الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهمتها في تمشيط أرض من يسمونهم بأعداء أمريكا تمهيداً للاقتحام كما حدث في أنجولا (1).
لاهوت الهيمنة الأمريكية
(2)
صرح الرئيس (تافت) في عام 1912م: "يجب أن نحمي شعبنا وأملاكه في المكسيك، إلى أن تفهم حكومة المكسيك بأن هناك إلهاً في إسرائيل، وأن الواجب يحتم طاعته". هذه العبارة شائعة الانتشار: "إسرائيل مملكة الله الجديدة على الأرض"، ظهرت برواج في التاريخ الأمريكي منذ مايفلاور وإقامة مستعمرة بلايموث (1620م).
تاريخ جميل وقوي. شعب في المنفى، شعب صغير، هارب من السيطرة القمعية وباحث عن بداية جديدة. تستدعي للذاكرة علاقة يهوه مع شعبه المختار على جبل سيناء: لقد أعطى يهوه لليهود في المنفى مكانة خاصة (الأمة المفضلة)، اليهود هم (الشعب المختار) بأرض موعودة. كما وعدهم - إذن بأن لهم دوراً مهماً لقيادة شعوب أخرى. كذلك اعتبر الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الأمريكية البيوريتانيون (المتطهرون) أنفسهم شعباً مختاراً منذ قرون بقراءة الكتاب المقدس، ليس فقط من قبل يهوه، ولكن أيضا ًمن خليفته الرب المسيحي. فلماذا لا تكون هذه الأرض إذن الأرض الموعودة؟ ويكونون هم بذلك النور والإرشاد للشعوب الأخرى، لأنهم الشعب المختار من الله؟
…
لكن الأرض الموعودة لم تكن قفراً.
الفكرة الرئيسة هي أن الله يساعد المختار، أما نجاحه فلا يبدو لنا مبرراً في عيون الرب فحسب، بل والطرق المستخدمة لتحقيق هذا النجاح يجب ـ أيضاً ـ أن تكون مبررة. وكما أعطى العهد القديم تشبيهاً يتماشى مع البيوريتانيين الأوائل في تنكيلهم بالهنود، عاد هؤلاء البيوريتانيون بدورهم، إسقاط التشبيه الذي ينسجم وتنكيل الإسرائيليين بالفلسطينيين.
(1) قرآن وسيف ـ د. رفعت سيد أحمد ـ ص186
(2)
هذا المقال كتبه يوهان جالتون، وعرض في كتاب" أمريكا طليعة الانحطاط - روجيه جارودي - ص241ـ244
هكذا اتفقنا على تكوين جبهة ضد الإسلام. إن الاقتناع بكونهم الشعب المختار، قد سبقه الاقتناع بأن الولايات المتحدة هي الأمة الأقرب إلى الله من أي أمة أخرى، وذلك موضح على شعارهم المدون على كل دولار (إننا نثق بالله)
…
من ثم، فإن الدولة الأقرب إلى الله هي ـ أيضاً ـ ممثلة الله على الأرض طبقا لثلاث خصائص رئيسية، من صفات الله: امتلاك كل العلوم، والقوة الشاملة، والإحسان.
بالتالي، يعني هذا رقابة اليكترونية على العالم، وعلى الذين يشك في كونهم ممثلي الشر وحملته. وتستأثر الولايات المتحدة لنفسها بمعرفة من يدخلون تحت هذا التصنيف فلا توجد محاكمة لهم، بما أن الولايات المتحدة تحتكر مسألتي الثواب والعقاب، بالإضافة لحق الإدعاء. هكذا تمارس هيمنة ثقافية، وتمتلك قوة اقتصادية وعسكرية تحت إدارة البنتاجون، وجهاز الاستخبارات لتنفيذ أحكامها.
تستحق) إمبراطورية الشر) أن تسحق حتى تعود إلى العصر الحجري، إنه الواجب.
أي ديانة يمكنها التفوق على الإيمان اليهودي المسيحي؟ أي أيديولوجية يمكنها التفوق على الليبرالية المحافظة على طبعتها الرأسمالية؟ لا يمكن حتى لمنظمة سوبر عالمية أن تكون فوق الولايات المتحدة. وهذا يعني بالنسبة إلى الأمم المتحدة ألا تكون سوى وسيلة للولايات المتحدة لتنفيذ هيمنتها على العالم بأسره.
وتحتل الولايات المتحدة القمة في تسلسل الأمم، وهي محاطة بمن يمثلون مركز العالم: الحلفاء الذين تنطبق عليهم سمتان أو السمات الثلاث الخاصة: اقتصاد سوق حرة، إيمان بالله يهودي ـ مسيحي، انتخاب حر. على الكفة الأخرى لهذا العالم الموزع بين الخير والشر، إمبراطورية الشر تتمثل في البلدان التي لا تتبع اقتصاد سوق حرة، ولا إيماناً يهودياً مسيحياً، ولا ديموقراطية على الطريقة الأمريكية. فللولايات المتحدة اتحاد مع الله، وتتحالف الأمم الأخرى معها من موقع التبعية لها والخضوع، كالعلاقة بين الأطراف والمركز. فالأمم الغربية ملك الولايات المتحدة، والولايات المتحدة في حلف مع الله. هذا هو اللاهوت المستتر للسياسة الخارجية لأمريكا.