الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الحا نقطة من فوق ولم ينفق هذا الكتاب عند الناس ولا وقع منهم باستحسان. روى عنه أبو إسحاق. وكان من أهل العلم وولي الشورى بإشبيلية ثم أسقط عنها. وتوفي أبو عبد الله سنة خمسمائة.
ومن الطبقة الثالثة عشرة من أهل الأندلس:
محمد بن الوليد بن محمد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري المعروف
بالطرطوشي ومنها أصله
يكنى أبا بكر ويعرف بابن أبي رندقة براء مهملة مضمومة ونون ساكنة ودال مهملة وقاف مفتوحتين. نشأ بالأندلس ببلده طرطوشة ثم تحول لغيرها من بلاد الأندلس وصحب القاضي أبا الوليد الباجي بسرقسطة وأخذ عنه مسائل الخلاف وكان يميل إليها وتفقه عليه وسمع منه وأجاز له ثم رحل إلى المشرق وحج فدخل بغداد والبصرة وتفقه عند أبي بكر الشاشي وابن المعيد المتولي
وأبي سعيد الجرجاني وغيرهم من أئمة الشافعية وسمع بالبصرة من أبي علي التستري وسكن الشام مدة ودرس بها ولازم الانقباض والقناعة وبعد صيته هناك وأخذ عنه الناس هناك علماً كثيراً وكان إماماً عالماً زاهداً ورعاً ديناً متواضعاً متقشفاً متقللاً من الدنيا راضياً باليسير منها.
وتقدم في الفقه مذهباً وخلافاً وكان بعض الجلة من الصالحين هناك يقول: الذي عند أبي بكر من العلم هو الذي عند الناس والذي عنده مما ليس مثله عند غيره دينه.
وكانت له - رحمه الله تعالى - نفس أبية قيل إنه كان ببيت المقدس يطبخ في شقفة وكان مجانباً للسلطان معرضاً عنه وعن أصحابه شديداً عليهم مع مبالغتهم في بره وامتحن في دولة العبيديين بالإخراج من الإسكندرية والتزم الفسطاط ومنع الناس من الأخذ عنه.
ثم شرح وألف تآليف حساناً منها: تعليقه في مسائل الخلاف وفي أصول الفقه وكتابه في البدع والمحدثات وفي بر الوالدين وغير ذلك وممن أخذ عنه بالإجازة: القاضي أبو الفضل: عياض كتب إليه يجيزه بجميع رواياته ومصنفاته. وحكي عنه أنه تزوج بالإسكندرية امرأة موسرة حسنت حاله بها ووهبت له دار لها سرية وصير موضع سكناه معها علوها وأباح قاعتها
وسفلها للطلبة فجعلها مدرسة ولازم التدريس. وتفقه عنده جماعة من الإسكندرانيين.
ومن الوفيات أن الشيخ أبا بكر لما طلب إلى مصر أنزله الأفضل وزير العبيدي في مسجد بالقرب من الرصد وكان الشيخ يكرهه فلما طال مقامه به ضجر وقال لخادمه: إلى متى نصبر؟ اجمع لي المباح من الأرض فجمع له فأكله ثلاثة أيام فلما كان عند صلاة المغرب قال لخادمه: رميته الساعة فلما كان من الغد ركب الأفضل فقتل وولي بعده المأمون بن البطائحي فأكرم الشيخ إكراماً كثيراً وصنف له كتاب سراج الملوك وهو حسن في بابه.
قلت: ومن مشيخته أبو عبد الله: محمد بن عبد الرحمن بن علي التجيبي بن ظافر بن عطية بن مولاهم بن فائد اللخمي الإسكندراني أحد شيوخ أبي عبد الله التجيبي.
كان تلميذاً للإمام أبي بكر الطرطوشي وخديماً له متصرفاً له في حوائجه ملازماً خدمة داره وذكر أن الطرطوشي كان صاحب نزهة مع طلبته في أكثر الأوقات يخرج معهم إلى البستان فيقيمون الأيام المتوالية في فرجة ومذاكرة ومداعبة مما لا يقدح في حق الطلبة بل يدل على فضلهم وسلامة صدورهم.
قال: وخرجنا معه في بعض النزه فكنا ثلاثمائة وستين رجلاً لكثرة الآخذين عنه المحبين في صحبته وخدمته وهذا من جملة ما رفعه عنه القاضي بن حديد إلى العبيدي ووشى به إليه في أمور غيرها.
وكان الطرطوشي يذكر بني حديد ذكراً قبيحاً لما كانوا عليه من أخذ المكوسات والمعونة على المظالم.
وكان يفتي بتحريم الجبن الذي يأتي به النصارى ويفتي بقطع محرمات كثيرة فخاطب بذلك بنو حديد وذكروه للسلطان فأرسل إليه الأفضل وزير خليفة مصر وهو من العبيدية فقال له الرسول: يسر حوائجك فإنك تمشي يوم كذا. فقال له: وأي حوائج؟ معي ريشي رياشي وطعامي في حوصلتي؟.
ثم مشى إلى الأفضل فلما اجتمع به أكرمه وصرفه صرفاً حسناً وجعل له عشرة دنانير في كل شهر يأخذها من جزية اليهود - بعد الرغبة إليه في ذلك.
وذكر أبو الطاهر بن عون الزهري: أن الطرطوشي كان نزوله بالإسكندرية ثم باشر قتل الأمير بها علماءها فوجد البلد عاطلاً عن العلم فأقام بها وبث علماً جماً وكان يقول: إن سألني الله تعالى عن المقام بالإسكندرية - لما كانت عليه في أيام الشيعة العبيدية من ترك إقامة الجمعة ومن غير ذلك من المناكر التي كانت في أيامهم - أقول له: وجدت قوماً ضلالاً فكنت سبب هدايتهم. قال أبو الطاهر: وأنشدني أبو بكر الطرطوشي لنفسه:
إذا كنت في حاجة مرسلاً
…
وأنت بإنجازها مغرم
فأرسل بأكمه خلابة
…
به صمم أغطش أبكم
ودع عنك كل رسول سوى
…
رسول يقال له الدرهم