الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الطبقة العاشرة من أهل الأندلس:
يوسف بن عمر بن عبد البر بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري
حافظ شيخ علماء الأندلس وكبير محدثيها في وقته وأحفظ من كان فيها لسنة مأثورة. نسبه من النمر بن قاسط في ربيعة.
من أهل قرطبة طلب بها وتفقه عند أبي عمر بن المكوى وكتب عن شيوخه ولازم أبا الوليد بن الفرضي وعنه أخذ كثيراً من علم الرجال والحديث سمع سعيد بن نصر وعبد الوارث وأحمد بن قاسم البزاز وأبا محمد بن أسد وخلف بن سهل الحافظ وجماعة سمع منه عالم كثير من جلة أهل العلم كأبي العباس الدلائي وأبي محمد بن أبي قحافة وأبي عبد الله الحميدي وأبي علي الغساني وأبي بحر: سفيان بن العاصي وذكر صاحب الوفيات عن القاضي أبي علي بن سكرة قال: سمعت شيخنا القاضي أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث وقال الباجي أيضاً: أبو عمر أحفظ أهل المغرب وألف في الموطأ كتباً مفيدة منها كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد رتبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله وهو سبعون جزءاً. قال أبو محمد بن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه ثم صنع: كتاب الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار شرح فيه الموطأ على وجهه ونسق أبوابه وصنع كتاباً جمع فيه أسماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
كتاباً جليلاً مفيداً سماه كتاب الاستيعاب وكتاب الكافي في الفقه وله كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله وكتاب الدرر في اختصار المغازي والسير وكتاب العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم وله كتاب صغير في قبائل العرب وأنسابهم سماه جمهرة الأنساب وصنف كتاب بهجة الجالس وأنس المجالس في ثلاثة أسفار جمع فيه أشياء مستحسنة تصلح للمذاكرة والمحاضرة من ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنه دخل الجنة ورأى فيها عذق مدلى فأعجبه فقال صلى الله عليه وسلم: " لمن هذا؟ " فقيل: لأبي جهل فشق ذلك عليه فقال: " ما لأبي جهل والجنة؟ والله لا يدخلها أبداً فإنه لا يدخلها إلا نفس مؤمنة ". فلما أتاه عكرمة بن أبي جهل مسلماً فرح النبي صلى الله عليه وسلم به وتأول ذلك العذق بعكرمة: ابنه.
ومنه أنه قيل لجعفر بن محمد - يعني الصادق - كم تتأخر الرؤيا؟ فقال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم كأن كلباً أبقع يلغ في دمه فكان شمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين رضي الله عنه وكان أبرص فكان تأخير الرؤيا بعد خمسين سنة.
ومن ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا فقصها على أبي بكر رضي الله عنه فقال: " يا أبا بكر رأيت كأني أنا وأنت نرقى درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف " فقال: يا رسول الله يقبضك الله عز وجل إلى رحمته ورضوانه
وأعيش بعدك سنتين ونصفاً. ومن ذلك أن بعض أهل الشام قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: رأيت كأن الشمس والقمر اقتتلا ومع كل واحد منهما فريق من النجوم قال: مع أيهما كنت؟ قال: كنت مع القمر قال: مع الآية الممحوة؟ لا عملت لي عملاً أبداً فعزله وقتل الرجل مع معاوية بصفين.
وكان أبو عمر بن عبد البر رحمه الله موفقاً في التأليف معاناً عليه ونفع الله بتآليفه فكان مع تقدمه في علم الأثر وتبصره بالفقه ومعاني الحديث له بسطة كبيرة في علم النسب وفارق قرطبة وجال في غرب الأندلس مدة ثم تحول إلى شرق الأندلس وسكن دانية من بلادها وبلنسية وشاطبة في أوقات مختلفة وتولي قضاء الأشبونة وشنترين.
وتوفي هو والخطيب أبو بكر: أحمد بن علي البغدادي الحافظ في سنة واحدة. وكان الخطيب حافظ المغرب رحمهما الله تعالى ونفع بعلومهما. والنمري بفتح النون والميم وبعدهما راء هذه نسبة إلى النمر بن قاسط بفتح النون وكسر الميم وإنما تفتح الميم في النسبة خاصة.
وكان والد أبي عمر أبو محمد: عبد الله بن محمد من أهل العلم من فقهاء قرطبة سمع من أحمد بن مطرف وأحمد بن مطرف وأحمد بن حزم وأحمد بن دحيم وغيرهم وكان من أهل الأدب البارع والبلاغة وله رسائل وشعر جيد. ومن شعره:
لا تكثرن تأملا
…
واحبس عليك عنان طرفك
فلربما أرسلته
…
فرماك في ميدان حتفك