الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مفقود. وربما بلغ عدد القتلى في فيتنام 4 ملايين فضلاً عن ملايين كثيرين آخرين من المعوقين والمصابين بالعمى والصدمات والتشويه. وتقلصت فيتنام إلى بلد للقبور، ومبتوري الأعضاء، والأرض المسممة، واليتامى، والأطفال المشوهين. ولعل مجموع الموتى والمشوهين، ضحايا الأيديولوجيا الأمريكية، يصل إلى 22 مليوناً، إلا أن الكآبة الأمريكية بسبب (مرض فيتنام) لا علاقة لها بذلك (1).
عولمة الإرهاب الأمريكي
إن دماء الكوريين والفيتناميين واللاوسيين والكمبوديين ليست وحدها التي لوثت الأيدي الأمريكية، التي لا يمكن محو الدماء عنها، فقد شاركت الولايات المتحدة على نحو مباشر وغير مباشر في عمليات التعذيب والتشويه والقتل في أقطار كثيرة أخرى في أنحاء العالم. وثمة تواطؤ أمريكي واضح في المجازر الإندونيسية والحروب ضد الناس المكابدين في أمريكا الوسطى، (نيكاراغوا والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس): قتل مئات الآلاف الآخرين عن طريق الأسلحة الأمريكية، والتدريب، والمشورة الأمريكيين. ونيابة عن أمريكا في الاضطرابات المدنية الأمريكية (الصراع الدامي في أنغولا، وموزمبيق، و ناميبيا وغيرها)، وفي أعمال القمع التي ارتكبها الطغاة الذين دعمتهم أمريكا عبر العقود (سوموزا، وبينوشيه، وماركوس، وموبوتو، وباتيستا، ودييم وكي، وري، ودوفاليه، وسوهارتو، وسافيمبي وغيرهم). ثمة مثال واحد من أمثلة كثيرة: ذبح الجنود الذين دربتهم الولايات المتحدة في الوزوتي عام 1981م حوالي ألف فلاح أعزل منهم 139 طفلا، وقتل الجيش الأمريكي المدرب في غواتيمالا أكثر من 150 ألف فلاح بين عامي 1966م و 1986م.
وبالرغم من أن هذه الجرائم الوحشية هي جرائم ضد الإنسانية وإرهاب دوله منظم، إلا أن أمريكا تضعها تحت مسميات نشر الديمقراطية وتوسيع مساحة الحرية، ولا تعتبرها إرهابية لان الذين فعلوها أمريكيون. وأيضاً قُصفت مدينة دريسدن في فبراير 1945م، وهذا عمل وحشي ارتكبه البريطانيون. فمدينة دريسدن لم تكن ذات أهمية صناعية أو عسكرية. وقد لقي أكثر من 100،000 ألماني من غير
(1) أمريكا .. ذلك الوجه الآخر! جيف سيمون ونعوم تشومسكى - الشبكة الإسلامية
العسكريين مصرعهم خلال الغارة، وكانت تلك الجريمة انتهاكاً صريحاً لمعاهدات جنيف، ولكن الذين ارتكبوها هم البريطانيون، وهم ليسوا بإرهابيين!. وهناك أيضاً القصف العشوائي في فيتنام، واستخدام المواد الكيماوية المحظورة، وهذا عمل وحشي وانتهاك فاضح لمعاهدات جنيف، ولكن، ومن جديد فالأمريكيون ليسوا بإرهابيين! وهناك قصف بلجراد وتدمير الجسور والإنشاءات المدنية، وكلها أعمال تعارضت مع معاهدات جنيف، ولكن دول حلف شمال الأطلنطي (ناتو) ليست إرهابية!!
ولا ننسى قصف العراق، والتدمير التام لمحطات المياه والكهرباء، وموت أكثر من مليون ومائتي ألف طفل عراقي، وآلاف من العراقيين قضوا نحبهم نتيجة للحصار الاقتصادي، الذي فرضه الأمريكان على بلادهم .. الخ (العدد الإجمالي أكثر من الذين قتلوا في هيروشيما ونكازاكي) .. ثم القتل الذي يمارسه اليهود ضد الفلسطينيين، الذي تستخدم فيها السكينة الأمريكية من سلاح ومال .. والدعم السياسي والاقتصادي والعسكري واستخدام الفيتو خصوصاً ضد الإسلام والمسلمين، وهي جرائم تتنافى ومعاهدات جنيف، ولكن إسرائيل والتحالف المناوئ للعراق لم يكن إرهابياً!! وأخيراً وليس آخراً .. غزو أفغانستان ذلك البلد الفقير، واحتلالها وقتل الآلاف من شعبها باستخدام أبشع أنواع الأسلحة المحرمة دولياً التي لا تقتل البشر والناس فقط، بل تدمر كافة مناحي الحياة في البقعة المنكوبة (1).
هذه بعض الجرائم الأمريكية بحق البشرية، والتي تكشف إلى أي حد وصلت بربرية وهمجية هذه الدولة المارقة والتي تدعى الفضيلة والحرص على حقوق الإنسان وتطبيق القانون الدولي
…
إنها فضيحة في القانون الدولي المعاصر، إنه في حين يعتبر (التدمير المتعمد للبلدان والمدن والقرى) جريمة حرب قديمة العهد، فان قصف المدن بالقنابل والطائرات لا يمضى فقط دون عقاب، بل ودون توجيه اتهام أيضاً. إن القصف بالقنابل من الجو هو إرهاب دولة، إرهاب الأغنياء. لقد أحرق وفرق أشلاء أبرياء في العقود الماضية أكثر مما فعله الإرهابيون المناوئون للدولة على مر
(1) بلا حدود ـ أحمد منصورـ ضيف الحلقة - د. عاصف دراكوفيتش: مدير المركز الطبي لأبحاث اليورانيوم - واشنطن ـ 21ـ5ـ2003م