الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العزيز)) (1).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((قال العلماء: الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل، وهو أمنع من العبث، وأقرب إلى الخشوع)) (2).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا بِتَعْجِيلِ فِطْرِنَا، وَتَأْخِيرِ سُحُورِنَا، وَوَضْعِ أَيْمَانِنِا عَلَى شَمَائِلِنَا فِي الصَّلَاةِ)) (3).
السبب الثلاثون: الإشارة بالسبابة وتحريكها في الدعاء في التشهد:
الإشارة بالسبابة تجلب الخشوع، وفيها إغاظة للشيطان؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا جلس في الصلاة، وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَهِيَ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الْحَدِيدِ)) يعني السبابة (4).
فالإشارة بالسبابة عند التشهد في الصلاة أشَدَّ على الشيطان من الضرب بالحديد؛ لأنها تُذَكِّر العبد بوحدانيَّة الله تعالى، والإخلاص في العبادة، وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه)) (5).
(1) الخشوع في الصلاة لابن رجب، ص21.
(2)
فتح الباري لابن حجر، 2/ 224.
(3)
الطبراني في الكبير، برقم 11485، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 3/ 155:((رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح))، وصححه الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ص87، وفي صحيح الجامع، برقم 2282، 2286، وصححه في صفة الصلاة، ص 87.
(4)
أحمد في المسند، 2/ 119، وحسن إسناده الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ص171.
(5)
انظر: الفتح الرباني للساعاتي، 4/ 15.
فالمصلي يستحب له في الجلوس في التشهد أن يضع يده اليسرى على فخذه اليسرى أو ركبته اليسرى، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويقبض أصابع اليمنى كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما:((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى)) (1).
ويُحَلِّق الإبهام والوسطى، ويقبض الخنصر والبنصر، ويشير بالسبابة؛ لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال:((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد حلَّق الإبهام والوسطى ورفع التي تليها يدعو بها في التشهد)) (2).
أو يعقد ثلاثاً وخمسين ويشير بالسبابة، وصفتها أن يجعل
الإبهام مفتوحة تحت المُسبِّحة، وهي أن يجعل الإبهام في أصل الوسطى أو يعطف الإبهام إلى أصلها (3)؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على
ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى (4)،
وعقد ثلاثاً
(1) مسلم، كتاب المساجد، باب صفة الجلوس في الصلاة، وكيفية وضع اليدين على الفخذين، برقم 116 - (580)، و114 - (580).
(2)
ابن ماجه، برقم 912، وتقدم تخريجه.
(3)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 86، وسبل السلام للصنعاني، 2/ 308، 310، والتلخيص الحبير لابن حجر، 1/ 262.
(4)
وسمعت الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((جاء في هذا عدة روايات:
1ـ تارة يضع يديه على فخذيه.
2ـ وتارة يضعهما على ركبتيه.
3 -
وتارة يضع يديه على فخذيه وأطراف الأصابع على ركبتيه.
وأما ما يتعلق باليمنى فجاء فيها ما في حديث ابن عمر. وجاء فيها ما في حديث وائل، وهو أنه يعقد الإبهام والوسطى ويشير بالسبابة ويقبض الخنصر والبنصر، وخلاصة ما جاء في ذلك ثلاث صور:
1 -
تارة يقبض الأصابع كلها ويشير بالسبابة.
2 -
وتارة يحلق الإبهام والوسطى ويقبض الخنصر والبنصر ويشير بالسبابة.
3 -
وتارة يعقد ثلاثاً وخمسين ويشير بالسبابة، وقيل في هذه الصفة: إنه يجعل طرف الإبهام في أصل الوسطى، والإشارة بالإصبع إشارة إلى التوحيد، والأقرب أنه كان يفعل هذا تارة وهذا تارة، وهذا تارة: أي صفة قبض اليد والإشارة بالسبابة)) سمعته من سماحته رحمه الله أثناء تقريره على بلوغ المرام الحديث رقم 332.
وخمسين (1)، وأشار بالسبابة)) (2) فظهر ثلاثة أنواع لليد اليمنى:
النوع الأول: قبض الأصابع كلها، والإشارة بالسبابة.
النوع الثاني: تحليق الإبهام والوسطى وقبض الخنصر والبنصر والإشارة بالسبابة.
(1) وقيل في صفة ثلاثة وخمسين أقوال يفسر بعضها بعضاً، فقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير:((وصورتها أن يجعل الإبهام معترضة تحت المسبحة)) 1/ 262، وقال الإمام النووي:((واعلم أن قوله: عقد ثلاثاً وخمسين شرطه عند أهل الحساب أن يضع طرف الخنصر على البنصر، وليس ذلك مراداً هاهنا، بل المراد أن يضع الخنصر على الراحة ويكون على الصورة التي يسميها أهل الحساب تسعة وخمسين والله أعلم)). شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 86، ومراده ((بسط الخنصر إلى أصل الإبهام مما يلي الكف وبسط البنصر فوقها، وبسط الوسطى فوقها، وعطف الإبهام إلى أصلها)) انظر: سبل السلام، 2/ 301. وقال الإمام الصنعاني نقلاً عن ابن حجر في التلخيص:((صورتها أن يجعل الإبهام مفتوحة تحت المسبحة)) هكذا نقل ولعلها في نسخة فنقلها الصنعاني، وقد تقدم كلام الحافظ آنفاً، انظر: سبل السلام، 2/ 308، أما ما ذكر الصنعاني، 2/ 310 في طريقة العرب في الحساب لهذه الصورة فهي: عقد الخنصر والبنصر والوسطى وعطف الإبهام إلى أصلها)) 2/ 310، وسمعت سماحة الإمام ابن باز يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 332:((وقيل في هذه الصفة: إنه يجعل طرف الإبهام في أصل الوسطى)).
(2)
مسلم، كتاب المساجد، باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين، برقم 115 - ((580)).
النوع الثالث: عقد ثلاثاً وخمسين والإشارة بالسبابة، وكلها صحيحة، وينظر أثناء جلوسه إلى إشارة سبابته؛ لحديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما:((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، لا يجاوز بصره إشارته)) (1)؛ ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وفيه: ((فوضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام في القبلة، ورمى ببصره إليها أو نحوها، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع)) (2).
ويشير بالسبابة عند ذكر الله عز وجل حال الدعاء موجهة إلى القبلة، هذا هو السنة (3) يحركها إلى القبلة عند ذكر الله تعالى يدعو بها (4)،
ولا
(1) النسائي، كتاب السهو، باب موضع البنصر عند الإشارة وتحريك السبابة، برقم 1275، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي:((حسن صحيح)) 1/ 272.
(2)
النسائي، كتاب الافتتاح، باب موضع البصر في التشهد، برقم 1660، وقال الألباني في صحيح سنن النسائي: حسن صحيح، 1/ 250.
(3)
قال الإمام النووي: ((والسنة أن لا يجاوز بصره إشارته، وفيه حديث صحيح في سنن أبي داود، ويشير بها موجهة إلى القبلة، وينوي بالإشارة التوحيد والإخلاص والله أعلم))، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 85.
(4)
اختلف العلماء في موضع الإشارة بالسبابة، فقيل:
1 -
يحركها عند ذكر الله فقط.
2 -
وقيل: عند ذكر الله وذكر رسوله صلى الله عليه وسلم.
3 -
وقيل: يشير بها في جميع التشهد أي يحركها تحريكاً دائماً.
4 -
وقيل: يشير عند ((إلا الله)).
والصواب أنه يشير بها عند الدعاء وذكر الله فقط، وتبقى منصوبة فيما عدا ذلك. انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، 3/ 535 - 536، ونيل الأوطار للشوكاني،2/ 66 - 68، وسبل السلام، 2/ 308 - 309، وشرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 85، والمغني لابن قدامة، 2/ 119، والشرح الكبير لابن قدامة، 3/ 532، والشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 200 - 202.
يحركها في غير ذكر الله والدعاء، بل تبقى منصوبة (1)، ويدل على تحريكها عند الدعاء حديث وائل بن حجر رضي الله عنه وفيه:((ثم قعد وافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حدَّ مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض اثنتين من أصابعه وحلَّق حلقة، ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها)) (2)،ودلَّ على عدم تحريكها دائماً حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما:((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يُحرِّكها)) (3)، فالجمع بين الحديثين سَهْلٌ: فنفي التحريك يراد به التحريك الدائم، وإثبات التحريك يراد به التحريك عند الدعاء (4)،
وتكون الإشارة بالسبَّاحة من اليد اليمنى، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإشارة بإصبع واحدة، فعن أبي
(1) وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على الروض المربع، 2/ 64، في فجر الأحد 3/ 8/1419هـ يرجح:((أن السبابة لا يحركها عند الإشارة وإنما تبقى منصوبة، إلا عند الدعاء فيحركها، ثم قال: والصواب أنها تحرك عند الدعاء، أما غير الدعاء فلا يحركها وإنما يشير بها)).
(2)
النسائي، كتاب الافتتاح، باب موضع اليمين من الشمال في الصلاة، برقم 890، وكتاب السهو باب قبض الاثنتين من أصابع اليد اليمنى، وعقد الوسطى والإبهام منها وتحريك الأصبع، برقم 1268، وصححه الألباني، في صحيح النسائي، 1/ 194، و1/ 271، وفي صحيح سنن أبي داود، 1/ 140، 180، وقد أخرجه أيضاً أبو داود، برقم 957، وأحمد 4/ 318، وتقدم تخريجه.
(3)
النسائي، كتاب السهو، باب بسط اليسرى على الركبة، برقم 1270، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الإشارة في التشهد، برقم 989، وصححه النووي في المجموع 3/ 454، وقال الأرنؤوط في حاشية زاد المعاد، 1/ 238:((وسنده صحيح)).
(4)
وبهذا جمع البيهقي في السنن الكبرى، 2/ 132، وانظر: سبل السلام، 2/ 309، والشرح الممتع للعلامة محمد بن صالح العثيمين، 3/ 202 ..