الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجدوا أنفسهم في موقف المرتعد اليائس، الذي يحاول دفاعاً، فلا يستطيع. وأمام هذا الواقع، ونزولاً عند إلحاح الجماهير المرتاعة، كان يمكن للكونغرس، أن يسن قانوناً أوسع واخطر من قانون مكافحة الإرهاب (1).
اللحظات الأخيرة
كان من المقرر أن يُعدم مكفاي في مايو 2001م، إلا أن مكتب التحقيقات الفيدرالية اعترف أن هناك وثائق تخص القضية لم يطلع عليها محامو مكفاي وقت المحكمة عام 1997م، وهكذا، تقرر تأجيل حكم الإعدام شهراً آخر ليطّلع المحامون على 4000 وثيقة خاصة بالقضية، وإن أكد وزير الدفاع الأمريكي (أشكورفت) أن الوثائق المكتشفة ليس بها ما يفيد مكفاي، الذي اعترف بمسئوليته عن الحادث. وبالفعل لم يتغير الحكم بعد انقضاء الشهر، وتم إعداد العدة لإعدام مكفاي. وتواجد حوالي 300 شخص، منهم 232 من الناجين وأسر الضحايا، لمشاهدة مكفاي عبر شاشات الفيديو، وهو مقيد في كرسي الإعدام، وتمّ حقنه إلى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
وبعد الحادثة بأكثر من ثلاث سنوات، ذكرت إحدى الصحف اليومية أن القاضي (ريتشارد ماتش) الذي نظر في قضية التفجير قد أصدر يوم الخميس 28 مايو 1998م حكماً بالسجن مدى الحياة على تيري نيولز المتهم الثاني في حادثة التفجير، ووصف (نيكولز) بأنه عدو للدستور، وقال القاضي (ماتش): إن المؤامرة كانت أكبر من عمل عنف مدبر ضد العاملين في مبنى (الفريد موراة الحكومي الفيدرالي)، إنها لم تكن جريمة موجهة ضدهم بقدر ما كانت جريمة ضد دستور الولايات المتحدة، الدستور هو الضحية.
لقد ذاع بين الناس إثر انفجار أوكلاهما أن (ماكفي) و (نيكولز) ناشطان في الحركة القومية، وهي حركة شبه سرية تضم أشخاصاً ينتمون إلى قطاعات عريضة من المجتمع. ويضم الجانب المعتدل من الحركة مسيحيين محافظين، يشعرون بالاستياء من الطريقة التي تسير بها السياسة الأمريكية، ويركز هؤلاء المعتدلون
(1) لا سكوت بعد ـ اليوم ـ بول فيندلى ـ ص98
جهودهم على تغيير الحكومة بالأساليب السياسية، أما الجماعات الأمريكية الأكثر تطرفاً والتي تضم مسيحيين وغير مسيحيين، فهم ممن يرفضون جنسيتهم الأمريكية ويقودون سياراتهم دون رخصة قيادة، لأنهم يستنكفون عن استخراج هذه الرخص من دوائر الحكومة ويرفضون دفع الضرائب ليؤكدوا أنهم يعيشون خارج النظام القائم (1).
وعن اللحظات الأخيرة نذكر أقوال من رأى ومن سمع:
الرئيس الأمريكي جورج بوش: "ضحايا التفجير لم يأخذوا الثأر فقط بل العدل. لقد قابل هذا الشاب اليوم المصير، الذي اختاره لنفسه منذ ست سنوات
…
على مكفاي أن يكون شاكراً، لأنه في بلد نزيه مثل هذا. لقد تأجل إعدامه شهراً لظهور وثائق جديدة رغم أنها لن تغير من الأمر شيئاً .. لكنه العدل".
مشاهدو الإعدام من أقارب الضحايا: "لقد تُوفي مفتوح العينين
…
لقد رفع رقبته للنظر إلى الشهود واحدا تلو الآخر
…
لقد حدق إلينا بنفس الطريقة التي تجعلني أشعر بأنه حصل على ما يريد. كنت أعتقد أنه خائف فعلاً، وأنه شرير حقاً
…
أعتقد أنني رأيت وجه الشر اليوم".
تيموثي مكفاي: "كنت أتمنى لو أنني قمت بسلسلة من الاغتيالات لعدد من رجال الشرطة ومسئولين في الحكومة الأمريكية بدلاً من قيامي بعملية التفجير
…
عندما تُدمي أنف زميلك ويعلم أنه سيُلْكم مرة أخرى فلن يعاود مضايقتك .... إنني أشعر بالأسف الشديد لموت هؤلاء الأشخاص، إلا أنه كان على الحكومة الأمريكية أن تعرف تماماً مغبة العبث بالأرواح البشرية .. ما فعلته كان أمراً ضرورياً للدفاع عن حرية المواطن الأمريكي، وفي نفس الوقت انتقاماً للكارثة، التي تسببت بها السلطات الفيدرالية .... أنا لا أخشى الموت وآمل أن يتم تذكري كمقاتل للحرية مثل (جون براون)
…
أريد إخفاء بقايا جثتي في مكان سري؛ وذلك بعد إحراقها في مراسم مقصورة على عدد من أفراد عائلتي
…
موت الأطفال كان خسارة لا بد منها
…
كنت أدرك قبل تنفيذ العملية حجم الخسائر البشرية
…
لو لم يكن ما حدث في (واكو) قد
(1) أمريكيا - أزمة ضميرـ محمد جلال عناية ص104
حدث لكنت قد استقررت في مكان، أو لما كنت قد تزعزعت بهذه الصورة؛ بسبب حقيقة أن حكومتي .. هي تهديد لي".
وصية مكفاي لم تكن سوى قصيدة للشاعر النازي (ويليام أرنست هنلي) كُتبت عام 1875م بعنوان: (الذي لا يُقهر) تقول أبياتها: من الظلام الذي يغطيني أسود كالحفر العميقة بين عمودين
…
أشكر أية آلهة كانت لروحي التي لا تُقهر
…
تحت وطأة الواقع القابضة لم أجفل أو أصرخ
…
تحت مطرقة الأقدار رأسي ينزف، لكن غير محني
…
بعد عالم الغضب والأحزان هذا
…
هناك أطياف ليس بينها طيف الخوف، وتهديد السنوات يجدني وسيجدني غير خائف
…
لا يهم مدى ضيق الباب
…
مدى حفّة الدرج بالعقوبات
…
أنا سيد مصيري ..
أنا مالك روحي.