الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس
سبل المواجهة .. والخروج من المأزق
بالرغم من ان عنوان الكتاب سيبدو للبعض، استفزازياً وتحريضى، الا ان اختيارى لهذا العنوان لم يكن يهدف إلى ذلك بقدر ما يهدف إلى لفت الانظار إلى حقيقة الصراع الدائر في المنطقة والعوامل المؤثرة فيه، لوضع العلاج الناجع له والخطط طويلة الاجل وقصيرة الاجل لمعالجته. فالخطأ في فهم طبيعة العلاقة بين اسرائيل والقوى الداعمة لها كلف العالم العربى والإسلامى الكثير من الجهد والمال والرجال، واصاب الامة بحالة احباط كبيرة لعدم تمكنها من مواجهة هذه الهجمة الصهيونية وهذه الدولة الكرتونية اسرائيل. وكانت حالة الاحباط هذه ناتجة عن اعتقاد الكثير بانهم يواجهون اسرائيل لوحدها أو في احسن الاحوال المدعومة من الدول الاستعمارية أمريكيا وبريطانيا بسبب مصالح هذه الدول أو نفوذ اللوبى الصهيونى والصوت الانتخابى اليهودى. ولذا توجهت الجهود كلها من اجل فصل الظاهرة الاسرائيلية عن مصادر تمويلها وحمايتها من خلال اعتقاد البعض ان الارتماء في الاحضان الأمريكية سيخلق بديلاً لاسرائيل، وبالتالى تفقد اسرائيل اهميتها الاستراتيجية للقوى الاستعمارية فتتخلى عنها.
ولكن هذا الامر لم يحدث ولن يحدث، لان الاساس الفكرى الذى انطلق منه هذا التحليل خاطئ ولم يعى حقيقة العلاقة القائمة بين اسرائيل من جهة، وأمريكيا وبريطانيا من جهة اخرى، أو بالاحرى لم يعى البعد الدينى لهذه العلاقة، بل ان كثير من مفكرينا ومحللينا السياسيين وصناع القرار يسخرون ممن يطرح مثل هذه الاقوال باعتبار ان الدين لا يمثل اى شئ لهذا الدول. واعتقد اننا من خلال عرضنا السابق اوضحنا بما لا يدع مجالا للشك الدور الرئيس الذى لعبه الدين في رسم توجهات أمريكيا وبريطانيا تجاه اسرائيل والمنطقة العربية، بل نستطيع ان نقول ان هذا العامل هو العامل الوحيد المؤثر الذى يمكن ان يفسر لنا هذه العلاقة.
وحتى لا نعيد ما عرضناه سابقاً ولكى نبتعد عن الجدل العقيم، فان المهم هنا ليس هو البرهنه على العدوانية الأمريكية تجاه المنطقة، أو تحديد اى العومل اسبق
واهم في رسمها وتوجيهها، بل المهم هو كيفية مواجهة هذه السياسة والتصدى لها ولخططها المرعبة والعدمية التي تهدد المنطقة والعالم. فمن السهل على أي باحث أن يقدم ألف دليل ودليل على هذه العدوانية التي تستهدف الإسلام واهله، قديماً وحديثاً، ولكن لا اعتقد أن اجترار ذلك هو المطلوب اليوم من ثقافتنا الشعبية، انه كلما المت مصيبة بمنطقة إسلامية أو حلت بها كارثة، يتوجه اصبع الاتهام تلقائياً نحو الغرب الغير مسلم، ونادراً ما يخطيء. ليس الهدف من هذا البحث أن يكون مجرد حركة إصبع في هذا الاتجاه أو جزاءً من هذه الثقافة الشعبية الصحيحة بعفوية. إنما الهدف منه هو إضاءة شمعة وسط نفق مظلم يبدو في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وانعكاساتها وكأن لا مخرج منه، الا بمواجهه شامله تحشد لها كافة القوى والامكانيات للتصدى لها، من خلال وضع خطة عمل متكامله على المستوى المحلى والدولى، وتستخدم كافة الامكانيات المتاحه، بطريقه حضارية انسانية، توفر لها عوامل النجاح، محلياً ودولياً.
والخطة التى نقترحها تقوم على اسس ومبادئ ومسلمات، وتنطلق من الفرضية الاساسية التى اثبتناها في هذا الكتاب، وهى الدور الاساسى الذى يلعبه الدين في توجيه السياسة الأمريكية البريطانية العدوانية تجاه العالم العربى والإسلامى، وبناء على ذلك سيكون العلاج مبنياً على هذا الاساس وانطلاقاً من هذا الفهم، وهذا لا يعنى اهمال دور العوامل الاخرى. ويجب ان نشير هنا ان تركيزنا على دور الدين يجب ان لا يفهم اننا ندعو إلى مواجه هذا التطرف الدينى في أمريكا بتطرف مثله
…
أو ان نواجه الارهاب الامريكى بارهاب مثله
…
الخ. ليس هذا هو المقصود وليس هذا هدفنا
…
ان المواجهة التى نريدها هى مواجه شاملة .. مواجهة حضارية تستوعب كل الامكانيات الخيرة والقيم الجميلة ليس فقط التى افرزتها حضارتنا العريقة
…
بل وتستوعب كافة القيم الانسانية النبيلة والخيرة التى افرزتها الحضارات الاخرى .. لان المواجهة الحاليه بين قوى الظلام الامريكى واعوانها، وامتنا سبقتها مواجهات وظلم كبير وقع على شعوب اخرى، وستستمر أمريكا بهذا النهج إذا لم يتحد العالم لايقافها عند حدها وتحريرها من هذا الهوس الدينى، الذى جعلها ترتكب ابشع الجرائم بحق الانسانية.
وخطة العمل المقترحة تقوم على عدة اسس:
- مواجهة أمريكا على المستوى الدولي.
- مواجهة الصهيونية المسيحية، من الداخل ومن الخارج.
- تفعيل حوارالأديان الحضارات.
- بناء مشروع نهضوى عربى اسلامى.