الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُقِدَ الجناحان: فهو عرضة لكل صائد وكاسر، ولكن السلف استحبوا أن يقوِّي في الصحة جناح الخوف، وعند الخروج من الدنيا يقوِّي جناح الرجاء على جناح الخوف)).
وقال بعض السلف: ((أكمل الأحوال: اعتدال الرجاء والخوف، وغلبة الحب، فالمحبة هي المركب، والرجاء حادٍ، والخوف سائق، والله الموصل بمنّه وكرمه)) (1).
قال الله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (2).
فابتغاء الوسيلة إليه: طلب القرب منه: بالعبوديَّة، والمحبة، فقد ذكر مقامات الإيمان الثلاثة التي عليها بناؤه: الحب، والخوف، والرجاء (3).
ومع ذلك ينبغي أن يكون المسلم قبل دعائه متطهِّراً من الذنوب بالتوبة، ويكون زاهداً ورعاً: وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية حقيقة الزهد والورع فقال: ((الزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع: ترك ما تخاف ضرره في الآخرة)) (4).
السبب الخمسون: إحسان الطهور وإكماله:
لا شك: أن إحسان الطهارة: من الوضوء، والغسل على الوجه
(1) مدارج السالكين، لابن القيم، 1/ 517، وانظر: 1/ 520، من المرجع نفسه.
(2)
سورة الإسراء، الآية:57.
(3)
مدارج السالكين، لابن القيم، 2/ 35.
(4)
المرجع السابق، 2/ 10.
الأكمل يعين على الخشوع في الصلاة، وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم من النقص في ذلك، وتَرْك استيعاب غسل الأعضاء في الوضوء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال:((ويل للأعقاب من النار))، ولفظ مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لم يغسل عقبه، فقال:((ويل للأعقاب من النار))، وفي لفظ لمسلم: أسبغوا الوضوء، فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:((ويل للعراقيب من النار)) (1).
وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى الصبح، فقرأ الروم فالْتَبَسَ عليه، فلما صلَّى قال:((ما بال أقوام يصلُّون معنا لا يحسنون الطُّهورَ، فإنما يَلْبِسُ علينا القرآن أولئك)) (2)، وفي لفظ لأحمد من حديث أبي روح الكلاعي:((إنما يلبّسُ علينا الشيطان القراءة من أجل أقوامٍ يأتون الصلاة بغير وضوء، فإذا أتيتم الصلاة فأحسنوا الوضوء))، وفي لفظ: ((صلى الصبح فقرأ فيها الروم، فأوهم
…
))، وفي لفظ له: ((
…
أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح، فقرأ بالروم فتردَّد في آية، فلما انصرف قال: ((إنه يلْبِسُ علينا القرآن: أن أقواماً منكم معنا لا يُحسنون الوُضُوءَ، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الوضوء، باب غسل الأعقاب، برقم 165، مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب غسل الرجلين بكاملهما، برقم 242، وقد جاء عند مسلم أيضاً بنحوه عن عائشة رضي الله عنها، برقم 240، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم 241، وفيه قصة في السفر.
(2)
النسائي، كتاب الافتتاح، باب القراءة في الصبح بالروم، برقم 947، وحسنه الألباني في صحيح النسائي، 1/ 315.