الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفقيرة ، التي تبني سياسات اجتماعيه أكثر عدلا مقابل الطبقة الغنية التي ستدافع عن مصالحها بل وتعمل على تحسينها وهو ما سيولد تناقضات داخليه خطيرة في المستقبل، تتهرب من مواجهتها الإدارة الأمريكية من خلال طرح تحديات خارجية ووجودية ، هذا بالإضافة إلى حقيقة يجري إغفالها وتتمثل بهيمنة الواسب الانكلو ساكسون البيض على أبرز مصادر ومفاصل القوة والاقتصاد والسياسة (1).
وأما نقاط الضعف في القوة الأميركية فهي أن الولايات المتحدة بحاجة إلى ائتلاف وتشارك مع العالم، فهي لا تستطيع التصرف منفردة رغم قوتها وتفوقها. فقوتها لا تكفي لحل مشاكل مثل الإرهاب وانتشار الأسلحة النووية، وستقع في متاعب كثيرة إن لم تتفهم ذلك، وتتعلم كيف تعمل مع الآخرين وتقودهم (2). ولكي تحافظ أمريكا في القرن الحادي والعشرين على موقع الزعامة في المنظومة العالمية يجب عليها التضحية بمواطنيها، والاستعداد لدفع الضرائب، وإرسال أبنائها فيما وراء المحيطات، فهل أمريكا مستعدة لتقديم مثل هذه التضحيات التي لا مفر منها؟. مع نهاية الحرب الباردة بدأ هذا الاستعداد يفتر أكثر فأكثر، وقد أجرت مجلة تايم الأمريكية دراسة عام 1991م أثبتت أن 76% من الشعب الأمريكي يعارض قيام أمريكا بدور شرطي الأمن. فيما اثبت استطلاع رأى آخر وجود رغبة شديدة عند غالبية الشعب الأمريكي في تقليص الوجود العسكري خارج الولايات المتحدة (3).
مؤشرات لكسر القوة الأمريكية
لا أريد بالطبع، الإساءة إلى الكثير من الأمريكيين البسطاء - الذين ذاقوا مرارة الحرمان والظلم. لا اقل من أولئك الذين عاشوا في عهد هتلر أو جنكيز خان. بل ما ارمي إليه هو تعرية النظام اللاإنساني، والتوليتاري إلى ابعد الحدود، الذي يمثله النظام الأمريكي غير جدير بالوجود إجمالاً، مثله مثل إمبراطورية الشر. أن نظام
(1) صناعة الإرهاب ـ د. عبد الغني عماد - ص1،1
(2)
مفارقة القوة الأمريكية ـ جوزف ناي ـ تعريب: محمد توفيق البجيرمي ـ الناشر: مكتبة العبيكان، الرياض
(3)
الاستراتيجية الأمريكية للقرن الحادي والعشرين - اناتولي اوتكين - ترجمة أنور إبراهيم و محمد الجبلي ـ ص241
الامركة أي الوجود الطفيلي على حساب موارد الآخرين والعنف والخداع واستغلال ونهب الدول الأخرى يجب أن يدمر بجهود البشرية المشتركة وآلا فان العاقبة ستكون وخيمة على العالم بأسره. فخلافاً للقوة المسيطرة السابقة تعمل الولايات المتحدة الأميركية في عالم يشتد فيه الجوار وتقوى أواصر الألفة، فالقوى الامبراطورية السابقة مثل بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر أو الصين في مراحل مختلفة من تاريخها الممتد آلافاً من السنين أو روما خلال 500 عام لم تكن تتأثر نسبياً بالتهديدات الخارجية، فقد كان العالم الذي تسيطر عليه مقسماً إلى أجزاء منفصلة لا يتفاعل بعضها مع بعض، وكانت المسافة والزمن يوفران متنفساً ويعززان أمن الوطن. وبالمقابل ربما تكون الولايات المتحدة الأميركية فريدة في قوتها في المنظور العالمي، ولكن أمنها الداخلي مهدد على نحو فريد أيضاً، وقد يكون اضطرارها إلى العيش في مثل هذا الجو من انعدام الأمن حالة مزمنة على الأرجح (1).
فخلال العقود القادمة ستفقد الولايات المتحدة الأمريكيه وجودها كرقعة واحده وكسكان متضامنين وإذا ترك الحبل على الغارب فان انهيار أمريكا سيكون مأساويا بالنسبة للكرة الأرضية برمتها. فأمريكا المحشيه بالسلاح النووي وبالحقد الشيطاني على كل ما هو إنساني، يمكن إن تجر العالم كله إلى الهاوية، ولذا فان على المجتمع الإنساني إن يتخذ الإجراءات الوقائية ويقوم بضبط هذه العملية الكارثيه على شتى محاور الانهيار الأمريكي القادم: المحور القومي العرقي، المالي الاقتصادي البيئي والدولي. وكأية ظاهرة سياسية - اجتماعيه شاذة فان عملية تداعي الولايات المتحدة، تحمل طابعاً متعدد الاحتمالات، وبالتالي يمكن التنبوء بها وضبطها من خلال عدة سيناريوهات، إنما المسألة تكمن في طبيعة وتكوين وفعالية أدوات الضبط التي سنختارها، وسوف يتم الضبط عبر التأثير على نقاط الضعف في إمبراطورية الشر. إن على دول العالم وشعوبه إن تقيم بكل الطرق الممكنة، مرافق مقاومة الولايات المتحدة بالدرجة الأولى عن طريق إنشاء مراكز خاصة تعمل على تهديديها، وترسم الاستراتيجية الطويلة المدى لذلك وشن حملة دعائية مكثفة
(1) الاختيار السيطرة على العالم أم قيادة العالم- زبيغنيو بريجنسكي - الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت- ط1 2004 - عرض/ إبراهيم غرايبة- الجزيرة نت- 14 - 8 - 2004
ومستمرة عبر وسائل الإعلام الجماهيري، ومن الضروري القيام باستمرار بعرض الأمثلة الحية على الطابع الكافر الإجرامي الطفيلي والتوليتاري لأمريكا وبؤس قيمها الحياتية والفقر الروحي - الأخلاقي المدقع لأغلب الأمريكيين. ويمكن العمل على تعميق الصعوبات التى تواجهها أمريكا من خلال التركيز على نقاط الضعف في النظام الأمريكي واحداث الكسور والشروخ في هذا النظام من خلال عدة محاور:
الكسر القومي: من خلال رسم خط الكسر القومي، لا بد قبل كل شيء من تقديم كل دعم ممكن لقوى المقاومة القومية والدينية في بعض مناطق الولايات المتحدة الأمريكيه، وبخاصة في مستوطنات الهنود الحمر وفي ألاسكا وغويان، وكذلك في مناطق أخرى مثل تكساس نيوميكسيكو فلوريدا وغيرها من الولايات الجنوبية، وتوجيه هذه القوى نحو إقامة الكيانات المستقلة ذات السيادة. ويجب إن يتم العمل التنفيذي عن طريق إنشاء وتدريب وتمويل مجموعات المقاومة من بين السكان المحليين وتربية قادة حركات التحرر في الأراضي الوطنية المحتلة من قبل أمريكا. ففي ألاسكا لا بد من تشكيل حركة سياسية للتحرر من الاحتلال الأمريكي ومنحها صفة الدولة المستقلة الصديقة لروسيا. كما آن الأوان لإقامة عدد من الجمهوريات القومية الهندية، التي تتمتع بحقوق السيادة على الأراضي التي اغتصبها البيض دون وجه حق.
فمن المعروف أنّ الهنود الحمر وإلى يومنا هذا يطالبون بحقوقهم السياسية والإجتماعية، وإذا كان الصراع سابقاً بين السكان الأصليين لأمريكا والدخلاء عليها يتم على شكل حرب عصابات وقتل بالجملة، من قبل الدخلاء للهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا، إلاّ أنّه اليوم إنتظم في شكل تكتلات سياسية وتنظيمات هندية أمريكية أحرجت أمريكا في الداخل والخارج. والولايات المتحدة الأمريكية التي تدّعي حماية الأقليات ونصرة حقوق الإنسان - الوجه الأخر للتدخّل الأمريكي في الدول الآمنة - إلاّ أنّها لم تأبه لمطالب الهنود الحمر الذين مازالوا يحتجون على السياسة الأمريكية تجاههم، وما زالت تجمعاتهم في أمريكا وتحديداً في الغرب الأمريكي، تتناقل حكايات إجرام العصابات الدخيلة في حق أجدادهم. والصراع بين السكان
الأصليين والدخلاء على أمريكا مرشّح للبروز في أي لحظة لأنّ عوامله مازالت قائمة، وقد يؤدّي هذا إلى خلق فجوة كبيرة في التركيبة الاجتماعية الأمريكية (1).
كما إن من العدل والأنصاف إنشاء ودعم حركات العصيان المكسيكية للنضال من اجل استعادة المكسيك أراضيها الشمالية التي احتلتها الولايات المتحدة بشكل غير شرعي. ويجب إن يصبح الوضع المادي والمعنوي للاقليات القومية الأمريكيه المضطهدة موضع اهتمام دائم من جانب المجتمع الدولي إلى درجة إصدار مذكرة خاصة حول شعوب الولايات المتحدة المضطهدة، واستخدام العقوبات الاقتصادية والسياسية وغيرها ضد الولايات المتحده لاجبارها على الاعتراف بجرائمها ضد الهنود الحمر اصحاب البلاد الاصليين.
ولكن احد احفاد الهنود الحمر وهو رافن سلفا وهو معد أحد البرامج الإذاعية للكلام عن شعبه واسمه «دائرة الأمم الحمراء «يؤكد بأن الأمريكيين لم يحاسبوا ضمائرهم ولن يفعلوا هذا أبداً. لقد قال: «أمريكا هي آخر مكان في العالم يعترف بأخطائه. هذا البلد مصاب بفقدان ذاكرة جغرافية وتاريخية، فأمريكا تخترع تاريخاً لها خلال حقبٍ منتظمة وهوليود تستخدم كسحر نفسي أمريكي ودولي» . لقد منح الكونغرس الأمريكي الهنود حرية ممارسة معتقدهم الديني عام 1976 وهم الآن عام 1997 لديهم شكوك حقيقية حول إمكانية متابعة العيش (2).
الكسر العرقي: يكمن الكسر العرقى في التنازع المستمر بين البيض وأحفاد العبيد السود، الذين لا يزالون يعانون من التمييز العنصري الذي يتجلى في شتى مجالات الحياة وفي الثقافة والأجور بالدرجة الأولى. فما زال السود في القارة المغتصبة ممنوعين من العديد من الحقوق السياسية، ولا يمكن، ورغم الديموقراطية الأمريكية التي تحولتّ إلى معزوفة، ان تقبل بوجود شخص أسود في البيت الأبيض الذي إحتكره البيض فقط من رجالات القرار في أمريكا. وما زالت القوة السوداء تتعرض إلى إعتداءات من قبل المنظمات العنصرية التي تطالب بضرورة
(1) الغارة الأمريكيّة الكبرى على العالم الإسلامي.- يحي أبوزكريا - http://www.alkader.net/juni/abuzakrya_gara_070622.htm
(2)
أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص31 - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001
إخراج هؤلاء من أمريكا وإرجاعهم إلى إفريقيا. وتسجّل الدوائر الرسمية بحذر شديد الإعتداءات على السود من قبل البيض والعكس صحيح. وقد أصبح رجال أمن متورطين في قتل شباب سود، الأمر الذي فجرّ عشرات التظاهرات السوداء الغاضبة على الإدارة الأمريكية، وهذا التمزق والصراع العرقي واللوني مرشح لمزيد من الإتساع كما يقول علماء إجتماع أمريكيون (1). بسبب الأيديولوجية التي كانت العامل الرئيسي في تأسيس أمريكيا، ففتح الباب للسود وقبلهم الهنود بالدخول إلى المواطنية هذا يعني إدخال مفهوم التعددية إلى حد قد يبدل بشكل عميق صلب النظام (2). ومن الجدير بالذكر ان نسبة المواطنين السود في أمريكا هي 12% و 8% من أصول اسبانية. يقول اندرو هيكر في كتابه "نهاية العهد الأمريكي": يمكننا النظر إلى أمريكا على أنها دولة تتكون من شعبين: البيض وهو الاغلبية المسيطرة والسود وهو الاقلية المضطهدة.
ومن غريب الأمور كما يقول المؤلف في موضوع العنصرية السياسية أن أحد الحزبين الرئيسيين في أمريكا وهو الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه رونالد ريجان وجورج بوش، قد صرح علانية بأنه حزب سياسي للمواطنين الأمريكيين البيض. وأنه يهدف إلى تحقيق مصالح البيض في أمريكا (3).
ومن هنا فإنه من الضروري مؤازرة الحركات الزنجية من اجل العدالة ومن اجل إقامة إدارات الحكم الذاتي الزنجية في المناطق التي يشكل الزنوج أغلبية سكانها، كنيويورك، على إن يتم فيما بعد منحها السيادة على مراحل في حدود الولايات المتحدة ذات الصله (4). كما ان التنازع العرقي سيصيب السعى والتطلع الأمريكي للقيام بدور الامبراطورية العالمية بالشلل، وهذا ما يعترف به كثير من الأمريكيين. يكتب (لييفين): "إن العنصرية العميقة، من النمط الجنوبي، لشخص مثل (وودرو
(1) الغارة الأمريكيّة الكبرى على العالم الإسلامي- يحي أبوزكريا- http://www.alkader.net/juni/abuzakrya_gara_070622.htm
(2)
أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص 32 - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001
(3)
مؤسسة الحوار الانساني http://www.dialogue-yemen.org/ar/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=21
(4)
لهذا كله ستنقرض أمريكا - الحكومة العالمية الخفية - تأليف الغ بلاتونوف - ترجمة نائله موسى ص 158 - 160