الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الثاني: التحذير من ترك شيء من أركان الصلاة:
أفعال الصلاة وأقوالها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أركان: وهي ما لا يسقط جهلاً، ولا عمداً، ولا سهواً، وواجبات: وهي ما تبطل به عمداً ويسقط جهلاً وسهواً، ويجبر بسجود السهو، وسنن: وهي ما لا تبطل به عمداً ولا سهواً.
والركن في اللغة: جانب الشيء الأقوى، الذي لا يقوم ولا يتم إلا به، وسميت أركان الصلاة: تشبيهاً لها بأركان البيت الذي لا يقوم إلا بها، والركن في الاصطلاح: ماهية الشيء والذي يتركب منه ويكون جزءاً من أجزائه، ولا يوجد ذلك الشيء إلا به، وهو عبارة عن جزء الماهية: وهي الصورة (1).
وأركان الصلاة أربعة عشر ركناً على النحو الآتي:
الأول: القيام في الفرض مع القدرة؛ لقول الله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ} (2)؛ ولحديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة؟ فقال:((صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطعْ فعلى جنب)) (3)؛ ولحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((صلّوا كما رأيتموني أصلّي)) (4).
(1) انظر: حاشية الروض المربع لابن قاسم، 2/ 122.
(2)
سورة البقرة، الآية:238.
(3)
البخاري، كتاب أبواب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعداً صلى على جنب، برقم 1117.
(4)
البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة
…
، برقم 631.
الثاني: تكبيرة الإحرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء صلاته: ((إذا قمت إلى الصلاة فكبر)) (1)؛ ولحديث علي رضي الله عنه يرفعه: ((مفتاح الصلاة الطّهور، وتحريمُها التكبير، وتحليلُها التسليم)) (2).
الثالث: قراءة الفاتحة مرتبة في كل ركعة؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتحة الكتاب)) (3)، وفيها إحدى عشرة تشديدة، فإن ترك حرفاً ولم يأت بما ترك لم تصحَّ صلاته.
الرابع: الركوع؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (4)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المسيء صلاته، وفيه:((ثمّ اركعْ حتى تطمئنَّ راكعاً)) (5).
الخامس: الرفع من الركوع والاعتدال قائماً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المُسيء صلاته، وفيه:((ثمّ ارفعْ حتى تعدلَ قائماً)) (6).
السادس: السجود على الأعضاء السبعة؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم الركوع بإعادته، برقم 793، ومسلم، كتاب الأذان، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتم الركوع بإعادته، برقم 397.
(2)
أبو داود، كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم 61، والترمذي، أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور برقم 3، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/ 102.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم 756، ومسلم، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءءة الفاتحة في كل ركعة،
…
، برقم 394.
(4)
سورة الحج، الآية:77.
(5)
البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم 757.
(6)
البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم 757.
الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (1)؛ ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة المسيء صلاته، وفيه:((ثمّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجداً)) (2)؛ ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أُمرتُ أن أسجدَ على سبعة أعْظُمٍ: على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين)) (3).
السابع: الرفع من السجود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ثم ارفع حتى تطمئن جالساً)) (4).
الثامن: الجلسة بين السجدتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى تطمئن جالساً)) (5).
التاسع: الطمأنينة في جميع الأركان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لَمّا علَّمَ المسيء صلاته كان يقول له في كل ركن: ((حتى تطمئنَّ)) (6) والطمأنينة: هي السكون بقدر الذكر الواجب، فلو لم يسكن لم يطمئن (7).
(1) سورة الحج، الآية:77.
(2)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب التكبير إذا قام من السجود، برقم 789، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة، برقم 392.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم 812، ومسلم، كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة، برقم 490.
(4)
البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم 757.
(5)
البخاري، برقم 757.
(6)
البخاري، كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم 757، وكتاب الأذان، باب التكبير إذا قام من السجود، 789، ومسلم، كتاب الصلاة، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، إلا رفعه من الركوع
…
برقم 392.
(7)
انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/ 126، والشرح الممتع، 3/ 421.
العاشر: التشهد الأخير؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وفيه: ((لا تقولوا: السلامُ على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله
…
)) (1). ولفظه عند النسائي: كنا نقول في الصلاة قبل أن يُفرض التشهد: السلام على الله، السلام على جبريل، وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقولوا هكذا، فإنَّ اللهَ هو السلام، ولكن قولوا: التحياتُ لله
…
)) (2).
الحادي عشر: الجلوس للتشهد الأخير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله جالساً، وداوم عليه، كما تقدم في الأحاديث، وقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بالصلاة كصلاته، فقال:((صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي)) (3).
الثاني عشر: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (4)؛ ولحديث كعب بن عجرة (5) رضي الله عنه وفيه:
((يا رسول الله قد علمنا كيف نُسلِّمُ عليك، فكيف نُصلِّي عليك؟ قال: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد
…
)) الحديث)) (6)؛ ولحديث عبد الله بن
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم 831، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر، برقم 835.
(2)
النسائي، كتاب السهو، باب إيجاب التشهد، برقم 1278.
(3)
البخاري، كتاب الأذان، باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد، برقم 628، ورقم 6008.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:56.
(5)
انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 424 - 425.
(6)
متفق عليه: البخاري، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم برقم 6357، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم 406.
مسعود رضي الله عنه وفيه: ((أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قولوا: اللهمَّ صلِّ على محمد
…
)) الحديث (1).
الثالث عشر: الترتيب بين أركان الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عَلَّم المسيء صلاته مرتبة بـ ((ثُمَّ))، فقال:((إذا قمت إلى الصلاة فكبِّرْ، ثم اقرأْ ما تيسَّرَ معك مِنَ القرآن، ثمَّ اركعْ حتى تطمئنَّ راكعاً، ثم ارفعْ حتى تعتدلَ قائماً، ثمَّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجداً، ثمَّ ارفعْ حتى تطمئنَّ جالساً، ثمَّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجداً، ثمَّ ارفعْ حتى تطمئنَّ جالساً، ثم افعلْ ذلك في صلاتك كلها)) (2)، وقال أبو أسامة في الأخير:((حتى تستويَ قائماً)) (3)؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على هذا الترتيب، وقال:((صلّوا كما رأيتموني أصلّي)) (4).
الرابع عشر: التسليمتان؛ لحديث علي رضي الله عنه يرفعه: ((مفتاح الصلاة الطّهور، وتحريمها التّكْبير، وتحليلُها التسليم)) (5)؛ولحديث عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنه قال: ((كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خدّه)) (6).
(1) مسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم 405.
(2)
متفق عليه: البخاري، برقم 757، 793، 6251، ومسلم، برقم 392، وتقدم تخريجه.
(3)
البخاري، برقم 6667.
(4)
البخاري، برقم 628، 6008، وتقدم تخريجه.
(5)
أبو داود، برقم 61، والترمذي، برقم 3، وتقدم تخريجه.
(6)
مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السلام للتحليل من الصلاة عند فراغها وكيفيته، برقم 582.