الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَصِيرُ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ وَغَيْرِهِم
(1)
(حم حب يع)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (" يُؤْتَى بِأَرْبَعَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(2)(رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ، وَرَجُلٌ هَرِمٌ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ)(3)(وَالْمَوْلُودُ ، فَكُلُّهُمْ يَتَكَلَّمُ بِحُجَّتِهِ)(4)(فَأَمَّا الَأَصَمُّ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ، وَأَمَّا الْهَرِمُ فَيَقُولُ: رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ: رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ)(5)(فَيَقُولُ الرَّبُّ تبارك وتعالى لِعُنُقٍ مِنَ النَّارِ: ابْرُزْ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنِّي كُنْتُ أَبْعَثُ إِلَى عِبَادِي رُسُلًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَإِنِّي رَسُولُ نَفْسِي إِلَيْكُمْ)(6)(فَيَأخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنِ ادْخُلُوا النَّارَ)(7)(فَمَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ السَّعَادَةُ ، يَمْضِي فَيَتَقَحَّمُ فِيهَا مُسْرِعًا ، وَيَقُولُ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءُ: يَا رَبِّ ، أَيْنَ نَدْخُلُهَا وَمِنْهَا كُنَّا نَفِرُّ؟ ، فَيَقُولُ تبارك وتعالى: أَنْتُمْ لِرُسُلِي أَشَدُّ تَكْذِيبًا وَمَعْصِيَةً)(8)(فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا)(9)(فَيُدْخِلُ هَؤُلَاءِ الْجَنَّةَ)(10)(وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ ، يُسْحَبْ إِلَيْهَا ")(11)
(1) الفَتْرَةُ: ما بين كل نَبِيَّيْنِ من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة.
وأَهْلُ الْفَتْرَة: الَّذِينَ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ. لسان العرب - (ج 5 / ص 43)
(2)
(يع) 4224 ، انظر الصَّحِيحَة: 2468
(3)
(حم) 16344 ، (حب) 7357 ، انظر الصَّحِيحَة: 1434 ، وقال الشيخ شعيب الأرناءوط في (حب): إسناده صحيح.
(4)
(يع) 4224
(5)
(حم) 16344 ، (حب) 7357
(6)
(يع) 4224
(7)
(حم) 16344 ، (حب) 7357
(8)
(يع) 4224
(9)
(حم) 16344 ، (حب) 7357
(10)
(يع) 4224
(11)
(حم) 16345 ، صَحِيح الْجَامِع: 881 ، وقال الأرناءوط: إسناده حسن.
(حم هق)، وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ:(كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ ، " فَنَزَلَ بِنَا)(1)(فَانْتَهَى إِلَى رَسْمِ قَبْرٍ، فَجَلَسَ " ، وَجَلَسَ النَّاسُ حَوْلَهُ، " فَجَعَلَ يُحَرِّكُ رَأسَهُ كَالْمُخَاطِبِ ، ثُمَّ بَكَى ")(2)(فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ)(3)(مَا يُبْكِيكَ؟ ، فَقَالَ: " هَذَا قَبْرُ أُمِّي آمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، اسْتَأذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي، وَاسْتَأذَنْتُهُ فِي الاسْتِغْفَارِ لَهَا ، فَأَبَى عَلَيَّ)(4)(فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنْ النَّارِ ")(5)(قَالَ بُرَيْدَةُ: فَمَا رَأَيْتُ سَاعَةً أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ)(6).
الشرح (7)
(1)(حم) 23053 ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(2)
(هق في دلائل النبوة) 101 ، انظر صحيح السيرة ص23
(3)
(حم) 23053 ، (حب) 5390
(4)
(هق في دلائل النبوة) 101 ، (م) 976
(5)
(حم) 23053 ، (حب) 5390
(6)
(هق في دلائل النبوة) 101 ، (د) 3234
(7)
قال الألباني في صحيح السيرة ص28: وإخباره صلى الله عليه وسلم عن أبويْه وجده عبد المطلب بأنهم من أهل النار لَا يُنافي الحديث الوارد من طرق متعددة أن أهل الفترة والأطفال والمجانين والصم يُمتَحَنون في العَرَصات يوم القيامة ، فيكون منهم من يُجيب ، ومنهم من لَا يُجيب ، فيكون هؤلاء من جملة من لَا يُجيب، فلا منافاة ، ولله الحمد والمنة. أ. هـ
(حم)، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ (1) وَيَفُكُّ الْعَانِيَ (2) وَيُحْسِنُ الْجِوَارَ، فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ؟ ، قَالَ:" لَا، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا قَطُّ: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (3) "(4)
(1) أَيْ: يُكْرِم الضيف.
(2)
أَيْ: يَفدي الأسير.
(3)
مَعْنَى هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ مِنْ الصِّلَةِ وَالْإِطْعَامِ وَوُجُوهِ الْمَكَارِمِ لَا يَنْفَعُهُ فِي الْآخِرَة؛ لِكَوْنِهِ كَافِرًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِه صلى الله عليه وسلم:" لَمْ يَقُلْ رَبِّ اِغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين " أَيْ: لَمْ يَكُنْ مُصَدِّقًا بِالْبَعْثِ، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَنْفَعُهُ عَمَل ، وَقَدْ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا تَنْفَعُهُمْ أَعْمَالُهُمْ، وَلَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا بِنَعِيمٍ وَلَا تَخْفِيفِ عَذَاب، لَكِنَّ بَعْضَهُمْ أَشَدُّ عَذَابًا مِنْ بَعْضٍ ، بِحَسَبِ جَرَائِمِهِمْ. شرح النووي على مسلم - (ج 1 / ص 358)
(4)
(حم) 24936 ، (م) 214
(يع)، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيَفُكُّ الْعُنَاةَ، وَيُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَلَوْ أَدْرَكَ أَسْلَمَ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهُ؟ ، قَالَ:" لَا، إِنَّهُ كَانَ يُعْطِي لِلدُّنْيَا وَذِكْرِهَا وَحَمْدِهَا، وَلَمْ يَقُلْ يَوْمًا قَطُّ: رَبِّ اغْفِرْ لِي يَوْمَ الدِّينِ "(1)
(1)(يع) 6965 ، (طب) ج 23ص279 ح606 ، انظر الصَّحِيحَة: 2927
(م حم)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:(قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيْنَ أَبِي؟، قَالَ: " فِي النَّارِ)(1)(فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: إِن أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ")(2)
الشرح (3)
(1)(م) 203 ، (د) 4718
(2)
(حم) 12213 ، (م) 203
(3)
قال الألباني في الصَّحِيحَة 2592: واعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس اليوم ، وقبل اليوم ، لَا استعداد عندهم لقبول هذه الأحاديث الصحيحة، وتَبَنِّي ما فيها من الحكم بالكفر على وَالدَيْ الرسول صلى الله عليه وسلم بل إن فيهم من يُظَنُّ أنه من الدعاة إلى الإسلام ، لَيَسْتَنْكِرُ أشدَّ الاستنكارِ التعرُّضَ لذكرِ هذه الأحاديثِ ودِلالتها الصريحة! ، وفي اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما يَنْصَبُّ منهم على النبي صلى الله عليه وسلم الذي قالها إن صدقوا بها ، وهذا - كما هو ظاهر - كفرٌ بَواح، أو على الأقل على الأئمة الذين رووها وصحَّحوها، وهذا فِسق ، أو كُفر صراح ، لأنه يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم ، لأنه لَا طريق لهم إلى معرفته والإيمان به إِلَّا من طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم كما لَا يخفى على كل مسلم بصير بدينه، فإذا لم يُصَدِّقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم وأذواقهم وأهوائهم - والناس في ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتحُ بابٍ عظيمٍ جِدَّا لردِّ الأحاديث الصحيحة، وهذا أمر مُشاهدٌ اليوم من كثير من الكُتَّاب الذين ابتُلِيَ المسلمون بكتاباتهم ، ممن لَا ميزانَ عندَهُم لتصحيحِ الأحاديثِ وتضعيفها إِلَّا أهواؤهم!
واعلم أيها المسلم المُشْفِق على دينه أن يُهْدَمَ بأقلام بعض المنتسبين إليه ، أن هذه الأحاديث ونحوها مما فيه الإخبار بِكُفْر أشخاصٍ أو إيمانهم، إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها ، وتَلَقِّيها بالقَبول، لقوله تعالى:{الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} (البقرة: 1 - 3) وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب: 36) ، فالإعراض عنها ، وعدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين ، لَا ثالث لهما - وأحلاهما مُرٌّ -: إما تكذيبُ النبي صلى الله عليه وسلم وإما تكذيبُ رُواتها الثقات كما تقدم ، وأنا حينَ أكتبُ هذا ، أعلم أن بعضَ الذين يُنكرون هذه الأحاديث ، أو يتأولونها تأويلا باطلا - كما فعل السيوطي عفا الله عنا وعنه في بعض رسائله - إنما يحملهم على ذلك غُلُوُّهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وحبُّهم إياه، فيُنكرون أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم كما أخبر هو نفسه عنهما، فكأنهم أَشْفَقُ عليهما منه صلى الله عليه وسلم!! ، وقد لَا يتورَّع بعضُهم أن يرْكَن في ذلك إلى الحديث المشهور على ألسنة بعض الناس ، الذي فيه أن النبيَ صلى الله عليه وسلم أحيا اللهُ له أمه، وفي رواية: أبويه " وهو حديث موضوع باطل عند أهل العلم " ، كالدارقطني، وابن عساكر ، والذهبي والعسقلاني ، وغيرهم كما هو مبيَّن في موضعه، وراجعْ له إن شئت كتاب " الأباطيل والمناكير " للجورقاني بتعليق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي (1/ 222 - 229)، وقال ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 284): " هذا حديث موضوع بلا شك، والذي وضعه قليل الفهم، عديم العلم، إذ لو كان له عِلم ، لَعَلِمَ أن من مات كافرا لَا ينفعُه أن يؤمنَ بعد الرَّجْعَة، لَا ، بل لو آمن عند المعاينة.
ويكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ " فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ " فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ ، وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة/217]
وقولُه صلى الله عليه وسلم في (الصحيح): " استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي". أ. هـ
(جة)، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ ، وَكَانَ .. فَأَيْنَ هُوَ؟، قَالَ:" فِي النَّارِ " ، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأَيْنَ أَبُوكَ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ "، قَالَ: فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ ، وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعَبًا، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ. (1)
(1)(جة) 1573 ، (طب) 326 ، صَحِيح الْجَامِع: 3165 ، الصَّحِيحَة: 18
وقال الألباني: وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتْهَا عامة كتب الفقه، أَلَا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مرَّ بقبره ، ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظِ المؤمن ، وتذكيرِه بخطورة جُرْم هذا الكافر ، حيث ارتكب ذنبا عظيما تَهُون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت، وهو الكفر بالله عز وجل والإشراكُ به ، الذي أبان الله تعالى عن شِدَّة مَقْتِه إياه حين استثناه من المغفرة فقال:{إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ، وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء/48].
وإن الجهل بهذه الفائدة أودى ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد الشارعُ الحكيمُ منها، فإننا نعلم أن كثيرا من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة، فلا يكتفون بذلك حتى يقصدوا زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار ، ويضعونَ على قبورِهِم الأزهار والأكاليل ، ويقفون أمامها خاشعين مَحزونين، مما يُشعر بِرِضاهم عنهم ، وعدم مَقْتِهم إياهم، مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك كما في هذا الحديث الصحيح ، واسمع قول الله عز وجل:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ، إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ، كَفَرْنَا بِكُمْ ، وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة/4].
هذا موقفهم منهم وهم أحياء ، فكيف وهم أموات؟!. أ. هـ