الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أهل إفريقية:
محمد بن شبيب أبو يوسف التونسي
مذكور في المالكية وله سنن عالية وسماع من أسد وعلي بن زياد. ولي قضاء تونس. توفي سنة ست وسبعين ومائتين.
محمد بن سحنون
تفقه بأبيه وسمع من بن أبي حسان وموسى بن معاوية وعبد العزيز بن يحيى المدني وغيرهم ورحل إلى المشرق فلقي بالمدينة أبا مصعب الزهري وابن كاسب وسمع من سلمة بن شبيب. كان إماماً في الفقه ثقة عالماً بالذب عن مذاهب أهل المدينة عالماً بالآثار صحيح الكتاب لم يكن في عصره أحذق بفنون العلم منه وكان الغالب عليه الفقه والمناظرة وكان يحسن الحجة والذب عن أهل السنة والمذهب. كان عالماً فقيهاً مبرزاً متصرفاً في الفقه والنظر ومعرفة اختلاف الناس والرد على أهل الأهواء. وكان قد فتح له باب التأليف وجلس مجلس أبيه بعد موته. وكان من أكثر الناس حجة وألقنهم بها.
وكان يناظر أباه. وقال سحنون: ما أشبهه إلا بأشهب. وقال: ما غبنت في ابني محمد إلا أني أخاف أن يكون عمره قصيراً.
وكان يقول لمؤدبه: لا تؤدبه إلا بالكلام الطيب والمدح فليس هو ممن يؤدب بالتعنيف والضرب واتركه على بختي فإني أرجو أن يكون نسيج وحده وفريد أهل زمانه.
قيل لعيسى بن مسكين: من خير من رأيت في العلم؟ فقال: محمد بن سحنون وقال أيضاً: ما رأيت بعد سحنون مثل ابنه محمد. وقال فيه إسماعيل القاضي بن إسحاق: هو الإمام بن الإمام.
وذكر له مرة ما ألفه العراقيون من الكتب فقال إسماعيل: عندنا من ألف في مسائل الجهاد عشرين جزءاً وهو محمد بن سحنون. يفخر بذلك على أهل العراق.
قال بن حارث: كان من الحفاظ المتقدمين المناظرين المتصرفين وكان كثير الكتب غزير التأليف له نحو من مائتي كتاب في فنون العلم. ولما تصفح محمد بن عبد الله بن عبد الحكم كتابه وكتاب بن عبدوس قال في كتاب بن عبدوس: هذا كتاب رجل أتى بمذهب مالك على وجهه.
وفي كتاب بن سحنون: هذا كتاب رجل سبح في العلم سبحاً. وكان بن سحنون إمام عصره في مذهب أهل المدينة بالمغرب جامعاً لخلال قل ما اجتمعت في غيره: من الفقه البارع والعلم بالأثر والجدل والحديث والذب عن مذهب أهل الحجاز كريماً في معاشرته نفاعاً للناس مطاعاً جواداً بماله وجاهه وجيهاً عند الملوك والعامة جيد النظر في الملمات.
ذكر تآليفه:
ألف بن سحنون كتابه المسند في الحديث وهو كبير وكتابه الكبير المشهور: الجامع جمع فيه فنون العلم والفقه فيه عدة كتب نحو الستين وكتاباً آخر في فنون العلم منها كتاب السير: عشرون كتاباً وكتابه في المعلمين ورسالته في السنة وكتاب في تحريم المسكر ورسالة فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة في آداب المتناظرين جزآن وكتاب الحجة على القدرية وكتاب الحجة على النصارى وكتاب الإمامة وكتاب الرد على البكرية وكتاب الورع وكتاب الإيمان والرد على أهل الشرك وكتاب الرد على أهل البدع ثلاثة كتب وكتاب في الرد على الشافعي وعلى أهل العراق وهو كتاب الجوابات خمسة كتب وكتاب التاريخ ستة أجزاء.
قال بعضهم: ألف بن سحنون كتابه الكبير مائة جزء: عشرون في السير وخمسة وعشرون في الأمثال وعشرة في آداب القضاة وخمسة في الفرائض وأربعة في الإقرار وأربعة في التاريخ في الطبقات والباقي في فنون العلم. قال غيره: وألف في أحكام القرآن.
ذكر بقية أخباره وفضائله: قال: دخل علي أبي وأنا أؤلف كتاب تحريم النبيذ فقال: يا بني إنك ترد على أهل العراق ولهم لطافة أذهان وألسنة حداد فإياك أن يسبقك قلمك لما يعتذر منه. ورأى عبد العزيز الزاهد في منامه قائلاً يقول له: مالك لم تقبل على بن سحنون وهو ممن يخشى الله؟. وفي رواية: وهو ممن يحب الله ورسوله؟ فبلغت بن سحنون فبكى بكاء شديداً ثم قال: لعله بذبي عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عيسى بن مسكين: قلت لابن سحنون: كيف الرش؟ يعني النضح قال: تبسط الثوب ثم ترش عليه ثم تقلبه ثم ترش عليه ثم تجففه قيل لعيسى: الطاق الواحد من الناحيتين؟ قال: نعم. قال القاضي عياض يحتمل - والله أعلم - أن يكون هذا فيما يشك في نجاسته من الناحيتين أو من إحداهما ولم يتيقن أو شك في النجاسة داخله.
قال القابسي في صفة النضح: يرش الموضع المتهوم بيده رشة واحدة وإن لم يعمه لأنه ليس عليه غسل فيحتاج أن يعمه قال: وإن رشه بفيه أجزأه. قال عياض: لعله بعد غسل فيه من البصاق وتنظيفه وإلا فإنه يضيف الماء وقد يغلب عليه.
قال بن اللباد: حج محمد بن سحنون في سنة خمس وثلاثين فغلطوا في يوم عرفة فرأى محمد أن ذلك يجزئ من حجهم. واختلف فيها قول أبيه وحكى بعضهم إجماع مالك وأبي حنيفة والشافعي على إجزاء المسألة.
كان بن سحنون من أطوع الناس كريماً في نفسه يصل من قصد بالعشرات من الدنانير ويكتب لمن يعنى به إلى الملوك فيعطي الأموال الجسيمة نهاضاً بالأثقال واسع الحيلة جيد النظر.
توفي بالساحل سنة ست وخمسين ومائتين. بعد موت أبيه بست عشر سنة وجيء به من الساحل إلى القيروان فدفن بها وسنه أربع وخمسون سنة. ومولده سنة اثنتين ومائتين وقيل: على رأس المائتين. ورئي في النوم فسئل فقال: زوجني ربي خمسين حوراء لما علم من حبي للنساء.