الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
الارهاب الأمريكي الداخلي
دأبت الحكومات الأمريكية المختلفة على إتباع أسلوب فريد في إخفاء وتبرير عدوانيتها وعنصريتها وإرهابها على العالم، بإسقاط مثل هذه الصفات على دول وشعوب أخرى. والمتأمل للتاريخ الأمريكي سيلاحظ هذا الأمر بسهولة. فقد بررت أمريكا ذبح الهنود الحمر واستعباد الزنوج بالقول بهمجيتهم ووحشيتهم، وبررت حروبها في أمريكا اللاتينية بدعوى نشر الحرية والديمقراطية
…
وفي العصر الحديث بررت حروبها المختلفة مره بدعوى محاربة الشيوعية والأصولية وأخيراً بدعوى محاربة الإرهاب.
وبالرغم من هذه الشعارات البراقة التي استخدمتها أمريكا لتبرير جرائمها بحق الإنسانية، إلا أن الحقيقة والواقع يقول أن أمريكا نفسها هي التي بحاجه إلى من يعلمها معاني حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية، وحتى التطرف الأصولي التي تدعي أمريكا أنها تسعى لمحاربته، لم يظهر وينمو إلا في أمريكا حتى تمكن هذا التيار من حكم أمريكا والعالم، وما عرضناه وما سنعرضه خير دليل على ذلك. أما الإرهاب الذي اتخذت منه أمريكا هدفاً وعدواً جديداً، تشن بسببه الحروب هنا وهناك وتقتل وتعتقل وتمنع وتحاصر وتعاقب .. هذا الإرهاب ليس إلا صناعة أمريكية من ألفه إلى يائه. ولكن لأن أمريكا تدرك أن خير وسيله للدفاع هي الهجوم، لهذا بادرت باتهام الغير بالإرهاب، حتى لا تدع لهم مجالاً للتفكير في الإرهاب الأمريكي قديماً وحديثاً داخلياً وخارجياً، والذي لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
النشاط الإرهاب الداخلي
بدأت أجهزة الإعلام الأمريكية في منتصف الثمانينات تسلط الضوء على الحركات اليمينية المتطرفة، والتي تحمل أسماء غريبة، مثل الأمم الآرية وحليقي الرؤوس وغيرها ممن ترتبط أسماؤها بحوادث إرهابية، مثل قتل رجال الشرطة، واغتيال أصحاب الرأي المخالف، والقيام بعمليات السطو، والسرقات الكبيرة. وكان كل
ما تقوم به أجهزة الإعلام هو الربط بين هذه الحوادث والجماعات المتطرفة، التي تقوم بها دون التعمق في البحث في معتقدات هذه الجماعات التي تجيز وتدفع إلى ارتكاب مثل هذه الحوادث الفظيعة. وفي كتابه التضليل الشيطاني يعلق (تيرى ميسان) على هذه الظاهرة بقوله: "إن تاريخ الولايات المتحدة المعاصر يبين لنا أن الإرهاب الداخلي هو من الممارسات التي تشهد نمواً متزايداً. فمنذ العام 1996م ينشر الـ اف. بي. آي تقريراً سنوياً عن النشاط الإرهابي الداخلي كانت حصيلته: أربع عمليات في 1995م، ثمانية في 1996م، خمسة وعشرون في 1997م، سبعة عشر في 1998م وتسعة عشر في 1999م، نفذ معظم هذه العمليات مجموعات عسكرية وشبه عسكرية، تنتمي إلى اليمين المتطرف (1). وبالطبع فإن هذا العدد لا يشمل العمليات اليومية التي تشهدها كافة المدن الأمريكية من سرقة واغتصاب وقتل، وجرائم أخرى لا تحصى، والتي جعلت أمريكيا من أكثر دول العالم في نسبة انتشار الجريمة المنظمة وغير المنظمة.
وبعد أحداث 11 سبتمبر التي سارعت أمريكا لإلصاقها بالعرب، نشرت في ذلك الوقت كثير من التقارير الصحفية التي توجه إصبع الاتهام للجماعات الإرهابية الأمريكية المتطرفة، وهنا يذكر تقرير للمركز العربي للمعلومات بثته الصحف اللبنانية الأربعاء 12 - 9 - 2001م أن على أمريكا إذا أرادت أن تبحث عن مرتكب إنفجارات 11 سبتمبر، أن تفتش داخل أمريكا نفسها عن المنظمات الإرهابية، فهناك منظمات متطرفة يمكن أن تقوم بهذه الانفجارات، مثل:(فريمان)، (الأمم الآرية)، (الباتريوت)(مليشيا ميتشيغان)، (أريزونا باتريوتس)، (جيش تحرير ميامي). وهذه التنظيمات أنتجتها الأرض الأمريكية الخصبة، وبعضها قديم قدم الجمهورية الأمريكية ذاتها، وإن تغير معناها ومغزاها خلال التاريخ الأمريكي القصير، فقد كان للميليشيات في البداية معنى إيجابي، إذ كانت تشمل القوات الشعبية التي شاركت في حرب الاستقلال. وفي وقت لاحق، استمر وجود هذه الجماعات الصغيرة التي كانت تحاول قدر المستطاع أن تحكم نفسها محلياً، وخاصة في ولايات الغرب، أو في
(1) التضليل الشيطاني - تيرى ميسان ص 142