الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعُ الْعِينَة
(1)
حُكْمُ بَيْعِ الْعِينَة
(د)، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ (2) وَأَخَذْتُمْ بِأَذْنَابِ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ (3) وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا (4) لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ "(5)
الشرح (6)
(1) بيع العِينة: التَّاجِر إذا بَاعَ سِلْعَته بِثَمَنٍ إِلَى أَجَل ، ثُمَّ اِشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَقَلّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَن. عون المعبود (ج 7 / ص 453)
(2)
قَالَ فِي الْقَامُوس: هو التَّاجِرُ إذا بَاعَ سِلْعَتَهُ بِثَمَنٍ إِلَى أَجَل ، ثُمَّ اِشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَن ، اِنْتَهَى.
وقَالَ الرَّافِعِيّ: وَبَيْعُ الْعِينَةِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّل ، وَيُسَلِّمُهُ إِلَى الْمُشْتَرِي ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ قَبْل قَبْضِ الثَّمَنِ ، بِثَمَنِ نَقْدٍ أَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ اِنْتَهَى. عون المعبود - (ج 7 / ص 453)
وقَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين ابْن الْقَيِّم رحمه الله كما في عون المعبود - (7/ 453): وَفِي الْبَابِ حَدِيثُ أَبِي إِسْحَاقِ السُّبَيْعِيِّ عَنْ اِمْرَأَته " أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَدَخَلَتْ مَعَهَا أُمّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي بِعْتُ غُلَامًا مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَم نَسِيئَة، وَإِنِّي اِبْتَعْتُهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَة: بِئْسَمَا اِشْتَرَيْتِ، وَبِئْسَمَا شَرَيْتِ، أَخْبِرِي زَيْدًا أَنَّ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَطَلَ إِلَى أَنْ يَتُوب ".
هَذَا الْحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيّ، وَأَعَلَّهُ بِالْجَهَالَةِ بِحَالِ اِمْرَأَة أَبِي إِسْحَاق، وَقَالَ: لَوْ ثَبَتَ ، فَإِنَّمَا عَابَتْ عَلَيْهَا بَيْعًا إِلَى الْعَطَاء، لِأَنَّهُ أَجَلٌ غَيْر مَعْلُوم ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَثْبُت مِثْل هَذَا عَنْ عَائِشَة، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ لَا يَبِيعُ إِلَّا مَا يَرَاهُ حَلَالًا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ يُونُس بْن أَبِي إِسْحَاق عَنْ أُمّه الْعَالِيَة بِنْتِ أَنْفَع " أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَة مَعَ أُمِّ مُحَمَّد " وَقَالَ غَيْره: هَذَا الْحَدِيث حَسَن، وَيُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ رَوَاهُ عَنْ الْعَالِيَة ثِقَتَانِ ثَبْتَانِ: أَبُو إِسْحَاق زَوْجُهَا، وَيُونُس اِبْنُهَا ، وَلَمْ يُعْلَمْ فِيهَا جَرْح، وَالْجَهَالَةُ تَرْتَفِع عَنْ الرَّاوِي بِمِثْلِ ذَلِكَ ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا مِمَّا ضُبِطَتْ فِيهِ الْقِصَّة، وَمَنْ دَخَلَ مَعَهَا عَلَى عَائِشَة، وَقَدْ صَدَّقَهَا زَوْجُهَا وَابْنُهَا ، وَهُمَا مَنْ هُمَا، فَالْحَدِيثُ مَحْفُوظٌ.
وَقَوْله فِي الْحَدِيث الْمُتَقَدِّم " مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة ، فَلَهُ أَوْكَسهمَا أَوْ الرِّبَا "
هُوَ مُنَزَّل عَلَى الْعِينَة بِعَيْنِهَا، قَالَهُ شَيْخنَا، لِأَنَّهُ بَيْعَانِ فِي بَيْعٍ وَاحِد، فَأَوْكَسهمَا: الثَّمَنُ الْحَالّ ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ - وَهُوَ الْمُؤَجَّل - أَخَذَ بِالرِّبَا ، فَالْمَعْنَيَانِ لَا يَنْفَكَّانِ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ، إِمَّا الْأَخْذ بِأَوْكَس الثَّمَنَيْنِ، أَوْ الرِّبَا، وَهَذَا لَا يَتَنَزَّلُ إِلَّا عَلَى الْعِينَة.
(3)
حُمِلَ هَذَا عَلَى الِاشْتِغَالِ بِالزَّرْعِ فِي زَمَنٍ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْجِهَاد. عون (7/ 453)
(4)
أَيْ: سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ صَغَارًا وَمَسْكَنَة ، وَمَنْ أَنْوَاعِ الذُّلِّ: الْخَرَاجُ الَّذِي يُسَلِّمُونَهُ كُلَّ سَنَةٍ لِمُلَّاكِ الْأَرْض ، وَسَبَبُ هَذَا الذُّلِّ وَالله أَعْلَم أَنَّهُمْ لَمَّا تَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، الَّذِي فِيهِ عِزُّ الْإِسْلَام ، وَإِظْهَارُهُ عَلَى كُلِّ دِين ، عَامَلَهُمْ اللهُ بِنَقِيضِهِ ، وَهُوَ إِنْزَالُ الذِّلَّةِ بِهِمْ ، فَصَارُوا يَمْشُونَ خَلْفَ أَذْنَابِ الْبَقَر ، بَعْد أَنْ كَانُوا يَرْكَبُونَ عَلَى ظُهُورِ الْخَيْلِ ، الَّتِي هِيَ أَعَزّ مَكَان. عون المعبود (7/ 453)
(5)
(د) 3462 ، (هق) 10484 ، (مسند الشاميين) 2417 ، (بز) 5887
(6)
قال الألباني في الصَّحِيحَة ح11: فتأمل كيف بيَّنَ هذا الحديثُ ما أُجْمِلَ في حديث أبي أمامة حين رأى سِكَّةً وشيئا من آلة الحرث ، فقال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله اللهُ الذُّل "، فذكر أن تسليط الذل ليس هو لمجرد الزرع والحرث ، بل لما اقترن به من الإخلاد إليه ، والانشغال به عن الجهاد في سبيل الله ، فهذا هو المراد بالحديث، وأما الزرع الذي لم يقترن به شيء من ذلك ، فهو المُراد بالأحاديث المُرَغِّبة في الحَرْث ، فلا تَعارض بينها ولا إشكال. أ. هـ