الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طرد الصليبيين من هذه البقاع نفسها التي يحتلونها". لهذا لا يهمهم بحث ما قتله الغربيون بحثاً. ولكن تهمهم الرمال المتحركة تحث الغزاة في فلسطين (1). وهذا يعني ان الموقف اليهودي من الحركة الصليبية نابع من ادراكهم حقيقة الوظيفة الحضارية للتاريخ كعلم، فهم يدرسون تاريخ الحركة الصليبية مع التركيز في الوجود اللاتيني في ارض فلسطين، وطبيعة علاقات الصليبيين بشعوب المنطقة وعوامل النجاح التى حققت لهم الانتصارات الأولية، ثم عوامل الفشل والاخفاق التى ادت إلى رحيل الصليبيين من المنطقة العربية ونهاية دولتهم .... فالتشابه بين التجربتين الصليبية والصهيونية هو الذى يغرى الكثيرين من الدارسين اليهود بدراسة تاريخ الحركة الصليبية، وتسخير نتائج دراساتهم في دراسة مستقبل الكيان الصهيوني (2). وهنا فإن الصهيونيون يستاءون من مقارنة حركتهم بالحركة الصليبية لما تتضمنه تلك المقارنه من جعل اسرائيل عنصراً دخيلاً على الشرق سيلفظه كما لفظ الدولة الصليبية من قبل (3). والواقع أن اهتمام المستوطنين الصهاينة بممالك الصليبيون تعبير عن إدراك أوَّلي لطبيعة دورهم في المنطقة كدولة وظيفية تكون مجرد أداة في يد قوى عظمى خارجية، وهو إحساس يشوبه قسط كبير من القدرية والعدمية الناجمة عن إحساس الأداة بأنها لا تمتلك ناصية أمورها ولا تسيطر على مصيرها أو قدرها (4).
مواجهة الهجمة الصليبية الجديدة
من العرض السابق يتضح لنا حجم التشابه بين الحملة الصليبية في الماضي والحاضر، وهذا يعنى ان المسلمون عندما يربطون اليوم، الإمبريالية الغربية والحملات التبشيرية المسيحية بالصليبيين، فإنهم ليسوا علي خطأ فيما ذهبوا إليه.
(1) الشبه بين الحرب الصلبيبية والحركة الصهيونية- عبد اللطيف زكي ابو هاشم - مجلة الفيصل - عدد 334 - ص39
(2)
رؤية اسرائيلية للحروب الصليبية: د. قاسم عبده قاسم ص248
(3)
الشبه بين الحرب الصلبيبية والحركة الصهيونية- عبد اللطيف زكي ابو هاشم - مجلة الفيصل - عدد 334 - ص39
(4)
الموسوعة الصهيونية - د. عبد الوهاب المسيري المجلد السادس ص 110
فعندما وصل الفرنسيون إلي دمشق، سار قائدهم في موكب إلي ضريح صلاح الدين في المسجد الكبير وصرخ قائلاً بالفرنسية ما معناه بالعربية (يا صلاح الدين ـ لقد عدنا). وعندما وصل الجنرال اللنبي إلي القدس عام 1917، أعلن أن الحملات الصليبية قد انتهت، وهو بإعلانه انتهاء الحروب الصليبية فقد وضع في فلسطين أسس نظام تمييز عنصري يقضي بفصل الأهالي الأصليين في مناطق معزولة، مولداً بذلك الكراهية والحروب التي كان صلاح الدين قد وضع حداً لها منذ عام 1187 وحتى عدة قرون من بعده وذلك حين دخل منتصرا إلى القدس فأعاد فتح المعابد اليهودية والكنائس المسيحية (1).
وهنا يجب ان نؤكد ان المسلمون يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن الإسلام سيجدد نفسه وينجب صلاح الدين الجديد الذي سيحرر القدس حتي بعد 200 سنة من الآن. فقد كانت التجربة الأولي لمسلمي المشرق مع المسيحيين في الغرب خلال الحروب الصليبية عام 1099، عندما احتل الصليبيون القدس وذبحوا حوالي 30 ألف مسلم ويهودي في المدينة التي تحولت من مدينة مقدسة مزدهرة إلي بركة من الدماء نتنة الرائحة. وتمكن المسلمون المشتتون من إعادة توحيد صفوفهم وتحرير المسجد الأقصى وتحقق النصر. وهنا فإن المسجد الاقصى يجسد النصر الذي احرزه المسلمون على الصليبيين بريادة عماد الدين زنكي الرائد الأول لقيادة المسلمين إلى قتال الصليبيين في العراق وغيرها من الحدود المتاخمة لهم. ثم تبعه- ولكن بصورة أكثر واشرس- القائد الرباني نور الدين زنكي، الذي صنع منبراً للمسجد الأقصى الاسير، متفائلاً وموقناً بنصر الله للمسلمين. ثم توجت هذه الانتصارات بالقائد المظفر البطل صلاح الدين الايوبي الذي وحد الجبهتين (المصرية والشامية) ضد الغزو الصليبي المتمركز في تلك البلاد حت انتصر في المعركة الفاصلة (حطين) سنة 583 هـ (1187م)(2).
(1) كيف نصنع المستقبل / روجيه جارودي ـ ترجمة وتقديم د. منى طلبه - د. انور مغيث- ص190 - دار الشروق- ط3 2002
(2)
الشبه بين الحرب الصلبيبية والحركة الصهيونية- عبد اللطيف زكي ابو هاشم - مجلة الفيصل - عدد 334 - ص36