الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذا الذي يدلي بعذر وحجة
…
وسيف المنايا بين عينيه مصلت
يعز على الأوس بن تغلب موقف
…
يسيل عليه السيف فيه ويسكت
وما جزعي من أن أموت وإنني
…
لأعلم أن الموت شيء مؤقت
ولكن خلفي صبيةً قد تركتها
…
وأكبادهم من حسرةٍ تتفتت
كأني أراهم حين أنعى إليهم
…
وقد لطموا حمر الوجوه وصوتوا
فإن عشت عاشوا في سرور ونعمةٍ
…
أذود الردى عنهم، وإن مت موتوا
قال: فبكى المعتصم ثم قال: إن من البيان لسحراً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا تميم، كاد والله أن يسبق السيف العذل. قد غفرت لك الهفوة ووهبتك للصبية.
ثم عقد له ولاية على عمله، وأعطاه خمسين ألف دينار، انتهى. من زهر الكمام في قصة يوسف عليه السلام.
مخارق المغني والجارية الحسناء
وذكر صاحب تاريخ بغداد عن مخارق المغني قال: تطفلت تطفيلة قامت على أمير المؤمنين المعتصم بتسعين ألف درهم.
قيل له: كيف ذلك؟ قال: شربت معه ليلة إلى الصبح، فلما أصبحنا قلت له: يا أمير المؤمنين، إن رأيت أن أخرج إلى الرصافة، فأتنسم إلى وقت انتباه أمير المؤمنين.
قال: نعم، فأمر البوابين أن يتركوني، فخرجت أتمشى في الرصافة، وإذا بجارية كأن الشمس تشرق من جبينها، فتبعتها ورأيت معها زنبيلاً فوقفت على فاكهاني، واشترت سفرجلة بدرهم، وانصرفت فتبعتها، فالتفتت فرأتني فقال: يا ابن الفاعلة إلى أين؟ قلت: خلفك يا سيدتي؟ فقالت: ارجع يا ابن الزانية لئلا يراك أحد فيقتلك؟ فتأخرت ومشيت وتمشت أمامي ثم التفتت فرأتني، فشتمتني شتماً قبيحاً ثم جاءت إلى دار كبيرة، فدخلت فيها، وجلست أنا عند الباب، وقد ذهب عقلي ونزلت علي الشمس، وكان يوماً حاراً، فلم ألبث أن جاء فتيان كأنهما بدران على حمارين، فلما وصلا إلى الباب أذن لهما، فدخلا ودخلت معهما، فظنا أن صاحب المنزل قد دعاني، وجيء بالطعام، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقال لنا صاحب المنزل: هل لكم في فلانة؟ فقالوا: إن تفضلت.
قال: فاستدعي بتلك الجارية، فخرجت فإذا هي صاحبتي ووراءها وصيفة تحمل عودها، فوضعته في حجرها فغنت وشربوا وطربوا، وهي تلحظني وتشك في، فقالوا: لمن هذا الصوت؟ فقالت: لسيدي مخارق.
فلم ألبث أن قلت: يا جارية شدي يدك، فشدت أوتارها وخرجت عن إيقاعها الذي تقول عليه. قال: فاستدعيت بمدورة وقضيب وغنيت الصوت الذي قالته الجارية، فقاموا إلي وقبلوا رأسي.
قال: وكان مخارق من أحسن الناس صوتاً وكان يوقع بالقضيب توقيعاً عجيباً.
قال: ثم غنيت الصوت الثاني والثالث، فكادت عقولهم تطير فقالوا: بالله من أنت يا سيدي؟ فقلت: مخارق.
فقالوا: وما سبب مجيئك؟ قلت: طفيلي أصلح الله شأنكم. وأخبرتهم بخبري.
فقال صاحب البيت لصديقيه: أما تعلمان ني أعطيت في هذه الجارية ثلاثين ألف درهم فامتنعت عن بيعها؟ قالا: نعم.
قال: هي له.
فقال صديقاه: علينا عشرون ألف درهم وعليك عشرة آلاف درهم.
قال مخارق: فملكوني الجارية، وجلست عندهم إلى العصر وانصرفت بها وكلما مررت بالمواضع التي شتمتني فيها أقول: يا مولاتي، أعيدي كلامك فتستحي مني، فأحلف عليها لتعيدنه، فتعيده حتى وصلت إلى أمير المؤمنين فقيل لي أنه انتبه فطلبك في منازل أبناء القواد فلم يجدك، وتغيظ غيظاً شديداً، فدخلت عليه ويدي في يدها، فلما رآني سبني وشتمني، فقلت: يا أمير المؤمنين لا تعجل! وحدثته الحديث فضحك، وقال: ها نحن نكافئهم عنك، فأحضرهم وأمر لكل واحد منهم بثلاثين ألف درهم، والله أعلم، انتهى.