الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر: التحذير من ترك الخشوع في الصلاة
ترك الخشوع في الصلاة يسبب: ترك أركانها، وواجباتها، فلا يمكن للخاشع لله في صلاته أن ينقر صلاته، أو يترك شيئاً من أركانها أو واجباتها على أقل الأحوال؛ لأنه يستحضر عظمة الله تعالى، ويخاف عقابه، ويرجو ثوابه؛ ولهذا جاءت النصوص الثابتة بالتحذير من الأمور الآتية:
الأمر الأول: التحذير من نقر الصلاة، وعدم إتمامها:
1 -
قد يُصلِّي المرء ستين سنة، وما قبل الله منه صلاة واحدة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي سِتِّينَ سَنَةً، ومَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةٌ، لَعَلَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ، وَلَا يُتِمُّ السُّجُودَ، وَيُتِمُّ السُّجُودَ، وَلَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ)) (1).
2 -
أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته؛ لحديث أبي قتادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ:((لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا))، أَوْ قَالَ:((لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ)) (2).
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، 1/ 288، والأصبهاني في الترغيب والترهيب، برقم 1895، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 347، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، 6/ 81، برقم 2535.
(2)
أخرجه أحمد في المسند 37/ 319، برقم 22642، واللفظ له، وابن خزيمة، 1/ 332، برقم 663، والحاكم، 1/ 229، وابن حبان في صحيحه، برقم 1888، والبيهقي،
2/ 386، والطبراني، برقم 2347، وصححه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 345، وصححه محققو مسند الإمام أحمد، 37/ 319.
3 -
لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبدٍ لا يُقيم صلبه بين ركوعها وسجودها؛ لحديث طلق بن علي الحنفي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عز وجل إِلَى صَلَاةِ عَبْدٍ لَا يُقِيمُ فِيهَا صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا)) (1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى صَلَاةِ رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ)) (2).
4 -
من مات وهو لا يُتمّ ركوعه، وينقر في سجوده، مات على غير ملّة محمد صلى الله عليه وسلم؛ لحديث أبي عبد الله الأشعري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لا يُتمّ ركوعه [و] ينقر في سجوده وهو يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((لَوْ مَاتَ هَذَا عَلَى حَالِهِ هَذِهِ، مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم)) ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الَّذِي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ، وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ، مَثَلُ الْجَائِعِ يَأْكُلُ التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ لَا يُغْنِيَانِ عَنْهُ شَيْئاً)) (3).
5 -
قد ينصرف المصلِّي ولم يكتب له من صلاته إلا عشرها؛ لحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إِنَّ الرَّجُلَ
(1) أحمد في المسند، 26/ 211، برقم 16283، والطبراني في الكبير، برقم 8261، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 346:(حسن صحيح))، وجاء مثله من حديث علي بن شيبان في مسند أحمد، برقم 16284، وبرقم 24009/ 74.
(2)
أحمد، 16/ 466، برقم 10799، وحسنه محققو مسند أحمد، 16/ 466.
(3)
الطبراني في الكبير، 4/ 115، برقم 3840، وابن خزيمة، 1/ 332، برقم 665، وأبو يعلى، برقم 7184، وحسن إسناده الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 347، وفي تعليقه على صحيح ابن خزيمة، 1/ 332.
لَيَنْصَرِفُ وَمَا كُتِبَ لَهُ إِلَّا عُشْرُ صَلَاتِهِ، تُسْعُهَا، ثُمْنُهَا، سُبْعُهَا، سُدْسُهَا، خُمْسُهَا، رُبْعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصْفُهَا)) (1).
وعن أبي اليَسَر: كعب بن عمرو السلمي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ، وَالثُّلُثَ، وَالرُّبُعَ))، حَتَّى بَلَغَ:((الْعُشْرَ)) (2).
6 -
قد يُصلّي المرء أربعين سنة، ولا يكتب له صلاة واحدة؛ لحديث حذيفة موقوفاً عليه: أنَّهُ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَإَذَا رَجُلٌ يُصَلِّي، فَجَعَلَ لَا يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَلَا السُّجُودَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: مُنْذُ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ:((مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَوْ مِتَّ وَهَذِهِ صَلاتُكَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ الفِطْرَةِ الَّتِي فُطِرَ عَلَيْهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ يُعَلِّمُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ فِي صَلاتِهِ وإنَّهُ لَيُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ)) (3).
7 -
نقر الصلاة كنقر الغراب، أو الطائر بمنقاره من علامات النفاق الخالص؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ
(1) أبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نُقصان الصلاة، برقم 796، وغيره، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/ 226، وأخرجه أيضاً النسائي في الكبرى، برقم 615.
(2)
أحمد 24/ 280، برقم 15522، والنسائي في الكبرى، برقم 616، 1/ 316، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، 1/ 352.
(3)
أحمد في المسند، 38/ 294، برقم 23258، والنسائي في المجتبى، برقم 1312، وفي الكبرى، برقم 611، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 421.
بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعاً لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً)) (1)، ورجَّح النووي رحمه الله: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بين قرني شيطان)) على حقيقته، وظاهر لفظه، والمراد: أن الشيطان يحاذي الشمس عند غروبها بقرنيه، وكذا عند طلوعها؛ لأن الكفار يسجدون لها حينئذٍ فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورة الساجدين له، ويُخيَّل لنفسه ولأعوانه أنهم إنما يسجدون له (2).
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: ((فَوَصَفَهُ بإضاعة الوقت بقوله: ((يرقب الشمس))، وبإضاعة الأركان، بذكره النقر، وبإضاعة حضور القلب بقوله:((لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)))) (3).
8 -
بكاءُ أنس بن مالك رضي الله عنه على تأخير الصلاة عن وقتها وتضييعها، فعن الزهري رحمه الله قال: دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: ((لَا أَعْرِفُ شَيْئاً مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ)) (4)، ومعنى تضييعها: أي تأخيرها عن وقتها، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:((وقد صحَّ أنّ الحَجَّاج وأميره الوليد وغيرهما كانوا يؤخِّرون الصلاة عن وقتها، والآثار في ذلك مشهورة)) (5).
(1) مسلم، كتاب المساجد استحباب التبكير بالعصر، برقم 622.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 129.
(3)
تفسير الفاتحة، بتحقيق د. فهد بن عبد الرحمن الرومي، الطبعة الخامسة، 1409هـ، بدون ناشر.
(4)
البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب تضييع الصلاة عن وقتها برقم 530.
(5)
فتح الباري، لابن حجر، 2/ 14.