الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال الشيخ: إن كانت ممكنة فعلت.
فقال الواثق: تقيم عندنا ينتفع بك فتياننا؟ فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، إن ردك إياي إلى الموضع الذي أخرجني منه هذا الظالم أنفع لك من مقامي عندك، فقال: ولم ذلك؟ فقال: لأسير إلى أهلي وولدي فأكف دعاءهم عنك، فقد خلفتهم على ذلك.
فقال الواثق: أفتقبل منا صلة تستعين بها على دهرك؟ فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين، أنا غني وذو ثروة.
قال: أفتسألنا حاجةٌ.
قال: أو تقضيها؟ قال: نعم.
قال: تخلي سبيلي إلى السفر الساعة وتأذن لي.
قال: أذنت لك.
فسلم عليه الشيخ وخرج.
قال: صالح: فقال المهتدي بالله، فرجعت عن هذه المقالة من ذلك اليوم، والله أعلم.
الضب الناطق
فائدة
روى الدارقطني وشيخه والحاكم وابن عدي عن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه، إذ جاء أعرابي من بني سليم قد اصطاد ضباً وجعله في كمه ليذهب به إلى رحله، فرأى جماعة محتفلين بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: على مَن مِن هؤلاء؟ قالوا: على هذا الذي يزعم أنه نبي.
فأتاه فقال: يا أحمد، ما اشتملت الناس على ذي لهجة أكذب منك، ولولا أن تسميني العرب عجولاً لقتلتك، فسررت لقتلك الناس أجمعين.
فقال عمر: يا رسول الله دعني أقتله؟.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبياً ".
ثم أقبل الأعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: واللاتِ والعزى لا آمنت بك حتى
يؤمن بك هذا الضب؟ وأخرج الضب من كمه وطرحه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا ضب، فتكلم الضب بلسان فصيح عربي صريح يفهمه القوم جميعاً فقال: لبيك وسعديك يا رسول رب العالمين ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعبد؟ قال: الذي في السماء عرشه، وفي الأرض سلطانه، وفي البحر سبيله، وفي الجنة رحمته، وفي النار عذابه.
قال: فمن أنا يا ضب؟ قال: أنت رسول رب العالمين وخاتم النبيين، قد أفلح من صدقك وخاب من كذبك.
فقال الأعرابي: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله حقاً، والله لقد أتيتك وما على وجه الأرض أحد أبغض إلي منك، والله لأنت الساعة أحب إلي من نفسي ومن ولدي، فقد آمن بك شعري وبشري وداخلي وخارجي وسري وعلانيتي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله الذي هداك إلى هذا الدين الذي يعلو ولا يعلى عليه، ولا يقبله الله تعالى إلا بصلاة ولا يقبل الصلاة إلا بقراءة ".
قال: فعلمني. فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله، وقل هو الله أحد، فقال: يا رسول الله ما سمعت في البسيط ولا في الرجز أحسن من هذا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا كلام رب العالمين، وليس بشعر. إذا قرأت قل: هو الله أحد ثلاثاً، أو قال: ثلاث مرات، فكأنما قرأت القرآن كله ".
فقال الأعرابي: إن إلهنا يقبل اليسير ويعطي الكثير، انتهى باختصار من حياة الحيوان الكبرى.