الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَل
(1)
(1) قال البخاري في صحيحه (1/ 10): وَهُوَ (أَيْ: الْإِيمَان) قَوْلٌ وَفِعْلٌ ، وَيَزِيدُ ، وَيَنْقُصُ.
قال الحافظ في الفتح (1/ 46): أَمَّا الْقَوْل ، فَالْمُرَاد بِهِ النُّطْق بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَأَمَّا الْعَمَل ، فَالْمُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ عَمَل الْقَلْب وَالْجَوَارِح، لِيَدْخُلَ الِاعْتِقَاد وَالْعِبَادَات.
وَمُرَادُ مَنْ أَدْخَلَ ذَلِكَ فِي تَعْرِيف الْإِيمَان ، وَمَنْ نَفَاهُ ، إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْد الله تَعَالَى، فَالسَّلَف قَالُوا: هُوَ اِعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ، وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَالَ شَرْطٌ فِي كَمَالِهِ. وَمِنْ هُنَا نَشَأَ ثَمَّ الْقَوْلُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْص كَمَا سَيَأتِي.
وَالْمُرْجِئَة قَالُوا: هُوَ اِعْتِقَادٌ وَنُطْقٌ فَقَطْ.
وَالْكَرَامِيَّة قَالُوا: هُوَ نُطْق فَقَطْ.
وَالْمُعْتَزِلَة قَالُوا: هُوَ الْعَمَلُ وَالنُّطْقُ وَالِاعْتِقَادُ.
وَالْفَارِق بَيْنهمْ وَبَيْن السَّلَف أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَعْمَالَ شَرْطًا فِي صِحَّتِه ، وَالسَّلَفُ جَعَلُوهَا شَرْطًا فِي كَمَالِهِ.
وَهَذَا كُلّه كَمَا قُلْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْد الله تَعَالَى ، أَمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدنَا ، فَالْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار فَقَطْ، فَمَنْ أَقَرَّ ، أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَام فِي الدُّنْيَا ، وَلَمْ يُحْكَم عَلَيْهِ بِكُفْرٍ ، إِلَّا إِنْ اِقْتَرَنَ بِهِ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى كُفْرِه ، كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ، فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْكُفْر ، كَالْفِسْقِ ، فَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْإِيمَان ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى إِقْرَارِه، وَمَنْ نَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى كَمَالِهِ، وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْر ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ فَعَلَ فِعْلَ الْكَافِر، وَمَنْ نَفَاهُ عَنْهُ ، فَبِالنَّظَرِ إِلَى حَقِيقَتِه.
وَأَثْبَتَتْ الْمُعْتَزِلَة الْوَاسِطَة ، فَقَالُوا: الْفَاسِقُ لَا مُؤْمِنٌ ، وَلَا كَافِر.
وَرَوَى اللَّالِكَائِيّ فِي " كِتَاب السُّنَّة " بِسَنَدِهِ الصَّحِيحِ عَنْ الْبُخَارِيّ قَالَ: " لَقِيتُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْأَمْصَارِ ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ يَخْتَلِفُ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُص ".
وَقَالَ الْحَاكِم فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس الْأَصَمّ ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيع قَالَ: سَمِعْت الشَّافِعِيّ يَقُول: " الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ "
وقال الحافظ في (1/ 48): وَقَدْ اِسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ تَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ بِهَذِهِ الْآيَة: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]
قَالَ الشَّافِعِيّ: لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَحَجُّ مِنْ هَذِهِ الْآيَة. أَخْرَجَهُ الْخَلَّال فِي كِتَاب " السُّنَّة "(1037 ، 1038).
قَالَ تَعَالَى: {بسم الله الرحمن الرحيم ، وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ، وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (1)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74]
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ، أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ ، وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (6)} (7)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ، يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ، وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (8)
(1)[العصر: 1 - 3]
(2)
[المؤمنون/1 - 11]
(3)
[الأنفال/2 - 4]
(4)
[النور/62]
(5)
[الحجرات/14، 15]
(6)
قال الشوكاني في فتح القدير (1/ 251): أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي قوله: {أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ} قَالَ: هَؤُلَاءِ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، جَعَلَهُمُ اللهُ أَهْلَ رَجَاءٍ ، إِنَّهُ مَنْ رَجَا طَلَبَ، وَمَنْ خَافَ هَرَبَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ.
(7)
[البقرة: 218]
(8)
[البقرة: 8، 9]
(9)
[النور/47 - 51]
(خ م)، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما قَالَ: إنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجِ (1) الْحَرَّةِ (2) الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ (3) فَأَبَى عَلَيْهِ ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ:" اسْقِ يَا زُبَيْرُ ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ "، فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ:[يَا رَسُولَ اللهِ](4) أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ ، " فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (5) ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ، ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ (6) " ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللهِ إِنِّي لَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ ، وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (7). (8)
(1) الشِّراج: مَسَايِل الْمِيَاه ، أَحَدهَا شَرْجَة. عون المعبود (8/ 132)
(2)
(الْحَرَّة): أَرْض ذَات حِجَارَة سُود. عون المعبود (8/ 132)
(3)
أَيْ: أَطْلِقْهُ ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاء كَانَ يَمُرّ بِأَرْضِ الزُّبَيْر قَبْل أَرْض الْأَنْصَارِيّ ، فَيَحْبِسهُ لِإِكْمَالِ سَقْيِ أَرْضه ، ثُمَّ يُرْسِلهُ إِلَى أَرْض جَاره فَالْتَمَسَ مِنْهُ الْأَنْصَارِيّ تَعْجِيل ذَلِكَ ، فَامْتَنَعَ. فتح الباري (7/ 220)
(4)
(خ) 2561 ، (م) 129 - (2357)
(5)
أَيْ: تَغَيَّرَ مِنْ الْغَضَب لِانْتِهَاكِ حُرْمَة النُّبُوَّة. عون المعبود (8/ 132)
(6)
(الْجَدْر): هُوَ الْجِدَار، وَالْمُرَادُ بِهِ: أَصْلُ الْحَائِط.
وَفِي الْفَتْح: أَنَّ الْمُرَاد بِهِ هُنَا الْمَسْنَاة ، وَهِيَ مَا وُضِعَ بَيْنَ شَرْيَاتِ النَّخْلِ كَالْجِدَارِ، وَمَا أَمَرَ صلى الله عليه وسلم الزُّبَيْرَ أَوَّلًا إِلَّا بِالْمُسَامَحَةِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّه فَلَمَّا رَأَى الْأَنْصَارِيَّ يَجْهَلُ مَوْضِعَ حَقِّهِ ، أَمَرَهُ بِاسْتِيفَاءِ تَمَامِ حَقِّهِ.
وَقَدْ بَوَّبَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيّ عَلَى هَذَا الْحَدِيث بَابَ: " إِذَا أَشَارَ الْإِمَامُ بِالصُّلْحِ فَأَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ الْبَيِّن ". عون المعبود (8/ 132)
(7)
[النساء/65]
(8)
(خ) 2231 ، (م) 129 - (2357) ، (ت) 1363 ، (س) 5416 ، (حم) 16161
(ت)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ خَافَ أَدْلَجَ (1) وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ (2) أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ (3) "(4)
(1)(مَنْ خَافَ) أَيْ: الْبَيَاتَ وَالْإِغَارَةَ مِنْ الْعَدُوِّ وَقْتَ السَّحَرِ.
(أَدْلَجَ) أَيْ: سَارَ أَوَّلَ اللَّيْلِ. تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 242)
(2)
أَيْ: وَصَلَ إِلَى الْمَطْلَبِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَالِكِ الْآخِرَةِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى طَرِيقِهِ، وَالنَّفْسَ وَأَمَانِيَّهُ الْكَاذِبَةَ أَعْوَانُهُ، فَإِنْ تَيَقَّظَ فِي مَسِيرِهِ ، وَأَخْلَصَ النِّيَّةَ فِي عَمَلِهِ ، أَمِنَ مِنْ الشَّيْطَانِ وَكَيْدِهِ، وَمِنْ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِأَعْوَانِهِ. تحفة (6/ 242)
(3)
قَالَ الطِّيبِيُّ: أَرْشَدَ إِلَى أَنَّ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ صَعْبٌ، وَتَحْصِيلَ الْآخِرَةِ مُتَعَسِّرٌ ، لَا يَحْصُلُ بِأَدْنَى سَعْيٍ ، فَقَالَ:" أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّةُ ". تحفة الأحوذي - (ج 6 / ص 242)
(4)
(ت) 2450 ، صَحِيح الْجَامِع: 6222 ، الصَّحِيحَة: 954 ، 2335
(تَعْظِيمُ قَدْرِ الصَلَاةِ لِابْنِ نَصْر)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْإِيمَانِ، " فَقَرَأَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:{لَيْسَ الْبِرَّ (1) أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ (2) وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ (3) وَالنَّبِيِّينَ ، وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ (4) ذَوِي الْقُرْبَى (5) وَالْيَتَامَى ، وَالْمَسَاكِينَ (6) وَابْنَ السَّبِيلِ (7) وَالسَّائِلِينَ ، وَفِي الرِّقَابِ (8) وَأَقَامَ الصَلَاةَ ، وَآَتَى الزَّكَاةَ (9) وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ، وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأسَاءِ (10) وَالضَّرَّاءِ (11) وَحِينَ الْبَأسِ (12) أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ، وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (13)} (14) " (15)
(1) البِرّ: اسْمٌ جَامِعٌ للخير. فتح القدير (1/ 199)
(2)
{قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} أَشَارَ سُبْحَانَهُ بِذِكْرِ الْمَشْرِقِ إِلَى قِبْلَةِ النَّصَارَى ، لِأَنَّهُمْ يَسْتَقْبِلُونَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ، وَأَشَارَ بِذِكْرِ الْمَغْرِبِ إِلَى قِبْلَةِ الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ يَسْتَقْبِلُونَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَهُوَ فِي جِهَةِ الْغَرْبِ مِنْهُمْ إِذْ ذَاكَ. فتح القدير (1/ 199)
(3)
الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ هُنَا: الْجِنْسُ، أَوِ الْقُرْآنُ. فتح القدير (1/ 199)
(4)
الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: {عَلى حُبِّهِ} رَاجِعٌ إِلَى الْمَالِ.
وَقِيلَ: رَاجِعٌ إِلَى الْإِيتَاءِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَآتَى الْمالَ}
وَقِيلَ: إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ، أَيْ: عَلَى حُبِّ اللهِ.
وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ: أَنَّهُ أَعْطَى الْمَالَ وَهُوَ يُحِبُّهُ وَيَشِحُّ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:{لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].فتح
(5)
قَدَّمَ {ذَوِي الْقُرْبَى} لِكَوْنِ دَفْعِ الْمَالِ إليهم صدقةً وصِلَةً إذا كانوا فقراء، هكذا ، الْيَتَامَى الْفُقَرَاءُ أَوْلَى بِالصَّدَقَةِ مِنَ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِيَتَامَى لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى الْكَسْبِ. فتح القدير - (1/ 199)
(6)
المسكين: السَّاكِنُ إِلَى مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ ، لِكَوْنِهِ لَا يَجِدُ شَيْئًا. فتح القدير (1/ 199)
(7)
ابن السبيل: الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ، وَجُعِلَ ابْنًا لِلسَّبِيلِ لِمُلَازَمَتِهِ لَهُ. فتح القدير (1/ 199)
(8)
أَيْ: فِي مُعَاوَنَةِ الْأَرِقَّاءِ الَّذِينَ كَاتَبَهُمُ الْمَالِكُونَ لَهُمْ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ: شِرَاءُ الرِّقَابِ وَإِعْتَاقُهَا.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ: فَكُّ الْأَسَارَى. فتح القدير (1/ 199)
(9)
قَوْلُهُ: {وَآتَى الزَّكاةَ} فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِيتَاءَ الْمُتَقَدِّمَ هُوَ صَدَقَةُ التطوُّع، لا صَدَقَةُ الفريضة.
(10)
{البأساء} : الشِّدة والفقر. فتح القدير (1/ 199)
(11)
{الضراء} : المرض، والزَّمَانَة. فتح القدير (1/ 199)
(12)
أَيْ: وَقْتُ الْحَرْبِ. فتح القدير (1/ 199)
(13)
وَجْهُهُ أَنَّ الْآيَةَ حَصَرَتْ التَّقْوَى عَلَى أَصْحَابِ هَذِهِ الصِّفَات، وَالْمُرَادُ: الْمُتَّقُونَ مِنْ الشِّرْكِ وَالْأَعْمَالِ السَّيِّئَة. فَإِذَا فَعَلُوا وَتَرَكُوا ، فَهُمْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُونَ.
وَالْجَامِعُ بَيْن الْآيَةِ وَالْحَدِيث ، أَنَّ الْأَعْمَالَ مَعَ اِنْضِمَامِهَا إِلَى التَّصْدِيقِ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْبِرّ. فتح الباري (1/ 77)
(14)
[البقرة/177]
(15)
صححه الألباني في كتاب الإيمان لابن تيمية: ص85
(د)، وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا، وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} ، قَالَ: نَرَى أَنَّ الْإِسْلَامَ: الْكَلِمَةُ (1) وَالْإِيمَانَ: الْعَمَلُ. (2)
الشرح (3)
(1) أَيْ: كَلِمَة الشَّهَادَة. عون المعبود - (ج 10 / ص 203)
(2)
(د) 4684 ، وقال الشيخ الألباني: صحيح الإسناد مقطوع.
(3)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِم: مَا أَكْثَر مَا يَغْلَطُ النَّاس فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة، فَأَمَّا الزُّهْرِيّ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا حَكَاهُ مَعْمَرٌ عَنْهُ ، وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ.
وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ شَيْءٌ وَاحِد ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْر بَيْت مِنْ الْمُسْلِمِينَ} قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ ، إِذْ كَانَ اللهُ سُبْحَانَه قَدْ وَعَدَ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَوْم لُوط ، وَأَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ بَيْن ظَهْرَانِيّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ مِنْهُمْ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِمَنْ وَجَدَهُ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، إِنْجَازًا لِلْوَعْدِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ.
قَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَيَّدَ الْكَلَامُ فِي هَذَا ، وَلَا يُطْلَقُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسْلِمَ قَدْ يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْض الْأَحْوَال ، وَلَا يَكُون مُؤْمِنًا فِي بَعْضهَا وَالْمُؤْمِن مُسْلِمٌ فِي جَمِيع الْأَحْوَال، فَكُلّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ ، وَلَيْسَ كُلّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا ، فَإِذَا حَمَلْتَ الْأَمْرَ عَلَى هَذَا ، اِسْتَقَامَ لَك تَأوِيل الْآيَات ، وَاعْتَدَلَ الْقَوْلُ فِيهَا ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ شَيْءٌ مِنْهَا.
وَأَصْلُ الْإِيمَانِ: التَّصْدِيقُ ، وَأَصْل الْإِسْلَامِ: الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد، وَقَدْ يَكُون الْمَرْءُ مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِر ، غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الْبَاطِن وَلَا مُصَدِّق، وَقَدْ يَكُونُ صَادِقَ الْبَاطِن ، غَيْرُ مُنْقَادٍ فِي الظَّاهِر. اِنْتَهَى. عون المعبود (10/ 203)
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ (1)) (2)(وَيُؤْمِنُوا بِمَا جِئْتُ بِهِ)(3)(فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ)(4)(عَصَمُوا (5) مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ) (6)(إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ (7)) (8)(وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ (9)) (10)(ثُمَّ قَرَأَ {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (11)} (12) ") (13)
(1) الْمُرَاد بِالصَّلَاةِ: الْمَفْرُوضُ مِنْهَا، لَا جِنْسُهَا، وَإِنْ صَدَقَ اِسْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا ، وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي هَذَا الْحَدِيث: إِنَّ مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَمْدًا يُقْتَل ، ثُمَّ ذَكَرَ اِخْتِلَافَ الْمَذَاهِب فِي ذَلِكَ.
وَسُئِلَ الْكَرْمَانِيُّ هُنَا عَنْ حُكْمِ تَارِكِ الزَّكَاة، فَأَجَابَ بِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْغَايَة، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ فِي الْمُقَاتَلَة، أَمَّا فِي الْقَتْلِ فَلَا ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْ إِيتَاءِ الزَّكَاةِ يُمْكِنُ أَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا، بِخِلَافِ الصَّلَاة، فَإِنْ اِنْتَهَى إِلَى نَصْبِ الْقِتَالِ لِيَمْنَعَ الزَّكَاة ، قُوتِلَ، وَبِهَذِهِ الصُّورَة قَاتَلَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه مَانِعِي الزَّكَاة، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ قَتَلَ أَحَدًا مِنْهُمْ صَبْرًا.
وَعَلَى هَذَا فَفِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى قَتْلِ تَارِك الصَّلَاةِ نَظَر؛ لِلْفَرْقِ بَيْنَ صِيغَةِ أُقَاتِل ، وَأَقْتُل ، وَالله أَعْلَم.
وَقَدْ أَطْنَبَ اِبْنُ دَقِيق الْعِيدِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ اِسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ إِبَاحَةِ الْمُقَاتَلَةِ إِبَاحَةُ الْقَتْل ، لِأَنَّ الْمُقَاتَلَةَ مُفَاعَلَةٌ تَسْتَلْزِمُ وُقُوعَ الْقِتَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا كَذَلِكَ الْقَتْل.
وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ الْقِتَالُ مِنْ الْقَتْل بِسَبِيلٍ، قَدْ يَحِلُّ قِتَالُ الرَّجُل ، وَلَا يَحِلُّ قَتْلُه.
وقَوْله: (حَتَّى يَشْهَدُوا) جُعِلَتْ غَايَةُ الْمُقَاتَلَةِ وُجُودَ مَا ذُكِرَ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ وَأَقَامَ وَآتَى ، عُصِمَ دَمُه ، وَلَوْ جَحَدَ بَاقِيَ الْأَحْكَام.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالرِّسَالَةِ تَتَضَمَّنُ التَّصْدِيقَ بِمَا جَاءَ بِهِ، مَعَ أَنَّ نَصَّ الْحَدِيِث وَهُوَ قَوْله " إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام " يَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ ذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ يَكْتَفِ بِهِ؟ ، وَنَصَّ عَلَى الصَّلَاة وَالزَّكَاة؟.
فَالْجَوَاب: أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِهِمَا ، وَالِاهْتِمَام بِأَمْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا إِمَّا الْعِبَادَاتُ الْبَدَنِيَّة وَالْمَالِيَّة. (فتح - ح25)
(2)
(خ) 25 ، (م) 22
(3)
(م) 21
(4)
(خ) 25 ، (م) 22
(5)
أَيْ: مَنَعُوا. فتح الباري (ج 1 / ص 41)
(6)
(خ) 25 ، (م) 21
(7)
اِسْتَبْعَدَ قَوْمٌ صِحَّةَ هذا الْحَدِيث ، وقالوا: لَوْ كَانَ عِنْدَ اِبْنِ عُمَر ، لَمَا تَرَكَ أَبَاهُ يُنَازِعُ أَبَا بَكْرٍ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاة، وَلَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهُ لَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُقِرُّ عُمَرَ عَلَى الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله "، وَيَنْتَقِلُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا النَّصِّ إِلَى الْقِيَاس ، إِذْ قَالَ:" لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْن الصَّلَاة وَالزَّكَاة؛ لِأَنَّهَا قَرِينَتهَا فِي كِتَاب الله ".
وَالْجَوَاب: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عِنْدَ اِبْنِ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ اِسْتَحْضَرَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَة، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحْضِرًا لَهُ ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ حَضَرَ الْمُنَاظَرَةَ الْمَذْكُورَة، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ لَهُمَا بَعْدُ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ أَبُو بَكْرٍ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِالْقِيَاسِ فَقَطْ، بَلْ أَخَذَهُ أَيْضًا مِنْ قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ " إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَام "، قَالَ أَبُو بَكْر:
" وَالزَّكَاة حَقّ الْإِسْلَام ".
وَفِي الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَخْفَى عَلَى بَعْضِ أَكَابِرِ الصَّحَابَة ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا آحَادُهُمْ، وَلِهَذَا لَا يُلْتَفَتُ إِلَى الْآرَاءِ وَلَوْ قَوِيَتْ مَعَ وُجُودِ سُنَّةٍ تُخَالِفهَا، وَلَا يُقَال: كَيْفَ خَفِيَ هذَا عَلَى فُلَان؟ ، وَالله الْمُوَفِّق. (فتح - ح25)
(8)
(خ) 25
(9)
أَيْ: فِي أَمْرِ سَرَائِرهمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى قَبُولِ الْأَعْمَالِ الظَّاهِرَةِ ، وَالْحُكْمِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ.
وَالِاكْتِفَاءُ فِي قَبُولِ الْإِيمَانِ بِالِاعْتِقَادِ الْجَازِم ، خِلَافًا لِمَنْ أَوْجَبَ تَعَلُّم الْأَدِلَّة.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْكُ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُقِرِّينَ بِالتَّوْحِيدِ ، الْمُلْتَزِمِينَ لِلشَّرَائِعِ، وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِه، مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ بَيْن كُفْرٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِن.
فَإِنْ قِيلَ: مُقْتَضَى الْحَدِيثِ قِتَالُ كُلِّ مَنْ اِمْتَنَعَ مِنْ التَّوْحِيد، فَكَيْفَ تُرِكَ قِتَالُ مُؤَدِّي الْجِزْيَة وَالْمُعَاهَد؟.
فَالْجَوَاب أَنَّ الحديث مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصّ، فَيَكُون الْمُرَادُ بِالنَّاسِ فِي قَوْله " أُقَاتِل النَّاس " أَيْ: الْمُشْرِكِينَ مِنْ غَيْر أَهْل الْكِتَاب، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَة النَّسَائِيّ بِلَفْظِ " أُمِرْت أَنْ أُقَاتِل الْمُشْرِكِينَ ". (فتح-ح25)
(10)
(خ) 25 ، (م) 21
(11)
الْمُسَيْطِر: الْمُسَلَّط ، وَقِيلَ: الْجَبَّار. شرح النووي (1/ 94)
(12)
[الغاشية/22]
(13)
(م) 21 ، (ت) 3341
(الإيمان)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ لِلْإِسْلامِ صُوًى (1) وَمَنَارًا كَمَنَارِ الطَّرِيقِ، مِنْهَا: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَإِقَامَةُ الصَلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ تُسَلِّمَ عَلَى الْقَوْمِ إِذَا مَرَرْتَ بِهِمْ، فَمَنْ تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَدْ تَرَكَ سَهْمًا مِنَ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَرَكَهُنَّ ، فَقَدْ نَبَذَ الْإِسْلَامَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ "(2)
(1)(الصُّوَى) جمع " صُوَّة "، وهي أعلامٌ من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة، يُستدل بها على الطريق وعلى طرفيها.
أراد أنَّ للإسلام طَرَائقَ وأعْلاماً يُهْتَدَى بها. النهاية (ج 3 / ص 127)
(2)
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في " كتاب الإيمان "(رقم الحديث 3 بتحقيق الألباني)، انظر صَحِيح الْجَامِع: 2162 ، الصَّحِيحَة: 333
(ش هب)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ:(سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟، قَالَ: " الْإِيمَانُ بِاللهِ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، مَعَ الْإِيمَانِ عَمَلٌ؟ ، قَالَ: " أَنْ تَرْضَخَ (1) مِمَّا رَزَقَكَ اللهُ ") (2) (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَجِدُ مَا يَرْضَخُ؟ ، قَالَ: " يَأمُرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ "، قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ ، قَالَ: " فَلْيُعِنِ الْأَخْرَقَ (3)"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَنْ يَصْنَعَ؟ ، قَالَ: " فَلْيُعِنْ مَظْلُومًا " ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا؟ ، قَالَ: " مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ لِصَاحِبِكَ مِنْ خَيْرٍ؟ ، لِيُمْسِكْ أَذَاهُ عَنِ النَّاسِ " ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيْتَ إِنْ فَعَلَ هَذَا يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ؟ ، قَالَ: " مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُصِيبُ خَصْلَةً مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ، إِلَّا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ") (4)
(1) أَيْ: تُنفق.
(2)
(ش) 30972 ، (حب) 373
(3)
الخُرْق بالضَّم: الجَهل والحُمق ، ومعنى (تَصْنَعُ لأَخْرَقَ) أَي: لجاهلٍ بما يَجِب أَن يَعْمَلَه ، ولم يكُنْ في يديه صَنْعةٌ يَكْتَسِب بها ، وفي حديث جابر:" فكرهتُ أَن أَجيئَهُنَّ بخَرْقاءَ مِثْلَهُنَّ "، أَي: حَمْقاء جاهلة ، وهي تأنيث الأَخْرَق. لسان العرب - (ج 10 / ص 73)
(4)
(هب) 3328 ، (طب) 1650 ، (ك) 212 ، الصَّحِيحَة: 2669 ، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 876 ، 2318
(ت د)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:" لَمَّا وُجِّهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْكَعْبَةِ (1) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، كَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ (2)؟ فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ (3) إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (4)} (5) "(6)
(1) أَيْ: تَوَجَّهَ لِلصَّلَاةِ إِلَى جِهَة الْكَعْبَة بَعْد تَحْوِيل الْقِبْلَة مِنْ بَيْت الْمَقْدِس عون المعبود - (ج 10 / ص 199)
(2)
أَيْ: كَيْفَ حَالُهُمْ؟ ، هَلْ صَلَاتُهُمْ ضَائِعَةٌ أَمْ مَقْبُولَةٌ. تحفة (7/ 284)
(3)
أَيْ: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، بَلْ يُثِيبُكُمْ عَلَيْهَا. تحفة الأحوذي - (ج 7 / ص 284)
(4)
فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: الرَّدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ فِي إِنْكَارِهِمْ تَسْمِيَةَ أَعْمَالِ الدِّينِ إِيمَانًا. (فتح - ح40)
(5)
[البقرة/143]
(6)
(ت) 2964 ، (د) 4680
(خم)، وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ: الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ (1) وَالْإِنْفَاقُ مِنْ الْإِقْتَارِ. (2)
الشرح (3)
(1) بَذْل السَّلَام لِلْعَالَمِ، وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف، وَإِفْشَاءُ السَّلَام ، كُلُّهَا بِمَعْنَى وَاحِد. شرح النووي على مسلم (ج 1 / ص 143)
(2)
(خم) ج1ص19 (بَابٌ: إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنَ الإِسْلَامِ) ، (ش) 30440 وصححه الألباني في (مختصر صحيح البخاري) ج1ص27
(3)
الْإِقْتَار: الْقِلَّة ، وَقِيلَ: الِافْتِقَار.
قَالَ أَبُو الزِّنَاد بْن سِرَاج وَغَيْره: إِنَّمَا كَانَ مَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَ مُسْتَكْمِلًا لِلْإِيمَانِ ، لِأَنَّ مَدَاره عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا اِتَّصَفَ بِالْإِنْصَافِ لَمْ يَتْرُكْ لِمَوْلَاهُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ إِلَّا أَدَّاهُ، وَلَمْ يَتْرُك شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ إِلَّا اِجْتَنَبَهُ، وَهَذَا يَجْمَع أَرْكَان الْإِيمَان.
وَبَذْل السَّلَام يَتَضَمَّن مَكَارِم الْأَخْلَاق ، وَالتَّوَاضُع ، وَعَدَم الِاحْتِقَار، وَيَحْصُل بِهِ التَّآلُف وَالتَّحَابُب.
وَالْإِنْفَاقُ مِنْ الْإِقْتَارِ يَتَضَمَّنُ غَايَةَ الْكَرَم ، لِأَنَّهُ إِذَا أَنْفَقَ مِنْ الِاحْتِيَاج ، كَانَ مَعَ التَّوَسُّع أَكْثَر إِنْفَاقًا، وَالنَّفَقَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْعِيَالِ وَاجِبَةً وَمَنْدُوبَة، أَوْ عَلَى الضَّيْفِ وَالزَّائِر، وَكَوْنُه مِنْ الْإِقْتَارِ يَسْتَلْزِمُ الْوُثُوقَ بِاللهِ وَالزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا ، وَقِصَر الْأَمَل ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ مُهِمَّاتِ الْآخِرَة.
وَهَذَا التَّقْرِير يُقَوِّي أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَلَامَ مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِم. وَالله أَعْلَم. (فتح - ج1ص124)
(خ حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:(" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَهُمْ ، أَمَرَهُمْ مِنْ الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ (1)" ، فَقَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رَسُولَ اللهِ (2) إِنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، " فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ:) (3)(وَاللهِ إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاللهِ عز وجل وَأَتْقَاكُمْ لَهُ قَلْبًا ")(4)
الشرح (5)
(1) أي: كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَرَهُمْ بِعَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَال ، أَمَرَهُمْ بِمَا يُطِيقُونَ الدَّوَام عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُمْ الثَّانِيَة جَوَابُ الشَّرْط، وَقَالُوا: جَوَابٌ ثَانٍ. (فتح-ح20)
(2)
أَيْ: لَيْسَ حَالُنَا كَحَالِك. (فتح الباري) ح20
(3)
(خ) 20 ، (حم) 24334
(4)
(حم) 24364 ، (خ) 20
(5)
الْمَعْنَى: كَانَ إِذَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُل عَلَيْهِمْ دُون مَا يَشُقُّ خَشْيَةَ أَنْ يَعْجِزُوا عَنْ الدَّوَام عَلَيْهِ، وَعَمِلَ هُوَ بِنَظِيرِ مَا يَأمُرهُمْ بِهِ مِنْ التَّخْفِيف، طَلَبُوا مِنْهُ التَّكْلِيفَ بِمَا يَشُقّ، لِاعْتِقَادِهِمْ اِحْتِيَاجَهُمْ إِلَى الْمُبَالَغَة فِي الْعَمَلِ لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ دُونَه، فَيَقُولُونَ:" لَسْنَا كَهَيْئَتِك " ، فَيَغْضَبُ مِنْ جِهَة أَنَّ حُصُولَ الدَّرَجَات لَا يُوجِبُ التَّقْصِيرَ فِي الْعَمَل، بَلْ يُوجِبُ الِازْدِيَادَ ، شُكْرًا لِلْمُنْعِمِ الْوَهَّاب ، كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيث الْآخَر:" أَفَلَا أَكُون عَبْدًا شَكُورًا ". وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِمَا يَسْهُل عَلَيْهِمْ لِيُدَاوِمُوا عَلَيْهِ ، كَمَا فِي الْحَدِيث الْآخَر:" أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُه ".
وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد: الْأُولَى: أَنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْكَرَامِيَّة: إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ فَقَطْ.
وَدَلِيلًا عَلَى زِيَادَةِ الْإِيمَان وَنُقْصَانِه ، لِأَنَّ قَوْلَه صلى الله عليه وسلم:" أَنَا أَعْلَمكُمْ بِاللهِ " ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِاللهِ دَرَجَات، وَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْض، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فِي أَعْلَى الدَّرَجَات ، وَالْعِلْمُ بِاللهِ يَتَنَاوَلُ مَا بِصِفَاتِهِ ، وَمَا بِأَحْكَامِهِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، فَهَذَا هُوَ الْإِيمَانُ حَقًّا. الثَّانِيَة: الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ الشَّارِعُ مِنْ عَزِيمَةٍ وَرُخْصَة، وَاعْتِقَادُ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَرْفَقِ الْمُوَافِق لِلشَّرْعِ ، أَوْلَى مِنْ الْأَشَقِّ الْمُخَالِف لَهُ.
الثَّالِثَة: أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْعِبَادَةِ الْقَصْدُ وَالْمُلَازَمَة، لَا الْمُبَالَغَة الْمُفْضِيَةُ إِلَى التَّرْك.
الرَّابِعَة: التَّنْبِيه عَلَى شِدَّةِ رَغْبَة الصَّحَابَة فِي الْعِبَادَة ، وَطَلَبِهِمْ الِازْدِيَادَ مِنْ الْخَيْر.
الْخَامِسَة: جَوَازُ تَحَدُّثِ الْمَرْءِ بِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ عِنْد الْأَمْنِ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَالتَّعَاظُم.
السَّادِسَة: بَيَانُ أَنَّ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رُتْبَة الْكَمَالِ الْإِنْسَانِيّ ، لِأَنَّهُ مُنْحَصِر فِي الْحِكْمَتَيْنِ: الْعِلْمِيَّة ، وَالْعَمَلِيَّة، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ:" أَعْلَمكُمْ " وَإِلَى الثَّانِيَة بِقَوْلِهِ: " أَتْقَاكُمْ ". (فتح الباري) ح20
(هق)، وَعَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ قَالَ: شَهِدَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه بِشَهَادَةٍ ، فَقَالَ لَهُ: لَسْتُ أَعْرِفُكَ ، وَلَا يَضُرُّكَ أَنْ لَا أَعْرِفُكَ ، ائْتِ بِمَنْ يَعْرِفُكَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا أَعْرِفُهُ ، قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَعْرِفُهُ؟ ، قَالَ: بِالْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ ، فَقَالَ: فَهُوَ جَارُكَ الْأَدْنَى الَّذِي تَعْرِفُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ؟ ، وَمَدْخَلَهُ وَمَخْرَجَهُ؟ ، قَالَ: لَا ، قَالَ: فَمُعَامِلُكَ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْوَرَعِ؟ ، قَالَ: لَا ، قَالَ: فَرَفِيقُكَ فِي السَّفَرِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؟ ، قَالَ: لَا ، قَالَ: لَسْتَ تَعْرِفُهُ، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ: ائْتِ بِمَنْ يَعْرِفُكَ. (1)
(1)(هق) 20187 ، وصححه الألباني في الإرواء: 2637
(م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ ، وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ ، وَلَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ (1) وَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ إِلَى صَدْرِهِ (2) "(3)
قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (4)} (5)
(1) انظر كيف قَرَن النِّيَّةَ بالعمل. ع
(2)
أَيْ: فَأَصْلِحُوا أَعْمَالكُمْ وَقُلُوبكُمْ ، وَلَا تَجْعَلُوا هِمَّتَكُمْ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَدَنِ وَالْمَال ، وَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ وَعَدَمِهِ: أَنَّهُ عز وجل لَا يَقْبَلُ الْمَرْء ، وَلَا يُقَرِّبهُ بِحُسْنِ الصُّورَة ، وَكَثْرَة الْمَال ، وَلَا يَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يَقْبَلُهُ بِحُسْنِ الْعَمَل ، وَخُلُوص الْقَلْب ، وَيَرُدُّهُ بِضِدِّ ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَمَا شَيْءٌ لَا يَغِيبُ مِنْ نَظَرِه تَعَالَى ، وَالله أَعْلَم. حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 7 / ص 500)
(3)
(م) 2564 ، (جة) 4143
(4)
قَوْله: {بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ} أَيْ: بِمَا اِسْتَقَرَّ فِيهَا، وَالْآيَة وَإِنْ وَرَدَتْ فِي " الْأَيْمَان " بِالْفَتْحِ ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا فِي " الْإِيمَانِ " بِالْكَسْرِ وَاضِحٌ ، لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى، إِذْ مَدَارُ الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا عَلَى عَمَلِ الْقَلْب. فتح (1/ 105)
(5)
[البقرة: 225]
(خ م)، وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً (1) إِذَا صَلَحَتْ ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ (2) وَإِذَا فَسَدَتْ ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"(3)
الشرح (4)
(1)(المُضْغَة): قَدْر مَا يُمْضَغ. (فتح - ح52)
(2)
المقصود بصلاح الجسد: قيامُه بما أمر الله به من فرائض وواجبات ، واجتناب ما نهى عنه من مَعَاصٍ وموبقات. ع
(3)
(خ) 52 ، (م) 107 - (1599)
(4)
سُمِّيَ الْقَلْب قَلْبًا لِتَقَلُّبِهِ فِي الْأُمُور، أَوْ لِأَنَّهُ خَالِصُ مَا فِي الْبَدَن، وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ قَلْبُهُ ، وَخَصَّ الْقَلْبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِيرُ الْبَدَن، وَبِصَلَاحِ الْأَمِيرِ تَصْلُحُ الرَّعِيَّة، وَبِفَسَادِهِ تَفْسُد ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى تَعْظِيمِ قَدْرِ الْقَلْب، وَالْحَثِّ عَلَى صَلَاحِه، وَالْمُرَادُ: الْمُتَعَلِّقُ بِهِ مِنْ الْفَهْمِ الَّذِي رَكَّبَهُ اللهُ فِيهِ.
وَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ فِي الْقَلْب، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَتَكُون لَهُمْ قُلُوب يَعْقِلُونَ بِهَا} ، وَقَوْله تَعَالَى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لِذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب} .
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَيْ: عَقْل ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَلْبِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اِسْتِقْرَاره. (فتح- ح52)
قلت: فَصَلاحُ الجَسَدِ مَنُوطٌ بِصَلاحِ القَلْب ، فمن فَسَدَ ظاهِرُه ، دلَّ هذا على فَسَادٍ في قَلْبِه ، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:(" أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا)(وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ)(إِذَا حَدَّث كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ)(وَإِذَا خَاصَمَ فَجَر")(خ) 34 ، (م)58.ع
(جة حم)، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" مَثَلُ عَمَلِ أَحَدِكُمْ كَمَثَلِ الْوِعَاءِ)(1)(إِذَا طَابَ أَسْفَلُهُ ، طَابَ أَعْلَاهُ ، وَإِذَا فَسَدَ أَسْفَلُهُ ، فَسَدَ أَعْلَاهُ (2) ") (3)
(1)(حم) 16899 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.
(2)
القصد بالتشبيه أن الظاهرَ عُنوانُ الباطِن ، ومن طابَتْ سَريرتُه ، طابَتْ عَلانِيَتُه ، فإذا اقترنَ العملُ بالإخلاصِ القلبيِّ الذي هو شرطُ القبول ، أشرقَ ضياءُ الأنوار على الجوارح الظاهرة ، وإذا اقترنَ برياءٍ أو نحوه ، اكتسب ظُلْمة يُدْرِكُها أهلُ البَصائر وأرْباب السَّرائر، " إن لله عبادا يعرفون الناس بِالتَّوَسُّم " ، فاتقوا فِراسَة المؤمن.
قال الغزالي: للأعمال الظاهرة عَلائِقُ من المساعي الباطنة ، تُصْلِحها وتُفْسِدها ، كالإخلاصِ ، والرياء ، والعجب ، وغيرها ، فمن لم يعرف هذه المساعي الباطنة ووجهَ تأثيرِها في العبادات الظاهرة ، فقلَّما سَلِمَ له عملٌ ظاهر ، فَتَفُوتُه طاعاتُ الظاهر والباطن ، فلا يبقى بِيَدِهِ إلا الشَّقاء والكذب ذلك هو الخسران المبين. فيض القدير - (ج 2 / ص 708)
(3)
(جة) 4199 ، انظر الصَّحِيحَة: 1734
(خ م)، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ رضي الله عنه قَالَ:(" الْتَقَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُشْرِكُونَ [يَوْمَ خَيْبَرَ] (1) فَاقْتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ (2)" ، وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ - وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً (3) إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ - فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أَجْزَأَ (4) مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ") (5) (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: لَأَتَّبِعَنَّهُ (6)) (7) (فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ) (8) (خَرَجَ مَعَهُ ، فَكَانَ كُلَّمَا وَقَفَ ، وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا أَسْرَعَ ، أَسْرَعَ مَعَهُ ، فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا) (9) (فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي قُلْتَ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ ، فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِلَى النَّارِ "، قَالَ: فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا، فَلَمَّا كَانَ مِنْ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى) (10) (أَلَمِ الْجِرَاحِ) (11) (فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ ، وَذُبَابَهُ (12) بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ) (13) (حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ) (14) (فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (15) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ ، انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ (16)) (17) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " اللهُ أَكْبَرُ ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ) (18)(إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ (19) وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَإنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) (20) (وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ) (21) (ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ) (22)
وفي رواية: (إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ (23)) (24)(وَإِنَّ اللهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ")(25)
الشرح (26)
(1)(خ) 3967
(2)
أَيْ: رَجَعَ بَعْد فَرَاغِ الْقِتَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْم. فتح الباري (12/ 23)
(3)
الشَّاذَّة: مَا اِنْفَرَدَ عَنْ الْجَمَاعَةِ، وَالفاذَّة: مِثْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِط بِهِمْ، ثُمَّ هُمَا صِفَة لِمَحْذُوفٍ أَيْ: نَسَمَة، وَالْهَاء فِيهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَلْقَى شَيْئًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالشَّاذِّ وَالْفَاذِّ: مَا كَبُرَ وَصَغُرَ.
وَقِيلَ: الشَّاذُّ: الْخَارِجُ ، وَالْفَاذُّ: الْمُنْفَرِدُ.
وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى. فتح الباري (ج 12 / ص 23)
(4)
أَيْ: مَا أَغْنَى. فتح الباري (ج 12 / ص 23)
(5)
(خ) 2742 ، (م) 112
(6)
أَيْ: أَنَا أَصْحَبُهُ فِي خُفْيَة ، وَأُلَازِمُهُ لِأَنْظُر السَّبَبَ الَّذِي بِهِ يَصِيرُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَإِنَّ فِعْلَه فِي الظَّاهِر جَمِيل ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّار، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ عَجِيبٍ. شرح النووي (1/ 226)
(7)
(خ) 3970
(8)
(خ) 2897 ، (حم) 17257
(9)
(خ) 2742 ، (م) 112
(10)
(خ) 2897 ، (م) 111
(11)
(خ) 6232
(12)
أَيْ: رأس سيفه.
(13)
(خ) 2742 ، (م) 112
(14)
(خ) 6128
(15)
اشتدَّ: أسرع المشي ، ركض.
(16)
قَالَ الْمُهَلَّبُ: هَذَا الرَّجُلُ مِمَّنْ أَعْلَمَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَفَذَ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ مِنْ الْفُسَّاقِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّارِ.
وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: " هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ " أَيْ: إِنْ لَمْ يَغْفِرْ اللهُ لَهُ. فتح الباري (ج 12 / ص 24)
(17)
(خ) 3967 ، (حم) 8077
(18)
(خ) 2897 ، (م) 111
(19)
قوله: " فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأَمْرِ يكونُ بِخِلافِ ذلك. جامع العلوم والحكم - (ج 6 / ص 30)
(20)
(خ) 2742 ، (م) 112
(21)
(خ) 6233 ، (حم) 22886
(22)
(خ) 2897 ، (م) 111
(23)
أي: مؤمن خالص ، احترازا عن المنافق ، أو مؤمن كامل ، فالمراد: دخولها مع الفائزين دخولا أَوَّلِيًّا غير مسبوقٍ بعذاب. المرقاة (17/ 148)
(24)
(خ) 3970
(25)
(خ) 2897 ، (م) 111
(26)
المراد بالفاجر: الفاسق ، إن كان الرجل مسلما حقيقة ، أو الكافر ، إن كان منافقا. فيض القدير - (ج 2 / ص 329)
ومن نظائره: من يصنِّف ، أو يدرِّس ، أو يعلم ، أو يتعلم ، أو يؤذن ، أو يؤم ، أو يأتم ، وأمثال ذلك ، كمن يبني مسجدا ، أو مدرسة ، لغرضٍ فاسد ، وقصدٍ كاسد ، مما يكون سببًا لِنِظَام الدين ، وقِوَامِ المسلمين ، وصاحبُه من جملة المحرومين ، جعلنا الله تعالى من المُخْلِصين، بل من المُخْلَصين. مرقاة المفاتيح (ج 17 / ص 148)
وفِيهِ التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِالْأَعْمَالِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَتَّكِل عَلَيْهَا وَلَا يَرْكَن إِلَيْهَا ، مَخَافَةً مِنْ اِنْقِلَاب الْحَال ، لِلْقَدَرِ السَّابِقِ مِنَ اللهِ ، وَكَذَا يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ لَا يَقْنَط، وَيَنْبَغِي لِغَيْرِهِ أَنْ لَا يُقَنِّطَهُ مِنْ رَحْمَةِ الله تَعَالَى. النووي (1/ 226)
(خ م ت)، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ:(خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى خَيْبَرَ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْنَا، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ)(1)(وَالْبَقَرَ وَالْإِبِلَ وَالْحَوَائِطَ (2) ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِي الْقُرَى - وَمَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ ، أَهْدَاهُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ -) (3)(فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِي ، قَامَ عَبْدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَحُلُّ رَحْلَهُ (4) فَرُمِيَ بِسَهْمٍ ، فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ، فَقُلْنَا: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) (5) (إِنَّ الشَّمْلَةَ (6) الَّتِي أَخَذَهَا مِنَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ ، لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ (7) لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا ") (8)(فَفَزِعَ النَّاسُ)(9)(فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشِرَاكيْنِ (10) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" شِرَاكَانِ مِنَ نَارٍ) (11) (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ) (12) (ثَلَاثًا) (13) (أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ "، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ) (14).
(1)(م) 115
(2)
أَيْ: البساتين.
(3)
(خ) 3993
(4)
(الرَّحْل): مَرْكَبُ الرَّجُلِ عَلَى الْبَعِير.
(5)
(م) 115
(6)
هِيَ كِسَاءُ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُل. عون المعبود - (ج 6 / ص 152)
(7)
أَيْ: أَخَذَهَا قَبْلَ الْقِسْمَة، فَكَانَ غُلُولًا، لِأَنَّهَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْن الْغَانِمِينَ عون المعبود - (ج 6 / ص 152)
(8)
(خ) 6329
(9)
(م) 115
(10)
الشِّرَاكُ: سَيْرُ النَّعْلِ الذي يُمْسِكُ بالنعلِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ.
(11)
(خ) 3993 ، (م) 115
(12)
(م) 114
(13)
(ت) 1574
(14)
(م) 114
(طس)،وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وَإِنَّكَ لأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي، وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي، وَإِنِّي لأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ ، فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوتَكَ ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَأَنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَا أَرَاكَ، " فَلَمْ يَرُدَّ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا "، حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِهَذِهِ الْآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ، فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (1) " (2)
(1)[النساء/69]
(2)
(طس) 477 ، (ش) 31774، الصَّحِيحَة: 2933 ، فقه السيرة: ص 199
(حل)، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنَ الشَّوْكِ الْعِنَبُ، كَذَلِكَ لَا يَنْزِلُ الْفُجَّارُ مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ، فَاسْلُكُوا أَيَّ طَرِيقٍ شِئْتُمْ، فَأَيُّ طَرِيقٍ سَلَكْتُمْ ، وَرَدْتُمْ عَلَى أَهْلِهِ "(1)
(1) أبو نعيم (10/ 31) ، ابن عساكر (67/ 260)، صَحِيح الْجَامِع: 4575 ، الصَّحِيحَة: 2046