الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسلامهم وبين أن أنزلت هذه الآية يعاتبهم الله بها إلا أربع سنين (1).
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} إلا أربع سنين)) (2).
النوع الثاني: تأثير القرآن في القلوب والنفوس كما جاء ذلك في سنة النبي
صلى الله عليه وسلم:
وجاءت الأحاديث تدل على خشوع النبي صلى الله عليه وسلم وتأثُّره بقراءة القرآن الكريم ومن ذلك ما يأتي:
1 -
أَمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُقرأ عليه القرآن فبكى، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرأ عليَّ القرآن))،قال: فقلت: يا رسول الله أأقرأ عليك وعليك أُنزِلَ؟ فقال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري))، وفي لفظ للبخاري:((فإني أحب أن أسمعه من غيري))، فقرأت عليه النساء حتى إذا بلغت:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} (3)، وفي لفظ للبخاري:((فقال حسبك الآن))، فرفعت رأسي، أو غمزني رجلٌ فرفعت رأسي، فرأيت دموعه تسيل))، وفي لفظ للبخاري:((فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان)) (4).
(1) ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء، برقم 4192، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 3/ 369.
(2)
مسلم، كتاب التفسير، باب في قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا
…
}، برقم 3027. والآية رقم 16 من سورة الحديد
(3)
سورة النساء الآية: 41.
(4)
متفق عليه: البخاري، كتاب التفسير، باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً} ، برقم 4582، وكتاب فضائل القرآن، باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره، برقم 5049، وباب قول المقرئ للقارئ: حسبك، برقم 5050، وباب البكاء عند قراءة القرآن، برقم 5055، ورقم 5056، مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل استماع القرآن، وطلب القراءة من حافظه للاستماع، والبكاء عند القراءة والتدبر، برقم 800.
2 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبيّ بن كعب: ((إن الله عز وجل أمرني أن أقرأ عليك))، قال: آلله سمَّاني لك؟ قال: ((الله سمَّاك لي))، قال فجعل أُبيّ يبكي))، وفي رواية:((إن الله أمرني أن أقرأ عليك: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} (1) قال: وسمَّاني لك؟ قال: ((نعم))
قال: فبكى (2).
3 -
وعن عائشة رضي الله عنها في حديث طويل ذكرت فيه صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وأنه بكى مرات، قالت: ((فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: ((أفلا أكون عبداً شكوراً؛ لقد نزلت عليَّ الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ
…
} (3) الآية كلها (4).
4 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ
(1) سورة البينة، الآية:1.
(2)
مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحُذَّاق فيه وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه، برقم 245 - (799) و246 - (799).
(3)
سورة آل عمران، الآية 190.
(4)
ابن حبان في صحيحه، برقم 620، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان:((إسناده صحيح على شرط مسلم))، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 86:((وهذا إ سناد جيد)).
مِنِّي} (1) الآية، وقال عيسى عليه السلام:{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} (2) الآية. فرفع يديه وقال: ((اللهم أمتي أمتي))، وبكى فقال الله عز وجل:((يا جبريل اذهب إلى محمد وربُّك أعلم فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل! اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)) (3).
5 -
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم بآية حتى أصبح يردِّدها، والآية:{إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم} (4)(5)، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبكي بشهيقٍ ورفع صوتٍ، كما لم يكن ضحكه قهقهةً، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تهملان، ويُسمع لصدره أزيز، وكان بكاؤه: تارة رحمة للميت، وتارة خوفاً على أمَّتِهِ وشفقة عليها، وتارة خشيةً لله تعالى، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاءُ اشتياقٍ ومحبةٍ وإجلالٍ (6)(7).
(1) سورة إبراهيم، الآية:36.
(2)
سورة المائدة، الآية:118.
(3)
مسلم، برقم 202، وتقدم تخريجه في خشوع النبي صلى الله عليه وسلم.
(4)
سورة المائدة، الآية:118.
(5)
أخرجه: النسائي، كتاب الافتتاح، باب ترديد الآية، برقم 1010، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، برقم 1350، وأحمد، 1/ 241، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة، 1/ 242، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/ 401.
(6)
زاد المعاد لابن القيم، 1/ 183.
(7)
وانظر المواضع التي بكى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب رحمة للعالمين للمؤلف، ص82 - 93، فقد جمعت مما صح من بكائه صلى الله عليه وسلم ستة عشر موضعاً وغيرها كثير.