الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولايات المتحدة الاميركيه كان بقلم القس إبراهيم متري رحباني في كتابه (المسيح السوري) المطبوع في أميركا عام 1916 (1).
دور المسلمين والعرب في أمريكيا في المواجهة
إذا كنا عرضنا في السابق للدور الذي يمكن ان تقوم به الكنائس المختلفة والكنائس العربية في مواجهة الصهيونية المسيحية، فإن هناك دور مهم وحيوى يمكن ان يقوم به المسلمون والعرب داخل أمريكا، بسبب تاريخهم الطويل وثقلهم العددى الذى يمكنهم إذا ما تعاونوا مع الجماعت الاخرى، من تشكيل قوه ضاغطه ومؤثرة في صناعة القرار في أمريكا. ويكفي ان نعلم ان المسلمون كانوا من اوائل النازلين بأمريكا. يقول بول فندلى:"قدم المسلمون إلى شواطئ أمريكا طواعية، وكان بعضم بين اوائل النازلين بأمريكيا الشمالية، وتشير وثيقة قديمة إلى ان البحارة المسلمين قدموا إلى أمريكيا الشمالية عام 1178، اى قبل ثلاثة قرون من رحلة كولمبس الأولى. وكان بعض اولئك البحارة من الصين وآخرون من غرب افريقيا. وفي عام 1310 كان مسلمون من منطقة مالى في افريقيا، اول من استكشفوا المناطق الداخلية التى اصبحت فيما بعد الولايات المتحدة، مستخدمين نهر المسيسبى طريق مرور لهم. وفي عام 1492، كان عدة بحارة مسلمين بين بحارة كولمبس اثناء رحلته الناجحة إلى العالم الجديد. وحمل معه ايضاً وثيقه يشير فيها العالم العربى الادريسى إلى ثمانية مستكشفين قد اكتشفوا قارة جديدة قبل ذلك بعدة سنوات"(2).
وهذا التاريخ الطويل للمسلمين في أمريكيا، والذي لن يعجب الانجلوسكسون، يعطي مشروعية تاريخية للوجود العربي الإسلامي في أمريكا. والمشروعية التي نقصدها تنبع من كوننا كمسلمين وعرب اصحاب رسالة حضارية انسانية تحترم الآخر وتتفاعل معه. والدليل على ذلك انه عندما اكتشف المسلمون أمريكا قبل كولمبس، لم يسرقوا ويدمروا ويقتلوا اهل البلاد الاصليين، بل تفاعلوا معهم، وبنوا
(1) أسطورة هرمجدون والصهيونية المسيحية- عرض وتوثيق هشام آل قطيط- ص13
(2)
لا سكوت بعد اليوم - بول فيندلى- ص61 - شركة المطبوعات للتوزيع والنشر- ط2 2001
مسجداً، ساهم في تأخير نهب أمريكا وابادة سكانها بعض الوقت. والمأمل ان يساهم وجودهم المتزايد الآن في أمريكا، في اعادة الامور إلى نصابها، واعادة الوجه الانساني لهذه القاره الذي سرقه الصليبيون الجدد.
وبالرغم من صعوبه المهمة فأنه بإمكان المسلمين والعرب، القيام بذلك أو على اقل تقدير المساهمه به، من خلال التعاون مع الجماعت الأخرى المناهضة للوضع الحالي، يساعدهم في ذلك تزايد عددهم. ففى الوقت الحاضر تؤكد المصادر الاحصائيه الرسمية في أمريكا أن عدد المسلمين المتواجدين في أنحاء الولايات المتحده الأمريكيه بصورة رسميه يبلغ سبعة ملايين توزيعهم كالتالي: مليون مسلم أمريكي من أصول عربيه، 3 مليون مسلم أمريكي من أصول امريكيه وغير عربيه، 3 مليون مسلم أمريكي من أصول غير امريكيه اغلبهم من باكستان والهند وإيران وتركيا والدول العربيه. أما مجموع إحصاء الأمريكيين من أصول عربيه المقيمين بصورة رسميه في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكيه فيبلغ ثلاثة ملايين عربي توزيعهم كالتالي: مليون مسلم بنسبة 33% (الجالية الثانية في أمريكا)، 300 الف بروتستانتي بنسبة 10%، 750 الف أرثوذكسي يوناني وكلداني بنسبة 19%، 60 الف أرثوذكسي مصري بنسبة 2%، مليون و 108 الف كاثوليك روم بنسبة 36% الجالية الأولى في أمريكا" (1).
وبالرغم من هذا التاريخ الطويل والوزن العددي للمسلمين والعرب في أمريكا الا ان تأثيرهم في الحياة العامه حتى الآن لا يتناسب مع حجمهم وامكانياتهم. ففي حين قام بعض المسلمون، المنخرطون في انشطة تنظيمية وانشطة ذات صلة بالسياسة العامة، بخطى واسعه، مؤثرة في مجال التفاهم بين الديانات المختلفة، الا انهم ليسوا سوى جزء صغير من الجماعة الإسلامية في أمريكيا، حيث لا يزال عدد المسلمين المشاركين في المؤسسات الإسلامية في أمريكا قليل، غير انه يتضح ان هذه المشاركة تزداد اثناء الفترات العصيبة (2). واذا اعتمدنا لوائح العضوية والحضور في المؤتمرات السنوية التى تعقدها اكبر منظمتين اسلاميين، نستطيع ان نقدر
(1) قرآن
…
وسيف د. رفعت سيد احمد ص163
(2)
المسلمون في أمريكا - المحرر ايفون يزبك حداد - مركز الاهرام للترجمة والنشر- ص15 - ط1 1994
عدد المسلمين المنخرطين في النشاط المنظم، لكن افضل التقديرات المبنية عليها تعطى رقماً لمجموع هؤلاء، لا يتجاوز مائتى الف ناشط، اما بقية المسلمين، وهم اكثر من ستة ملايين نسمة، فإنهم اكثرية صامته تقف على الهامش، ولا تقدم اى دعم، حتى انها تحجم عن المساعدة بالمال. ولهذا فقد احس قادة التنظيمات والجمعيات الإسلامية بهذا الامر، فبدءوا يركزون جهودهم لحث المسلمين على الانحراط في النشاطات العامه، حيث اثمر ذلك وبدأ يحرز المسلمون الأمريكيون، تدريجياً مكانه بارزة في الحكم، ويظهرون المهارة في مزاولة السياسة بعدما كانوا، لسنوات طويلة، في موقع المتفرج، وباتوا ينتخبون لتولى المناصب الرسمية، ويساعدون مرشحين آخرين على الفوز في الانتخابات، ويمارسون دوراً قيادياً في انشطة الاحزاب السياسية والانشطة السياسية الحكومية، ويؤسسون حضوراً في السلطة القضائية للدولة (1).
ويرى فندلى، ان سبباً رئيسياً من اسباب بقاء الانماط المعادية للاسلام، هو واقع المسلمين الأمريكين الذين ما زالوا غير منظمين إلى حد بعيد، رغم وجودهم في أمريكيا منذ امد طويل. وعلى الرغم من تعاظم عددهم، فإن قيادتهم الوطنية لم تتبلور الا مؤخراً. يضاف إلى ذلك ان المسلمين الأمريكيين ليس لهم ثأثير يذكر في قرارات تغطية الاخبار بأى وسيلة من وسائل الاعلام، ومرد ذلك جزئياً إلى انخراط عدد قليل فقط منهم في ميدان الصحافة وامتهانها. فمعظم الاخبار التى تنشر وتبث في أمريكيا، يكتبها صحافيون لا يملكون معلومات وافية عن الإسلام، أو يملكون معلومات مضللة. واذا اراد المسلمون ان يكون لهم صوت مسموع في أمريكا فعليهم الاعلان جهراً عن هويتهم الإسلامية. والبحث عن وسائل تمكنهم من عرض حقيقة دينهم على غير المسلمين. فالرد على الافكار المنمطه، عبر تدابير تصحيحية متفاعلة مع الغير، هو امر اساسى، ولكن اتخاذ خطوات تتحكم بالوضع ولا تنتظر وقوع الواقعة للرد عليها، على القدر ذاته من أهمية الامر الأول. لهذا يجب على المسلمين الظهور بمظهر لائق في الدول التي يقيمون فيها، فعندما يهمل احد المسلمين واجبه كمواطن أو يسلك سلوكاً سيئاً، فإنه يجلب المعاناة للمسلمين كافة.
(1) لا سكوت بعد اليوم - بول فيندلى-ص267