الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
مواجهة أمريكا على المستوى الدولي
أمريكيا .. عوامل القوة والضعف
بعد كل الذي عرضناه لجرائم أمريكيا الفظيعة عبر التاريخ، هل يعني هذا أن أميركا قضاء وقدر، وهل الامركه هي مستقبل العالم المحتوم وماذا يمكن أن نفعل؟ وما هو المطلوب؟. بالتأكيد ان أمريكا لم ولن تكون قضاءاً وقدراً ولا قوة مطلقة يصعب وقف جبروتها وعنجهيتها، إنّها بسهولة تتغذى من خلافاتنا التي كرسهاّ الحكام العرب في واقعنا، إنّها تتغذى من خيانات الحكام العرب الذين داسوا على تطلعّات شعوبهم وأرتضوا أن يكونوا دائماً في الصف الأمريكي، في صف أعداء الأمة وثوابتها لأنّهم وبكل بساطة يستلهمون شرعيتهم من واشنطن وليس من شعوبهم، ولذلك وضعوا كل المقدرات وكل الجغرافيا وكل الأراضي في خدمة واشنطن. ولهذا فمن التعسف القول أن باب المستقبل مفتوح للامركه فقط. فالتاريخ شاهد على صعود دول وإمبراطوريات كما هو شاهد على وقوع الانهيار السريع للمنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي وهي تملك من قوى عسكرية مرعبه، وعالم اليوم الذي يعيش أحادية قطبيه لم يسلم الرايات لأميركا بعد، فالممانعة تطل برأسها هنا وهناك والتناقضات في داخل المعسكر الغربي متعددة وآخذة في التبلور بل آخذة في الظهور إلى العلن في كل من أوروبا والصين وحتى روسيا، ناهيك عن دول العالم الثالث والعالم الإسلامي الأكثر تضرراً من هذه العولمة المتوحشة والسياسة المنحازة للعدو الإسرائيلي. المطلوب تعديل تركيبة مجلس الأمن وتشكيل مرجعية شرعيه دوليه تقطع الطريق على هذا (التفرد) وتذهب باتجاه صياغة أسس النظام الدولي الجديد، وهو مطلب كفيل بالحد من الاستفراد والهيمنة وهو لا شك سيكون عنوان نضال الشعوب في هذا القرن الجديد (1).
(1) صناعة الإرهاب - د. عبد الغني عماد - ص105 - 106
فمن خلال ظهور محاولات لإعادة الاستقطاب في العلاقات الدولية باسم العولمه الامبرياليه للاقتصاد، في مواجهة الهويات الثقافية أو الدينيه والتاريخية للحضارات الأخرى كافة، تنبع الضرورة بوحدة أوروبا واسيا وأمريكا المسماة باللاتينية لإفشال محاولة أمريكا للقضاء على مراكز المقاومة، سواء على الصعيد العسكري أو الاقتصادي أو الديني أو الثقافي، الذي يتعدد في كل القارات. أن مناورات أمريكا لتفتيت المراكز الصلبة في كل بقاع الكوكب تظهر في تشجيع الصراع بين الكوريتين، وتايوان ضد الصين، والهند ضد باكستان، وذلك بهدف إيجاد مبرر لتدخل القوات الأمريكيه (1).
إن تهديداً واحداً للتوازن يحدق اليوم بالكوكب: أميركا نفسها التي تحولت من حامية إلى نهابة. فالعسكريتارية الاستعراضية الأمريكية قادت في نهاية الأمر إلى انشغال القوى الحقيقية التي هي أوروبا، اليابان وروسيا ودفعها من الآن فصاعداً إلى أن تتقارب فيما بينها. فقد بدأت أوروبا تعي أن روسيا ليست تهديداً إستراتيجياً لها بل أصبحت مساهمة في أمنها العسكري. ولما كانت القوى الحقيقية اليوم كما في الأمس هي سكانية، تربوية وأن السلطة الحقيقية اقتصادية. فلا داعي للانسياق وراء تسابق نحو التسلح مع أميركا يقود إلى التدخل
…
في بلدان دون أهمية إستراتيجية حقيقية. فالتدخل العسكري إلى جانب الأميركيين ضد العراق لم يكن مقبولاً، حيث أنه لم تنجح أية دولة في القرن 20 في تنمية قوتها عبر الحرب أو عبر زيادة قواتها المسلحة. فأوروبا، اليابان وروسيا ستخسر كثيراً إن هي انخرطت في هذه اللعبة، فالولايات المتحدة خرجت منتصرة في القرن 20 لأنها وخلال حقبة طويلة من الزمن رفضت الدخول في الصراعات العسكرية في أوروبا. اذاً لنترك أميركا تنهك ما تبقى من طاقتها في (مكافحة الإرهاب)، كبديل للكفاح من أجل الحفاظ على هيمنة لم تعد موجودة. لان أمريكا إذا استمرت في تعنتها لإظهار قوتها الخارقة للعالم، فإنها تظهر في نهاية الأمر عجزها للعالم (2).
(1) أمريكيا طليعة الإنحطاط- روجيه جارودى-ص31
(2)
بعد الإمبراطورية: محاولة حول تفكك النظام الأميركي- المؤلف: إمانيول طود - كامبردج بوك ريفيوز