الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَر
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (1)
(م)، وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ ، حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ (2) "(3)
(1)[القمر: 49]
(2)
الْكَيْس: ضِدّ الْعَجْز ، وَمَعْنَاهُ: الْحِذْقُ فِي الْأُمُورِ، وَيَتَنَاوَلُ أُمُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَعْنَاهُ: أَنَّ كُلّ شَيْء لَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ إِلَّا وَقَدْ سَبَقَ بِهِ عِلْمُ اللهِ وَمَشِيئَتُهُ، وَإِنَّمَا جَعَلَهُمَا فِي الْحَدِيث غَايَةً لِذَلِكَ ، لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ أَفْعَالَنَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَة لَنَا ، وَمُرَادَةً مِنَّا ، فَلَا تَقَعُ مَعَ ذَلِكَ مِنَّا إِلَّا بِمَشِيئَةِ الله ، وَهَذَا مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ، فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَة نَصٌّ فِي أَنَّ الله خَالِقُ كُلِّ شَيْء وَمُقَدِّرُهُ ، وَهُوَ أَنَصُّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ، وَقَوْله تَعَالَى:{وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ، وَاشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَة السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْقَدَرِيَّة. (فتح الباري) - (ج 18 / ص 436)
وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَاجِزَ قَدْ قُدِّرَ عَجْزُهُ، وَالْكَيِّسُ قَدْ قُدِّرَ كَيْسُهُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْعَجْزَ عَنْ الطَّاعَةِ ، وَالْكَيْسَ فِيهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَمْرَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ. المنتقى - شرح الموطأ - (ج 4 / ص 279)
(3)
(م) القدر (2655) ، (حم) 5893
(خلق أفعال العباد) عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ خَلَقَ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ "، قَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ اللهَ خَلَقَ صَانِعَ الْخَزَمِ (1) وَصَنْعَتَهُ (2). (3)
(1)(الخَزَم): شجر يُتَّخَذُ من لحائه الحبال.
(2)
قال البخاري في خلق أفعال العباد ح18:فأخبر أن الصناعات وأهلها مخلوقة.
(3)
(خلق أفعال العباد) ح18 ، انظر الصَّحِيحَة: 1637
(يع)، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَلُوا اللهَ كُلَّ شَيْءٍ ، حَتَّى الشِّسْعَ ، فَإِنَّ اللهَ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ ، لَمْ يَتَيَسَّرْ " (1)
(1)(يع) 4560 ، (عمل اليوم والليلة لابن السني) 355 ، (الزهد لأحمد بن حنبل) 1130 ، (هب) 1119 ، وحسنه الألباني في الضعيفة: 1363
(خ م)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" كَانَ لِنَبِيِّ اللهِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام)(1)(مِائَةُ امْرَأَةٍ)(2)(فَقَالَ: لَأَطُوفَنَّ (3) اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي ، فَلَتَحْمِلْنَّ) (4) (كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ) (5) (وَلَتَلِدَنَّ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ) (6) (فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ) (7)(فَطَافَ عَلَيْهِنَّ (8) جَمِيعًا ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ، جَاءَتْ) (9) (بِنِصْفِ إِنْسَانٍ) (10) (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللهُ) (11)(لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ، فَوَلَدَتْ فَارِسًا)(12)(وَلَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ)(13)(أَجْمَعُونَ (14) ") (15)
(1)(خ) 7031
(2)
(خ) 4944
(3)
كناية عن الجماع.
(4)
(خ) 7031
(5)
(م) 1654
(6)
(خ) 7031
(7)
(خ) 4944
(8)
أَيْ: جَامَعَهُنَّ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 186)
(9)
(خ) 6263
(10)
(خ) 4944
(11)
(خ) 6263
(12)
(خ) 7031
(13)
(خ) 3242
(14)
قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَوْلُهُ " لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللهُ "، قِيلَ: هُوَ خَاصٌّ بِسُلَيْمَانَ عليه السلام وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ " إِنْ شَاءَ اللهُ " ، حَصَلَ مَقْصُودُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ قَالَهَا وَقَعَ مَا أَرَادَ ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ مُوسَى عليه السلام قَالَهَا عِنْدَمَا وَعَدَ الْخَضِرَ أَنْ يَصْبِرُ عَمَّا يَرَاهُ مِنْهُ ، وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَصْبِرْ ، كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:" لَوَدِدْنَا لَوْ صَبَرَ ، حَتَّى يَقُصَّ اللهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِهِمَا " ، وَقَدْ قَالَهَا الذَّبِيحُ ، فَوَقَعَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام:{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنْ الصَّابِرِينَ} فَصَبَرَ حَتَّى فَدَاهُ اللهُ بِالذَّبْحِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 186)
(15)
(خ) 6263
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" لَا تَنْذِرُوا ، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنْ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ اللهُ قَدْ قَدَّرَهُ لَهُ (1) وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ) (2)(قَدْ قُدِّرَ لَهُ، فَيَسْتَخْرِجُ اللهُ بِهِ (3) مِنْ الْبَخِيلِ (4) فَيُؤْتِي الْبَخِيلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ يُؤْتِي عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ") (5) الشرح (6)
(1) فإن قيل: لماذا نهى عن النذر ، مع أنه لا يؤثر ، لأن الأمرَ سيقع كما أراده الله وقدَّرَه ، فما هو سببُ كَراهةِ النذرِ والحالةُ هذه؟.
الجواب: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ النَّهْي عَنْ كَوْنِ النَّذْرِ يَصِيرُ مُلْتَزَمًا بِهِ، فَيَأتِي بِهِ تَكَلُّفًا بِغَيْرِ نَشَاط.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبهُ كَوْنُهُ يَأتِي بِالْقُرْبَةِ الَّتِي اِلْتَزَمَهَا فِي نَذْرِهِ عَلَى صُورَةِ الْمُعَاوَضَةِ لِلْأَمْرِ الَّذِي طَلَبَهُ ، فَيَنْقُصُ أَجْره، وَشَأنُ الْعِبَادَةِ أَنْ تَكُونَ مُتَمَحِّضَةً لِلهِ تَعَالَى. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّهْيَ لِكَوْنِهِ قَدْ يَظُنُّ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ النَّذْرَ يَرُدُّ الْقَدَر، وَيَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْمُقَدَّر ، فَنَهَى عَنْهُ خَوْفًا مِنْ جَاهِلٍ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يُؤَيِّد هَذَا. شرح النووي على مسلم - (11/ 98)
(2)
(م) 1640 ، (خ) 6235
(3)
أَيْ: بِسَبَبِ النَّذْرِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 192)
(4)
أَيْ أَنَّهُ لَا يَأتِي بِهَذِهِ الْقُرْبَة تَطَوُّعًا مَحْضًا مُبْتَدِئًا ، وَإِنَّمَا يَأتِي بِهَا فِي مُقَابَلَة شِفَاء الْمَرِيض وَغَيْره مِمَّا تَعَلَّقَ النَّذْر عَلَيْهِ. شرح النووي على مسلم (11/ 98)
(5)
(خ) 6316
(6)
عَادَةُ النَّاسِ تَعْلِيقُ النُّذُورِ عَلَى حُصُولِ الْمَنَافِعِ ، وَدَفْعِ الْمَضَارِّ ، فَنَهَى عَنْهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْبُخَلَاءِ، إِذْ السَّخِيُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللهِ تَعَالَى ، اِسْتَعْجَلَ فِيهِ وَأَتَى بِهِ فِي الْحَالِ، وَالْبَخِيلُ لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ إِلَّا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ يُسْتَوْفَى أَوَّلًا ، فَيَلْتَزِمُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا سَيَحْصُلُ لَهُ ، وَيُعَلِّقُهُ عَلَى جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرٍّ، وَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَدَرِ شَيْئًا، أَيْ: نَذْرٌ لَا يَسُوقُ إِلَيْهِ خَيْرًا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ ، وَلَا يَرُدَّ شَرًّا قُضِيَ عَلَيْهِ.
وَلَكِنَّ النَّذْرَ قَدْ يُوَافِقُ الْقَدَرَ ، فَيَخْرُجُ مِنْ الْبَخِيلِ مَا لَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ فَمَعْنَى نَهْيِهِ عَنْ النَّذْرِ ، إِنَّمَا هُوَ التَّأَكُّدُ لِأَمْرِهِ ، وَتَحْذِيرِ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ،
وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى يَفْعَلَ ، لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ ، وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ، إِذْ صَارَ مَعْصِيَةً، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجْلُبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا، وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضَرًّا، وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللهُ تَعَالَى يَقُولُ: فَلَا تَنْذُرُوا ، عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرْ اللهُ لَكُمْ، أَوْ تَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ، وَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ ، فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ ، وتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ " فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنْ الْقَدَرِ "، وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ ، هُوَ النَّذْرُ الْمُقَيَّدُ، الَّذِي يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْ الْقَدَرِ بِنَفْسِهِ كَمَا زَعَمُوا، وَكَمْ نَرَى فِي عَهْدِنَا جَمَاعَةً يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا مِنْ غَالِبِ الْأَحْوَالِ حُصُولَ الْمَطَالِبِ بِالنَّذْرِ.
وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ بِدُونِ سَببٍ، فَالنُّذُورُ كَالذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلِ ، فَيَكُونُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ طَاعَةً وَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَيْفَ وَقَدْ مَدَحَ اللهُ تَعَالَى جَلَّ شَأنُهُ الْخِيرَةَ مِنْ عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ:{يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} وَ {إِنِّي نَذَرْت لَك مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}
وَأَمَّا مَعْنَى" وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ" ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْبَذْلَ وَالْإِنْفَاقَ فَمَنْ سَمَحَتْ أَرِيحَتُهُ فَذَلِكَ، وَإِلَّا فَشَرَعَ النُّذُورَ لِيَسْتَخْرِجَ بِهِ مِنْ مَالِ الْبَخِيلِ. تحفة الأحوذي - (ج 4 / ص 192)