الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: ((واجبرني)) الجَبْرُ يكون من النَّقْصِ، فالإنسان يحتاج إلى جَبْرٍ حتى يعود سليماً بعد كَسْرِه من كسر العظام البدنية، كما أن الإنسان الناقص المفرِّط المُسِرف على نفسه بتجاوز الحدِّ أو القصور عنه، يحتاج إلى جبر ليعود سليماً من الكسور المعنوية؛ فالحاصل أن الإنسان يحتاج إلى جَبْرٍ يَجبرُ له النَّقْصَ الذي يكون فيه (1).
قوله: ((وارفعني)): أي ارفعني في الدارين: بالعلم النافع، والعمل الصالح، وارزقني درجة عالية في الجنة (2).
عاشراً: فهم وتدبُّر أذكار سجود التلاوة:
1 -
((سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، {فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ})) (3).
قوله: ((للذي خلقه وشق سمعه وبصره)) تخصيص بعد تعميم؛ أي: فتحهما وأعطاهما الإدراك.
قوله: ((بحوله)) أي: بتحويله وصرفه الآفات عنها.
قوله: ((وقوَّته)) أي: قدرته بالثبات والإعانة عليهما.
2 -
((اللَّهُمَّ اكتُبْ لي بها عِندَك أجراً، وَضَعْ عَنِّي بِها وِزْراً، وَاجْعَلْهَا
(1) انظر: الشرح الممتع، 3/ 181 - 183، و 4/ 31 - 36، والعلم الهيب، ص 296 - 297، وشرح حصن المسلم بتصحيح المؤلف، ص 112.
(2)
انظر: المنهل العذب المورود، 5/ 292، وشرح حصن المسلم بتصحيح المؤلف، ص 112.
(3)
الترمذي، 2/ 474، أبواب الوتر، باب ما يقول في سجود القرآن، برقم 580، أحمد،
6/ 30، برقم 25821، والحاكم، وصححه ووافقه الذهبي، 1/ 220، والزيادة له. [والآية رقم 14 من سورة المؤمنون].
لي عِنْدَكَ ذُخْراً، وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَهَا مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ)) (1).
قوله: ((وِزْرَاً)) أي: ذنباً.
قوله: ((ذخراً)) أي: كنزاً، وقيل: أجراً؛ وكرر لأن مقام الدعاء يناسب الإطناب، وقيل: الأول طلب كتابة الأجر، وهذا طلب بقائه سالماً من محبط أو مبطل.
قوله: ((كما تقبَّلْتها من عبدك داود)) حين {خَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} (2).
والصواب: أن السجدات في القرآن خمس عشرة سجدة؛ لأن سورة الحج فيها سجدتان؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، فُضِّلت سورة الحج بسجدتين؟ قال:((نعم، ومن لم يسجدْهما فلا يقرأْهما)) (3).
والصواب: أن سجود التلاوة لا يشترط له ما يشترط لصلاة النفل: من الطهارة عن الحدث والنجس، وستر العورة، واستقبال القبلة، ولكن يُستحب ذلك وهو الأفضل، كما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيم، والشيخ ابن باز، وابن عثيمين رحمهم الله تعالى، أما الجنب فلا يقرأ شيئاً من القرآن حتى يتطهَّر (4)؛ ولهذا كان ابن عمر رضي الله عنهما، مع شدة اتباعه للسنة ((ينزل
(1) الترمذي، أبواب الوتر، باب ما يقول في سجود القرآن، 2/ 473، برقم 579، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/ 219.
(2)
سورة ص، الآية:24.
(3)
أبو داود، برقم 1402، والترمذي، برقم 578، تقدم تخريجه في السبب السادس والثلاثين.
(4)
انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام، 23/ 165 - 170، وتهذيب السنن لابن القيم، 14/ 53 - 56، ومجموع فتاوى ابن باز، 11/ 406 - 415، والشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين، 4/ 126، وتمام المنة في التعليق على فقه السنة للألباني، ص 270.