الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصين والهند بالسكان، وربما يكون القرن الحادي والعشرين وفق هذه المعطيات قرنا أمريكيا (1).
قدرات الإمبراطورية
يشير (فيرغسون) إلى القدرات الاقتصادية والعسكرية الهائلة للولايات المتحدة. فقد كان للولايات المتحدة، قبل قيامها بإرسال القوات لغزو العراق، 732 منشأة عسكرية في أكثر من 130 دولة. وتعادل ميزانية وزارة الدفاع الأميركية مجموع ميزانيات الدفاع في الدول الـ12 أو الـ15 التي تليها، ويشكل الإنفاق العسكري في الولايات المتحدة 40 إلى 45% من مجموع الإنفاق العسكري لكل دول العالم الـ189. ولدى الولايات المتحدة من الدبابات ما يفوق ما لدى أي دولة أخرى، إضافة إلى كونها الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك (الحاملات الفائقة) ، التي يبلغ عددها تسع حاملات، وطائرات (الشبح) غير المرئية، التي تمتلك ثلاثاً منها.
ويقول لنا (فيرغسون) إن "مجموع الناتج الإجمالي المحلي الأميركي عام 2002 م، محسوباً بالسعر الدولي للدولار ومعدلاً تبعاً للقوة الشرائية المتناظرة، قد قارب ضعفي الناتج الإجمالي المحلي للصين، وتجاوز نسبة الخمس (21.4%) من مجموع الناتج العالمي، وزاد على الناتج الياباني والألماني والبريطاني مجتمعين. وهذا يتجاوز بما يزيد على الضعفين النسب العليا التي حققتها حصة بريطانيا العظمى من الإنتاج العالمي، عندما كانت إمبراطورية تهيمن على الأسواق العالمية، وبقدر تعلق الأمر بكل من الإنتاج والاستهلاك، فإن الولايات المتحدة تعتبر إمبراطورية أغنى بكثير مما كانت عليه الإمبراطورية البريطانية في أي يوم من أيامها".
أما سيادة الثقافة الأميركية فأمر لا يكاد يوجد من يشكك فيه. وكفى بـ (استعمار الكوكا كولا) شاهداً عليه. أما إذا أردت الاستشهاد بمطاعم (ماكدونالدز) ، فإن (فيرغسون) يخبرك بأن عددها قد فاق الثلاثين ألف مطعم، تعمل في سبع
(1) مفارقة القوة الأميركية المؤلف: جوزف ناي ـ تعريب: محمد توفيق البجيرمي الناشر: مكتبة العبيكان، الرياض
وأربعين دولة وموقعاً على امتداد العالم، وأن أقل من نصف هذا العدد فقط موجود داخل الولايات المتحدة (1).
ومن الصعب إعادة تقييم إمكانات القوة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، فأمريكا في الوقت الراهن تؤثر تأثيراً بالغاً في السياسة الدولية، أكثر من أي دولة أخرى في التاريخ، وبعد سبع سنوات من الازدهار الاقتصادي المتواصل، اقترب إجمالي الناتج القومي لها من 9 تريليون دولار. وحتى أكثر المتشائمين تحفظاً يعترف بان الظروف المواتية على نحو لا يوصف تضمن لأمريكا عشرين عاماً من الزعامة دون جدال. ولا يظهر حتى الآن أي خصم في الأفق
…
ويرى (رونالد ستيل) أن الولايات المتحدة الأمريكية ـ من جميع الجوانب العلمية ـ لا تخضع تحت أي تهديد بالتدخل، وليس هناك ثمة أعداء يرغبون في انهيارها، كما أنها غير خاضعة لأحد في تجارتها الخارجية .. لها حلفائها، ولكنها مستقلة بدونهم، ولم تكن تابعة لأحدهم في يوم من الأيام حتى سنوات الحرب الباردة. أن الولايات المتحدة الأمريكية هي شبكة واسعة من القواعد العسكرية، وهى قواعد لم يكن بناؤها لمجرد الدفاع عن النفس. ويكتب (تشارلز ماينز) قائلاً:"لم يحدث مطلقاً، منذ روما القديمة إن سادت دولة بمفردها النظام العالمي متفوقة على هذا النحو الهائل من التفوق"(2).
وبالرغم من كل ما تقدم فإن حقائق القوة هذه لا تلغي وجود بؤر ضعف بنيوية في النظام والمجتمع الأميركي ، الذي يهيمن 1% من سكانه على 70% من ثروة البلاد ، بينما لا يتبقى لغالبية السكان سوى 30% من ثروة البلاد الصافية، علما أن التفاوت يشمل حتى الفئة الغنية ، إذ يملك 1% من السكان الأغنى 38.9% من ثروة البلاد ، هذا التفاوت أظهر وجود 31.14 مليون فقير، حسب التعريف الرسمي للفقر عام 2000 م والذي يتركز في الأقليات السوداء والمنحدرة من أصل أميركي لاتيني وآسيوي، هذا التفاوت الرهيب في الثروة والدخل يؤدي داخل أي مجتمع إلى تناقضات ، تنتج عالمين يصارع بعضهما البعض ، تعمل فيه الطبقات المتوسطة
(1) الصرح: ارتقاء وسقوط الإمبراطورية الأميركية: نايل فيرغسون عرض/ كامبردج بوك ريفيوزـ الجزيرة نت
(2)
الاستراتيجية الأمريكية للقرن الحادي والعشرين- اناتولي اوتكين- ترجمة أنور إبراهيم و محمد الجبلي ـ ص20ـ21 - المجلس الاعلى للثقافة - ط1 - 2003