الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشكل موسيقى، أو باستهلاك المخدرات المختلفة». وإذا كان كل هذا موجوداً بمقدورنا بعد أن ننكر بأن أمركة الكون قائمة على قدم وساق. وفي كل مكان تنتشر أنماط الاستهلاك والنماذج والمخططات الأيديولوجية التي أعدتها الولايات المتحدة وهذا يحدث حتى في الدول الاشتراكية، وتتمتع الولايات المتحدة بطاقة دعائية لا مثيل لها. والاختلافات الثقافية التي شكلت ثروة البشرية هي في طريقها للاندثار تسحقها مطابع الشكل الواحد. واستفادة الثقافة الأمريكية من تفوقها المادي فراحت بذكاء تفسد الأرض. فحيث حلت فككت البنى الاجتماعية التقليدية وأفقرت العادات والفلكلور المحلي. إن الامتثالية تجتاح بمكر الكون، امتثالية ذات صناعة أمريكية Made in America تهدف إلى تحويل كل أفراد البشرية إلى «أقزام أمريكيين ضحلين» . ألا يحق لنا أن نرى في ذلك أن «الأمريكيين قد صنعوا سلاحاً حاذقاً لتسخير العالم لمصالحهم ولنمط تفكيرهم؟» (1).
تشويه العولمه على يد الانجلوسكسون
إن مفهوم العولمة قديم قدم التاريخ، إذ لم يكن للعالم أية حدود إلاّ منذ فترة وجيزة فقط، فقد كان العالم يشرع أبوابه للجميع. لذا، فإن الكثير من الحضارات والاختراعات المعاصرة هي نتاج متراكم للتفاعل السلمي وغير السلمي علي حد سواء بين الحضارات السابقة. ولم تعرف كل من الحضارة الرومانية والإغريقية والإسلامية أية حدود علي الإطلاق. وكانت الحضارة الإسلامية، رغم انطلاقها من شبه الجزيرة العربية، عالمية بكل ما في الكلمة من معني. وقد أشارت آيات القرآن الكريم في أكثر من موضع إلي أن الإسلام يحمل رسالة عالمية شاملة تخاطب كافة الأجناس والأعراق بل الإنسانية جمعاء، فقد قال رسول الله محمد (صلي الله عليه وسلم):"لا فضل لعربي علي أعجمي إلاّ بالتقوى" فخير الناس هو أتقي الناس سواء أكان عربياً، فارسياً، حبشياً، أسود أو غير ذلك من الأجناس. كما أن المجلس الذي أقامه النبي عليه الصلاة والسلام، للشورى كان يتكون من سلمان الفارسي، وصهيب الرومي،
(1) أمريكا المستبدة الولايات المتحدة وسياسة السيطرة على العالم «العولمة» - ميشيل بيغنون -ترجمة: الدكتور حامد فرزات ص 230 - من منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق - 2001 - موقع اتحاد الكتّاب العرب على شبكة ا الإنترنت- http://www.awu-dam.org
وبلال الحبشي وصحابة من العرب أنفسهم، وبذلك يكون المجلس عالمياً ومتعدد الجنسيات. كما شكلت الحضارة العربية والإسلامية قوة عالمية عظمي ودولة امتد نفوذها ليصل من إسبانيا حتى الصين. وضمت الحضارة الإسلامية تحت لواء سيطرتها، مختلف العقائد والأعراق الذين وصل تعدادهم إلي مئات الملايين. وكما قالت (كارلي فيورين)، الرئيسة التنفيذية لشركة هيوليت باكارد، في خطاب ألقته عام 2001، فإن الإسلام كان الجسر الذي ربط بين شعوب أكثر من 100 دولة، وكانت جيوشه تتكون من جنود من مختلف الجنسيات، وأفضت الحماية العسكرية التي وفّرها إلي درجة لم يشهدها التاريخ من قبل من السلام والازدهار.
ولكن ما أدي إلي تشويه عولمة اليوم ووصمها بالعار، هو ارتباطها الوثيق بالرأسمالية الأنكلوسكسونية الداروينية المتسمة بالمغالاة والتطرف، واستخدامها لتكنولوجيا الاتصالات الحديثة وتقنيات الإدارة، لبسط وفرض ثقافتها المنفرة، وحروبها وماديتها البحتة المنحرفة عن الأخلاق والمثل. لقد تمكنت العولمة الأنكلوسكسونية المعاصرة من إدخال ونشر برامجها الداروينية، كما أنها أفرزت نظاماً اقتصادياً طفيلياً جديداً، تحفّه المخاطر من كل جانب، علاوة علي عزمها فرض مفاهيمها ورؤاها أحادية الجانب، في الوقت نفسه الذي تتشدق فيه بالتعددية. أما أجندتها فهي محشوة بأعمال الإبادة الجماعية الوحشية، بينما هي تنادي بحقوق الإنسان. وتدّعي الديمقراطية وتوغل في الديكتاتورية. إنها تؤمن بالله، فقط إذا علمنا أن المال هو إلهها الوحيد (1).
ففي الولايات المتحدة الأمريكيه بنيت الحياة على المادة، حيث أرسيت سيكولوجيا سكان هذه البلاد على المبادئ التلمودية القائمة على عبادة المال و (الحق) في نهب وقتل جميع الغرباء بهدف الاستيلاء على أراضيهم واملاكهم. وهكذا اصبح القراصنة وقطاع الطرق وغيرهم من المجرمين المحظوظين، الأبطال بالنسبة للأغلبية الأمريكيه الساحقة. يقول (الغ بلاتونوف) في كتابه (لهذا كله ستنقرض أمريكا): "حين قمت لأغراض دراسية بزيارة إحدى أهم مدن سادوم وعمره - لاس فيغاس - المركز العالمي لصناعة القمار والفسق والعهر، رأيت بأم عيني إن جدران
(1) امبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي-29/ 2/2003