الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الوسطى من أهل المدينة:
محمد بن مسلمة بن محمد بن هشام بن إسماعيل أبو هشام
وهشام هذا هو أمير المدينة الذي نسب إليه مد هشام والذي يذكر عنه ذكر عهدة الرقيق في خطبته روى محمد هذا - عن مالك وتفقه عنده. وكان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك وكان أفقههم وهو ثقة وله كتب فقه أخذت عنه. وهو ثقة مأمون حجة جمع العلم والورع. وتوفي سنة ست ومائتين.
وممن عداده في المكيين - من أهل الحجاز من الطبقة الوسطى - من أصحاب مالك رحمه الله تعالى:
محمد بن إدريس الشافعي
هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب بن عبد مناف بن قصي.
أمه أزدية ولد بالشام بغزة وقيل باليمن سنة خمسين ومائة وحمل إلى مكة فسكنها وتردد بالحجاز والعراق وغيرهما ثم استوطن مصر وتوفي بها.
روى عن مالك ومسلم بن خالد وابن عيينة وإبراهيم بن سعيد وفضيل بن عياض وعن عمه محمد بن شافع وجماعة غيرهم. وروى عنه بن حنبل والحميدي وأبو الطاهر بن السراج والبويطي والمزني والربيع المؤذن وأبو ثور والزعفراني ومحمد بن عبد الحكيم وجماعة غيرهم. كان حافظاً حفظ الموطأ في تسع ليال وقيل: في ثلاث ليال خرج عن مكة ولزم هذيلاً فتعلم كلامها وكانت أفصح العرب فبقي فيهم مدة راحلاً برحيلهم ونازلاً بنزولهم.
قال: فلما رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار وأذكر الآداب والأخبار وأيام العرب فمر بي رجل من الزبيديين فقال لي: يا أبا عبد الله عز علي أن لا يكون مع هذه الفصاحة والذكاء فقه فتكون قد سدت أهل زمانك؟ فقلت: ومن بقي يقصد؟ فقال لي: هذا مالك سيد المسلمين يومئذ؟ فوقع في قلبي وعدت إلى الموطأ فاستعرته وحفظته في تسع ليال.
ورحل إلى مالك فأخذ عنه الموطأ وكان مالك يثني على فهمه وحفظه ووصله بهدية جزيلة لما رحل عنه. وكان الشافعي يقول: مالك معلمي وأستاذي ومنه تعلمنا العلم وما أحد أمن علي من مالك وجعلت مالكاً حجة فيما بيني وبين الله تعالى.
ذكر ثناء العلماء عليه بسعة العلم والفضل: قال محمد بن عبد الحكم: قال لي أبي: الزم هذا الشيخ يعني الشافعي فما رأيت أبصر منه بأصول العلم أو قال: بأصول الفقه. وكان صاحب سنة وأثر وفضل مع لسان فصيح طويل وعقل رصين صحيح.
وقال فيه بن عيينة: هذا أفضل فتيان أهل زمانه وكان بن عيينة إذا جاءه شيء من التفسير والفتيا قال: سلوا هذا يعني الشافعي وقال له مسلم بن خالد الزنجي شيخه وهو شاب بن خمس عشرة سنة قد آن لك أن تفتي يا أبا عبد الله. وقال يحيى بن سعيد القطان: إني لأدعو الله في صلاتي للشافعي لما أظهر من القول بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال أحمد بن حنبل: ما أحد يحمل محبرة من أصحاب الحديث إلا وللشافعي عليه سنة. وقال: ما عرفت ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسته. وقال أيضاً - أحمد بن حنبل: كان الشافعي أفقه الناس في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قليل الطلب للحديث وقال: كان الشافعي للعلم كالشمس للدنيا والعافية للناس فانظر هل من هذا عوض؟.
وقال بن معين لصالح بن أحمد بن حنبل: ما يستحي أبوك رأيته مع الشافعي والشافعي راكب وهو راجل ورأيته وقد أخذ بركابه. وقال صالح نقلت هذا لأبي فقال لي: قل له: إن أردت أن تتفقه فخذ بركابه الآخر.
قال بن هشام: الشافعي حجة في اللغة. وذاكره بن هشام بمصر في أنساب الرجال فقال له الشافعي - بعد ساعة: دع عنك هذا فإنها لا تذهب عنا ولا عنك وخذ في أنساب النساء فلما أخذت في ذلك بقي بن هشام ساكتاً فكان يقول: ما ظننت أن الله عز وجل خلق مثل هذا.
قال النسائي: هو أحد العلماء ثقة مأمون. قال أحمد بن عبد الله: هو ثقة صاحب رأي وكلام وليس عنده حديث. وقد ألف الخطيب أبو بكر بن ثابت البغدادي كتابه الحجة بالشافعي وأثبته في الصحيح وذكر الأثر المتأول فيه.
روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اللهم
اهد قريشاً فإن عالمها يملأ طباق الأرض علماً اللهم كما أذقتهم عذاباً فأذقهم نوالاً ".
قال الشافعي: القرآن كلام غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر. ومن حكمه: قال الشافعي: من ولي القضاء ولم يفتقر فهو سارق وقال: من حفظ القرآن نبل قدره ومن تفقه عظمت قيمته ومن حفظ الحديث قويت حجته ومن حفظ العربية والشعر رق طبعه ومن لم يصن نفسه لم ينفعه العلم.
وقيل له: كيف أصبحت؟ فقال: كيف أصبح من يطلبه ثمان: الله بالقرآن والنبي صلى الله عليه وسلم بالسنة والحفظة بما ينطق والشيطان بالمعاصي والدهر بصروفه والنفس بشهوتها والعيال بالقوت وملك الموت بقبض روحه؟.
وتوفي الشافعي رحمه الله تعالى - بمصر عند عبد الله بن عبد الحكم وإليه أوصى. وتوفي ليلة الخميس وقيل ليلة الجمعة منسلخ رجب سنة أربع ومائتين. ودفنه بنو عبد الحكم في قبورهم وصلى عليه السري أمير مصر.