الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعيسى سماع من بن القاسم: عشرون كتاباً وله تأليف في الفقه يسمى: كتاب الهدية كتب به إلى بعض الأمراء: عشرة أجزاء.
وكان عيسى ذا هيئة حسنة وعقل رصين ومذهب جميل وكتب إلى بن القاسم في رجوعه عما رجع عنه من كتاب أسد فيما بلغه ويسأله إعلامه بذلك فكتب إليه بن القاسم: اعرضه على عقلك فما رأيته حسناً فأمضه وما أنكرته فدعه. وهذا يدل على ثقة بن القاسم بتفقهه. وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين.
ومن الطبقة الثانية من إفريقية:
عيسى بن مسكين بن منظور الإفريقي
أصله من العجم ويتولى قريشاً من أهل الساحل سمع من سحنون وابنه جميع كتبه ومن غيرهما وسمع بالشام من أبي جعفر الأيلي وبمصر من الحارث بن مسكين وأبي الطاهر والربيع ومحمد بن المواز ومحمد بن عبد الرحيم البرقي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ومحمد بن سنجر ويونس الصدفي ومن علي بن عبد العزيز وغيرهم.
سمع منه الناس: أحمد بن محمد بن تميم وأبو الحسن الكانشي وابن
مسرور الحجام وعلي بن حمود وغيرهم.
كان فقيهاً عالماً فصيحاً ورعاً مهيباً وقوراً ثقة مأموناً صالحاً ذا سمت وخشوع فاضلاً طويل الصمت دائم الحمد رقيق القلب غزير الدمعة كثير الإشفاق متفنناً في كل العلوم: الحديث والفقه واللغة وأسماء الرجال وكناهم وقوتهم وضعفهم فصيحاً جيد الشعر كثير الكتب في الفقه والآثار صحيحاً يشبه سحنوناً في هيئته وسمته واعتماده على سحنون وبه كان يقتدي في كل أموره من شمائله وزهده ومباينته لأهل البدع حسن الأدب بين المروءة.
قال أبو علي البصري: لو أفردنا كتاب في ذكر مناقبه ومحاسنه وزهده وورعه وعدله ما انتهينا إلى وصفه. كان عالماً باللغة قائلاً للشعر من أهل الفضل البارع والورع الصحيح والصمت الطويل مستجاب الدعوة. قال الكانشي: أدخلني عيسى بن مسكين إلى بيت مملوء بالكتب ثم قال لي: كلها رواية وما فيها كلمة غريبة إلا وأنا أحفظ لها شاهداً من كلام العرب؟.
وكان محمد بن سحنون إذا استفتي قال: أفت يا أبا موسى. وكان إذا تفاخر أهل المدينة وأهل العراق برجالهم قيل لأهل العراق: عندكم مثل عيسى بن مسكين؟ فيفخمونه ويقولون: ذلك أفضلكم وأفضلنا. وولي القضاء بعد أن قال له الأمير إبراهيم بن أحمد بن الأغلب: ما تقول في رجل قد جمع خلال الخير أردت أن أوليه القضاء وألم به شعث هذه الأمة فامتنع؟ قال: يلزمه أن يلي قال: تمنع؟ قال: تجبره على ذلك بجلد. قال: قم فأنت هو؟ قال: ما أنا بالذي وصفت وتمنع. فأخذ الأمير بمجامع ثيابه وقرب السيف من نحره فتقدم بعد أمر عظيم وولاه بعد إجماع الناس عليه على اختلاف مذاهبهم وامتناعه.
قال بعضهم: رافقت عيسى في طريق الحج فخرجت ليلة من الرفقة لقضاء حاجة الإنسان ثم عدت إلى الرفقة فإذا عليها سور منعني من الوصول إليها حتى أصبح وضرب الطبل فذكرت ذلك لعيسى فقال: ما أبيت ليلة حتى أدور على الرفقة وأقول: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واكنفنا بكنفك الذي لا يرام اللهم إني أستودعك ديني ونفسي وأهلي وولدي ومالي إنه لا تخيب ودائعك يا أرحم الراحمين.
ويحكى عنه أنه كان يجتمع بالخضر عليه السلام وحكى عنه عبد الله العارف أنه قال: اجتمعت مع الخضر مرتين ودخل على في بيتي فقال لي: أبشر بفرجك مما أنت فيه. ومن حكمه: أشرف الغنى ترك المنى من قاس الأمور علم المستور من حصن شهوته صان قدره من أطلق طرفه كثر أسفه من تقلب الأحوال علم جواهر الرجال بحسن التأني تسهل المطالب الحسن النية يصحبه التوفيق المعاش مذل لأهل العلم كفاك أدباً لنفسك ما كرهته لغيرك قارب الناس في عقولهم تسلم من غوائلهم خلوا لهم دنياهم يخلوا بينكم وبين آخرتكم. ومن شعره قوله:
لما كبرت أتتني كل داهية
…
وكل ما كان مني زائداً نقصا