الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكم ما تشاؤون: روما الجديدة،
إسبارطة التكنولوجيا
وآيديولوجيا الجنون
…
هل تحتاج قصيدة "درويش"، إلى المزيد من التوضيح (؟)
…
أعتقد أن الإجابة لا تحتاج إيضاحات أكثر (!!).
خدعة الافتتان بأمريكا
بالرغم من كل ما تقدم وبالرغم مما هو ماثل على الارض من كذب وتضليل وخذاع وقتل وتدمير وابادة وعربدة
…
الا انه لازالت شرائح كبيره من سكان العالم مخدوعه بالنموذج الأمريكي والحياه الأمريكية والقيم الخادعة التى تمثلها. وهنا يكون السؤال المطروح امامنا بصورة لا تقاوم
…
كيف يفلتون بذلك؟ كيف تقود الولايات المتحدة الاقتصاديات وتخرب الديمقراطية، وتطيح بالدول ذات السيادة، وتعذبها، وتستخدم معها العناصر الكيمائية والبيولوجية والاشعاعية؟ كيف تفعل كل الاشياء غير اللائقة عادة في وسط الوهج الكامل لوسائل الاعلام الدولية، باكثر التناقضات مدعاة للذهول بين الاقوال والافعال، دون ان تدينها بلا رحمة جماهير العالم الحاشدة، واى إنسان لدية ضمير اجتماعى، وبدون ان تنبذ كالابرص؟، وبدون ان يقدم قادة أمريكا إلى المحاكم الدولية، متهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية؟.
والاجابة على ذلك هو ما عرضنا له سابقاً وهو غسل الدماغ من خلال سيطرة أمريكا شبه الكاملة على الاعلام بكافة انواعه، بالاضافة إلى شراء الذمم وغيرها من الوسائل الغير مشروعه. فلم يعد سراً صمت وتواطؤ- ان لم يكن اعجاب- الحكومات الاخرى وقادتها بأمريكا. فالامر لا يقتضى سوى شراء بضع رجال مقابل طائرات نفاثة ملساء أو اطنان من القمح، أو الغاء الديون، أو الاستعانة بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي. لقد تم ترويعهم، وتهديدهم، وابتزازهم، ورشوتهم واذكاء غرورهم، ومناصرة نزعاتهم الوطنية المتطرفة واعطائهم العضوية في نوادي حلف الاطلنطي الخاصة المقصورة على اعضائها، وفي منظمة التجارة العالمية والاتحاد الاوروبي. ان الافتتان بالولايات المتحدة قد بلغ ذراً جديدة مع الانتصار على الفاشية في الحرب
العالمية الثانية، ثم ارتقى مره اخرى مع السحر التقني للخيال العلمي، الذي تجسد في السير على سطح القمر. ونادراً ما نالت من ذلك دعاية الحرب الباردة من قبل السوفييت.
فطوال عقود منذ نهاية الحرب الباردة، كان المواطنون يرفضون ان يصدقوا ان هناك مشرديين في أمريكا، أو انه ليس هناك تأمين صحي وطنى، كانوا مقتنعين ان ذلك مجرد دعاية شيوعية، كانوا يؤمنون ان القرارات في المملكة المتحدة وأمريكيا لا تتخذ ابداً بصورة سرية، وانه إذا كذب رجل السياسة مره واحدة فيتم ابعاده من منصبه. وعنما سقطت القنابل الأمريكية على صربيا عام 1999، اعرب كثيرون من الصرب عن صدمتهم ودهشهتهم من ان أمريكا - أمريكا المحبوبة محط الاعجاب - يمكن ان تفعل شيئاً كهذا
…
وفي روسيا عارض الناس القصف بقوة واصيبوا بالصدمة، وقد بدى الامر كما لو ان الروس يكتشفون للمرة الأولى ان للولايات المتحدة جانباً عنيفاً. وعندما مزقت القذائف الأمريكية اشلاء السفارة الصينية في بلجراد، كان رد الفعل بين الصينيين هو عدم التصديق. وقال مسئول صيني كبير: لقد كنتم المثل الاعلى للكثيرين منا، والآن فإن قنابلكم الغبية قتلت أهلنا.
ان هذه السذاجة، وقصة العشق هذه مع روح أمريكا، في حين تمس القلوب بالتأكيد في هذا العالم المتعب، ليسا هما (الحبل بلا دنس). ان الولايات المتحدة هي مخترع ومطور الاعلان الحديث والعلاقات العامة الحديثة، والمنتج والموزع الرئيسي في العالم للافلام وبرامج التلفزيون والكتب والمجلات والموسيقى، بمكتبات ادارة الاعلام الأمريكية الموجودة في اكثر من 100 بلد، وصوت أمريكا التي يقرب مستمعوها من 60 مليون مستمع. لقد اغرقت الولايات المتحدة - دولة المعلومات العظمى الوحيدة في العالم - وسائل الاعلام وغزت قلوب وعقول العامة في كل انحاء الارض بهذا السحر، وهى تقوم بكل هذا لانه جدير بالعناء، على امتداد الاجيال (1).
(1) الدولة المارقة - دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم - ويليام بلوم - ترجمة كمال السيد- ص315 - 318