الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن حزب الله بن عامر بن سعد الخير بن
عياش المكنى بأبي عيشون
ابن محمود الداخل إلى بلاد الأندلس يكنى أبا البركات بلفيقي الأصل مروزي النشأة والولادة والسلف يعرف بابن الحاج شهرة قديمة لا يعلم لمن الإشارة بها من سلفه إذ لا يعلم فيهم حاج إلا جده إبراهيم الأقرب. وكان جد جده يعرف بابن الحاج وشهر الآن في غير بلده بالبلفيقي وفي بلده بالمعرفة القديمة ونسبه متصل بحارثة بن العباس بن مرداس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد خطبائه وشعرائه رئيس في الإسلام ورئيس في الجاهلية.
وكان لسلفه - وخصوصاً إبراهيم - من الشهرة بولاية الله ما هو مشهور في الفهارس يعضد هذا المجد من جدود الأمومة بأبي بكر بن مهيب وابن عمه أبي إسحاق. نشأ بالمرية بلده غمر رداء العفة بضفاف جلباب الصيانة غضيض طرف الحياء حليف الانقباض لا يرى إلا في منزل من منازله أو في حلق الأساتيذ أو في مسجد من مساجد خارج المدينة المعدة للتعبد لا يغشى سوقاً
ولا مجتمعاً ولا وليمة ولا مجلس حاكم ولا يلابس أمراً من الأمور التي جرت عادة الناس أن يلابسوها بوجه من الوجوه ثم ترامى إلى الرحلة فأخذ عن العلماء والصلحاء والأدباء بالقطر الغربي وبجاية ثم صرف عنانه إلى الأندلس فتصرف في الإقراء والقضاء والخطابة بالغاً في ذلك الدرجة التي لا فوقها.
وكان نسيح وحده أصالة عريقة وسجية على السلامة مقصورة رحلة الوقت وفائدة العصر تفنناً وامتناعاً مبرزاً في فنون إماماً في القراءة والحفظ ومعرفة العروض متضلعاً بصناعة الحديث وتاريخ الرجال مستكثراً من الرواية مشاركاً في أصول الفقه وفروعه وعلم اللسان وصناعة المنطق معدوداً في رجال التصوف أولي الأحوال والمقامات جماعة للدواوين متبحراً في معرفة أسماء الكتب كلفاً بالمطالعة رياناً من الأدب شاعراً مفلقاً مطبوع الأغراض حلو المقاصد سهل النظم غريب النزعات يغرف من بحر وينحت من طود فارس المنابر خطيب المحافل طيب النغمة بالقرآن كثير الشفقة سريع الدمعة مخولاً في رياسة الدين والدنيا. هذا أقل ما تسامح فيه من ذكره ويكفي فيه الإشارة.
قرأ القراءات السبع على الأستاذ أبي الحسن بن أبي العيش وبين يديه نشأ وتأدب وقرأ عليه جمل الزجاج تفقهاً والجزولية وعروض التبريزي وابن الحاجب وعروض بن عبد النور وتفقه في رسالة بن أبي زيد
والأشعار الستة وفصيح ثعلب وغيره وممن قدم عليه الأستاذ العالم الشاعر أبو عبد الله بن خمسين الجحدري أخذ عنه كثيراً من شعره وكتاباً منها الموطأ والمقامات وقرأ عليه جملة من كلام الشيخ أبي مدين رضي الله عنه.
وقرأ على القاضي أبي جعفر بن فركون عند قدومه على بلده قاضياً بالقراءات السبع والموطأ وجملة من تعليقة الطرطوشي ومن كشف الحقائق للأبهري والدعوى والإنكار للرعيني تفقه وسمع على الغافقي الموطأ والبخاري بين سماع وقراءة وتفقه وسنن الترمذي وقرأ عليه كتاب سيبويه وقرى على بن الشاط الإشارة الباجية وبرهان أبي المعالي وتنقيح القرافي ومقدمة المستصفى والحاصل للأرموي وقرأ على أبي سلطان: محمد بن عبد المنعم في تسهيل الفوائد لابن مالك وتفقه عليه في كثير منه وغير ذلك من التآليف العديدة في أنواع العلوم على عدة مشايخ يطول ذكرهم.
منهم أبو الحسن الصغير وأبو زيد الجزولي وأبو علي: ناصر الدين المشذالي فقرأ عليهم وتفقه بهم وقرأ على أبي ناصر الدين شرحه على الرسالة ومنهم أبو العباس بن البنا العددي وتفقه عليه في كثير من تصانيفه وله أشياخ جلة كثيرون ما عدا من ذكرنا من أهل المشرق والمغرب يشق استقصاؤهم وتركت كثيراً ممن ذكر المؤلف. وولي القضاء بأعمال كثيرة وجلس للإقراء فأفاد وبلغ أقصى مبالغ الإمتاع.
وله تآليف أكثرها أو كلها غير متممة في مبيضات منها كتاب:
قد يكبو الجواد في ذكر أربعين غلطة عن أربعين من النقاد هو من نوع تصحيف الحافظ أبي الحسن الدارقطني وكتاب قد وجل في نظم الجمل ومنها كتاب خطر فنظر ونظر فخطر في تنبيهات على وثائق بن فتوح ومنها: الإفصاح فيمن عرف في الأندلس بالصلاح ومنها: حركة الرجولية في المسألة المالقية ومنها: سلوة الخاطر فيما أشكل من نسبته الذنب إلى الذاكر ومنها: تاريخ المرية غير تام ومنها: مغربة خبر في جلب التمر إلى شجر ومنها: ديوان شعره المسمى بالعذاب والأجاج من شعر أبي البركات بن الحاج ومنها: عرائس بنات الخواطر والمجلوات على منصات المنابر ومنها: المؤتمن على أنباء الزمن ومنها تأليف في أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها على حروف المعجم ومنها: كتاب المرجع بالدرك على من أنكر اللفظ المشترك ومنها: مشتبهات مصطلحات العلوم ومنها: كتاب ما كثر دوره في مجالس القضاء ومنها: الغلسيات وهي ما صدر من مجالسه في الكلام على صحيح مسلم في التغليس ومنها: الفصول والأبواب في ذكر من أخذ عنه من الشيوخ والأتباع والأصحاب.
ومن شعره من قصيدة طويلة فيها صفة حاله:
تأسف لكن حين عز التأسف
…
وكفكف دمعاً حيث لا عين تذرف
وجاذب قلباً ليس يأوي لمألف
…
وعالج نفساً داؤها يتضعف
ورام سكوناً وهو في رجل طائر
…
ونادى بأنس والمنازل تقنف
أراقب قلبي مرة بعد مرة
…
فألفيه ذياك الذي أنا أعرف
فإن حلت الضراء لم ينفعل لها
…
وإن حلت السراء لا يتكيف
تحدثني الآمال وهي كذوبة
…
تبدل في تحديثها وتحرف
بأني في الدنيا أقضي مآربي
…
وبعد يحق الزهد لي والتقشف
وتلك أمان لا حقيقة عندها
…
أفي فرق الضدين يبغى التألف
ألا إنها الأقدار تظهر سرها
…
إذا ما وفى المقدرو ما الرأي مخلف
أيا رب إن القلب طاش بما جرى
…
به قلم الأقدار والقلب يرجف
وفي الكون من سر الوجود عجائب
…
أطل عليها العارفون وأشرفوا
فليس لنا إلا نحط رقابنا
…
بأبواب الاستسلام والله يلطف
فهذا سبيل ليس للعبد غيره
…
وإلا فماذا يستطيع المكلف؟
وله أيضاً:
لا تبذلن نصيحة إلا لمن
…
تلفي لبذل النصح منه قبولاً
فالنصح إن وجد القبول فضيلةويكون إن عدم القبول فضولاً
وله أيضاً:
إذا ما كتمت السر عمن أوده
…
توهم أن الود غير حقيقي
ولم أخف عنه السر من ظنة به
…
ولكنني أخشى صديق صديقي