الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كبيرة من العمالة الإفريقية كعبيد لدعم القوة العاملة الضرورية، لإحداث النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما العامل الثالث في بناء الأمة الأمريكية، وتبعاً (لإليزابيت مارتينيه) فيتمثل في قيام الولايات المتحدة بالاستيلاء على نصف المكسيك بالحرب، الأمر الذي مكن الولايات المتحدة من التوسع إلى المحيط الهادي، وبالتالي فتح باب التجارة على مصراعيه مع آسيا، وفتح الأسواق لتصدير بضائع واستيراد بضائع لبيعها في الولايات المتحدة الأمريكية، وأطلقت الولايات المتحدة على الجزء الذي أخذته من المكسيك اسم تكساس، عام 1836م، ومن ثم حولت هذا الجزء إلى ولاية عام 1845م. وفي العام الثالث، اجتاحت الولايات المتحدة المكسيك ثانية واغتصبت جزءاً من أراضيها بمعاهدة عقدت عام 1848م. وفي عام 1853، حصلت الولايات المتحدة على جزء ثالث هو اريزونا. وبذلك تكون قد استكملت الحدود الإقليمية لما يعرف الآن بالولايات المتحدة الأمريكية.
هذه كانت الدعائم الأساسية التي بنيت عليها الأمة الأمريكية، وفي عام 1898م أخذت خطوة إضافية تمثلت في اغتصاب الفلبين، وبورتوريكو، وجوام، وكوبا، عبر الحروب الأسبانية الأمريكية، ومنذ ذلك الحين بقيت جميع هذه الدول، باستثناء كوبا مستعمرات أمريكية توفر للدولة الأمريكية موارد الثروة والقوة العسكرية. وبذلك تكون الولايات المتحدة قد استكملت مرحلة الاحتلال والاستعمار المباشرين اللذين ابتدأتها بالسرقة الدموية للأراضي الأمريكية الأصلية قبل خمسة قرون (1).
مصادر الهوية الوطنية الأمريكية
بالاضافة إلى الدعائم السابقة فإن (صموئيل هنتيجون)، يرى أن الهوية الأمريكية استفادت تاريخياً من ركيزتين أساسيتين، أولاهما الأعداء الذين حاربهم الأمريكيون على مدى التاريخ، بداية من الهنود الحمر والمستعمرين الفرنسيين، ثم
(1) أمريكا .. تاريخ من العنصرية والمآسي الإنسانية / إعداد وسام الأسدي جريدة الخليج 27ـ2ـ2003 م عدد 8684
المستعمرين البريطانيين، مروراً بسعي الأمريكيين التاريخي المتواصل لتمييز أنفسهم، والحفاظ على استقلالهم عن القارة الأوروبية بشكل عام، وعن القوى الاستعمارية الأوروبية بشكل خاص، وانتهاءً بالحرب الباردة. وهنا يعبر هنتنغتون بصراحة عن اعتقاده، بأن العداء للآخر يلعب دوراً أساسيا في تشكل هوية أي جماعة، ويرى أن الحروب التي خاضها الأوروبيون في العصور الوسطى، وقبل بداية عصر الدولة القومية كانت ضرورية لتشكيل هوية الدول الأوروبية المختلفة. أما ثانية الركيزتين الإضافيتين، فهي عقيدة الأمريكيين السياسية. فلكي يميز الأمريكيون أنفسهم عن أجدادهم البريطانيين سعوا ـ كما يعتقد هنتنغتون ـ لنشر ثقافة سياسة مستقلة ومتميزة عن ثقافة الأوروبيين الإقطاعية والتمييزية، التي اضطرتهم إلى ترك أوروبا للأبد والفرار بمعتقداتهم إلى الولايات المتحدة. ومن أهم عناصر هذه العقيدة السياسية، مبادئ الحرية والمساواة والديمقراطية النيابية واحترام الحقوق والحريات الدينية والمدنية وسيادة حكم القانون، والتى استمدت جذورها من الإثنية البريطانية والعرق الأبيض والدين المسيحي والثقافة الإنجليزية - البروتستانتينية (1).
وبكلمات قليلة يلخص الكاتب والصحفي المعروف (بيار سالينجر) في تقديمه لكتاب (أميركا التوتاليتارية) صورة الأمريكي المفعم بالعقيدة الكالفينية، فيقول عن هذه العقيدة: إنها تقرر ما يلي: "لئن كان الله قد سمح بأن يجتمع في أرض أميركا شعب من رجال ونساء مميزين، فذلك لأنه منح هذا الشعب رسالة حكم العالم ذات يوم"(2). فأمريكا التي خرجت من رحم الثورة على الحكم الإمبراطوري البريطاني، حملت في طياتها بذورها الإمبراطورية الخاصة من البداية، حيث أقدم نوعان من الناس على اقتحام العالم الجديد لبناء المستعمرات أوائل القرن السابع عشر الميلادي، كانا، كلاهما، يبحثان عن مصيريهما. إلى فرجينيا مع الكابتن (جون سميت) ذهب المغامرون والحرفيون سعياً وراء الثروة. وإلى ماساتشوستش مع حاكم الولاية
(1) من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأمريكية: صموئيل هنتنغتون ـ عرض/ علاء بيومي ـ الجزيرة نت 2ـ8ـ2004م
(2)
أميركا التوتاليتارية، الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ تأليف ميشال بوغنون موردان، ترجمة: خليل أحمد خليل - ط.1. - بيروت، لبنان: دار الساقي، 2002 - المصدر: الجزيرة نت