إبراهيم بن المهدي والمأمون

- ‌صيد الجواري

- ‌حيل الجواري

- ‌المأمون وزبيدة أم الأمين

- ‌المأمون والشاعر

- ‌إبراهيم بن المهدي وصاحبة المعصم

- ‌المعتصم وتميم بن جميلمن لطائف الحكايات

- ‌مخارق المغني والجارية الحسناء

- ‌حكاية غريبة

- ‌خلافة أمير المؤمنين الواثق بالله تعالى

- ‌الضب الناطقفائدة

- ‌ابن آدم

- ‌خلافة المتوكل على الله تعالى

- ‌يعفو عن الرأس والذنب

- ‌صرت من السجن

- ‌خلافة أمير المؤمنين المعتصم بالله أحمد

- ‌صاحب المغرب وصاحب طليطلة

- ‌الصعيدي والفرنجية

- ‌إن من البيان لسحراً

- ‌هذه القصيدة الزينبية

- ‌الخوارج كلاب النار

- ‌سارق الجمل

- ‌جاريتان برواية شعر

- ‌جارية ثمن إعراب بيت

- ‌الاسم الأعظم

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌بهرام جور والرماية

- ‌حكاية في القطا

- ‌يا جامع الناس

- ‌‌‌الملك والمرأة العفيفة

- ‌الملك والمرأة العفيفة

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌فائدة عظيمة

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌دعاء

- ‌سك النقود في الإسلام

- ‌منام صادق

- ‌الذكاء والفهم

- ‌أبو حنيفة وجاره الإسكافي

- ‌دواء للصداع

- ‌فائدة

- ‌حكاية الهامة

- ‌فائدة

- ‌الحاكم بأمر الله وصاحب البستان

- ‌سخاء البرامكة

- ‌إسحاق الموصلي يتطفل

- ‌يزيد والأحوص بن جعفر

- ‌الرشيد في منزل إبراهيم الموصلي

- ‌الفخ والعصفور

- ‌إحدى النصائح

- ‌ابن الخياط والمهدي

- ‌الإمام أحمد بن حنبل ومناقبهرضي الله تعالى عنه

- ‌السكران والجلاد

- ‌من كلام الشافعي رضي الله عنه

- ‌رياض نجد

- ‌دار الحبيب

- ‌أنت ومالك لأبيك

- ‌الأصمعي في بلدة خراب

- ‌عدل ابن طولون

الفصل: فشرحت له ما جرى لي مع الحجام والجندي وزوجته والمولاة

فشرحت له ما جرى لي مع الحجام والجندي وزوجته والمولاة التي أسلمتني، فأمر المأمون بإحضارها، وهي في دارها تنتظر الجائزة، فلما حضرت قال لها المأمون: ما حملك على ما فعلت تسليمك إبراهيم مع إنعامه عليك؟ قالت: رغبة في المال.

قال هل لك من ولد أو زوج؟ قالت: لا، فأمر بضربها مائة سوط وأمر بتخليدها في السجن، ثم أحضر الجندي وامرأته والحجام، فسأل الجندي عن السبب الذي حمله على ما فعل؟ قال: رغبة في المال.

فقال: إنك أولى في أن تكون حجاماً من أن تكون خداماً، ووكل من يلزمه الجلوس في مكان الحجام، ليتعلم الحجامة، وأحسن إلى امرأته وجعلها قهرمانة قصره وقال: هذه امرأة أديبة تصلح للمهمات، وسلم للحجام دار الجندي وما فيها، وخلع عليه وأثبته برزقه في الديوان، وزيادة ألف دينار في كل سنة، ولم يزل كذلك إلى أن مات، والله أعلم.

‌صيد الجواري

وعن محمد بن عبد الله التميمي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الحريري قال: كان لحمنة بنت عبد الرحمن الهاشمي من الأموال ما لا يسعه الديوان، ولا تأكله النيران لكثرته، وكانت أدب نساء بني هاشم وأفصحهن لساناً وأقولهن شعراً، فدخلت على المأمون يوماً، وكانت تحبه غاية الحب سراً، وكن المأمون جالساً في إيوان قد ابتدعه لنفسه لم يبتدعه أحد من الخلفاء قبله، وكان قد تأنق في بنائه، وكان فيه من كل صورة في البر والبحر ممثلة من الذهب والفضة، وقد فرشه ببساط من الديباج الأصفر، وأسبل عليه ستوراً من الحرير الصيني، وقد أقام فيه أربعمائة وصيفة بقراطق الحرير، وقد لبسن الوشي بطرر وشعور وأصداغ، وهن بقد واحد، لا تزيد الواحدة منهن على الأخرى، أقام مائتين عن يمنيه ومائتين عن يساره، فقال: يا حمنة! هل كان لأبيك أو لبعلك أو لأحد من الخلفاء مثل هذا الإيوان مع فرشه، ومثل هؤلاء الجواري مع زينتهن؟ فقالت: يا أمير المؤمنين! متعك الله به وعمره بك، فلقد أوتيت ملكاً عظيماً تستأهله لترفهك وشرفك، فإن أحببت خادمتك حمنة أجلستك في مجلس لم تجلس في مثله قط وأصادتك صيداً لم تصد مثله قط، وأسقتك شراباً لم تشرب مثله قط.

ص: 231

وكان عنده يحيى بن أكثم، فقال لها: ياحمنة، قد أجبتك إلى ما سألتني، ولكن لا ينفعني ولا يهناك ذلك إلا بمشهد من يحيى بن أكثم، فإنه لا يطيب لي مجلس إلا به.

فقالت: نعم يا أمير المؤمنين، ثم ضربت يدها في جيبها، فأخرجت منه مخزنة من ذهب أحمر محشوة مسكاً أذفر، فدفعتها إلى يحيى، وقالت: يا يحيى، إن الأجير لا يعمل حتى يستوفي أجرته، وهذه أجرتك مني فكن مستحثاً لي أمير المؤمنين غداً عند الزوال، في المسير إلى منزل خادمته؟ فقال: حباً وكرامةً.

ثم خرجت من عنده فهيأت ما تحتاج إليه للمأمون وغيره، فلما كان من الغد جلس المأمون في مجلس السلام، فلما زالت الشمس وصارت في كبد السماء قال يحيى: يا أمير المؤمنين الحاجة التي عرضت عليك بالأمس. ففطن المأمون لذلك، وقام من مجلسه ولبس ثياب التجار، ولبس يحيى مثل ذلك، ودعا بحمارين مصريين بغاشيتين، وركباهما حتى أتيا دار حمنة، فدقا الباب دقاً خفيفاً، فسمعته فأقبلت بنفسها، حتى فتحت الباب وأقبلا يمشيان جميعاً حتى انتهيا إلى بيت في بستان قد حمل على أربعة أعمدة من الرخام الأحمر المنقوش، وإذا في صدر البيت أربعة أسطر منقوشة بالدر وصنوف الجواهر وهي:

ما سرني أن فؤادي، ولا

أن لساني بالمدام حلا

؟ وأن لي ملك بني هاشمٍ يجبى إلى أولاً أولا

إن لم أشاهدك أيا مالكي

تأتي إلى بيتي كذا مقبلا

يا سائلي روحي بلا علةٍ

أنت المعافى، وأنا المبتلي

فقال المأمون: يا يحيى، ما ملك أحد من الخلفاء مثل هذا البيت.

وإذا فرشه أرمني محفور منقوش باللآلي وإذا فوق الأرمني مطارح من الديباج الأخضر حشوها حواصل الريش، وفي البيت المسك والعنبر والكافور والصندل والزعفران والند والعود مصفوف في أواني الذهب والفضة، وهي تفوح منه روائح لا يدرى ما هي من طيبها، ثم أخرجتهما إلى أربعة ميادين فيها أنواع الرياحين حول البيت، فقالا: إن هذا إلا سحر يؤثر.

ثم دعت لهما بمائدة من الجزع اليماني قوائمها من قطعة واحدة، فوضت وقدمت عليها الألوان الغريبة، فقال المأمون: ما طعمت مثل هذا الطعام قط.

ثم دعت بالطشت والإبريق فغسلا أيديهما، ثم أمرت بشراب فقدمت إليهما قناني الزجاج الشامية المرتفعة الصافية، والبلور، فيها شراب قد أتت عليه الأيام والأعوام،

ص: 232

فهي تحكي الهواء لرقتها والياقوت لحمرتها والزنجبيل لحدتها، ووضعت بين أيديهما مع أقداح وأنطال تشاكل ذلك، فقال المأمون: والله! ما رأيت مثل هذا قط.

ثم أخرجت جاريتين عليهما جباب الوشي الكوفي المنسوج بالذهب، وعلى رأسيهما مقانع رشيدية وتيجان من الذهب مكللة بالجوهر، فجلستا وفي حجريهما العيدان المبسوطة الموزونة، فحركتا الأوتار وغنتا بصوت شجي مليح، من أنواع الأغاني وغرائب الأصوات، فقال المأمون: هذه الجنة مما نرى فيها من غرائب الطيب والجوهر.

فقال يحيى: وقد بقي لنا يا أمير المؤمنين، شرط آخر.

فقال: وما هو يا يحيى؟ قال: الصيد، يا أمير المؤمنين.

قال: صدقت يا يحيى، ثم قال: يا حمنة، ما فعل الصيد؟ فقالت: قوما إليه.

فقام المأمون ويحيى حتى دخلا بستاناً لم ير مثله، وقد كانت زينت البستان بأحسن ما تقدر عليه، واتخذت فيه ألوان الطيور من الفاخت والقمري والهزار والطواويس، فكانت الأطيار تغني من رؤوس الأشجار، وتغرد بالسر والإجهار، وقد كانت زينت مائة جارية نواهد أبكار بطرر وشعور وخدود ومباسم ساطعات الأنوار، ترى كل واحدة منهن أبهى من صاحبتها وأحسن، وعليهن من ألوان الثياب ما يعجز عنه الوصف، وفي وسطهن مناطق الذهب الأحمر، وتقدمت إليهن وقالت لهن: إذا رأيتن المأمون ويحيى، تعادين ما بين الأشجار. فلما دخل المأمون ويحيى لابستان، فعلن ما كانت أمرتهن، فتضاعف السرور على المأمون، وأعجب بذلك عجباً شديداً، ثم قال ليحيى: هذا الصيد.

فقال: يا أمير المؤمنين! رأيك؟ فقال المأمون: لو كان لنا كلب لا صطدنا هؤلاء.

فقال يحيى: أنا كلبك، يا أمير المؤمنين.

فعد المأمون ويحيى فاصطادا منهن صبية، فقالت حمنة: سألتك بحق أجدادك إلا ما خليت عن الجواري لا لبخل أبخل بهن عليك، وقد فهمت المعنى فيه.

وقد كانت حمنة تغار على المأمون فخلى عن الجواري، وقال ليحيى: دونك والصيد إذن أنت محل.

فقال يحيى: لو كان لي كلب لاصطدت من هؤلاء.

فقال المأمون: أنا كلبك.

ص: 233