الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن عباس: ((ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها)) (1).
السبب الثالث والأربعون: معرفة خشوع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته:
مما يُعين على الخشوع في الصلاة ويجلبه معرفة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الخشوع في الصلاة؛ وقد كانت الصلاة قرّة عينه، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ، وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)) (2).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال: ((قُمْ يَا بِلالُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ))، وفي لفظ:((يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلاةَ أَرِحْنَا بِهَا)) (3).
وقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة طأطأ رأسه، ورمى ببصره نحو الأرض موضع السجود، وكان في التشهد لا يجاوز بصره إشارته، هكذا ذُكِرَ عنه صلى الله عليه وسلم (4)(5).
السبب الرابع والأربعون: معرفة خشوع الصحابة والتابعين وأتباعهم رحمهم الله:
المتأمل بتفكّرٍ في خشوع السلف الصالح في صلاتهم يزيده ذلك خشوعاً؛ لما يرى ويعلم من خشوعهم العظيم الذي يدل على إحسانهم في صلاتهم، وأنهم يعبدون الله كأنهم يرونه، وهذه هي
(1) تقدم تخريجه، في حكم الخشوع في الصلاة.
(2)
النسائي، برقم 3940، وأحمد، برقم 12293، 13057، وتقدم تخريجه في المبحث العاشر ((الصلاة بخشوع قرة للعين وراحة للقلب)).
(3)
أبو داود، برقم 4985، 4986، وأحمد في المسند، برقم 23154، وتقدم تخريجه في المبحث العاشر.
(4)
تقدم تخريجه في النظر إلى موضع السجود، وإلى السبابة في التشهد، في السبب الثالث والثلاثين.
(5)
وانظر: المبحث الرابع عشر: خشوع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته من هذا الكتاب.
الدرجة العظمى من الإحسان في العبادة.
فهذا أبو بكر رضي الله عنه يبكي في صلاته كما ذكرت عائشة رضي الله عنها (1).
وهذا عمر الفاروق يُقتل وهو يُصلِّي، ثم أغمي عليه، وعندما أفاق قال:((هل صلَّى الناس؟))، فسأل: عن الصلاة قبل أن يسأل عمن قتله؟ (2).
وذاك سعد بن معاذ إذا صلى لا يحدث نفسه بغير ما هو فيه من صلاته (3).
وهذا التابعي الجليل عروة بن الزبير يأمر الأطباء بقطع رجله في الصلاة؛ لأنه لا يشعر بذلك؛ لتعلق قلبه بالله ومناجاته (4).
وهذا الإمام البخاري يلسعه الزنبور في سبعة عشر موضعاً من جسده تحت ثوبه ولم ينصرف من صلاته، ولم ينظر حتى سلَّم من صلاته (5)، وغير ذلك كثير (6).
فمن نظر في خشوع السلف الصالح في صلاتهم جلب له ذلك الخشوع إن كان قلبه سليماً.
(1) انظر: صحيح البخاري، برقم 713، 679، ومسلم، برقم 418، وتقدم تخريجه في المبحث الخامس عشر.
(2)
انظر: كتاب الصلاة لابن القيم، ص26 وتقدم تخريجه في المبحث الخامس عشر.
(3)
انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 22/ 605، وتقدم في المبحث الخامس عشر.
(4)
انظر: البداية والنهاية لابن كثير، 9/ 102 - 103، وتقدم في المبحث الخامس عشر.
(5)
انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 442، ومقدمة فتح الباري لابن حجر، ص480.
(6)
وقد ذكرت نماذج كثيرة من خشوع السلف الصالح في المبحث الخامس عشر من هذا الكتاب، والله الموفق.