الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العالميتين، والحرب الكورية، وحرب فيتنام، والمقاطعة النفطية التي تعرضت لها الولايات المتحدة في عام 1973م (1).
وهذه الديون لم تأتى نتيجة تأسيس البنية التحية للمجتمع أو الانفاق على الخدمات الاساسية، بل جاءت نتيجة الانفاق العسكرى الهائل وفساد النخب الحاكمة، حيث إن الولايات المتحدة تعاني من ارتفاع مذهل في معدلات الجريمة. وتوجد بها فئة كبيرة من الناس الذين لا يجدون لهم مسكناً، وهناك غلاٌء فاحش في الخدمات الصحية، كما أن الطرق السريعة والجسور والأنفاق قد بدأت تظهر عليها علامات التصدع والانهيار.
صراع الكبار
قلّ من يعرف عن الصراع الشديد والمستتر بين الشركات الجبّارة التي تتحكّم في الإقتصاد الأمريكي وإقتصاديات العالم الثالث، ومصاديق هذا الصراع تكمن في الإنشطار السياسي بين الأمبراطوريات الماليّة، فبعضها يدعم الحزب الجمهوري والبعض الآخر يدعم الحزب الديموقراطي وأخرى تدعم اللوبي الصهيوني وبينهما علاقة تحالف وثيقة، وأمتد هذا الصراع إلى خارج الخارطة الأمريكية وكل أمبراطورية مالية تملك رؤية إستراتيجية في كيفية إدارة السياسات والإقتصادات ولا سيّما في العالم العربي والإسلامي حيث الثروات الهائلة، والمفارقة أنّ كل شركة متعددة الجنسيات تملك مركزاً إستراتيجياً يعمل فيه خبراء في الإستراتيجيا والجيوبوليتيكا. وقد تتضارب مصالح الكبار لينعكس ذلك على اللعبة السياسية الرسمية المتداخلة كثيراً مع البترودولار والمال ومصادره بشكل عام (2).
الكسر البيئي: وهو قريب من الكسر الاقتصادي وهو ناجم عن الإخلال الحاد بالتوازن بين الإمكانيات الطبيعية وبين ضغط اقتصاد الاستهلاك على هذه الموارد. ولهذا يجب على المجتمع الدولي ان يفرض على الولايات المتحدة ضريبة خاصة
(1) ليست للبيع بأي ثمن: كيف نُحفظ أمريكا لأطفالنا؟ تأليف: روس بيرو 1993م
(2)
الغارة الأمريكيّة الكبرى على العالم الإسلامي.- يحي أبوزكريا - http://www.alkader.net/juni/abuzakrya_gara_070622.htm
تعادل الضرر الذي تلحقه بطبيعة الكرة الارضية، وقد وضحنا سابقاً كيف ان الاصولية المسيحية وعلى رأسها الرئيس بوش ترفض الالتزام بالاتفاقيات البيئية الموقعه بين الدول باعتبار ان ذلك يخالف النبوءات التوراتية الخاصة بآخر الزمان. ولهذا فقد استبق الرئيس الأمريكي حضوره إلى قمة الدول الثمانية الكبرى في اسكتلندا (2005) باستبعاد تدعيم بلاده لأي اتفاقية متعلقة بالمناخ شبيهة باتفاقية كيوتو مشيراً إلى أنه سيعترض على أي مشروع اتفاقية يهدف إلى التقليل من انبعاث الكربون. مضيفاً إنه سيناقش مع زملائه ابتكار تقنيات جديدة كوسيلة للتعامل مع مسألة الاحتباس الحراري. فما السبب إذن الذي يجعل بوش يماطل وهل هو مجرد حماية اقتصادية فقط لصناعات بلاده؟ وأية فائدة تعود عليه إذا فسد مناخ البلاد وتعرضت لموجات من غضب الطبيعة بسبب الاحتباس الحراري وثقب الأوزون إلى آخر الظواهر الطبيعية الكارثية التي تعصف بكوكب الأرض عصفا؟
الإجابة المرتبطة بالفكر الأصولي والتي تعكس خطورة حقيقية تتمحور حول فكرة أن العمل على إنقاذ كوكب الأرض هو أمر يخالف التدبير الإلهي لنهاية العالم. فاليمين الجديد والاتجاهات الإنجيلية والمتطرفة والطوائف البروتستانتية المخترقة وعلى رأسها الميثوديست التي ينتمي إليها بوش تستعجل قيام الساعة وعودة السيد المسيح لتنطلق إمبراطورية الملك الألفي ويملكون معه ألف سنة على الأرض. والمعروف أنها طوائف تؤمن وتعتقد بأنه (ليس هنا مدينة وإنما نبغي العتيدة) أي لا نريد وطنا على الأرض وإنما نتطلع إلى أورشليم السمائية. وحسب التفسير الحرفي المغلوط لبعض ما جاء في الإنجيل أنه في نهاية الزمان "تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتحدث زلازل وأوبئة ومجاعات وحروب كثيرة إضافة إلى الكوارث الطبيعية ومنها أن الشمس تظلم والقمر لا يعطي ضوءه" وهذه كلها أول المخاض، لذا فإن أي تغيير من خلال تدخل الإنسان لإصلاح تلك الأعطاب هو وقوف أمام النهاية السعيدة للإمبراطورية السمائية الألفية التي تكون فيها أمريكا طليعة الأرضيين. وإجمالي المشهد هو أن الإمبراطورية الأمريكية اليمينية يخيل إليها أنها
المؤتمنة على إتمام الإرادة الإلهية في الكون في ظل يقين ثابت لديها بأن سيادتها وريادتها علامة دينية على قرب قيام الساعة ونصرة الحق على الظلم (1).
وهكذا فإن الامبراطورية الأمريكية اليمينية المتطرفة تخطط بشكل مرعب لهندسة العالم وفق رغباتها، ويكفي أن نقرأ قول أحدهم حول مشكلة تلوث البيئة كي تتصور المدى المخيف لهذه الهندسة: ينبغي إزالة 90% من سكان الأرض وعندها لن يكون ما يسبب ضررا للبيئة. وقد صفق له الحضور طويلا. وأما إزالة 10 % من مصانع هؤلاء التي تسد منبعثاتها الفضاء ومزقت ستار الأوزون فلا. انهم يخططون كي تعم الفوضى والتفسخ، يخططون كي يعم اللواط وتنتشر عبادة الشيطان حتى تقتل في كل نفس قدرة المقاومة. تحت دعاوى الحرية والانفلاش يدمرون كل تاريخ الإنسان وجانبه الإيجابي تحديداً (2).
الكسر الدولي: وهو ناجم عن سياسة الولايات المتحدة الاستهلاكية - العدوانية تجاه البلدان الاخرى، التى يدرك كثير من سكانها الطابع الطفيلي لأمريكا. فبين الولايات المتحدة والاغلبية الساحقة للبلدان الاخرى تتفاقم التناقضات، التي تعجز الولايات المتحدة عن التخلص منها بسبب تكوينها الداخلى. وكما تدل الاستفتاءات التي جرت في عديد من البلدان، فإن اغلب سكان المعمورة يكن الكراهية لأمريكا والأمريكيين، ويرى ان من الانصاف ان يحيق بها ما احاق بالمانيا الفاشية. وهنا يعرض (إمانيول طود) في كتاب (ما بعد الإمبراطورية) لانكشاف القوة الأميركية والتحول التدريجي لأميركا من قوة عظمى إلى قوة كبرى، وإلى تفكك النظام الأميركي حيث أصبحت أميركا بحاجة إلى العالم أكثر من حاجة العالم إليها. ويفتتح المؤلف كتابه بجملة قوية:"إن الولايات المتحدة في طريقها لأن تصبح مشكلة بالنسبة للعالم". فبينما "اعتدنا أن نرى فيها حلاً" وضامنة للحرية السياسية والنظام الاقتصادي خلال نضف قرن، فهي تظهر اليوم أكثر فأكثر عامل فوضى دولية، حيث تبقي
…
على اللايقين والصراع". إن أميركا تحتم على العالم أن يعترف بأن دولاً تشكل (محور الشر) يجب محاربتها، كما تستفز قوى أخرى مثل روسيا والصين،
(1) امبراطورية بوش بين قمة الثماني وتفجيرات لندن - بقلم /إميل أمين- جريدة الخليج 14 - 7 - 2005 عدد 9552
(2)
لهذا كله ستنقرض أمريكا - الحكومة العالمية الخفية - تأليف الغ بلاتونوف - ترجمة نائله موسى ص 6