المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تصريف الله تعالى للقلوب - الجامع الصحيح للسنن والمسانيد - جـ ٣

[صهيب عبد الجبار]

فهرس الكتاب

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى أنْ يَجْهَلَ النَّاسُ تَعَالِيمَ الْإسْلَامِ الْأَسَاسِيَّة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى الرِّيحُ الَّتِي تَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِين

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى هَدْمُ الْكَعْبَة

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى خُرُوجُ أَهِلِ الْمَدِينَةِ مِنْهَا

- ‌مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الْكُبْرَى خُرُوجُ النَّارِ الَّتِي تَحْشُرُ النَّاس

- ‌لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا يَوْمَ جُمُعَة

- ‌قِيَامُ السَّاعَةِ فُجْأَة

- ‌يَوْمُ الْقِيَامَة

- ‌مِقْدَارُ يَوْمِ الْقِيَامَة

- ‌تَخْفِيفُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ عَلَى الْمُؤمِنِين

- ‌هَوْلُ الْمَطْلَعِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌صِفَةُ أَرْضِ يَوْمِ الْقِيَامَة

- ‌أَحْوَالُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌حَالُ السَّابِقِينَ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌حَالُ عَامَّةِ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌حَالُ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌مِيزَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَنْ بَقِيَّةِ الْأُمَم

- ‌الشَّفَاعَة

- ‌مَكَانُ حُصُولِ الشَّفَاعَة

- ‌مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَاب

- ‌دُخُولُ الْفُقَرَاءِ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاء

- ‌الْحِسَاب

- ‌أُمُورٌ تَحْدُثُ فِي بِدَايَةِ الْحِسَاب

- ‌وَزْنُ أَعْمَالِ الْعِبَاد

- ‌صِفَةُ الْمِيزَان

- ‌مَعْنَى الْحِسَاب

- ‌حِسَابُ الْعَبْدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّه

- ‌مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌قَصَصُ بَعْضِ مَنْ حَاسَبَهُمُ الرَّبُّ عز وجل

- ‌حِسَابُ الْعِبَادِ بَيْنَ بَعْضِهِمُ الْبَعْض

- ‌مَكَانُ اقْتِصَاصِ الْحُقُوقِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌كَيْفِيَّةُ اقْتِصَاصِ الْحُقُوقِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ الْخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَة

- ‌خُطُورَةُ الْمَظَالِمِ وَعِظَمُ شَأنِهَا

- ‌الْحَوْض

- ‌صِفَةُ الْحَوْض

- ‌النَّار

- ‌أَسْمَاءُ النَّار

- ‌صِفَةُ النَّار

- ‌عَدَدُ أَبْوَابِ جَهَنَّم

- ‌سَعَةُ جَهَنَّم

- ‌شِدَّةُ حَرِّهَا

- ‌كَيْفِيَّةُ دُخُولِ الْكُفَّارِ النَّار

- ‌مَكَانُهُمْ فِي النَّار

- ‌ضَخَامَةُ أَحْجَامِ أَهْلِ النَّار

- ‌طَعَامُ أَهْلِ النَّار

- ‌شَرَابُ أَهْلِ النَّار

- ‌حَيَّاتُ وَعَقَارِبُ جَهَنَّم

- ‌أَصْنَافٌ أُخْرَى مِنَ الْعَذَابِ فِي جَهَنَّم

- ‌بُكَاءُ أَهْلِ النَّار

- ‌صِفَةُ أَهْلِ النَّار

- ‌خُلُودُ غَيْرِ الْمُوَحِّدِين فِي الْعَذَاب

- ‌مَشْرُوعِيَّةُ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ النَّار

- ‌الجَنَّة

- ‌كَيْفِيَّةُ دُخُولِ المُؤْمِنِينَ الجَنَّة

- ‌صِفَةُ الْجَنَّة

- ‌عَدَدُ أَبْوَابِ الْجَنَّة

- ‌صِفَةُ أَشْجَارِ الْجَنَّة

- ‌صِفَةُ أَنْهَارِ الْجَنَّة

- ‌صِفَةُ بُيُوتُ أَهْلِ الْجَنَّة

- ‌خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّة

- ‌صِفَةُ الْحُورِ الْعِين

- ‌أَطْفَالُ أَهْلِ الْجَنَّة

- ‌طَعَامُ وَشَرَابُ أَهْلِ الْجَنَّة

- ‌أَسْوَاقُ الْجَنَّة

- ‌دَوَابُّ الْجَنَّة

- ‌سَعَةُ الْجَنَّة

- ‌أَعْمَارُ أَهْلِ الْجَنَّة

- ‌صِفَةُ أَهْلِ الْجَنَّة

- ‌آخِرُ رَجُلٍ يَدْخُلُ الْجَنَّة

- ‌خاتمة

- ‌مَشْرُوعِيَّةُ سُؤالِ الْجَنَّة

- ‌الْإيمَانُ بِالْقَدَر

- ‌وُجُوبُ الْإيمَانِ بِالْقَدَر

- ‌أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ والتَّابِعِينَ فِي الْقَدَر

- ‌حُكْمُ إنكَارِ الْقَدَر

- ‌الْهِدَايَةُ بِيَدِ اللهِ ، وَالضَّلَالُ بِيَدِ الله

- ‌تَقْدِيرُ الْمَقَادِيرِ قَبْلَ الْخَلْق

- ‌تَصْرِيفُ اللهِ تَعَالَى لِلْقُلُوب

- ‌إِذَا قَضَى اللهُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدّ

- ‌مَصِيرُ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِين

- ‌مَصِيرُ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ

- ‌مَا جَاءَ فِي أَنَّ الْمَوْلُودَ عَلَى الْفِطْرَة

- ‌مَصِيرُ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَغَيْرِهِم

- ‌الطَّاعَةُ بِقَدَر ، وَالْمَعْصِيَةُ بِقَدَر

- ‌الْخَيْرُ بِقَدَر ، وَالشَّرّ بِقَدَر

- ‌الْمَوْتُ بِقَدَر ، وَالْحَيَاةُ بِقَدَر

- ‌المَرَضُ بِقَدَر ، وَالصِّحَّةُ بِقَدَر

- ‌الْعِزُّ بِقَدَر ، وَالذُّلُّ بِقَدَر

- ‌الْأَرْزَاقُ بِقَدَر

- ‌كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَر

- ‌التَّوَكُّلُ عَلَى اللهِ مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَاب

- ‌عَدَمُ مُنَافَاةِ التَّدَاوِي لِلتَّوَكُّل

- ‌الرِّضَا بِقَضَاءِ الله

- ‌مَا يَرُدُّ الْقَضَاء

- ‌كِتَابُ الْعَقِيدَة الثَّانِي

- ‌حَقِيقَةُ الْإيمَان

- ‌الْإيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَل

- ‌الْإيمَانُ يَزِيدُ وَيَنْقُص

الفصل: ‌تصريف الله تعالى للقلوب

‌تَصْرِيفُ اللهِ تَعَالَى لِلْقُلُوب

قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ (1)} (2)

وَقَالَ تَعَالَى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ، وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (3)

وَقَالَ تَعَالَى لِمُوسَى عليه السلام: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} (4)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ ، وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ، أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ، فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً ، وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (5)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ ، رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ، وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ، قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (6)

وَقَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ، وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ، إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (7)

وَقَالَ تَعَالَى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ ، إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ، وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ، إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا} (8)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا ، إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (9)

وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ، وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ ، وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ، وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً ، فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ ، أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (10)

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ، خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (11)

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ، وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا ، وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى ، فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} (12)

وَقَالَ تَعَالَى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (13)

(1) الْمَشْهُور فِي الْآيَة أَنه يَحول بَين الْمُؤمنِ وَبَين الْكفْر ، وَبَين الْكَافِرِ وَبَين الْإِيمَان ، ويَحولُ بَين أهل طَاعَته وَبَين مَعْصِيَته ، وَبَين أهل مَعْصِيَتِه وَبَين طَاعَتِه ، وَهَذَا قَولُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورِ الْمُفَسّرين. الفوائد لابن القيم (ص90)

(2)

[الأنفال/24]

(3)

[إبراهيم: 37]

(4)

[طه: 39]

(5)

[الحجرات: 7، 8]

(6)

[يونس/88 ، 89]

(7)

[الأنفال: 62، 63]

(8)

[الكهف: 13، 14]

(9)

[القصص: 10]

(10)

[الجاثية/23]

(11)

[البقرة: 6، 7]

(12)

[الكهف: 57]

(13)

[آل عمران/8]

ص: 371

(جة حم)، وَعَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ (1) وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ (2) أَزَاغَهُ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ (3) ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ) (4)(وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا، وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ")(5)

(1) أَيْ: عَلَى الْحَقّ. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 1 / ص 185)

(2)

الزَّيْغ: البعد عن الحق، والمَيْل عن الاستقامة.

(3)

أَيْ: مُصَرِّفَهَا تَارَةً إِلَى الطَّاعَةِ ، وَتَارَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ ، وَتَارَةً إِلَى الْحَضْرَةِ ، وَتَارَةً إِلَى الْغَفْلَةِ. تحفة الأحوذي - (ج 5 / ص 428)

(4)

(حم) 17667 ، (جة) 199

(5)

(جة) 199 ، (حم) 17667 ، صَحِيح الْجَامِع: 5747، صحيح موارد الظمآن: 2050

ص: 372

(م ت جة حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ " ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ وَأَهْلُهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَخَافُ عَلَيْنَا وَقَدْ آمَنَّا بِكَ)(1)(وَصَدَّقْنَاكَ بِمَا جِئْتَ بِهِ (2)؟) (3)(قَالَ: " نَعَمْ)(4)(إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ)(5)(يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ)(6)(- وَأَشَارَ الَأَعْمَشُ بِإِصْبَعَيْهِ -)(7)(ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ، اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ ")(8)

الشرح (9)

(1)(حم) 13721 ، (ت) 2140

(2)

أَيْ أَنَّ قَوْلَك هَذَا لَيْسَ لِنَفْسِك ، لِأَنَّك فِي عِصْمَةٍ مِنْ الْخَطَأِ وَالزَّلَّةِ، خُصُوصًا مِنْ تَقَلُّبِ الْقَلْبِ عَنْ الدِّينِ وَالْمِلَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَعْلِيمُ الْأُمَّةِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا مِنْ زَوَالِ نِعْمَةِ الْإِيمَانِ؟ ، أَوْ الِانْتِقَالِ مِنْ الْكَمَالِ إِلَى النُّقْصَانِ؟.تحفة (5/ 428)

(3)

(جة) 3834

(4)

(ت) 2140

(5)

(م) 2654

(6)

(ت) 2140

(7)

(جة) 3834

(8)

(حم) 6569 ، (م) 2654

(9)

فِي الْحَدِيث دَلَالَة عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْقَلْبِ مِنْ الْإِرَادَات ، وَالدَّوَاعِي ، وَسَائِر الْأَعْرَاضِ بِخَلْقِ الله تَعَالَى.

قَالَ الرَّاغِب: تَقْلِيبُ اللهِ الْقُلُوبَ وَالْأَبْصَار: صَرْفهَا عَنْ رَأيٍ إِلَى رَأيٍ، وَالتَّقَلُّبُ التَّصَرُّف، قَالَ تَعَالَى {أَوْ يَأخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} قَالَ: وَسُمِّيَ قَلْبُ الْإِنْسَانِ لِكَثْرَةِ تَقَلُّبِهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: الْقَلْب جُزْء مِنْ الْبَدَن ، خَلَقَهُ الله ، وَجَعَلَهُ لِلْإِنْسَانِ مَحَلّ الْعِلْم وَالْكَلَام ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الصِّفَات الْبَاطِنَة، وَجَعَلَ ظَاهِر الْبَدَن مَحَلَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ، وَوَكَّلَ بِهَا مَلَكًا يَأمُر بِالْخَيْرِ ، وَشَيْطَانًا يَأمُر بِالشَّرِّ، فَالْعَقْل بِنُورِهِ يَهْدِيهِ ، وَالْهَوَى بِظُلْمَتِهِ يُغْوِيهِ ، وَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ مُسَيْطِرٌ عَلَى الْكُلِّ ، وَالْقَلْبُ يَتَقَلَّبُ بَيْن الْخَوَاطِر الْحَسَنَة وَالسَّيِّئَة ، وَاللَّمَّة مِنْ الْمَلَك تَارَةً وَمِنْ الشَّيْطَان أُخْرَى ، وَالْمَحْفُوظُ مَنْ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى. فتح الباري (18/ 483)

وَمَعْنَى قَوْله تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} أَيْ: نُصَرِّفُهَا بِمَا شِئْنَا ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيّ: مَعْنَاهُ نَطْبَعُ عَلَيْهَا فَلَا يُؤْمِنُونَ ، وَالطَّبْع عِنْدهمْ: التَّرْك، فَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا:" نَتْرُكُهُمْ وَمَا اخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ ".

وَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى التَّقْلِيب فِي لُغَة الْعَرَب؛ وَلِأَنَّ اللهَ تَمَدَّحَ بِالِانْفِرَادِ بِذَلِكَ، وَلَا مُشَارَكَة لَهُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الطَّبْع بِالتَّرْكِ ، فَالطَّبْعُ عِنْد أَهْل السُّنَّة: خَلْقُ الْكُفْرِ فِي قَلْبِ الْكَافِرِ ، وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَمُوت.

فَمَعْنَى الْحَدِيث: أَنَّ الله يَتَصَرَّف فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ بِمَا شَاءَ ، لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا ، وَلَا تَفُوتُهُ إِرَادَة.

وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: فِي نِسْبَة تَقَلُّب الْقُلُوبِ إِلَى الله إِشْعَار بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قُلُوبَ عِبَاِده وَلَا يَكِلُهَا إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِه، وَفِي دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِك " إِشَارَةٌ إِلَى شُمُولِ ذَلِكَ لِلْعِبَادِ ، حَتَّى الْأَنْبِيَاء ، وَرَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّم أَنَّهُمْ يُسْتَثْنَوْنَ مِنْ ذَلِكَ، وَخَصَّ نَفْسَهُ بِالذِّكْرِ إِعْلَامًا بِأَنَّ نَفْسَهُ الزَّكِيَّةَ إِذَا كَانَتْ مُفْتَقِرَةً إِلَى أَنْ تَلْجَأ إِلَى اللهِ سُبْحَانه ، فَافْتِقَارُ غَيْرِهَا مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ. فتح الباري (ج 20 / ص 464)

ص: 373

(ت)، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ عِنْدَكِ؟ ، قَالَتْ:" كَانَ أَكْثَرُ دُعَائِهِ: يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ، ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا أَكْثَرَ دُعَاءَكَ " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ "، قَالَ:" يَا أُمَّ سَلَمَةَ ، إِنَّهُ لَيْسَ آدَمِيٌّ إِلَّا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ ، فَمَنْ شَاءَ أَقَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَزَاغَ " ثُمَّ تَلَا مُعَاذٌ (1): {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (2). (3)

(1) هو: مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ ، أحد رواة الحديث.

(2)

[آل عمران/8]

(3)

(ت) 3522 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 4801، الصَّحِيحَة: 2091

ص: 374

(ت)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:"كَثِيرًا مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحْلِفُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ: لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ"(1)

(1)(ت) 1540 ، (خ) 6243 ، (س) 3761 ، (د) 3263 ، (جة) 2092 ، (حم) 5347

ص: 375

(حم صم)، وَعَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ رضي الله عنه قَالَ:(لَا أَقُولُ فِي رَجُلٍ خَيْرًا وَلَا شَرًّا بَعَدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَنْظُرَ مَا يُخْتَمُ لَهُ ، فَقِيلَ لَهُ: وَمَا سَمِعْتَ؟)(1)(قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَقَلْبُ ابْنِ آدَمَ أَسْرَعُ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا ")(2)

(1)(حم) 23867 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5147 ، والصَّحِيحَة: 1772

(2)

(صم) 226 ، (حم) 23867 ، وصححه الألباني في ظلال الجنة.

ص: 376

(حم صم)، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" إِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ مِنْ تَقَلُّبِهِ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ رِيشَةٍ)(1)(بِأَرضٍ فَلَاةٍ، تُقَلِّبُهَا الرِّيحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ ")(2)

(1)(حم) 19677 ، صَحِيح الْجَامِع: 2365 ، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح.

(2)

(صم) 227 ، وصححه الألباني في ظلال الجنة ، (جة) 88

ص: 377

(طس)، وَعَنْ عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنَ الْقُلُوبِ قَلْبٌ إِلَّا وَلَهُ سَحَابَةٌ كَسَحَابَةِ الْقَمَرِ، بَيْنَمَا الْقَمَرُ مُضِيءٌ ، إِذْ عَلَتْ عَلَيْهِ سَحَابَةٌ فَأَظْلَمَ ، إِذْ تَجَلَّتْ عَنْهُ فَأَضَاءَ "(1)

(1)(طس) 5220 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 5682 ، الصَّحِيحَة: 2268

ص: 378

(حم)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ، وَبَعْضُهَا أَوْعَى مِنْ بَعْضٍ "(1)

(1)(حم) 6655 ، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب:1652

ص: 379

(طب)، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا طَهَّرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ "، قَالُوا: وَمَا طَهُورُ الْعَبْدِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ ، قَالَ:" عَمَلٌ صَالِحٌ يُلْهِمُهُ إِيَّاهُ ، حَتَّى يَقْبِضَهُ عَلَيْهِ "(1)

(1)(طب) 7900 ، انظر صَحِيح الْجَامِع: 306

ص: 380

(س حم حب)، وَعَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ:(فُتِحَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَتْحٌ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ)(1)(أَذَالَ النَّاسُ الْخَيْلَ (2) وَوَضَعُوا السِّلَاحَ ، وَقَالُوا: لَا جِهَادَ ، قَدْ وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (3) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَذَبُوا ، الْآنَ الْآنَ جَاءَ الْقِتَالُ) (4) (وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي) (5) (يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ) (6) (ظَاهِرِينَ عَلَى النَّاسِ) (7) (يُزِيغُ (8) اللهُ لَهُمْ قُلُوبَ أَقْوَامٍ) (9) (فَيُقَاتِلُونَهُمْ وَيَرْزُقُهُمْ اللهُ مِنْهُمْ ، حَتَّى يَأتِيَ أَمْرُ اللهِ عز وجل وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ) (10) وفي رواية: (حَتَّى يُقَاتِلُوا الدَّجَّالَ) (11) (وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هُمْ أَهْلُ الشَّامِ - وَنَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأُصْبُعِهِ يُومِئُ بِهَا إِلَى الشَّامِ حَتَّى أَوْجَعَهَا - ") (12)

(1)(حب) 7307 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح.

(2)

أَيْ: أَهَانُوهَا ، وَاسْتَخَفُّوا بِهَا بِقِلَّةِ الرَّغْبَة فِيهَا. شرح سنن النسائي (5/ 194)

(3)

أَيْ: اِنْقَضَى أَمْرهَا ، وَخَفَّتْ أَثْقَالُهَا فَلَمْ يَبْقَ قِتَال.

(4)

(س) 3561 ، (حم) 17006

(5)

(حم) 17006 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

(6)

(س) 3561

(7)

(حم) 17006

(8)

الزَّيْغ: البعد عن الحق، والميل عن الاستقامة.

(9)

(س) 3561

(10)

(حم) 17006 ، (س) 3561

(11)

(حم) 19909 ، انظر الصَّحِيحَة: 1584 ، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح

(12)

(يعقوب بن أبي سفيان في المعرفة والتاريخ)(2/ 296 - 297)، انظر الصَّحِيحَة: 3425 ، وقال الأرناؤوط في (حم) 8257: إسناده قوي.

ص: 381

(د)، وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{كَذَلِكَ (1) نَسْلُكُهُ (2) فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} (3) قَالَ: الشِّرْكَ (4). (5)

(1) أَيْ: مِثْلَ إِدْخَالِنَا التَّكْذِيبَ فِي قُلُوبِ الْأَوَّلِينَ. عون المعبود (10/ 139)

(2)

أَيْ: نُدْخِلُ التَّكْذِيب. عون المعبود - (ج 10 / ص 139)

(3)

[الحجر/12]

(4)

أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي {نَسْلُكهُ} الشِّرْك. عون (10/ 139)

(5)

(د) 4619

ص: 382