الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن العمل، عدا عن إفلاس مئات البنوك والمؤسسات والشركات (1). ونتيجة لهذا الوضع الاقتصادي الصعب كان الحل هو مزيد من التدخل والحروب. ففي عام 1932م تدخلت القوات الأمريكية في السلفادور بمساعدة السفن الكندية، وبعدها بسنوات تكررت مأساة الحرب العالمية الأولى، وتكرر المشهد الانتحاري الأوروبي مرة ثانية في الحرب العالمية الثانية (2)، التي كانت فرصة ذهبية أخرى للاقتصاد الأمريكي، الذي أنتج في الفترة ما بين عامي 1939م و 1945م: 86330 دبابة، و 296400 طائرة و 6500 سفينة بحرية (3)، هذا بالإضافة إلى تزويد المتحاربين باحتياجاتهم من الأغذية وباقي المنتجات.
زعامة العالم
من خلال متابعة إنجازات الرؤساء الأمريكيين خلال القرن التاسع عشر ثم إنهاء الاستعمار وتطويره وفي هذه النقطة برز بشكل خاص تصميم الرئيسين ويلسون وروزفلت، فالشعوب لها الحق بتقرير مصيرها فكان من الطبيعي أن تتوصل شعوب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية إلى اختيار مصيرها بأنفسها. ولكن يبدو واضحاً هنا خبث المقولة، إن مقولة إزالة الاستعمار بالنسبة للولايات المتحدة تعني دائماً الآخرين ولا تعنيها هي أبداً. وهكذا ومن عام 1945 حتى عام 1962 منحت فرنسا الاستقلال لكل أراضيها القديمة ما عدا جيبوتي ومن عام 1945 حتى عام 1957 كانت إنكلترا مرغمة على فعل الشيء ذاته وفي عام 1949 تحررت إندونيسيا من وصاية هولندا وتحررت المستعمرات الأفريقية من الانتداب الإسباني والبرتغالي والبلجيكي ونالت استقلالها. أليس من الصدفة إذاً أن تتحرك الولايات المتحدة في نفس الوقت ببيادقها في كل مكان من آسيا وأفريقيا وتعزز سيطرتها على أمريكا اللاتينية «دائرتها الثانية» ؟!! أليس من الصدفة أيضاً أن يحل الدولار مكان الفرنك والجنيه والبيزتا في المستعمرات الأوروبية القديمة المحررة وأن تتخذ سياسات
(1) صناعة الإرهاب ـ د. عبد الغني عماد - ص78
(2)
أميركا التوتاليتارية، الولايات المتحدة والعالم: إلى أين؟ تأليف ميشال بوغنون موردان، ترجمة: خليل أحمد خليل.
(3)
إمبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي ـ 1/ 2/2003م
اقتصادية وعسكرية مقتبسة عن النموذج الأمريكي وأن تحل اللغة الإنكليزية مكان اللغات الأجنبية الأخرى؟ (1)
وهكذا وفي منتصف القرن العشرين بعد انهيار ودمار أوروبا بأسرها من الأطلنطي إلى جبال الاورال في أعقاب حربين أوروبيتين (سميتا بالعالميتين لان الأوربيين استخدموا أبناء الشعوب المستعمرة في القارات الثلاث كطعام للمدافع)، انقلب محور العالم: الولايات المتحدة الأميركية ـ التي اغتنت بفضل احتضار كل الشعوب، ولم تهب لنجدة المنتصرين إلا في اللحظة الأخيرة (عام 1917م بعد معركة فردان وعام 1944م بعد معركة ستالينجراد)، وجدت نفسها على رأس نصف الثروة العالمية، هذه الثروة سمحت لها بأن تجعل من الدولار معياراً للنقد العالمي على قدم المساواة مع الذهب، كما سمحت لها بأن تدعم (بشرط خضوعها السياسي) أوروبا عبر مشروع مارشال كي تجعلها من جديد سوقا رائجة، بعد دمارها (2).
وعلي النقيض مما حصل بعد الحرب العالمية الأولي، فإن الاقتصاد الأمريكي الضخم تمكن من المضي قدماً لقيادة النظام الاقتصادي العالمي الجديد ليكون هو الرائد له، وليعكس صوره لأمريكا ليس فقط كأرض ميعاد، ولكن كدولة صليبية، رسالتها إنقاذ العالم (3)، كما جاء ذلك على لسان الرئيس الأمريكي (هارى ترومان) الذي أعلن في 1952م:"إن الولايات المتحدة استجابت لإلحاح العناية الإلهية فقبلت أن تأخذ عبء زعامة العالم على عاتقها". وهذا الإعلان الذي جاء على لسان الرئيس الذي ألقيت بأمره أول قنبلة من قنابل الدمار الشامل في التاريخ على هدف مدني، كان استمراراً لسلسة من تصريحات الساسة ورجال الدولة الأمريكيين، أفصحت عن اتجاه الولايات المتحدة الذي لا رجعة فيه صوب وضع الدولة الحاكمة لكوكب الأرض، وهذا ما أوضحه أيضاً الرئيس الأمريكي، بطل الحرب العالمية الثانية، (دوايت ايزنهاور) بقوله: "إن الشعب الأمريكي شعب يحب الله محبة عميقة، وانه لما كان الله
(1) أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص 213 - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001
(2)
كيف نصنع المستقبل- روجيه جارودي ـ د. منى طلبه ـ ص59
(3)
ارض الميعاد والدولة الصليبية - أمريكا في مواجهة العالم منذ 1776 - والتر أ. مكدوجان ترجمة رضا هلال ص24